LA TUNISIE N’EST PLUS Arab version .pdf
Nom original: LA TUNISIE N’EST PLUS Arab version.pdf
Ce document au format PDF 1.4 a été généré par / PDFlib 5.0.3 (C++/Win32), et a été envoyé sur fichier-pdf.fr le 18/01/2011 à 21:35, depuis l'adresse IP 196.201.x.x.
La présente page de téléchargement du fichier a été vue 1019 fois.
Taille du document: 838 Ko (217 pages).
Confidentialité: fichier public
Aperçu du document
ﻤﺤﻤـﺩ ﺍﻟﺒـﻭﺼﻴﺭﻱ ﺒـﻭﻋﺒﺩﻟـﻲ
ﻴﻭﻡ ﺃﺩﺭﻜﺕ ﺃﻥ ﺘﻭﻨﺱ
ﻟﻡ ﺘﻌﺩ ﺒﻠﺩ ﺤﺭﻴﺔ
ﺘﻤﻬﻴﺩ ﻟﺒﺎﺘﺭﻴﻙ ﺒﻭﺩﻭﺍﻥ
ﻤﺤﺎﻡ -ﺭﺌﻴﺱ ﺸﺭﻓﻲ
ﻟﻠﻔﺩﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﻟﺭﺍﺒﻁﺎﺕ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ
2
ﺃﻫﺩﻱ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻷﻭﻟﺌﻙ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﻴﻥ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭﻴﻥ
ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻋﻤﻠﻭﺍ ،ﻤﻨﺫ ﺴﻨﻴﻥ ﻁﻭﻴﻠﺔ ﻭﻗﺒﻠﻲ ﺃﻨﺎ ﺒﻜﺜﻴﺭ،
ﻤﻥ ﺃﺠل ﺃﻥ ﺘﺼﺒﺢ ﺘﻭﻨﺱ ﺒﻠﺩﺍ ﺤﺭﺍ ﻭﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺎ.
ﻜﻤﺎ ﺃﺸﻜﺭ ﻜل ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺴﺎﻋﺩﻭﻨﻲ.
3
4
ﺘﻤﻬﻴــﺩ
ﺍﻵﻤﺎل ﺍﻟﻤﺴﺘﻬﺎﻥ ﺒﻬﺎ
ﺍﻷﻜﻴﺩ ﺃﻥ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺒﻥ ﻋﻠﻲ ﻟﻴﺱ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺤﺭﺭ
ﻤﻥ ﺍﻟﻭﻋﻭﺩ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﻴﺔ ﻭﺍﻻﻟﺘﺯﺍﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﺨﺫﻫﺎ ﻗﺒل ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ.
ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻴﺘﻤﻴﺯ ﺒﺄﻨﻪ ﻓﻌل ﺘﻘﺭﻴﺒﺎ ﻋﻜﺱ ﻜل ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺃﻜﺩ ﻟﻠﺘﻭﻨﺴﻴﻴﻥ ﺃﻨﻪ ﺴﻭﻑ ﻴﻘﻭﻡ
ﺒﻪ ﻓﻲ ﺒﻴﺎﻥ ﺃﻋﻠﻥ ﻋﻨﻪ
ﻴﻭﻡ 7 ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ 1987
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻡ ﻋﺯل ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺒﻭﺭﻗﻴﺒﺔ.
ﻭﺍﻟﻤﺯﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻟﻜﺘﺎﺏ ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﺒﻭﺼﻴﺭﻱ ﺒﻭﻋﺒﺩﻟﻲ ﺃﻨﻪ ﺒﻴﻥ ﺒﺸﻜل ﻭﺍﻀﺢ ﺠﺩﺍ
ﻭﻤﻥ ﺨﻼل ﺘﺤﻠﻴل ﻤﻭﻀﻭﻋﻲ ﻭﻋﻘﻼﻨﻲ ﺍﻟﻔﺭﻕ ﺍﻟﻜﺎﻤل ﺒﻴﻥ
ﺒﻴﺎﻥ
ﻏﻨﻲ
ﺒﺎﻷﻤﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺒﻴﻥ ﻭﺍﻗﻊ ﻤﺴﺘﻬﻴﻥ ﺒﻜل ﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ.
ﺒﻌﺩ ﻤﺭﻭﺭ ﻋﺸﺭﻴﻥ ﻋﺎﻡ ﻤﻥ ﺘﻭﻟﻲ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺒﻥ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻓﺎﻥ
ﺤﺼﻴﻠﺔ ﺘﻭﻨﺱ ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺘﺒﺩﻭ ﻫﺯﻴﻠﺔ ،ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻻﻨﺩﻓﺎﻋﺔ
ﺍﻟﻭﺍﻋﺩﺓ ﺒﺎﻹﺼﻼﺤﺎﺕ ﻗﺩ ﺘﻭﻗﻔﺕ ﻭﻋﻭﺽ ﺃﻥ ﻴﺘﺤﺴﻥ ﺍﻟﻭﻀﻊ ﻓﺎﻨﻪ ﻴﺯﺩﺍﺩ
ﺘﺭﺩﻴﺎ .ﻓﺎﻹﺴﺎﺀﺓ ﻟﺤﺭﻴﺔ ﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ
ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻓﻲ ﺘﻔﺎﻗﻡ ﻤﺴﺘﻤﺭ ،ﻭﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﺔ ﻟﻡ ﺘﻠﺘﺯﻡ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ
5
ﺍﻟﺸﺄﻥ ﺒﺎﻟﺘﻭﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺒﺭ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﻤﻘﺭﺭ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻟﻸﻤﻡ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻓﻲ ﻤﺠﺎل
ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﺜﺭ ﺍﻟﺯﻴﺎﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻡ ﺒﻬﺎ ﺴﻨﺔ .1999
ﻭﺴﻴﻁﺭﺓ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺫﻴﺔ ﻜﺎﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺠﻬﺎﺯ ﻗﻀﺎﺀ ﻻ ﻴﻌﺘﺭﻑ ﺒﺎﺴﺘﻘﻼل
ﺍﻟﻘﻀﺎﺓ .ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﻲ ﻓﻘﺩ ﺃﺭﺴﻰ ﻭﺍﺠﻬﺔ ﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺘﺴﻤﺢ ﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ
ﺒﺎﻟﺤﺼﻭل ﻋﻠﻰ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻨﺘﺨﺎﺒﻪ ﺒﻨﺴﺒﺔ
ﺘﻘﺎﺭﺏ % 100
ﻤﻥ ﺍﻷﺼﻭﺍﺕ ،ﻭﻫﻲ
ﻨﺴﺒﺔ ﺘﻜﻔﻲ ﻟﺴﺤﺏ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﻤﻥ ﺍﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﺠﺩﻴﺭﺓ ﺒﺄﻜﺜﺭ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺩﻜﺘﺎﺘﻭﺭﻴﺔ.
ﺼﺤﻴﺢ ﺃﻥ ﺘﻭﻨﺱ ﺘﺘﺒﺎﻫﻰ ﺒﺒﻌﺽ ﺍﻟﻨﺠﺎﺤﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺩﺍﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺘﺘﺤﺩﺙ
ﻋﻥ ﻭﻀﻊ ﺃﻓﻀل ﻤﻥ ﺃﻏﻠﺒﻴﺔ ﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻟﺠﻨﻭﺏ ﻓﻲ ﻤﺠﺎﻻﺕ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ،
ﻭﺃﻨﻬﺎ ﺘﺒﺩﻭ ﺃﻜﺜﺭ ﺘﻘﺩﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﻤﻥ ﺒﻠﺩﺍﻥ ﻋﺭﺒﻴﺔ ﻜﺜﻴﺭﺓ ،ﻭﺃﻨﻬﺎ ﺘﻘﺩﻡ
ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺼﻭﺭﺓ ﺃﻜﺜﺭ ﺃﻤﻨﺎ ﻤﻥ ﺠﻴﺭﺍﻨﻬﺎ.
ﻭﻟﻜﻥ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺇﻫﻤﺎل ﻟﻠﻭﺠﻪ ﺍﻵﺨﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﻭﻨﺴﻴﺎﻥ ﻟﺘﺼﺎﻋﺩ ﺍﻟﺭﺸﻭﺓ،
ﻭﺨﺎﺼﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﺍﺌﺭﺓ ﺍﻟﻤﺤﻴﻁﺔ ﺒﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ،ﻭﺍﻤﺘﻨﺎﻉ ﻋﻥ ﺭﺅﻴﺔ ﺃﻥ
ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﻭﺍﻟﻭﺯﻴﺭ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ ﻟﻠﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ،ﻭﻫﻭ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺒﻥ ﻋﻠﻲ ﻗﺩ ﺘﻌﻤﺩ ﻋﺩﻡ
ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻴﻀﻊ ﻤﻜﺎﻥ ﺫﻟﻙ ﻨﻅﺎﻤﺎ ﻴﺨﻨﻕ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ
ﻭﻴﻘﻀﻲ ﻋﻠﻰ ﻜل ﺼﻭﺕ ﻤﻌﺎﺭﺽ .ﻭﻫﻜﺫﺍ ﻓﻬﻨﺎﻙ ﺘﻨﺎﻗﺽ ﺼﺎﺭﺥ ﺒﻴﻥ ﺨﻁﺎﺏ
ﺭﺴﻤﻲ ﻤﺘﻜﻭﻥ ﻤﻥ ﺘﺼﺭﻴﺤﺎﺕ ﺒﺭﺍﻗﺔ ﻭﺒﻴﻥ ﻭﺍﻗﻊ ﻴﻭﻤﻲ ﻤﻌﺎﺵ ﻴﺨﺘﺹ ﺒﺎﻟﻘﻤﻊ
ﺍﻟﻤﺒﺭﻡ ﻟﻜل ﻤﻥ ﻴﻨﺘﻘﺩ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺃﻭ ﻴﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺭﺃﻱ ﻤﺨﺎﻟﻑ ﻟﺭﺃﻴﻬﺎ.
ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﻜل ﺃﻁﺭﺍﻑ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻤﺴﺘﻬﺩﻓﻭﻥ :ﺍﻟﻤﺩﺍﻓﻌﻭﻥ ﻋﻥ ﺤﻘﻭﻕ
ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﻓﻴﻭﻥ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻤﻭﻥ ﻭﺍﻟﻁﻼﺏ ﺍﻟﻤﻨﺎﻀﻠﻭﻥ ﻭﻜﻭﺍﺩ ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ
6
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ...ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺭﻫﺒﺔ ﻫﺫﺍ ﻴﺅﺩﻱ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﺒﺎﻟﺘﺘﺒﻌﺎﺕ ﻓﻲ
ﺍﻟﻐﺎﻟﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺭﺍﻗﺒﺔ ﺍﻟﺫﺍﺘﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻤﺎﺭﺴﻬﺎ ﻋﺩﻴﺩ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ.
ﻭﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻻ ﺘﺘﺭﺩﺩ ﻓﻲ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺤﺯﻤﺔ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻤﻥ ﺍﻹﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺩﻋﻲ
ﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﻜﻲ ﺘﻤﺎﺭﺱ ﻜل ﺃﺸﻜﺎل ﺇﺨﻤﺎﺩ ﺍﻷﺼﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ.
ﻭﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻫﻲ ﻭﺠﻭﺩ ﻋﺩﺩ ﻜﺒﻴﺭ ﻤﻥ ﺴﺠﻨﺎﺀ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻭﻥ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﺔ.
ﻭﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﻁﺭﻕ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺴﺘﺨﺩﻤﺔ ﻻ ﺘﻨﻔﻙ ﺘﺘﻁﻭﺭ ﻭﺘﺘﻌﻘﺩ ﻓﺎﻥ ﺘﺼﺭﻴﺤﺎﺕ
ﻟﺠﻨﺔ ﺍﻷﻤﻡ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻟﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﺍﻟﺘﻌﺫﻴﺏ ،ﻭﻗﺩ ﺴﺒﻕ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﻋﺎﻗﺒﺕ ﺘﻭﻨﺱ ﺴﻨﺔ
،1998 ﻻ ﺘﺯﺍل ﺴﺎﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻔﻌﻭل .ﻓﻘﺩ ﺴﺒﻕ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺃﻥ ﻋﺒﺭﺕ ﻋﻥ
ﺍﻨﺸﻐﺎﻟﻬﺎ ﺃﻭﻻ ﺇﺯﺍﺀ "ﺍﻟﻔﺭﻕ ﺍﻟﺸﺎﺴﻊ ﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﻓﻲ
ﺸﺄﻥ ﺤﻤﺎﻴﺔ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ" ﺜﻡ ﺇﺯﺍﺀ "ﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﺫﻴﺏ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻤﻼﺕ ﺍﻟﻘﺎﺴﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻤﻬﻴﻨﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻤﺕ ﺒﻬﺎ ﻗﻭﺍﺕ ﺍﻷﻤﻥ ﻭﺍﻟﺸﺭﻁﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺃﺩﺕ ﻓﻲ ﺒﻌﺽ
ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺠﻥ" ﺜﻡ ﺍﺘﻬﻤﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﺔ ﺒﻤﻨﺢ "ﺤﺼﺎﻨﺔ
ﻟﻠﻘﺎﺌﻤﻴﻥ ﺒﺎﻟﺘﻌﺫﻴﺏ ﻭﺘﺸﺠﻴﻊ ﺘﻭﺍﺼل ﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻭﻉ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ ﺍﻟﻜﺭﻴﻬﺔ".
ﻭﻓﻲ ﺒﻠﺩ ﺘﺠﺘﻤﻊ ﻓﻴﻪ ﻜل ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻨﻀﺞ ﻟﻜﻲ ﻴﺘﻤﺘﻊ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺒﺤﻴﺎﺓ
ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺤﻘﺎ ،ﻓﺎﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻱ ﺩﻋﻡ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﻴﻥ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﻴﻥ ﻓﻲ
ﻨﻀﺎﻟﻬﻡ ﻀﺩ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﻗﻤﻌﻴﺔ ﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺒﻭﻟﻴﺴﻴﺔ .ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻱ ﻜﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﻻ
ﻴﻘﻊ ﺍﻻﻜﺘﻔﺎﺀ ﺒﺎﺤﺘﻭﺍﺀ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﺔ ﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﻨﺩﻴﺩ ﺒﻘﻭﺓ ﺒﻭﺍﻗﻊ
ﺍﻟﺨﺭﻭﻕ ﺍﻟﺨﻁﻴﺭﺓ ﺍﻟﻤﺭﺘﻜﺒﺔ .ﻭﺍﻥ ﺫﺭﻴﻌﺔ ﺨﻁﺭ ﺍﻟﺘﻁﺭﻑ ﻻ ﻴﻤﻜﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﻜﻔﻲ
7
ﺒﺼﻭﺭﺓ ﺠﺩﻴﺔ ﻟﻜﻲ ﺘﺴﺘﺨﺩﻡ ﻟﻤﻁﺎﺭﺩﺓ ﺍﻟﻤﺩﺍﻓﻌﻴﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﻜﻭﻨﻴﺔ ﻟﺤﻘﻭﻕ
ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﺜل ﺃﻀﻤﻥ ﺍﻟﺤﺼﻭﻥ ﻀﺩ ﺍﻟﺘﻌﺼﺏ.
ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻌﺎﺠل ﺍﻵﻥ ﻭﻀﻊ ﺤﺩ ﻟﺘﻀﻠﻴل ﻟﻠﺭﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﻟﻠﺴﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻭﺍﻁﺌﺔ
ﻟﻠﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺒﻜﺴﺭ ﺠﺩﺍﺭ ﺍﻟﺼﻤﺕ ﻭﺍﻥ ﻗﻠﻴﻼ .ﻭﺍﻥ ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ﺒﺼﻔﺔ
ﺨﺎﺼﺔ ﻻ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺘﺴﺘﻤﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻤﺕ ﺒل ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﻀﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻷﻭل،
ﻀﻤﻥ ﺇﻁﺎﺭ ﺍﻻﺘﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻭﺴﻁﻴﺔ ،ﺍﻟﺒﻨﺩ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻕ "ﺒﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ"
ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺴﻤﺢ ﺒﺠﻌل ﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺸﺭﻁﺎ ﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ.
ﻭﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻟﻔﻪ ﻤﺤﻤﺩ ﺍﻟﺒﻭﺼﻴﺭﻱ ﺒﻭﻋﺒﺩﻟﻲ ﻴﺩﻋﻭ ﺇﻟﻰ ﻤﺜل ﻫﺫﺍ
ﺍﻟﺘﻀﺎﻤﻥ ﻤﻊ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ ،ﻓﻬﻭ ﻴﺘﻀﻤﻥ ،ﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻨﺩﻴﺩ ﺒﺎﻨﺤﺭﺍﻓﺎﺕ
ﻭﺘﺭﺍﺠﻌﺎﺕ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ ،ﺨﺼﻠﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﺠﻭﻫﺭﻴﺔ ﻭﻨﺎﺩﺭﺓ ﺘﺘﻤﺜل ﻓﻲ
ﺘﻀﻤﻨﻪ ﻋﺩﻴﺩ ﺍﻟﻤﻘﺘﺭﺤﺎﺕ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀﺓ ﺘﺼﻠﺢ ﻜﻭﺼﻔﺔ ﻟﺠﻌل ﺘﻭﻨﺱ ﺒﻠﺩﺍ ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺎ.
ﻓﺈﺫﺍ ﺘﺤﻘﻕ ﻤﺜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻬﺩﻑ ﻓﺎﻥ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﻴﻥ
ﻭﻜﺭﺍﻤﺘﻬﻡ ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺠﻠﺏ ﺍﻻﺤﺘﺭﺍﻡ ﻭﺍﻟﺘﺄﺜﻴﺭ ﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻨﻁﺎﻕ ﺩﻭﻟﻲ .ﻓﻌﺴﻰ ﺃﻥ
ﻴﺴﻬﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻓﻲ ﻤﺴﺘﻘﺒل ﺃﻓﻀل.
ﺒﺎﺘﺭﻴﻙ ﺒﻭﺩﻭﺍﻥ
ﻤﺤﺎﻡ -ﺭﺌﻴﺱ ﺸﺭﻓﻲ
ﻟﻠﻔﺩﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﻟﺭﺍﺒﻁﺎﺕ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻻﻨﺴﺎﻥ
8
ﻤﻘﺩﻤـﺔ
ﺒﻠـﺩﻱ ﺒﻠـﺩ ﺍﻟﻴـﺎﺴﻤﻴـﻥ
ﻭﻟﻴـﺱ ﺍﻟﻌﺸـﻭﺍﺌﻴﺔ
ﺃﻨﺎ ﻤﻭﺍﻁﻥ ﺘﻭﻨﺴﻲ ،ﻭﻫﺫﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻷﻱ ﺴﻠﻁﺔ ﺃﻥ ﺘﺯﻴﻠﻬﺎ
ﺘﻔﺭﺽ ﻋﻠﻲ ﻭﺍﺠﺒﺎﺕ .ﻫﻨﺎﻙ ﻓﻭﺍﺭﻕ ﻭﺘﺠﺎﻭﺯﺍﺕ ﻟﻠﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭﺘﺤﻭﻴﻼﺕ ﻟﻠﺴﻠﻁﺔ
ﺒﻘﻴﺕ ﺩﻭﻥ ﻋﻘﺎﺏ ،ﺃﻤﺎﻡ ﻨﻅﺭ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ،ﻭﻭﺍﺠﺒﻲ ﻜﻤﻭﺍﻁﻥ ﻴﻘﺘﻀﻲ ﺃﻥ ﺃﺼﺭﺥ
"ﻻ" ﻭﺃﻥ ﺃﻨﺒﻪ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺃﻟﻔﺕ ﻨﻅﺭﺍ "ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ" ﻓﻲ ﻤﺎ ﻴﺨﺹ
ﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺯﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﺭﻀﺕ ﻟﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻗﺩ ﻴﺠﺩ ﺃﻱ ﻤﻭﺍﻁﻥ ﺘﻭﻨﺴﻲ ﺁﺨﺭ ﻨﻔﺴﻪ
ﻤﻌﺭﻀﺎ ﻟﻬﺎ ﻤﺜﻠﻲ.
ﺇﻥ ﺍﻟﻨﺩﺍﺀ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻭﺠﻬﻪ ﻴﻤﺜل ﺃﺨﺫ ﻤﻭﻗﻑ "ﺴﻴﺎﺴﻲ" ﻴﻤﻜﻨﻨﻲ ﻤﻨﻪ
ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻪ ﺤﻕ ﻤﻥ ﺤﻘﻭﻗﻲ ﺍﻟﻭﺍﻀﺤﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﻘﺒل ﺍﻟﻨﻘﺎﺵ.
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ ﻟﻴﺱ ﺤﺎﺩﺜﺔ ﻤﻨﻌﺯﻟﺔ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻲ ،ﻓﻘﺩ ﺘﻌﻭﺩﺕ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﺼﻐﺭ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻷﻨﻨﻲ ﺃﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﻋﺎﺌﻠﺔ ﺃﺼﻴﻠﺔ ﺍﻟﺠﻨﻭﺏ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ،
ﻤﺘﻭﺍﻀﻌﺔ ﻭﻟﻜﻥ ﻤﻌﺭﻭﻓﺔ ﺒﺎﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻀﺎل ،ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﻘﺩ ﻜﻨﺕ ﺍﻟﻜﺎﺘﺏ ﺍﻟﻌﺎﻡ
9
ﻟﻠﺨﻠﻴﺔ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ "ﻓﺭﺤﺎﺕ ﺤﺸﺎﺩ" ﺒﺒﺎﺭﻴﺱ
8 e
ﻭﺍﻨﺘﻤﻴﺕ ،ﻓﻲ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﻌﻬﺩ
ﺍﻟﺒﻭﺭﻗﻴﺒﻴﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺒﻴﺒﺔ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ )ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ ﻟﺒﻭﺭﻗﻴﺒﺔ(.
ﻭﺒﻤﺎ ﺃﻨﻲ ﻜﻨﺕ ﻤﻘﺘﻨﻌﺎ ﺒﺄﻥ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﻴﻥ ﺍﻟﺸﺒﺎﻥ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﺸﺎﺭﻜﻭﺍ
ﻓﻲ ﺨﺩﻤﺔ ﻤﺼﻠﺤﺔ ﻭﻁﻨﻬﻡ ﻭﺇﻨﻤﺎﺌﻪ ﻓﻘﺩ ﻜﻨﺕ ﺍﻟﺴﺒﺏ ﻓﻲ ﺘﻜﻭﻴﻥ ﺘﻌﺎﻀﺩﻴﺔ
ﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﻭﺏ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ ﺼﺤﺒﺔ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﺒﺎﻟﻤﻨﻁﻘﺔ.
ﻜﻤﺎ ﻨﺎﻀﻠﺕ ﻓﻲ ﺼﻔﻭﻑ "ﻭﺩﺍﺩﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﻴﻥ" ﺒﺒﺎﺭﻴﺱ ﻤﻥ ﺃﺠل
ﺘﻌﺎﻭﻥ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﻴﻥ ﻓﻲ ﻤﻨﻁﻘﺔ ﺒﺎﺭﻴﺱ .ﻭﺍﻟﺤﻕ ﺃﻨﻲ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻭﻗﻌﺕ ﻟﻲ
ﺨﻴﺒﺔ ﺃﻤل ﺒﺴﺒﺏ ﺍﻟﻤﻨﻌﺭﺝ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﺴﺎﺭ ﻓﻴﻪ ﻨﻅﺎﻡ ﺒﻭﺭﻗﻴﺒﺔ ،ﺍﻨﻔﺼﻠﺕ
ﻋﻥ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻱ
ﻋﺎﻡ 1973
ﻜﻲ
ﺍﻨﺨﺭﻁ ﻋﺎﻡ 1978
ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺫﻱ
ﻜﺎﻥ ﻴﻨﺎﻀل ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﻫﻭ "ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﻴﻥ
ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﻴﻥ".
ﻭﻗﺩ ﻜﺎﻨﺕ ﻋﻭﺩﺓ ﺍﻟﻭﻋﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻲ ،ﻜﻤﺎ ﻫﻭ ﺍﻟﺤﺎل ﻓﻲ
ﺍﻋﺘﻘﺎﺩﻱ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﻴﻥ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﻟﺨﻴﺒﺔ ﺍﻷﻤل ﺍﻟﺘﻲ
ﺤﺩﺜﺕ ﺒﺴﺒﺏ ﺍﻟﺘﺤﻭل ﺍﻟﺫﻱ ﻭﻗﻊ ﻟﻸﺴﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﺒﻌﺩ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻓﻘﻁ
ﻤﻥ
ﺘﺎﺭﻴﺦ 7
ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ ،1987 ﺃﻋﻨﻲ ﺘﺎﺭﻴﺦ ﻋﺯل ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺒﻭﺭﻗﻴﺒﺔ ﻭﺍﻟﺫﻱ
ﺍﺯﺩﺍﺩﺕ ﺨﻁﻭﺭﺘﻪ ﻤﻨﺫ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ.
ﻟﻘﺩ ﺸﺠﻊ
" ﺒﻴﺎﻥ 7
ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ" ﻓﻌﻼ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺴﺎﻤﺢ ﻤﻊ
ﻋﺯل ﺭﺠل ﻋﻅﻴﻡ ﺃﺤﺒﻪ ﻜل ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ ﺒﺭﻏﻡ ﺍﻟﺨﻴﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﺼﻠﺕ ﻓﻲ
ﺁﺨﺭ ﻋﻬﺩﻩ ،ﺒل ﺇﻥ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻗﺩ ﻭﻗﻊ ﺘﻘﺒﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻪ ﺭﺴﺎﻟﺔ ﺃﻤل ﻓﻲ ﺍﻻﺯﺩﻫﺎﺭ
ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﻭﺍﻻﻟﺘﺯﺍﻡ ﺒﺎﻟﺴﻴﺭ ﻓﻲ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ ﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺸﻌﺏ
10
ﺃﻗﺭ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺒﺄﻨﻪ ﺒﻠﻎ ﺩﺭﺠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻀﺞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺘﺨﻭل ﻟﻪ ﻓﻲ ﻜﻨﻑ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ
ﻭﺍﻷﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﻤﺎﺭﺱ ﺤﻘﻭﻗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ ﻭﺒﺄﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻁﺭﻓﺎ ﻓﻲ ﻤﻌﺎﺩﻟﺔ ﻤﺠﺘﻤﻊ
ﺴﻴﺎﺴﻲ ﺤﺭ ﻭﻋﺼﺭﻱ .ﻭﻗﺩ ﺯﺍﺩ ﺍﻟﺘﺩﻫﻭﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻀﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ
ﻭ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﺴﺘﻔﺤﺎﻻ ﻟﻸﺴﻑ! ﻓﺘﺴﺎﺀﻟﺕ ،ﻜﺄﻏﻠﺏ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ
ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﻴﻥ:
ﻜﻴﻑ ﻭﺼﻠﺕ ﺍﻷﻤﻭﺭ ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﺩ ﻓﻲ ﺒﻠﺩ ﻤﻌﺭﻭﻑ ﺒﺘﺴﺎﻤﺤﻪ ﻭﺘﻔﺘﺤﻪ
ﻭﺒﺎﻟﻤﻜﺎﺴﺏ ﺍﻟﻌﺩﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺤﺭﺯﻫﺎ ﻤﻨﺫ ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل؟
ﻜﻴﻑ ﺘﻤﺭﻜﺯﺕ ﻜل ﻫﺎﺘﻪ ﺍﻟﺨﻴﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﺒﻌﺩ ﺍﻨﺩﻓﺎﻋﺔ ﺍﻟﺤﻤﺎﺱ
ﻭﺍﻻﺭﺘﻴﺎﺡ ﻭﺍﻷﻤل ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺎﺩﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﺜﺭ 7 ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ 1987 ؟
ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺘﻠﺘﻘﻲ ﻜل ﻭﺴﺎﺌل ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻷﺠﻨﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺠﻌل ﺘﻭﻨﺱ ﺘﺴﺘﻬﺘﺭ ﺒﺄﻨﻬﺎ
ﺒﻠﺩ ﻓﺴﺎﺩ ﻭﻤﺤﺴﻭﺒﻴﺔ ﻭﻅﻠﻡ ﻭﻗﻤﻊ ﻭﺭﺸﻭﺓ ﻭﻫﺠﺭﺓ ﺭﺅﻭﺱ ﺃﻤﻭﺍل ﺒل ﻭﺤﺘﻰ
ﺘﺒﻴﻴﺽ ﺃﻤﻭﺍل ﻭﺘﺩﻫﻭﺭ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻔﺭﻭﺽ
ﺃﻨﻬﺎ ﺃﻜﺜﺭ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ
ﺍﺤﺘﺭﺍﻤﺎ ﻭﺃﻭﻟﻭﻴﺔ ﻟﻠﻨﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﺩل ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺩﺍﻡ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﻜﺎﻓﺔ؟
ﻫل ﺃﻥ ﻜل ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﻤﻼﺤﻅﻴﻥ ﺍﻷﺠﺎﻨﺏ ﻭﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻨﻅﻤﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ
ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﻴﺭ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻼﺤﻅ ﻭﺘﺩﺭﺱ ﺸﺅﻭﻥ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺍﺨل ﻭﻤﻥ
ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻋﻠﻰ ﺨﻁﺄ؟ ﻫل ﻫﻡ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﻤﺨﻁﺅﻭﻥ؟ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻭﺍﻡ؟
ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ "ﺍﻟﻤﺘﺨﺸﺒﺔ" ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﻜﻠﻤﻬﺎ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻭﻭﺴﺎﺌل ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﺘﺎﺒﻌﺔ ﻟﻪ،
ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻜﺭﺭ ﺒﺎﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﺃﻥ ﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﻬﻡ ﻻ ﺃﺴﺎﺱ ﻟﻬﺎ ،ﻭﺃﻨﻬﺎ ﻤﺠﺭﺩ ﺇﺸﺎﻋﺎﺕ
ﺘﻤﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻐﻴﺭﺓ ﻓﻘﻁ ،ﻤﻥ ﻗﺒل ﺃﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻴﺤﺴﺩﻭﻨﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺠﺎﺤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ
11
ﺤﻘﻘﻨﺎﻫﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﺴﺩﺍﺩ ﺤﻜﺎﻤﻨﺎ ،ﻟﻡ ﺘﻌﺩ ﻜﺎﻓﻴﺔ ﻹﻗﻨﺎﻋﻨﺎ .ﻭﺒﺎﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻔﺠﻭﺓ
ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻔﺭﻕ ﺒﻴﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺨﻁﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﻌﺩ ﺘﻨﻁﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﺤﺩ ،ﻤﻥ
ﻨﺎﺤﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻰ ﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﻋﺩﻴﺩ ﺍﻟﻤﻼﺤﻅﻴﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﻴﺩﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻔﻜﺭﻴﻥ ﺍﻷﺤﺭﺍﺭ ﻓﻲ
ﺘﻭﻨﺱ ﻭﺨﺎﺭﺠﻬﺎ ،ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺜﺎﻨﻴﺔ ،ﻓﻘﺩ ﻨﻅﺭﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺃﻥ ﻨﻜﺘﺸﻑ ﻓﻴﻪ
ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻤﻥ ﻏﻴﺭ ﺍﻨﺤﻴﺎﺯ ﺃﻭ ﻤﺠﺎﻤﻠﺔ ﻭﺩﻭﻥ ﺘﻬﻭﻴل ﺃﻭ ﻋﻨﻑ ﺯﺍﺌﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﺯﻭﻡ.
ﺍﻨﻁﻠﻘﻨﺎ ﻤﻥ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻭﻟﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﺃﻥ ﺘﻭﻨﺱ ﺠﺩﻴﺭﺓ ﺒﺄﻥ ﺘﻔﺎﺨﺭ ﺒﻜﻭﻨﻬﺎ ﺒﻠﺩﺍ
ﻋﺼﺭﻴﺎ ﻭﻤﺜﻘﻔﺎ ﻭﻋﺎﻤﻼ ﻭﻤﺘﺴﺎﻤﺤﺎ ﻭﻤﺴﺎﻟﻤﺎ ﻭﻤﺘﻔﺘﺤﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻭﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺎﺕ ﻭﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﺍﻷﺠﻨﺒﻴﺔ؛ ﻭﻤﻥ ﺃﻨﻬﺎ ﺒﻠﺩ ﺤﻘﻕ ﻨﺠﺎﺤﺎﺕ ﻭﻤﻜﺎﺴﺏ ﻗل ﺃﻥ
ﺘﺤﻘﻘﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﻨﻔﺱ ﻤﺠﻤﻭﻋﺘﻬﺎ؛ ﻭﻤﻥ ﺃﻨﻬﺎ ﺒﻠﺩ
ﻟﻪ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﻭﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻋﺼﺭﻴﺔ.
ﺇﻥ ﺘﻭﻨﺱ ﻗﺩ ﻜﻭﻨﺕ ﻨﺨﺒﺔ ﻗﺎﺩﺭﺓ ،ﻋﺩﺩﻴﺎ ﻭﻨﻭﻋﻴﺎ ،ﻋﻠﻰ ﺘﺴﻴﻴﺭ ﺍﻟﺒﻠﺩ
ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﻨﻤﺎﺀ ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﺒﻨﺴﻕ ﻭﺒﺘﺤﻘﻴﻕ ﻨﺘﺎﺌﺞ ﺃﻋﻠﻰ ﻭﺃﺤﺴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻲ
ﻨﺭﺍﻫﺎ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻭﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﻘﺼﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﺍﻻﺨﻼﻻﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻘﺎﺌﺹ
ﻭﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﺸﺎﻫﺩﻫﺎ ﺒﻭﻀﻭﺡ ﻭﺒﺩﻭﻥ ﺃﻱ ﺸﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻴﻭﻤﻲ.
ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻗﺩﻤﻨﺎ ﺘﺤﻠﻴﻼﺘﻨﺎ ﻭﺃﻓﻜﺎﺭﻨﺎ ﻭﻤﻘﺘﺭﺤﺎﺘﻨﺎ ،ﻭﺃﺸﺭﻨﺎ ﺇﻟﻰ
ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻹﺼﻼﺤﺎﺕ ﺭﺃﻴﻨﺎ ﺃﻨﻬﺎ ﻜﻔﻴﻠﺔ ﺒﺄﻥ ﻴﺒﻠﻎ ﺒﻠﺩﻨﺎ ﺸﺎﻁﺊ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ.
ﻭﻨﺤﻥ ﻨﺩﻋﻭ ﺃﺒﻨﺎﺀ ﻭﻁﻨﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﻨﻀﻤﺎﻡ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﺍﻟﻰ ﺩﻋﻤﻬﺎ ﻭﺘﺸﺠﻴﻌﻬﺎ.
12
ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺍﻟﻴﻭﻡ؟ ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﻜل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺄﺨﻴﺭ ﻭﺍﻟﺤﺎل ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺼﺭﻓﺎﺕ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻓﻲ
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻫﻲ ،ﻓﻲ ﺠﺯﺀ ﻤﻨﻬﺎ ،ﻗﺩﻴﻤﺔ ﻭﻤﻌﺭﻭﻓﺔ ،ﺍﻹﺠﺎﺒﺔ ﺃﻨﻨﻲ ﻭﺯﻭﺠﺘﻲ ﻜﻨﺎ
ﻨﺸﺭﻑ ﻋﻠﻰ ﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻤﻥ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ،ﻭﻟﺫﻟﻙ ﻓﻘﺩ ﺴﺨﺭﺕ ﻜل ﺠﻬﺩﻱ
ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﺍﻟﺘﺭﺒﻭﻴﺔ.
ﻭﻨﺠﺎﺡ ﻤﺅﺴﺴﺘﻨﺎ ﺍﻟﺘﺭﺒﻭﻴﺔ ﻫﻭ ﺍﻟﺸﺎﻫﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﻜﺫﺏ ﻋﻠﻰ ﺇﺨﻼﺼﻨﺎ ﻟﻤﻬﻤﺔ
ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻤﻨﺤﺘﻨﺎ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﺭﻀﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻔﺱ ﻭﻜﺎﻥ ﺒﻭﺩﻨﺎ ﺃﻥ
ﻨﺼﺭﻑ ﻜل ﻁﺎﻗﺘﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ ﻭﺤﺩﻫﺎ .ﻜﺎﻥ ﺒﻭﺩﻱ ،ﻭﺃﻨﺎ ﻤﺭﺒﻲ ﻋﻥ
ﺍﺨﺘﻴﺎﺭ ﻭﺭﻏﺒﺔ ،ﺃﻥ ﺃﻭﺍﺼل ﺍﻟﺴﻌﻲ ﺇﻟﻰ ﺘﻘﺩﻴﻡ ﺍﻷﺤﺴﻥ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺫﻱ
ﺃﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﺃﻗﻭل ﺃﻨﻨﻲ ﺤﺼﻠﺕ ﻓﻴﻪ ﻋﻠﻰ ﺨﺒﺭﺓ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﺠﺩﺍ ﻭﺘﻜﻭﻨﺕ ﻟﻲ ﻓﻴﻪ
ﺘﺠﺭﺒﺔ ﻁﻭﻴﻠﺔ ﻨﺎﻓﻌﺔ ﻟﺒﻠﺩﻨﺎ.
ﻭﻟﻜﻥ
ﻤﻨﺫ 2004
ﺘﻌﺭﻀﻨﺎ ﻟﻤﻀﺎﻴﻘﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻭﺃﺼﺒﺤﻨﺎ ،ﺒﻤﺭﻭﺭ
ﺍﻷﺸﻬﺭ ،ﻀﺤﻴﺔ ﻻﺒﺘﺯﺍﺯ ﻓﻌﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺨﻠﻔﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺭﺹ ﻭﺴﻭﺀ ﺍﻟﻨﻴﺔ .ﻭﻓﻲ
ﺃﺤﺩ ﺃﻴﺎﻡ ﺸﻬﺭ
ﻤﺎﻴﻭ 2007
ﻏﺎﺩﺭﺕ ﻤﻨﺯﻟﻲ ﻴﺼﺤﺒﻨﻲ ﺸﻌﻭﺭ ﻭﺍﻀﺢ ﺒﺄﻨﻨﻲ ﻟﻡ
ﺃﻋﺩ ﻤﺘﺄﻜﺩ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻫﻠﻲ .ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺘﺄﻜﺩﺕ ﻤﻥ ﺃﻥ
ﺘﻭﻨﺱ ﻟﻡ ﺘﻌﺩ ﺩﻭﻟﺔ ﺤﺭﻴﺔ.ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻫﻭ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻋﻲ ﺍﻷﻟﻴﻡ.
ﻭﺭﻏﻡ ﻫﺫﺍ ﻻ ﺸﻲﺀ ﻜﺎﻥ ﻴﻬﻴﺌﻨﻲ ﻤﺒﺩﺌﻴﺎ ﻷﺨﺫ ﻗﻠﻤﻲ ﻭﺃﻓﻜﺭ ﻓﻲ ﻭﻀﻌﻴﺔ
ﺍﻟﺒﻠﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺤﻴﺙ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻠﻘﻴﺘﻪ ﻫﻭ ﺘﻜﻭﻴﻥ ﻤﻬﻨﺩﺱ ﻓﻲ ﺍﻹﻋﻼﻤﻴﺔ،
ﻭﻗﺩ ﺘﻌﻤﻕ ﺒﻔﻀل ﺘﺨﺼﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺼﺭﻑ ﺒﺎﻟﻤﻌﻬﺩ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻟﻠﻌﻠﻭﻡ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ
ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﻴﺔ ﺒﻔﺭﻨﺴﺎ ﻭﺒﺘﻜﻭﻴﻥ ﻟﻐﻭﻱ ﺒﺠﺎﻤﻌﺔ ﺠﻭﺭﺝ ﻁﺎﻭﻥ ﺒﺎﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ
13
ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ .ﻜﻨﺕ ﺇﺫﻥ ﻤﺘﻭﺠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻤﻬﻨﺔ ﻤﻬﻨﺩﺱ ﻭﺸﺭﻋﺕ ﻓﻌﻼ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤل
ﻀﻤﻥ ﺸﺭﻜﺎﺕ ﻤﺘﻌﺩﺩﺓ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺎﺕ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺒﻔﺭﻨﺴﺎ ﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ.
ﺭﺠﻌﺕ ﺇﻟﻰ ﺒﻠﺩﻱ
ﺤﻴﺎﺘﻲ
ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ
ﺒﺈﻨﺸﺎﺀ
ﻋﺎ ﻡ 1972
ﺒﻨﻴﺔ ﻤﻭﺍﺼﻠﺔ ﺍﻟﻌﻤل ﻜﻤﻬﻨﺩﺱ ﻓﺎﺒﺘﺩﺃﺕ
ﻓﻲ
ﻤﻴﺩﺍﻥ
ﻤﺅﺴﺴﺔ
ﺍﻟﺼﻴﺎﻨﺔ
ﻭﺍﻻﺴﺘﺸﺎﺭﺍﺕ
ﻓﻲ
ﺍﻹﻋﻼﻤﻴﺔ.
ﻭﻋﻠﻤﺘﻨﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻴﻥ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﻓﻨﻴﺔ ﻤﺜل ﺍﻟﺘﻲ
ﻜﻭﻨﺘﻬﺎ ﻤﺘﻌﺭﺽ ﻹﻋﺎﻗﺔ ﺠﺩﻴﺔ ﺘﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﻨﻘﺹ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﻴﻥ ﻭﺍﻟﻜﻭﺍﺩﺭ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ
ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ .ﻓﻘﺭﺭﺕ ،ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﻭﻟﻬﺫﻩ ﺍﻷﺴﺒﺎﺏ ﺃﻥ ﺃﻜﻭﻥ ﺒﻨﻔﺴﻲ
ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺃﺤﺘﺎﺠﻬﻡ ﻓﻔﺘﺤﺕ
ﻋﺎﻡ 1973
ﺃﻭل ﻤﻌﻬﺩ ﻋﺎﻟﻲ ﺨﺎﺹ ﻟﻺﻋﻼﻤﻴﺔ
ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﺔ ،ﻭﻜﺎﻥ ﺫﻟﻙ ﺴﺎﺒﻘﺔ ﺃﻭﻟﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺩﺍﻥ .ﻭﻓﻲ ﻨﻔﺱ
ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺘﻡ ﺇﻨﺸﺎﺀ ﻤﻌﻬﺩ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺎﺕ
ﺍﻹﺩﺍﺭ ﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﺴﺒﺔ (INTAC)
ﻭﻫﻭ
ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻤﻌﻬﺩ ﻤﺸﻬﻭﺭ ﺠﺩﺍ ﻭﻴﺘﻤﺘﻊ ﺒﺴﻤﻌﺔ ﺠﻴﺩﺓ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻻﺕ ﺒﻔﻀل
ﺍﻤﺘﻴﺎﺯ ﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﻴﻥ ﺍﻟﺴﺎﻤﻴﻴﻥ ﻭﻜﻭﺍﺩﺭ ﺍﻟﺘﺼﺭﻑ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺩﻤﻪ ﻭﻴﻘﺩﻤﻪ ﻤﻨﺫ
ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ.
ﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﻤﻨﻌﺭﺠﺎ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺘﻲ ﺍﻟﻤﻬﻨﻴﺔ ﺇﺫ ﺃﻨﻨﻲ ﻗﺭﺭﺕ ﺃﻥ ﺃﺘﻭﺠﻪ ﻜﻠﻴﺎ
ﻟﺘﻁﻭﻴﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﻬﺩ ﺍﻷﻭل ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻡ ﺘﻜﻭﻴﻨﻪ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻗﻠﻴل ﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺏ
ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺠﺎل.
ﺍﻨﻔﺘﺢ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺇﺫﻥ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻟﻡ ﻴﻘﻑ ﻫﻨﺎﻙ ،ﻓﻔﻲ
"ﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻟﻘﺩﻴﺱ ﻴﻭﺴﻑ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﻟﻸﺨﻭﺍﺕ"
ﺇﻟﻰ
ﻋﺎﻡ 1988
ﻋﻬﺩﺕ
ﺯﻭﺠﺘﻲ ﻭﺍﻟﻲ ﺸﺨﺼﻴﺎ
ﺒﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺜﻘﻴﻠﺔ ﻫﻲ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻤﻭﺍﺼﻠﺔ ﻋﻤﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺘﻭﻨﺱ ﺒﺄﻥ ﻁﻠﺒﺕ ﻤﻨﺎ ﺘﻭﻟﻲ
14
ﺸﺅﻭﻥ ﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ "ﺍﻴﻤﻴﻠﻲ ﺩﻱ ﻓﻴﻼﺭ" ﺍﻟﻤﺴﻤﺎﺓ "ﻤﺩﺭﺴﺔ ﺠﺎﻥ
ﺩﺍﺭﻙ" ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺄﺴﺴﺕ ﻋﺎﻡ ، 1936 ﻭﻫﻲ ﻤﺩﺭﺴﺔ ﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻷﻁﻔﺎل
ﺒﻴﻥ 5 ﻭ15
ﺴﻨﺔ )ﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﺒﺘﺩﺍﺌﻴﺔ ﻭﻤﺭﺤﻠﺔ ﺜﺎﻨﻭﻴﺔ(.
ﻤﻊ ﻫﺎﺘﻴﻥ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺘﻴﻥ ﺍﻟﻠﺘﻴﻥ ﻜﺎﻨﺘﺎ ﺒﻌﺩ ﻓﻲ ﻁﻭﺭ ﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻥ ،ﻜﺎﻥ ﻤﻥ
ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻱ ﺘﻘﺩﻴﻡ ﺘﻀﺤﻴﺎﺕ ﺒﻠﻐﺕ ﺤﺩ ﺃﺨﺫ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﺒﺎﻟﺘﻔﺭﻍ ﺍﻟﺘﺎﻡ ﻟﻬﻤﺎ .ﻭﻫﻜﺫﺍ
ﺍﻤﺘﻨﻌﺕ ﻋﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺒﺄﻱ ﻨﺸﺎﻁ ﺁﺨﺭ ﻭﻗﺭﺭﺕ ﺍﻟﺘﻔﺭﻍ ﺍﻟﻜﺎﻤل ﻟﻌﻤﻠﻲ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ
ﻜﻤﺭﺒﻲ .ﻭﻟﻜﻨﻲ ﻟﻡ ﺃﻜﻥ ﻭﺤﺩﻱ ﻓﻲ ﺃﺨﺫ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﺍﺫ ﺃﻥ ﺯﻭﺠﺘﻲ ﻤﺎﺩﻟﻴﻥ
ﺒﻭﻋﺒﺩﻟﻲ ،ﻭﻫﻲ ﻓﺭﻨﺴﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ﻭﺘﻭﻨﺴﻴﺔ ﺒﺎﻟﻌﺎﻁﻔﺔ ﻭﺨﺒﻴﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﺴﺒﺔ،
ﻗﺭﺭﺕ ﻫﻲ ﻜﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺘﻨﻘﻁﻊ ﻋﻥ ﻋﻤﻠﻬﺎ ﻟﺘﺨﺼﺹ ﻜل ﻭﻗﺘﻬﺎ ﻭﺠﻬﺩﻫﺎ ﻹﺩﺍﺭﺓ
"ﻤﺩﺭﺴﺔ ﺠﺎﻥ ﺩﺍﺭﻙ".
ﻭﺃﻨﺸﺄﻨﺎ "ﻤﺅﺴﺴﺔ ﺒﻭﻋﺒﺩﻟﻲ" ﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻟﺘﺼﺭﻑ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ
ﺍﻟﺘﺭﺒﻭﻴﺔ ﺍﻟﻬﺎﻤﺔ .ﻭﺒﻔﻀل ﺘﻔﺎﻨﻲ ﻭﺠﺩﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺩﺓ ﻤﺎﺩﻟﻴﻥ ﺒﻭﻋﺒﺩﻟﻲ ﻭﺒﻔﻀل
ﺍﻻﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﺩﻗﻴﻕ ﻟﻠﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭﻟﻘﻭﺍﻋﺩ ﺍﻻﻨﻀﺒﺎﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﻤﻊ ﺍﻟﺘﻼﻤﻴﺫ ﺘﻤﻜﻨﺕ
"ﻤﺩﺭﺴﺔ ﺠﺎﻥ ﺩﺍﺭﻙ" ﻤﻨﺫ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺜﻼﺜﻴﻥ ﺴﻨﺔ ﻤﻥ ﺍﺤﺘﻼل ﻤﺭﺘﺒﺔ ﺃﻓﻀل
ﻤﺩﺭﺴﺔ ﺍﺒﺘﺩﺍﺌﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﻜﻠﻪ.
ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ ﻟﻡ ﺘﻀﻌﻑ ﺃﺒﺩﺍ ﻤﻨﺫ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻋﺸﺭﻴﻥ ﺴﻨﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ
ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﻤﻥ ﺃﺭﻓﻊ ﻨﺘﺎﺌﺞ ﺍﺨﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺁﺨﺭ ﺍﻟﺤﻠﻘﺔ ﺍﻻﺒﺘﺩﺍﺌﻴﺔ ﻭﺍﻹﻋﺩﺍﺩﻴﺔ.
ﻭﻤﻨﺫ 1992
1973
ﺘﻡ ﺘﺤﻭﻴل " ﺍﻟﻤﻌﻬﺩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﻟﻺﻋﻼﻤﻴﺔ" ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻨﺸﺊ ﻋﺎﻡ
ﺇﻟﻰ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﺴﻤﻴﺕ "ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﺘﻭﻨﺱ" ﻭﻫﻲ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻤﻥ
ﺼﻨﻔﻬﺎ ﻓﻲ ﺘﻭﻨﺱ ،ﻭﺘﺸﻤل ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻜﻠﻴﺔ ﻟﻠﺤﻘﻭﻕ ﻭﺍﻟﺘﺼﺭﻑ ﻭﻤﻌﻬﺩﺍ ﻟﻠﺘﻘﻨﻴﺎﺕ
15
ﺍﻟﻤﺘﻌﺩﺩﺓ ﻭﻤﺩﺭﺴﺔ ﻟﻠﻔﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ،ﻭﺸﻬﺎﺩﺍﺘﻬﺎ ﻤﻌﺘﺭﻑ ﺒﻬﺎ ﻤﻥ ﻁﺭﻑ
ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﻤﻥ ﻁﺭﻑ ﻋﺩﻴﺩ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ.
ﻭﺘﻤﺜﻠﺕ ﻤﺒﺎﺩﺭﺘﻨﺎ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ ﻓﻲ ﺘﻁﻭﻴﺭ ﻤﻬﻤﺔ "ﻤﺩﺭﺴﺔ ﺠﺎﻥ ﺩﺍﺭﻙ" ،ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ
ﻫﻲ ﺍﻟﻤﻨﻁﻠﻕ ﻜﻤﺎ ﺘﻘﺩﻡ ﻭﺠﻌﻠﻬﺎ ﻤﺩﺭﺴﺔ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻻﺒﺘﺩﺍﺌﻲ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻟﺜﺎﻨﻭﻱ ﻓﻲ
ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻭﻗﺕ ،ﻓﺒﺎﺩﺭﺕ ﻤﺅﺴﺴﺔ ﺒﻭﻋﺒﺩﻟﻲ ﻓﻲ
ﻋﺎﻡ 2005
ﺒﺈﻨﺸﺎﺀ ﻤﻌﻬﺩ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻡ
ﺍﻟﺜﺎﻨﻭﻱ ﺴﻤﻴﻨﺎﻩ "ﻤﻌﻬﺩ ﻟﻭﻴﺱ ﺒﺎﺴﺘﻭﺭ" ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻐﺎﻴﺔ ﻤﻨﻪ ﺘﻘﺩﻴﻡ ﺘﻌﻠﻴﻡ ﻴﻌﺩ
ﺍﻟﺘﻼﻤﻴﺫ ﻻﺠﺘﻴﺎﺯ ﺍﻟﺒﺎﻜﻠﻭﺭﻴﺎ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ .ﻭﻜﺎﻥ ﺍﺘﺨﺎﺫ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﺒﺎﻟﺘﻌﺎﻭﻥ
ﺍﻟﻭﺜﻴﻕ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﻌﻬﺩ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ ﻟﻠﺘﻌﺎﻭﻥ ﺍﻟﺘﺎﺒﻊ ﻟﺴﻔﺎﺭﺓ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﺒﺘﻭﻨﺱ ﻭﻤﻊ ﺍﻟﻐﺭﻓﺔ
ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﺔ-ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ﻟﻠﺘﺠﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ.
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻌﻬﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺭﺩﻨﺎﻩ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﺭﻤﺯﺍ ﻟﻠﺘﻌﺎﻭﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﻤﻔﻴﺩ ﻟﺘﻭﻨﺱ
ﻭﻓﺭﻨﺴﺎ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻨﻔﺴﻪ ﺭﻤﺯﺍ ﻟﻠﻔﺭﺍﻨﻜﻔﻭﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺭ ﻭﺍﻻﻨﻔﺘﺎﺡ ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻡ،
ﺍﻨﻁﻠﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤل ﺒﺭﻭﺡ ﻤﺘﻔﺎﺌﻠﺔ ﻭﻓﻲ ﺃﻓﻀل ﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﺘﺴﻴﻴﺭ ﺍﻟﺒﻴﺩﺍﻏﻭﺠﻲ
ﻭﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻨﻲ ﻓﻤﻜﻥ ﺘﻼﻤﻴﺫﻩ ﻤﻨﺫ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻷﻭل ﻤﻥ ﺇﺤﺭﺍﺯ ﺃﻓﻀل ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ ﻓﻲ
ﺍﺨﺘﺒﺎﺭ "ﺍﻟﺒﺭﻭﻓﻲ" ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ.
ﻟﻘﺩ ﺘﻭﺠﺕ ﺍﻟﺠﻬﻭﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﺒﺫﻟﺘﻬﺎ ﻤﺅﺴﺴﺔ ﺒﻭﻋﺒﺩﻟﻲ ﻓﻲ ﻜل ﻫﺫﻩ
ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺒﺎﻟﻨﺠﺎﺡ ﺒﺤﻴﺙ ﻴﻤﻜﻨﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﻘﻭل ﺒﺘﻭﺍﻀﻊ ﺃﻥ ﺍﺴﻡ "ﺒﻭﻋﺒﺩﻟﻲ" ﻜﺎﻥ
ﻭﻤﺎ ﻴﺯﺍل "ﻋﻼﻤﺔ ﺠﻭﺩﺓ" ﻭ"ﻋﻼﻤﺔ ﺍﻤﺘﻴﺎﺯ" ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻻﺒﺘﺩﺍﺌﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﻤﺭﻭﺭﺍ ﺒﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻟﺜﺎﻨﻭﻱ ﻭﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﻴﻥ ﺍﻟﺴﺎﻤﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺼﺭﻑ ﻭﻓﻲ
ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﻭﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺍﻟﻬﻨﺩﺴﺔ ،ﺴﻭﺍﺀ ﺒﺎﻟﻤﻘﺎﺭﻨﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺃﻭ
ﺒﺎﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ .ﻓﻘﺩ ﺍﻨﺸﻐﻠﺕ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺩﻭﻤﺎ ﺒﺭﻭﺡ ﺍﻻﻤﺘﻴﺎﺯ ﻭﻤﻥ ﺃﺠل
16
ﺫﻟﻙ ﺴﻌﺕ ﺩﻭﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺠﺩﻴﺩ ﻭﺍﻟﺴﺒﻕ ﻟﻐﻴﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﻭﺍﻟﻌﺎﻤﺔ
ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺍﻟﺘﺠﺩﻴﺩ ﺍﻟﺒﻴﺩﺍﻏﻭﺠﻲ ﻭﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺘﻜﻭﻴﻥ ﺍﻟﻨﺨﺏ .ﻭﻫﻨﺎ ﻨﺫﻜﺭ ،ﺘﻤﺜﻴﻼ
ﻋﻠﻰ ﺍﻫﺘﻤﺎﻤﻬﺎ ﺒﺎﻻﻤﺘﻴﺎﺯ ﻓﻲ ﻜل ﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ ﺘﻌﻠﻴﻤﻬﺎ ﺒﺄﻨﻬﺎ ﻗﺩ ﺴﺒﻘﺕ ﺴﺎﺌﺭ
ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺭﺒﻭﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﺩﺨﺎل ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻹﺠﺒﺎﺭﻱ ﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻷﺠﻨﺒﻴﺔ :ﺍﻻﻨﺠﻠﻴﺯﻴﺔ
ﻭﺍﻷﻟﻤﺎﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﻴﻁﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻻﺴﺒﺎﻨﻴﺔ ﻭﺤﺘﻰ ﺍﻟﺼﻴﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺘﻌﻠﻤﺎﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻻﺒﺘﺩﺍﺌﻲ
ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﻭﺃﻥ ﻤﺒﺩﺃﻫﺎ ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﻫﻭ "ﺍﻟﺘﺜﻠﻴﺙ ﺍﻟﻠﻐﻭﻱ".
ﺜﻡ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻨﺫﻜﺭ ﻜﺫﻟﻙ ﺒﺄﻨﻬﺎ ﺴﺒﻘﺕ ﻏﻴﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ
ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻭﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻲ ﺒﻜﺜﻴﺭ ﺇﻟﻰ ﺠﻌل ﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻹﻋﻼﻤﻴﺔ ﺇﺠﺒﺎﺭﻴﺎ ﻓﻲ ﺘﻌﻠﻤﺎﺘﻬﺎ ﻓﻲ
ﻜل ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻻﺒﺘﺩﺍﺌﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻲ .ﻭﻨﺅﻜﺩ ﻜﺫﻟﻙ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻤﺅﺴﺴﺔ
ﺒﻭﻋﺒﺩﻟﻲ ﻗﺩ ﺴﺠﻠﺕ ﻓﻲ ﻨﻁﺎﻕ ﻤﻬﻤﺎﺘﻬﺎ ﺇﺭﺴﺎﺀ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺘﻌﺎﻭﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ
ﻭﻋﺎﻟﻡ ﺍﻟﺸﻐل ،ﻭﻫﻜﺫﺍ ﻓﺎﻨﻪ ،ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ،ﻴﺘﺤﺼل ﺨﺭﻴﺠﻭ
ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﺍﻟﺘﺎﺒﻌﺔ ﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺒﻭﻋﺒﺩﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻨﺘﺩﺍﺒﻬﻡ ﺍﻷﻭل ﺒﺴﺭﻋﺔ
ﺒﻤﺠﺭﺩ ﺘﺨﺭﺠﻬﻡ ﺒل ﻭﺤﺘﻰ ﻗﺒل ﺇﻨﻬﺎﺀ ﻓﺘﺭﺓ ﺍﻟﺘﺩﺭﻴﺏ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﻲ!...
ﻭﻨﻭﺩ ﺃﻥ ﻨﺫﻜﺭ ﺃﻴﻀﺎ ﺒﺄﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻨﺼﻑ ﻋﺩﺩ ﺍﻟﻁﻼﺏ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻴﺘﺎﺒﻌﻭﻥ
ﺘﻌﻠﻴﻤﻬﻡ ﺒﺎﻟﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻭﺍﻓﺩﻭﻥ ﻤﻥ ﺒﻠﺩﺍﻥ ﺸﻘﻴﻘﺔ ﻭﺼﺩﻴﻘﺔ ﻤﻥ ﺃﺭﺒﻌﺔ ﻗﺎﺭﺍﺕ:
ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻭﺍﻹﺴﻼﻤﻲ ﻭﺇﻓﺭﻴﻘﻴﺎ ﻭﺁﺴﻴﺎ ﻭﺤﺘﻰ ﻤﻥ ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ .ﺜﻡ ﺇﻥ ﻋﺩﺩ
ﻁﻼﺒﻨﺎ ﺍﻷﺠﺎﻨﺏ ﻟﻡ ﻴﻨﻘﺹ ﺃﺒﺩﺍ ،ﺒل ﺍﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺱ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ﻴﺘﺯﺍﻴﺩ
ﺒﺎﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﺸﻬﺩ ﺒﻭﻀﻭﺡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﺍﻟﻤﻭﺼﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺸﻌﺭ ﺒﻬﺎ ﻫﺫﻩ
ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻤﻌﺎﻫﺩ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺒﻌﺔ ﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺒﻭﻋﺒﺩﻟﻲ.
17
ﻭﻜﻡ ﺃﻥ ﺃﺴﻔﻨﺎ ﻭﺍﺴﺘﻐﺭﺍﺒﻨﺎ ﻜﺎﻥ ﻜﺒﻴﺭﺍ ﻴﻭﻡ ﺃﻥ ﺘﻠﻘﺕ ﻤﺅﺴﺴﺘﻨﺎ ﻤﻥ
ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ،ﺒﺴﺒﺏ ﺭﻓﺽ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﻘﺴﻡ ﺘﺴﺠﻴل ﺘﻠﻤﻴﺫﺓ ﺒﺎﻟﺴﻨﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻤﻥ
ﺍﻹﻋﺩﺍﺩﻴﺔ ،ﺘﻁﺒﻴﻘﺎ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﻟﻠﻤﺩﺭﺴﺔ ،ﻟﻀﻌﻑ ﻤﺴﺘﻭﺍﻫﺎ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﻲ،
ﺇﻟﺯﺍﻤﺎ ﺒﺎﺘﺎ ﺒﺘﺴﺠﻴل ﺍﻟﺘﻠﻤﻴﺫﺓ ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭﺓ ﻭﺇﻻ ﺃﻏﻠﻘﺕ ﺍﻟﻭﺯﺍﺭﺓ ﻜﺎﻤل ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ.
ﻭﻟﻤﺎ ﺭﻓﻀﺕ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ﺍﻟﺘﺭﺍﺠﻊ ﻓﻲ ﻗﺭﺍﺭ ﺍﻟﺘﺴﺠﻴل ﻷﻨﻪ ﻜﺎﻥ ﻤﻌﻠﻼ
ﻭﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺎ ،ﻋﻤﺩﺕ
ﺍﻟﻭﺯﺍﺭﺓ ﺒﺘﺎﺭﻴﺦ 18
ﺴﺒﺘﻤﺒﺭ ،2004 ﺃﻱ ﻤﻊ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﺴﻨﺔ
ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﻴﺔ ،ﺇﻟﻰ ﺃﺨﺫ ﻗﺭﺍﺭ ﻤﺘﺴﺭﻉ ﻭﻏﻴﺭ ﻤﺩﺭﻭﺱ ﺒﺘﺸﻐﻴل ﺁﻟﺘﻬﺎ ﺍﻟﻘﻤﻌﻴﺔ ﺒﺸﻜل
ﺴﺭﻴﻊ ﻭﻏﺭﻴﺏ ﻻ ﺴﺎﺒﻕ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ ﺍﻹﺩﺍﺭﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ.
ﻓﻔﻲ
ﻅﺭﻑ 24
ﺴﺎﻋﺔ ﻨﺸﺭﺕ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﺍﻻﺒﺘﺩﺍﺌﻴﺔ ﺒﺘﻭﻨﺱ ﺃﻤﺭﺍ ﻴﻘﻀﻲ
ﺒﻌﺯل ﻤﺎﺩﻟﻴﻥ ﺒﻭﻋﺒﺩﻟﻲ ،ﻤﺩﻴﺭﺓ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ،ﻤﻊ ﺴﺤﺏ ﺭﺨﺼﺔ ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ
ﻭﺘﺠﻤﻴﺩ ﺍﻷﺭﺼﺩﺓ ﺍﻟﺒﻨﻜﻴﺔ ﻭﺘﻌﻴﻴﻥ ﻤﺩﻴﺭ ﻤﺘﺼﺭﻑ ﻴﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻲ
ﻭﺘﺩﺨل ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺀﺍﺕ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﻤﺜل ﺍﻋﺘﺩﺍﺀ ﻋﻠﻰ
ﺍﻷﻤﻼﻙ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺤﻤﻴﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ.
ﻭﺴﺎﺭﻉ ﺍﻟﻤﺩﻴﺭ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﺒﺘﺴﺠﻴل ﺍﻟﺘﻠﻤﻴﺫﺓ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﺒﺎﻷﻤﺭ .ﻭﺒﺼﻭﺭﺓ
ﻤﻭﺍﺯﻴﺔ ﺘﻌﺭﻀﺕ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ﻟﺤﻤﻠﺔ ﺍﻨﺘﻘﺎﺩﺍﺕ ﻗﺎﻤﺕ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﺼﺤﻑ ﺍﻟﺘﺎﺒﻌﺔ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ
ﻤﺘﻬﻤﺔ ﺇﻴﺎﻫﺎ "ﺒﺎﻟﻨﺨﺒﻭﻴﺔ"! ﻜﻤﺎ ﻭﺠﻬﺕ ﺍﻟﺤﻤﻠﺔ ﻀﺩ ﻤﺅﺴﺴﺔ ﺒﻭﻋﺒﺩﻟﻲ ﺒﺎﻟﻜﺎﻤل،
ﻭﻗﺩ ﺘﻌﺭﻀﺕ
ﻟﻬﺠﻤﺔ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ
ﺸﺎﺭﻜﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﺴﺘﺔ
ﻭﺯﺍﺭﺍﺕ ﻋﻠﻰ
ﺍﻷﻗل
ﻭﻤﻨﻅﻤﺎﺕ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ :ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ،ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻴﺔ ،ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﻌﺩل ،ﻭﺯﺍﺭﺓ
ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺠﺒﺎﺌﻲ ﻤﺴﺘﻤﺭ ،ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺸﺅﻭﻥ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻋﻥ
ﻁﺭﻴﻕ ﻤﺭﺍﻗﺒﺔ ﺍﻟﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻟﻠﻀﻤﺎﻥ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻭﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ
18
ﻭﺍﻟﺒﺤﺙ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﺒﺎﻻﻨﺘﻘﺎﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺔ
ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﺘﻭﻨﺱ.
ﻓﺤﺘﻰ "ﺍﻟﺘﺴﻭﻨﺎﻤﻲ" ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻟﻪ ﺃﻥ ﻴﺘﺴﺒﺏ ﻓﻲ ﺘﻴﺎﺭ ﻴﻔﻭﻕ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ...
ﻭﻓﻲ ﻏﺩﺍﺓ ﻏﻠﻕ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ،ﻭﺠﺩﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺃﻤﺎﻡ ﺘﺤﺭﻙ ﻗﻭﻱ
ﻗﺎﻡ ﺒﻪ
ﺍﻟـ1400
ﺘﻠﻤﻴﺫ ﻭﻜﺎﻤل ﺇﻁﺎﺭ ﺍﻟﺘﺩﺭﻴﺱ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺭﻓﻀﻭﺍ ﺒﻘﻭﺓ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ
ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﻁﻲ ﺍﻟﻘﺎﻀﻲ ﺒﻌﺯل ﺍﻟﻤﺩﻴﺭﺓ ﻭﻏﻠﻕ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ،ﻭﺘﻜﻭﻨﺕ ﺤﺭﻜﺔ ﺭﻓﺽ
ﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﺇﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﻀﺭﺍﺏ ﺇﻁﺎﺭ ﺍﻟﺘﺩﺭﻴﺱ ﺃﺩﺕ ﺴﺭﻴﻌﺎ ﺇﻟﻰ ﺘﻜﻭﻴﻥ ﻭﻓﺩ ﻤﻥ
ﺃﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﺘﻼﻤﻴﺫ ﻁﻠﺏ ﻤﻘﺎﺒﻠﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﻓﺠﺎﺀﻨﺎ ﺍﻟﺩﻋﻡ ﻤﻥ ﻜﺎﻤل
ﺍﻟﺘﺭﺍﺏ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ :ﻤﻥ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﻭﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ
ﻭﻜﻨﺩﺍ ﻭﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﻭﺒﻠﺩﺍﻥ ﻏﺭﺏ ﺇﻓﺭﻴﻘﻴﺎ...
ﻭﺃﻤﺎﻡ ﺍﺘﺴﺎﻉ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺘﻨﺩﻴﺩ ﻭﺍﻟﺘﻀﺎﻤﻥ ﻤﻊ ﻤﺅﺴﺴﺘﻨﺎ ﺍﻟﺘﺭﺒﻭﻴﺔ ﻭﺒﺴﺒﺏ
ﻏﻴﺎﺏ ﺩﻟﻴل ﺠﺩﻱ ﻭﻓﻌﻠﻲ ﻟﻠﻘﻤﻊ ﺍﻟﻐﻴﺭ ﺍﻟﻤﺒﺭﺭ ﻭﺒﺎﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻰ ﻋﺩﻡ ﺍﻟﺘﻨﺎﺴﺏ ﺒﻴﻥ
ﻤﺎ ﺘﻌﺭﻀﻨﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﻤﺒﺭﺭ ،ﻭﺠﺩﺕ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻤﺠﺒﺭﺓ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺘﺭﺍﺠﻊ ﻓﻲ ﻗﺭﺍﺭﻫﺎ ﻓﺄﻋﻴﺩﺕ ﻤﺎﺩﻟﻴﻥ ﺒﻭﻋﺒﺩﻟﻲ ﺇﻟﻰ ﻤﻜﺎﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ
ﻭﻋﺎﺩﺕ ﺍﻟﺩﺭﻭﺱ ﺇﻟﻰ ﺴﻴﺭﻫﺎ ﺍﻟﻌﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﺍﻷﻴﺎﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﺤﺘﻰ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ
ﺍﻟﻘﻀﺎﺌﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺘﺨﺫ ﻀﺩ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ﻭﻗﻊ ﺇﻟﻐﺎﺅﻩ.
ﻭﻟﻜﻥ ﻏﻀﺏ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﻟﻡ ﻴﻬﺩﺃ ،ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻏﻴﺭ ﺸﻜﻠﻪ ﻟﻴﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎل
ﺘﺤﺭﺵ ﻤﺴﺘﻤﺭ ﻭﻤﺘﻌﺩﺩ ﺍﻷﺸﻜﺎل ﻀﺩ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ.
19
ﻭﻫﻜﺫﺍ ،ﻭﻋﻠﻰ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﻤﺜﺎل ،ﻓﺭﺽ ﻋﻠﻴﻬﺎ "ﻜﺭﺍﺱ ﺸﺭﻭﻁ" ﺠﺩﻴﺩ ﻟﻪ ﻤﻔﻌﻭل
ﺭﺠﻌﻲ
ﺒﻭﺍﺴﻁﺔ
ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ
ﺍﻟﻭﺯﺍﺭﻱ
ﺍﻟﻤﺅﺭﺥ
ﻓﻲ
22
ﻓﻴﻔﺭﻱ ،2008
ﻭﻤﻭﻀﻭﻋﻪ ﻤﻨﻊ ﺃﻥ ﻴﻘﻊ ﺍﻟﺠﻤﻊ ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺍﻟﺘﺭﺒﻭﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺸﻌﺒﺔ ﺘﻌﺩ
ﻟﻠﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﻷﺠﻨﺒﻴﺔ )ﻫﺫﺍ ﻴﺴﺘﻬﺩﻑ ﻁﺒﻌﺎ ﻤﻌﻬﺩ ﻟﻭﻴﺱ ﺒﺎﺴﺘﻭﺭ(.
ﻭﻤﻨﻌﺕ ﺍﻟﻭﺯﺍﺭﺓ ﺃﻴﻀﺎ ﺃﻥ ﺘﻔﺘﺢ ﺍﻟﻤﺩﺍﺭﺱ ﻓﺭﻭﻋﺎ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﺨﺎﺭﺝ
ﺠﺩﺭﺍﻨﻬﺎ :ﻭﻫﺫﺍ ﻴﺴﺘﻬﺩﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻤﺸﺭﻭﻋﻨﺎ ﻟﻔﺘﺢ ﻓﺭﻉ ﻟﻤﺩﺭﺴﺘﻨﺎ ﺒﺎﻟﻤﺭﺴﻰ
)ﺍﻟﻀﺎﺤﻴﺔ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﺘﻭﻨﺱ( .ﻭﺍﻹﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﺫﺍﺘﻬﺎ ﻗﺭﺭﺕ ﺃﻥ ﺘﻐﻴﺭ ﺍﻟﻌﺩﺩ
ﺍﻷﻗﺼﻰ ﻟﻠﺘﻼﻤﻴﺫ ﺒﺎﻟﻔﺼل ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﺴﺎﺤﺔ ﺍﻟﺩﻨﻴﺎ ﻟﻘﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺩﺭﻭﺱ :ﻫﺫﻩ
ﺍﻟﻤﺴﺎﺤﺔ ﻭﻗﻊ ﺘﺤﺩﻴﺩﻫﺎ ،ﺒﺸﻲﺀ ﻴﺸﺒﻪ ﺍﻟﺼﺩﻓﺔ ،ﺒﺄﻥ ﻻ ﺘﺘﺠﺎﻭﺯ
ﻤﺭﺒﻊ ﻭﺍﻟﺤﺎل ﺃﻥ ﻤﺴﺎﺤﺔ ﻗﺎﻋﺎﺘﻨﺎ
ﻫﺩﻡ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻘﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺒﻨﻴﺔ
ﻫﻲ 40
ﻋﺎﻡ 1936
ﺤﺘﻤﺎ 42
ﻤﺘﺭ
ﻤﺘﺭ ﻤﺭﺒﻊ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﺃﺠﺒﺭﻨﺎ ﻋﻠﻰ
ﻹﻀﺎﻓﺔ ﺍﻟﻤﺘﺭﻴﻥ ﺍﻟﻤﺭﺒﻌﻴﻥ ﺍﻟﻠﺫﻴﻥ
ﻓﺭﻀﺘﻬﻤﺎ ﺍﻟﻭﺯﺍﺭﺓ ،ﻭﻫﻲ – ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺭﺓ -ﻻ ﺘﻔﺭﺽ ﺃﺒﺩﺍ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﺭﻁ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻘﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺒﻌﺔ ﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﻴﺔ ...ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻷﻤﻭﺭ ﻟﻡ ﺘﺘﻭﻗﻑ ﻋﻨﺩ ﻫﺫﺍ.
ﻓﻲ ﺸﻬﺭ
ﻤﺎﻱ 2007
ﻓﺭﻀﺕ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻹﺸﺭﺍﻑ ،ﺩﻭﻥ ﻤﺤﺎﻜﻤﺔ
ﻭﺩﻭﻥ ﺸﺭﺡ ﻗﺎﻨﻭﻨﻲ ﻤﻌﻘﻭل ﻭﻤﺒﺭﺭ ﻭﺒﻜل ﺒﺴﺎﻁﺔ ،ﺃﻤﺭﺍ ﺒﺈﻏﻼﻕ ﻤﻌﻬﺩ ﻟﻭﻴﺱ
ﺒﺎﺴﺘﻭﺭ ﻭﺒﺄﻥ ﻨﺘﻭﻗﻑ ﻋﻥ ﺘﺴﺠﻴل ﺍﻟﺘﻼﻤﺫﺓ ﺒﻌﻨﻭﺍﻥ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﻘﺒﻠﺔ
ﻭﺒﺄﻥ ﻨﻭﺠﻪ ﺍﻟﻤﺴﺠﻠﻴﻥ ﻤﻨﻬﻡ ﺤﺎﻟﻴﺎ ﻨﺤﻭ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺃﺨﺭﻯ ﻤﻤﺎﺜﻠﺔ.
ﻭﻤﻤﺎ ﻻ ﺸﻙ ﻓﻴﻪ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﻴﻔﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻪ ﻤﺠﺭﺩ "ﺭﻏﺒﺔ ﺃﻤﻴﺭﻴﺔ "
ﻭﺃﻥ ﺃﺴﺒﺎﺒﻪ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻴﺴﺕ ﻤﺘﺄﺘﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ .ﻭﻤﻥ ﻫﻨﺎ
ﻴﻔﻬﻡ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺒﺴﻬﻭﻟﺔ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺘﻌﺎﻁﻑ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﺜﺎﺭﻩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ،
20
ﺴﻭﻯ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ،ﻭﻜﻭﻥ ﻭﺴﺎﺌل ﺍﻹﻋﻼﻡ ﻓﻲ ﺘﻭﻨﺱ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ،
ﺒﺄﻭﺭﻭﺒﺎ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ،
ﺍﻫﺘﻤﺕ ﺒﺎﻟﻤﻭﻀﻭﻉ ﻭﺍﻋﺘﺒﺭﺘﻪ ﻜﺘﻌﺒﻴﺭ
ﻋﻥ ﺍﻻﺭﺘﺠﺎل
ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﻭﻜﻨﻴل ﺨﻁﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ﻭﻤﻥ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻤﺴﻠﻡ ﺒﻬﺎ .ﻭﻗﺩ
ﺘﺴﺎﺀل ﻜﺜﻴﺭﻭﻥ ،ﻀﻤﻥ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﻀﻤﻥ ﻭﺴﺎﺌل ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﺔ )ﺠﺭﻴﺩﺓ
ﺃﺨﺒﺎﺭ
ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ
ﻭﺠﺭﻴﺩﺓ
ﺍﻟﻤﻭﻗﻑ
ﺍﻟﺘﻲ
ﺴﺎﻨﺩﺘﻨﻲ(
ﻭﺍﻷﺠﻨﺒﻴﺔ
)ﺠﺭﻴﺩﺓ
"ﻟﻭﻤﻭﻨﺩ" ﻭﺠﺭﻴﺩﺓ "ﻟﻴﺒﺭﺍﺴﻴﻭﻥ" ﻭﻤﺠﻠﺔ "ﻟﻴﻜﺴﺒﺭﺍﺱ" ﻭﺠﺭﻴﺩﺓ "ﻟﻭﻓﻴﻐﺎﺭﻭ" ﻭﻤﺠﻠﺔ
"ﻟﻭﺒﻭﺍﻥ" ﻭﺠﺭﻴﺩﺓ "ﺴﻭﻴﺴﺭﺍ"
ﻭﻋﺩﻴﺩ ﺍﻟﺠﺭﺍﺌﺩ ﺍﻟﻨﺎﻁﻘﺔ ﺒﺎﻟﻌﺭﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺭﻕ
ﺍﻷﺩﻨﻰ ( ...ﻭﺍﻟﻘﻨﺎﺓ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻭﺍﻟﻘﻨﺎﺓ ﺍﻟﺴﻭﻴﺴﺭﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻭﻋﺩﻴﺩ ﻤﻭﺍﻗﻊ
ﺍﻟﻭﺍﺏ :ﺒﻘﺸﻴﺵ
ﻭﻤﻭﻗﻊ Rue 89
ﻭﺍﻟﻘﻨﺎﺓ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﺔ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺎﻨﺩﺘﻨﻲ ﻓﻲ
ﻗﻀﻴﺘﻲ ﻫﻲ "ﻗﻨﺎﺓ ﺍﻟﺤﻭﺍﺭ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ" ﻟﻠﺴﻴﺩ ﺍﻟﻁﺎﻫﺭ ﺒﻥ ﺤﺴﻴﻥ ﻭﻫﻲ ﻗﻨﺎﺓ ﺨﺎﺼﺔ
ﺘﺒﺙ ﻤﻥ ﺭﻭﻤﺎ.
ﻓﺎﻟﺠﻤﻴﻊ ﻜﺎﻥ ﻴﺘﺴﺎﺀل ﺇﺫﺍ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﻴﻬﺩﻑ – ﻭﻟﻭ ﺒﺩﻭﻥ ﺸﺭﻋﻴﺔ –
ﺇﻟﻰ ﻤﺤﺎﺒﺎﺓ ،ﻤﺅﺴﺴﺔ ﺘﺭﺒﻭﻴﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﻗﺩ ﺃﻨﺸﺄﺕ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻭﻗﺕ .ﻭﻤﻬﻤﺎ ﻴﻜﻥ ﻤﻥ
ﺃﻤﺭ ،ﻭﺤﺘﻰ ﻴﻭﻤﻨﺎ ﻫﺫﺍ ،ﻓﻘﺩ ﺒﻘﻲ ﻤﻌﻬﺩ ﻟﻭﻴﺱ ﺒﺎﺴﺘﻭﺭ ﻤﻐﻠﻘﺎ.
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺔ ﻜﺎﻥ ﺁﺨﺭ ﻫﺠﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﻤﺅﺴﺴﺔ ﺘﺭﺒﻭﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﺘﺎﺒﻌﺔ
ﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﺒﻭﻋﺒﺩﻟﻲ ﻭﻫﻲ "ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﺘﻭﻨﺱ" .ﻓﺒﺎﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺴﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ
ﻋﺎﻡ
2000
ﻴﺴﻤﺢ ﻭﻴﻨﻅﻡ ﺍﻻﺴﺘﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻓﻲ ﻤﻴﺩﺍﻥ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ
ﻭﺒﺎﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺘﺼﺭﻴﺢ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺒﻨﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺘﺸﺭﻴﻙ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﺒﺴﻘﻑ
30.000
ﻁﺎﻟﺏ ﻓﻲ ﺘﺄﻁﻴﺭ ﺍﻟﻌﺩﺩ ﺍﻟﻤﺘﺯﺍﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻁﻼﺏ ،ﻓﺎﻥ "ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺔ
ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﺘﻭﻨﺱ" ﻗﺩ ﻜﺎﻨﺕ ،ﻤﻨﺫ ﺘﺄﺴﻴﺴﻬﺎ ﻋﺭﻀﺔ ﻹﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﻋﺸﻭﺍﺌﻴﺔ ﻤﻥ
21
ﻁﺭﻑ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ :ﻓﺴﺦ ﺍﺘﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺸﺭﺍﻜﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻤﻀﺎﺓ ﺒﺼﻭﺭﺓ
ﺩﻭﺭﻴﺔ ﻤﻊ ﺠﺎﻤﻌﺎﺕ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﺘﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﺘﻌﺎﻭﻥ ﻤﻤﻀﺎﺓ ﻤﻊ ﺠﺎﻤﻌﺎﺕ ﺃﺠﻨﺒﻴﺔ،
ﻭﺭﻓﺽ ﺘﻤﺘﻊ ﺠﺎﻤﻌﺘﻨﺎ ﺒﺎﻤﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﻏﻴﺭ ﻤﺎﻟﻴﺔ ﻤﻨﺼﻭﺹ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺒﻭﻀﻭﺡ
ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﻭﺭﻓﺽ ﻋﺩﻴﺩ ﻤﺸﺎﺭﻴﻊ ﻟﺘﻁﻭﻴﺭ ﻤﻬﻤﺘﻨﺎ ﺍﻟﺘﺭﺒﻭﻴﺔ )ﺭﻓﺽ ﺒﻌﺙ
ﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﻋﺩﻴﺩﺓ ﻭﺤﻠﻘﺎﺕ ﺩﺭﺍﺴﻴﺔ ﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ﻭﺭﻓﺽ ﺇﻨﺸﺎﺀ ﺤﻠﻘﺔ ﺩﻜﺘﻭﺭﺍﻩ
(...ﻭﺘﺤﺭﺵ ﺸﺒﻪ ﻴﻭﻤﻲ ﻤﻥ ﻁﺭﻑ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﺭﺘﺠﺎﻟﻴﺔ ﺘﻬﺩﻑ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺘﻔﺭﺽ
ﻋﻠﻰ ﻤﺅﺴﺴﺘﻨﺎ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻴﺔ
ﺸﺭﻭﻁ ﺘﺴﻴﻴﺭ )ﺨﺎﺼﺔ
ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺍﻟﻔﻀﺎﺀﺍﺕ
ﻭﺍﻟﺘﺠﻬﻴﺯﺍﺕ ﻭﻨﺴﺏ ﺍﻟﺘﺄﻁﻴﺭ ﺍﻟﺒﻴﺩﺍﻏﻭﺠﻲ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ( ﻭﻫﻲ ﺸﺭﻭﻁ ﺘﻨﺴﻰ ﺃﻥ
ﺘﻔﺭﻀﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ :ﺍﻟﺭﻗﺎﺒﺔ ﺍﻹﺩﺍﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﺒﺎﺌﻴﺔ
ﺍﻟﺩﻭﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻎ ﻓﻴﻬﺎ ...
ﻭﺁﺨﺭ ﺘﻤﻅﻬﺭﺍﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺒﻨﻲ ﻗﺎﻨﻭﻥ 4 ﺃﻭﺕ .2008 ﻭﻗﺩ
ﻴﺒﺩﻭ ﻤﻥ ﻗﺭﺍﺀﺓ ﺒﻨﻭﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺃﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﻴﺘﻌﻠﻕ ﺒﻘﺎﻨﻭﻥ ﻋﺎﺩﻱ ،ﻭﻟﻜﻥ ﻫﺫﺍ
ﻟﻴﺱ ﺇﻻ ﻅﺎﻫﺭﻴﺎ ﻓﻘﻁ ،ﻷﻥ
ﻗﺎﻨﻭﻥ 4 ﺃﻭﺕ 2004
ﻗﺩ ﻨﺹ ﻋﻠﻰ ﺘﺒﻨﻲ "ﻜﺭﺍﺱ
ﺸﺭﻭﻁ" ﺠﺩﻴﺩ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﺨﻀﻊ ﻟﻪ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﺍﻟﺨﺎﺹ ،ﻭﻟﻪ
ﻤﻔﻌﻭل ﺭﺠﻌﻲ .ﻭﻨﺹ ﺃﻴﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻪ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﺒﺎﻋﺙ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ ﺃﻥ ﻴﺸﺭﻑ
ﻋﻠﻰ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻤﺸﺭﻭﻉ ﻭﺍﺤﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ .ﻭﻨﺹ ﻜﺫﻟﻙ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻜل
ﻤﺅﺴﺴﺔ ﻟﻠﺘﻌﻠﻴﻡ
2.000.000
ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﺍﻟﺨﺎﺹ
ﻴﺠﺏ
ﺩﻴﻨﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ) ﺃﻱ
ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻤﺎل ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭ
75.000
22
ﺃﻭﺭﻭ( ﺃﻱ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺠﻡ ﻗﺩ
ﺃﻥ
ﻴﻜﻭﻥ
ﻟﻬﺎ
ﺤﻭﺍﻟﻲ 1.000.000
ﺒـ150.000 :
ﺘﻀﺎﻋﻑ 13
ﻤﺭﺓ.
ﺭﺃﺱ
ﻤﺎل
ﺒـ:
ﺃﻭﺭﻭ( ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺤﺩﺩ
ﺩﻴﻨﺎﺭ ) ﺃﻱ ﻤﺎ ﻴﻘﺎﺭﺏ
ﺜﻡ ﺇﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﻗﺩ ﻨﺹ ﺃﻴﻀﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺃﻤﺎﻡ ﻜل ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ
ﺃﺠل ﺃﻗﺼﺎﻩ ﺴﻨﺘﻴﻥ "ﻟﻼﺴﺘﺠﺎﺒﺔ ﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﻓﺼﻭل ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ" ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭ ﻭﻓﻲ
ﺼﻭﺭﺓ ﻋﺩﻡ ﺘﺤﻘﻕ ﺫﻟﻙ ﻓﺎﻥ ﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻭﺯﺍﺭﺓ ﺘﺄﻤﺭ ،ﺒﻜل ﺒﺴﺎﻁﺔ ،ﺒﺈﻏﻼﻕ
ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺫﻜﻭﺭﺓ .ﻭﺃﺨﻴﺭﺍ ﻭﻟﻴﺱ ﺁﺨﺭﺍ ،ﻓﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻴﻤﻨﻊ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ
ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺘﺘﺴﻤﻰ "ﺠﺎﻤﻌﺎﺕ" ﻭﻴﺒﻴﺢ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﻜﺘﻔﻲ ﺒﺘﺴﻤﻴﺎﺕ "ﻜﻠﻴﺔ "
– "ﻤﻌﻬﺩ" – ﺃﻭ "ﻤﺩﺭﺴﺔ".
ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻨﺘﺜﺒﺕ ﻋﻤﻠﻴﺎ ﻤﻥ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﺒﻨﻭﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻨﻼﺤﻅ ﺃﻨﻬﺎ ﻤﻭﺠﻬﺔ
ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻭﺒﺼﻭﺭﺓ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﺍﻟﻰ " ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﺘﻭﻨﺱ" :ﻓﻬﻲ ﻜﻜل
ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﺒﺎﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﺔ ﺘﺤﻤل ﺍﺴﻡ
"ﺠﺎﻤﻌﺔ" ﺒﻤﻘﺘﻀﻰ ﺘﺭﺨﻴﺹ ﺍﻟﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ) ﻗﺭﺍﺭ ﻭﺯﺍﺭﻱ ﻤﺅﺭﺥ ﻓﻲ
.(2001
ﻴﺘﻀﺢ ﺠﻠﻴﺎ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﺠﺭﺍﺀ ﻴﻀﺭ ،ﻭﺒﻤﻌﻭل ﺭﺠﻌﻲ ،ﺒﺤﻕ ﻤﻜﺘﺴﺏ ﺸﺭﻋﻴﺎ
ﻭﺨﺼﻭﺼﺎ ﺒﺎﺴﻡ ﺘﺠﺎﺭﻱ ﻤﻌﺘﺭﻑ ﺒﻪ ﻭﻤﻜﺭﺱ ﻤﻨﺫ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻋﺩﻴﺩﺓ .ﻭﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺩ
ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﻟﺭﺃﺱ ﻤﺎل ﺍﻷﺩﻨﻰ ﻟﻪ ﻨﺘﺎﺌﺞ ﺜﻘﻴﻠﺔ ﺃﻴﻀﺎ ،ﻷﻨﻪ ﻓﻲ ﺤﺎل ﻤﺅﺴﺴﺘﻨﺎ –
ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﺔ ﺘﺤﺕ ﻁﺎﺌﻠﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ – ﻭﺍﻟﻤﻭﺠﻭﺩﺓ ﻤﻨﺫ
ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻋﺩﻴﺩﺓ ﻓﺎﻥ ﻤﺅﺴﺴﺔ ﺒﻭﻋﺒﺩﻟﻲ ﺴﺘﻜﻭﻥ ﻤﻀﻁﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺘﺭﻓﻊ ﺭﺃﺱ ﻤﺎل
ﺠﺩﻴﺩ ﻟﻼﺴﺘﺠﺎﺒﺔ ﻟﻤﺘﻁﻠﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ،ﻭﺴﺘﻜﻭﻥ ﻤﺠﺒﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺘﻘﺴﻴﻡ
ﻤﺅﺴﺴﺎﺘﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻭﺤﺩﺍﺕ ﻋﺩﻴﺩﺓ ﻤﺘﻔﺭﻗﺔ ﻭﻫﻜﺫﺍ ﺘﺭﺘﻔﻊ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻬﺎ ﺃﻋﺒﺎﺀ
ﺍﻟﺘﺼﺭﻑ ﻟﻜل ﻭﺤﺩﺓ ﻓﺘﺼﺒﺢ ﻋﻤﻠﻴﺎ ﻋﺎﺠﺯﺓ ﻋﻥ ﻤﻭﺍﺼﻠﺔ ﺍﻟﻌﻴﺵ ﺒﻭﺴﺎﺌﻠﻬﺎ
23
ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ،ﻭﻨﻔﺱ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻜﺭﺍﺱ "ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ" ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺅﺍﺨﺫ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل
ﻋﻠﻰ ﻁﺎﺒﻊ ﻤﻔﻌﻭﻟﻪ ﺍﻟﺭﺠﻌﻲ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﻀﺎﺭﺏ ﻤﻊ ﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﺭﻓﺔ.
ﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺒﻌﻴﺩﺓ ﻋﻥ ﻜﻭﻨﻬﺎ ﺘﻁﺒﻴﻘﺎ ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺎ ﻭﻤﺤﺎﻴﺩﺍ
ﻟﻠﻘﺎﻨﻭﻥ ﻴﻬﺩﻑ ﺇﻟﻰ ﺨﺩﻤﺔ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﺘﺸﻜل ﺨﺭﻗﺎ ﺨﻁﻴﺭﺍ ﻟﻠﻤﺒﺎﺩﺉ
ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺩﻋﻲ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﺤﺘﺭﻤﻬﺎ.
ﺍﻟﻔﺭﻀﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ :ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻹﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﻼﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻤﺎﺜﻠﺔ ﻻﻨﺤﺭﺍﻑ
ﻓﻌﻠﻲ ﺒﺎﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺘﻬﻡ ﺤﺎﻟﺔ ﺨﺎﺼﺔ ﻭﻤﻌﺯﻭﻟﺔ :ﻫﻲ "ﺤﺎﻟﺔ ﺒﻭﻋﺒﺩﻟﻲ" .ﻭﻟﻜﻥ ﻓﻲ
ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ،ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﺘﻡ ﺘﺤﻠﻴل ﻫﺫﻩ ﺍﻹﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻬﺎ ﺃﻴﻀﺎ ﺇﺴﺎﺀﺓ ﺇﻟﻰ
"ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ" .ﺇﺫﺍ ﺼﺢ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﻓﺘﺭﺍﺽ ﻓﻨﺤﻥ ﻤﻀﻁﺭﻭﻥ ﻟﺘﺤﻤﻴل ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ
ﺤﺘﻤﺎ ﻟﻠﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻹﺩﺍﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺫﻴﺔ ﻭﻴﺤﻕ ﻟﻨﺎ ﻋﻨﺩ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﻨﺴﺄل ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ
ﺍﻟﺴﺎﻫﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻤﻥ ﻁﺭﻑ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺃﻥ ﺘﻭﻗﻑ ﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺼﺭﻓﺎﺕ
ﺍﻟﻤﺘﻀﺎﺭﺒﺔ ﻤﻊ ﻤﺘﻁﻠﺒﺎﺕ "ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ" ﻭﺇﻻ ﻓﺈﻨﻬﺎ ﺴﺘﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﻤﺠﺭﺩ ﻭﻫﻡ
ﻭﺍﺩﻋﺎﺀ ﻻ ﻤﺒﺭﺭ ﻟﻪ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﻔﻀﻲ ﻟﻠﺸﻙ ﻓﻲ ﻜﺎﻤل ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻤﻌﻴﺎﺭﻱ
ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ ﻤﻥ ﺤﻴﺙ ﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺘﻪ ﻭﻋﻤﻭﻤﻴﺘﻪ ﻭﻨﺠﺎﻋﺘﻪ.
ﺍﻟﻔﺭﻀﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ :ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻹﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﻼﻗﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻜﺭﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﺜل
"ﺍﻨﺤﺭﺍﻓﺎ ﺒﺎﻟﻘﺎﻨﻭﻥ" ﻫﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻜﺜﺭﺓ ﻭﺍﻟﺘﻜﺭﺭ ﺒﺤﻴﺙ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﺨﻔﻲ ﻋﻥ
ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﻭﺇﻨﻤﺎ ﻤﺴﻤﻭﺡ ﺒﻬﺎ ﻤﻥ ﻁﺭﻓﻬﺎ .ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ
ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻤﻀﻁﺭﻭﻥ ﻟﻌﺩﻡ ﺍﺴﺘﺒﻌﺎﺩ ﺍﻓﺘﺭﺍﺽ "ﺃﺴﻠﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻡ" ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﻐﻴﺭ
ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺴﺅﺍل ﺒﺎﻟﻜﺎﻤل.
24
ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎل ﻓﻨﺤﻥ ﻤﻀﻁﺭﻭﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻷﻤﺭ ﻴﺘﻌﻠﻕ ﻫﻨﺎ ﺒﻤﺴﺄﻟﺔ
ﺫﺍﺕ ﻁﺎﺒﻊ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﺒﻤﻌﻨﻰ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﺘﺼل ﺒﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻠﺩ
ﻭﺒﻤﻭﻀﻭﻉ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﻌﺎﻟﺞ ﺒﻭﺴﺎﺌل ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻴﻜﻠﻔﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ
ﺒﺸﻜل ﻭﺍﻀﺢ.
ﻜﺜﻴﺭﺓ ﻫﻲ ﺍﻷﺤﺩﺍﺙ ﻭﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻻﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺼﻌﺏ ﻋﻴﺸﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺃﺠﺒﺭﺘﻨﻲ
ﻭﺯﻭﺠﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺭﺡ ﺜﺎﻨﻴﺔ ﻟﻠﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﻌﻴﺸﻪ ﻤﻨﺫ
ﺴﻨﻴﻥ ﻋﺩﻴﺩﺓ ﻟﺘﻜﻭﻥ ﺍﺴﺘﻨﺘﺎﺠﺎﺘﻨﺎ ﻭﺍﻀﺤﺔ ﻭﺠﻠﻴﺔ ﻭﻻ ﺤﻴﺎﺩ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﺯﻤﻥ ﻤﺭﺍﺠﻌﺔ
ﻤﻴﺜﺎﻗﻨﺎ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻱ ﻗﺩ ﺤﺎﻥ.
ﻓﻲ ﺴﻴﺎﻕ ﻤﻨﻁﻕ ﻤﺎ ﻋﺒﺭﺕ ﻋﻨﻪ ﺘﺼﺭﻴﺤﺎﺕ ﺍﻟﻌﻬﺩ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻨﻁﻠﻕ
ﻴﻭﻡ 7 ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ 1987
ﺤﺎﻭﻟﺕ ﺃﻥ ﺃﻓﻜﺭ ﻓﻲ ﺃﺴﺱ ﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﺇﺼﻼﺤﺎﺕ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ
ﻨﺎﻓﻌﺔ ﻟﺒﻠﺩﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻘﺒﻠﺔ.
ﺸﻜﺭﺍ ﻟﻜل ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺃﻋﺎﻨﻭﻨﻲ ﻋﺒﺭ ﻤﺤﺎﺩﺜﺎﺕ ﻋﺭﻀﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻭﺼﻭل ﺇﻟﻰ
ﺠﻭﻫﺭ ﺍﻷﻤﻭﺭ.
25
26
ﻤﻥ ﺃﺠل ﺒﻨﺎﺀ
ﺘﻭﻨﺱ ﺠﺩﻴﺩﺓ
ﻋﺎﺩﻟﺔ ﻭﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ
ﺸﻬﺩﺕ ﺘﻭﻨﺱ ﺃﻭﺍﺨﺭ ﺍﻟﻌﻬﺩ ﺍﻟﺒﻭﺭﻗﻴﺒﻲ ﻓﺘﺭﺓ ﺍﻨﺴﺩﺍﺩ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻟﻡ ﻴﺯﺩﻫﺎ
ﺍﻟﻤﺭﺽ ﺍﻟﻁﻭﻴل ﻟﻠﻤﺠﺎﻫﺩ ﺍﻷﻜﺒﺭ ﻭﻤﺎ ﻨﺘﺞ ﻋﻨﻪ ﻤﻥ ﺘﺸﻜﻙ ﻭﺘﺭﺩﺩ ﻓﻲ ﺴﻴﺭ
ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺇﻻ ﺨﻁﻭﺭﺓ ﻴﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﻴﻭﻡ ،ﻭﻤﺎ ﻓﺘﺊ ﺍﺴﺘﻔﺭﺍﺩ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺒﻭﺭﻗﻴﺒﺔ ﺒﺎﻟﺴﻠﻁﺔ
ﻴﺼﺎﺏ ﺒﺎﻟﺘﺼﻠﺏ ﺒﻤﺭﻭﺭ ﺍﻟﺯﻤﻥ ﺒﺤﻴﺙ ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﺃﺤﺩ ﻴﺸﻙ ،ﺁﺨﺭ ﺴﻨﺔ ،1987
ﻓﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﺤﻜﻡ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﺜﺭ ﺍﺴﺘﻘﻼﻟﻬﺎ
ﺴﻨﺔ 1956
ﻗﺩ ﺃﺼﺒﺢ
ﻋﺎﺠﺯﺍ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﺠﺩﺩ ﻭﻋﻥ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺒﺎﻹﺼﻼﺡ ﺍﻟﻌﻤﻴﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
ﻓﻲ ﺤﺎﺠﺔ ﻤﺎﺴﺔ ﺇﻟﻴﻪ.
ﺜﻡ ﺇﻥ ﻤﺎ ﻴﻘﺎﺭﺏ ﺍﻟﺜﻼﺜﻴﻥ ﺴﻨﺔ ﻤﻥ ﺍﻻﺴﺘﻔﺭﺍﺩ ﺒﺎﻟﺯﻋﺎﻤﺔ ﻗﺩ ﺒﺎﺕ ،ﻤﻨﺫ
ﻤﺩﺓ ﻁﻭﻴﻠﺔ ،ﺤﺎﺌﻼ ﺤﻴﻠﻭﻟﺔ ﺸﺒﻪ ﺘﺎﻤﺔ ﺩﻭﻥ ﺘﻁﻭﺭ ،ﺒل ﻭﺩﻭﻥ ﻅﻬﻭﺭ ،ﻗﻭﻯ
ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺘﻌﻭﻴﺽ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺘﻘﺩﻴﻡ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻜﺒﺩﻴل ﻤﻘﻨﻊ
ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺒﻭﺭﻗﻴﺒﻲ .ﻭﻗﺩ ﺘﻤﺜﻠﺕ ﺍﻟﻌﻼﻤﺔ ﺍﻟﻭﺍﻀﺤﺔ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻔﺭﺍﻍ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺨﻁﻴﺭ
27
ﻓﻲ ﻅﻬﻭﺭ ﺃﻭﻟﻰ ﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺸﻜل ﺘﻁﺭﻓﻬﺎ ﺘﺤﺩﻴﺎ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ
ﻭﻟﻠﺸﺨﺹ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﺘﺒﺭ ﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﺭﻤﺯ ﺍﻷﻭﺤﺩ ﻟﻭﺤﺩﺓ ﺍﻷﻤﺔ ﻭﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ.
ﻭﺃﺩﻯ ﺍﻟﺨﻭﻑ ﻤﻥ ﻀﻴﺎﻉ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻭﻤﻥ ﺍﻨﻔﺠﺎﺭ ﺍﻷﺯﻤﺔ ﺒﺎﻟﻨﻅﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺭﻭﻉ
ﻓﻲ ﺘﻨﻔﻴﺫ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﻗﻤﻌﻴﺔ ﺘﺠﺎﻩ ﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻭﺘﺠﺎﻩ ﺍﻹﺴﻼﻤﻴﻴﻥ ﺒﺎﻷﺨﺹ
ﻟﻜﻭﻨﻬﻡ ﺇﺫﺍﻙ ﺃﻨﺸﻁ ﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻭﺃﻜﺜﺭﻫﺎ ﻋﺩﺍﺀ ﻟﺯﻋﺎﻤﺔ ﺍﻟﺤﺒﻴﺏ
ﺒﻭﺭﻗﻴﺒﺔ .ﻜﻤﺎ ﺃﺩﺕ ﻤﺤﺎﻜﻤﺎﺕ ﺼﺎﺨﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﺤﻜﺎﻡ ﺒﺎﻹﻋﺩﺍﻡ ﻀﺩ ﺍﻟﻌﺸﺭﺍﺕ ﻤﻥ
ﻫﺅﻻﺀ ﺒﺘﻬﻤﺔ ﺍﻟﺘﺂﻤﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻤﻥ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﻭﺍﻟﺨﺎﺭﺠﻲ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻰ ﺍﺘﺨﺎﺫ ﻗﺭﺍﺭ
ﻤﺭﺘﺠل ﻭﻏﻴﺭ ﻤﺘﻼﺌﻡ ﻤﻊ ﺍﻷﺴﻠﻭﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻋﺭﻑ ﺒﻪ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ
ﺇﺫﺍﻙ ﻭﻫﻭ ﻭﻀﻊ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﻤﻭﻀﻊ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺫ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻜﺎﺩ ﻴﺸﻌل ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﻴﺴﻔﻙ
ﺍﻟﺩﻤﺎﺀ ﻭﻴﻌﺭﺽ ﺍﺴﺘﻘﺭﺍﺭ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﻤﻜﺎﺴﺒﻬﺎ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ
ﻟﺨﻁﺭ ﻤﺤﻘﻕ.
ﻭﻗﺩ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﻭﻥ ﻓﻲ ﻏﺎﻟﺒﻴﺘﻬﻡ ﺍﻟﻌﻅﻤﻰ ﺨﻼل ﻜﺎﻤل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ
ﻴﺘﺄﻟﻤﻭﻥ ﻤﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﻟﻬﺎ ﺒﺭﻴﻕ ﻭﻴﺘﻤﻨﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﺒﺎﺩﺭ ﺃﺒﻭ
ﺍﻷﻤﺔ ﺒﻤﺤﺽ ﺇﺭﺍﺩﺘﻪ ﻭﻓﻲ ﻜﻨﻑ ﺍﻟﻜﺭﺍﻤﺔ ،ﺇﻟﻰ ﺍﺘﺨﺎﺫ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﺍﻟﺤﻜﻴﻡ ﺒﺎﻟﺘﺨﻠﻲ
ﻋﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ
ﻭﻤﻐﺎﺩﺭﺓ ﻗﺼﺭ ﻗﺭﻁﺎﺝ .ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﻤﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﻅﺎﻓﺭﺓ ﻟﻠﺯﻋﻴﻡ ﺒﻭﺭﻗﻴﺒﺔ
ﻟﻡ ﺘﻨﺘﻪ ﻤﻊ ﺍﻷﺴﻑ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻜﻴﻔﻴﺔ ...
ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﻡ ﺍﺘﺨﺎﺫ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ،ﻟﻴﻠﺔ 7 ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ ،1987 ﺒﺈﺯﺍﺤﺔ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ
ﻋﻥ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﻭﺇﻋﻼﻥ ﺘﻭﻟﻲ ﺍﻟﻭﺯﻴﺭ ﺍﻷﻭل ﻭﻗﺘﻬﺎ ﺘﺴﻴﻴﺭ ﺍﻟﺸﺅﻭﻥ ،ﻭﻗﻊ ﺘﻘﺒل ﺫﻟﻙ
ﺒﺎﺭﺘﻴﺎﺡ ﻜﺒﻴﺭ ﻤﻥ ﻁﺭﻑ ﻜﺎﻤل ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ ﻭﻗﺩ ﺭﺃﻯ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﻨﻬﺎﻴﺔ
28
ﺤﺘﻤﻴﺔ ﻭﻤﺭﺠﻭﺓ ﻗﺩ ﺁﻥ ﺃﻭﺍﻨﻬﺎ ﻤﻨﺫ ﻤﺩﺓ :ﻓﺎﻥ ﻴﺘﻡ ﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺒﻭﺍﺴﻁﺔ ﻤﺎ ﺴﻤﻲ
ﻭﻗﺘﻬﺎ ﺍﻨﻘﻼﺒﺎ ﺃﺒﻴﺽ ﻭﺃﻥ ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﺼﺤﻭﺒﺎ ﺒﺄﻱ ﻤﻤﺎﻨﻌﺔ ﺫﺍﺕ ﺩﻻﻟﺔ ﻭﺩﻭﻥ
ﺇﺭﺍﻗﺔ ﻟﻘﻁﺭﺓ ﺩﻡ ﻭﺍﺤﺩﺓ ،ﺇﻨﻤﺎ ﻫﻭ ﻋﻼﻤﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﻓﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺒﺭﺕ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻷﻏﻠﺒﻴﺔ
ﺍﻟﻌﻅﻤﻰ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ ﻓﻲ ﺸﺄﻥ ﺍﻟﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺁﻟﺕ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺃﺯﻤﺔ ﺍﻟﺤﻜﻡ.
ﺯﺩ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﻗﺭﺍﺭ ﺇﺯﺍﺤﺔ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺒﻭﺭﻗﻴﺒﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ
ﻴﺘﻭﻟﻰ ﺸﺅﻭﻨﻪ ﺒﻤﻔﺭﺩﻩ ﻤﻨﺫ ﻤﺎ ﻴﺯﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﻼﺜﻴﻥ ﺴﻨﺔ ﻗﺩ ﻜﺎﻥ ﻤﺼﺤﻭﺒﺎ
ﺒـﺒﻴﺎﻥ ﻭﻀﺢ ﻓﻴﻪ ﺼﺎﺤﺒﻪ ﺍﻷﺴﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﺩﻭﺍﻓﻊ ﺍﻟﺘﻲ ﺩﻓﻌﺘﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺒﻤﺒﺎﺩﺭﺓ
ﺃﻤﻼﻫﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ.
ﺫﻟﻙ
ﺃﻥ ﺒﻴﺎﻥ 7
ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ ﺃﻭﻀﺢ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻡ ﺍﺘﺨﺎﺫﻩ ﻴﺒﺭﺭﻩ ﺍﻟﻌﺠﺯ ﺍﻟﺫﻱ
ﺍﺴﺘﻔﺤل ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺒﻭﺭﻗﻴﺒﺔ ﻋﻥ ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﻤﻬﺎﻡ ﺍﻟﺜﻘﻴﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺴﻨﺩﻫﺎ ﺇﻟﻴﻪ
ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻭﺒﻤﺎ ﻴﻘﺘﻀﻴﻪ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺯﻴﺭ ﺍﻷﻭل ،ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺎل ،ﻤﻥ ﻀﻤﺎﻥ
ﻟﻠﺨﻼﺹ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ) ..." :ﺇﻥ( ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻴﻔﺭﺽ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺃﻤﺎﻡ ﻁﻭل
ﺸﻴﺨﻭﺨﺘﻪ ﻭﺍﺴﺘﻔﺤﺎل ﻤﺭﻀﻪ )ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺒﻭﺭﻗﻴﺒﺔ( ﺃﻥ ﻨﻌﻠﻥ ،ﺍﻋﺘﻤﺎﺩﺍ ﻋﻠﻰ ﺘﻘﺭﻴﺭ
ﻁﺒﻲ ،ﺃﻨﻪ ﺃﺼﺒﺢ ﻋﺎﺠﺯﺍ ﺘﻤﺎﻤﺎ ﻋﻥ ﺍﻻﻀﻁﻼﻉ ﺒﻤﻬﺎﻡ ﺭﺌﺎﺴﺔ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ،
ﻭﺒﻨﺎﺀﺍ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﻭﻋﻤﻼ
ﺒﺎﻟﻔﺼل 57
ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ،ﻨﺘﻭﻟﻰ ﺒﻌﻭﻥ ﺍﷲ ﻭﺘﻭﻓﻴﻘﻪ
ﺭﺌﺎﺴﺔ ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ ﻟﻘﻭﺍﺘﻨﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ".
ﺇﻥ ﻤﺎ ﺠﺎﺀ
ﺒﻪ ﺒﻴﺎﻥ 7
ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ ﻤﻤﺎ ﻫﻭ ﺃﻫﻡ ﻤﻥ ﺘﻐﻴﻴﺭ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻜﺎﻥ ﻓﻲ
ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻟﻐﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻭﺨﻁﺎﺒﺎ ﻜﺎﻥ ﻜل ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﻴﻥ ﺤﺴﺎﺴﻴﻥ ﻟﻪ ﻭﺭﺃﻭﺍ
29
ﻓﻴﻪ ﺒﺎﻟﺨﺼﻭﺹ ﻅﻬﻭﺭ ﺒﻭﺍﺩﺭ ﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﺠﺩﻴﺩ ﺍﻋﺘﺒﺭﺘﻪ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﻟﻌﻅﻤﻰ
ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ ﺍﺴﺘﺠﺎﺒﺔ ﻭﺍﺴﻌﺔ ﻟﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺘﻤﻨﺎﻩ.
ﻓﻘﺩ
ﺃﻋﻠﻥ ﺒﻴﺎﻥ 7
ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ ﺃﻥ ﻋﻬﺩ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﻤﺩﻯ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻗﺩ ﻭﻟﻰ ﻭﺃﻨﻪ
ﻟﻡ ﻴﻌﺩ ﻫﻨﺎﻙ ﻤﻜﺎﻥ ﻟﺨﻼﻓﺔ ﻤﻌﺩﺓ ﺴﻠﻔﺎ ﻭﻻ ﻤﺠﺎل ﻟﻠﻨﻬﺎﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺭﻋﺒﺔ ﻭﺍﻟﺼﻌﺒﺔ
ﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻡ ،ﻭﺼﺭﺡ ﺒﻜﺎﻤل ﺍﻟﻭﻀﻭﺡ ﻭﺒﻼ ﻤﻭﺍﺭﺒﺔ ﺒﺄﻨﻪ "ﻻ ﻤﺠﺎل ﻓﻲ
ﻋﺼﺭﻨﺎ ﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﻤﺩﻯ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻻ ﻟﺨﻼﻓﺔ ﺁﻟﻴﺔ ﻻ ﺩﺨل ﻓﻴﻬﺎ ﻟﻠﺸﻌﺏ ،ﻓﺸﻌﺒﻨﺎ
ﺠﺩﻴﺭ ﺒﺤﻴﺎﺓ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻤﺘﻁﻭﺭﺓ ﻭﻤﻨﻅﻤﺔ ﺘﻌﺘﻤﺩ ﺒﺤﻕ ﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ
ﻭﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ".ﻭﺒﻬﺫﺍ ﻓﻘﺩ ﺃﻗﺭ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺒﻀﺭﻭﺭﺓ ﻤﺭﺍﺠﻌﺔ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻓﻲ
ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ ﻭﺒﺄﻨﻪ ﺒﺎﺕ ﻴﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﻤﺭﺍﺠﻌﺔ ﺘﺄﻜﺩﺕ ﺍﻟﻴﻭﻡ.
ﺜﻡ
ﺇﻥ ﺒﻴﺎﻥ 7
ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ ﻗﺩ ﺃﻋﻠﻥ ﺒﻌﺩ ﻫﺫﺍ ﻭﺒﻌﺩ ﺇﺩﺍﻨﺘﻪ ﺍﻟﻭﺍﻀﺤﺔ ﻟﻜل
ﺃﺸﻜﺎل ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻭﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩﻱ ﻓﻲ ﻓﻘﺭﺓ ﺘﺴﺘﺠﻴﺏ ﺘﻤﺎﻤﺎ ﻻﻨﺘﻅﺎﺭﺍﺕ
ﻭﺃﻤﻨﻴﺎﺕ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻁﺎﻟﻤﺎ ﺍﺨﺘﻨﻕ ﺘﺤﺕ ﻭﻁﺄﺓ ﻨﻅﺎﻡ ﻤﺘﺴﻠﻁ ﻭﻏﻴﺭ
ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻲ ﻋﻥ:
ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺍﻟﻭﺍﻀﺢ ﺒﻜﺎﻤل ﻗﺩﺭﺓ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﺘﺼﺭﻴﻑﺸﺅﻭﻨﻪ ﺒﻜل ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺒﻜل ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ،ﺇﺫ ﺠﺎﺀ ﻓﻴﻪ ﺃﻥ "ﺍﺴﺘﻘﻼل ﺒﻼﺩﻨﺎ
ﻭﺴﻼﻤﺔ ﺘﺭﺍﺒﻨﺎ ﻭﻤﻨﺎﻋﺔ ﻭﻁﻨﻨﺎ ﻭﺘﻘﺩﻡ ﺸﻌﺒﻨﺎ ﻫﻲ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﻜل ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﻴﻥ ﻭﺤﺏ
ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻭﺍﻟﺫﻭﺩ ﻋﻨﻪ ﻭﺍﻟﺭﻓﻊ ﻤﻥ ﺸﺄﻨﻪ ﻭﺍﺠﺏ ﻤﻘﺩﺱ ﻋﻠﻰ ﻜل ﻤﻭﺍﻁﻥ".
ﺍﻟﺘﺯﺍﻡ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﺒﺈﺭﺴﺎﺀ ﻗﻭﺍﻋﺩ ﺩﻭﻟﺔ ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺒﺎﺤﺘﺭﺍﻡﺨﻴﺎﺭﺍﺘﻬﺎ ﻭﻗﺭﺍﺭﺍﺘﻬﺎ .ﻓﻘﺩ ﺃﻋﻠﻥ
30
ﺒﻴﺎﻥ 7
ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ ﺒﺎﻟﺨﺼﻭﺹ ﻓﻲ ﻓﻘﺭﺓ ﺴﺘﺫﻜﺭ
ﻓﻲ ﻤﻭﺍﻀﻊ ﺃﺨﺭﻯ ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ "ﺃﻥ ﺸﻌﺒﻨﺎ ﺒﻠﻎ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﻋﻲ ﻭﺍﻟﻨﻀﺞ ﻤﺎ
ﻴﺴﻤﺢ ﻟﻜل ﻓﺌﺎﺘﻪ ﻭﺃﺒﻨﺎﺌﻪ ﺒﺎﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀﺓ ﻓﻲ ﺘﺼﺭﻴﻑ ﺸﺅﻭﻨﻪ ﻓﻲ ﻅل ﻨﻅﺎﻡ
ﺠﻤﻬﻭﺭﻱ ﻴﻭﻟﻲ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﻤﻜﺎﻨﺘﻬﺎ ﻭﻴﻭﻓﺭ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﺔ
ﻭﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺱ ﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻜﻤﺎ ﻨﺹ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ".
ﻅﻬﻭﺭ ﺸﻜل ﺠﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺃﺸﻜﺎل ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲﺃﻜﺩ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﺒﺩﻭﻥ ﺘﺭﺩﺩ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ ﺠﺩﻴﺭ ﺒﻬﺎ ﺘﻤﺎﻤﺎ ﺒﻔﻀل ﺘﻁﻭﺭ
ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻨﻀﺞ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺒﻠﻐﻪ.
-ﻜﻤﺎ ﺃﻋﻠﻥ
ﺒﻴﺎﻥ 7
ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ ﻀﻤﻥ ﺨﻁﺔ ﺍﻟﻨﻅﺭﺓ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ
ﺍﻟﺫﻱ ﺴﻁﺭﻩ ﺍﻟﺘﺯﺍﻡ ﻤﺤﺭﺭﻴﻪ ﺒﺎﺘﺨﺎﺫ ﺍﻟﺘﺩﺍﺒﻴﺭ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﻜﻔﻴﻠﺔ ﺒﺈﺩﺨﺎل
ﺇﺼﻼﺤﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﻴﺎﻜل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﺘﺠﺎﻩ ﺩﻤﻘﺭﻁﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺒﺎﻟﺒﻼﺩ.
ﻓﻨﺤﻥ ﻨﺠﺩ ﻓﻴﻪ ﺒﺎﻟﺨﺼﻭﺹ ﻗﻭﻟﻪ "ﺇﻨﻨﺎ ﺴﻨﻌﺭﺽ ﻗﺭﻴﺒﺎ ﻤﺸﺭﻭﻉ ﻗﺎﻨﻭﻥ
ﻟﻸﺤﺯﺍﺏ
ﻭﻤﺸﺭﻭﻉ
ﻗﺎﻨﻭﻥ
ﻟﻠﺼﺤﺎﻓﺔ
ﻴﻭﻓﺭﺍﻥ
ﻤﺴﺎﻫﻤﺔ
ﺃﻭﺴﻊ،
ﺒﻨﻅﺎﻡ
ﻭﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ،ﻓﻲ ﺒﻨﺎﺀ ﺘﻭﻨﺱ ﻭﺩﻋﻡ ﺍﺴﺘﻘﻼﻟﻬﺎ".
ﻭﺨﺘﺎﻤﺎ ﻓﺎﻥ ﺒﻴﺎﻥ
7
ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ ﻗﺩ ﺍﻟﺘﺯﻡ ،ﻓﻴﻤﺎ ﻫﻭ ﻴﺸﺨﺹ ﻋﻭﺍﻤل ﺍﻷﺯﻤﺔ
ﺍﻟﺨﻁﻴﺭﺓ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﺒﺈﺭﺴﺎﺀ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭﺘﻜﺭﻴﺱ ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻤﻥ
ﻁﺭﻑ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻭﻓﻲ ﻜﻨﻑ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻭﺍﻟﺸﻔﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﻤﺘﻴﻥ .ﻓﻘﺩ ﺃﻋﻠﻥ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ
ﺍﻟﺼﺩﺩ :
"ﺴﻨﺤﺭﺹ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﻁﺎﺀ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺤﺭﻤﺘﻪ ،ﻓﻼ ﻤﺠﺎل ﻟﻠﻅﻠﻡ ﻭﺍﻟﻘﻬﺭ،
ﻜﻤﺎ ﺴﻨﺤﺭﺹ ﻋﻠﻰ ﺇﻋﻁﺎﺀ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻫﻴﺒﺘﻬﺎ ،ﻓﻼ ﻤﻜﺎﻥ ﻟﻠﻔﻭﻀﻰ ﻭﺍﻟﺘﺴﻴﺏ ﻭﻻ
ﺴﺒﻴل ﻻﺴﺘﻐﻼل ﺍﻟﻨﻔﻭﺫ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺴﺎﻫل ﻓﻲ ﺃﻤﻭﺍل ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﻭﻤﻜﺎﺴﺒﻬﺎ".
31
ﺇﻥ ﺠﻤﻴﻊ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻭﻋﻭﺩ ﺘﻤﺜل ﻋﻘﺩ ﺸﺭﻑ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﻭﺍﻟﺸﻌﺏ
ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ .ﻭﻗﺩ ﻭﻓﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﺩﻋﻤﻪ ﻟﻠﻔﺭﻴﻕ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﺱ
ﺍﻻﻟﺘﺯﺍﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻡ ﺍﻟﺘﺫﻜﻴﺭ ﺒﻬﺎ ﺃﻋﻼﻩ .ﻭﺒﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﻓﺎﻥ ﻤﻥ ﺤﻕ ﺍﻟﺸﻌﺏ
ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ ﺃﻥ ﻴﻁﺎﻟﺒﻪ ﺒﻤﺤﺎﺴﺒﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺘﻨﻔﻴﺫ ﺒﻨﻭﺩ ﺍﻟﻌﻘﺩ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻌﺎﻗﺩ
ﻤﻌﻪ ﻋﻠﻴﻪ.
ﻏﻴﺭ ﺃﻨﻪ ﻻ ﺒﺩ ﻫﻨﺎ ﻤﻥ ﺇﺒﺩﺍﺀ ﻤﻼﺤﻅﺔ ﻫﺎﻤﺔ ﺠﺩﺍ ﻓﻲ ﺸﺄﻥ ﺍﻟﺭﻭﺡ
ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻡ ﻓﻲ ﻨﻁﺎﻗﻬﺎ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻥ ﺍﻹﺼﻼﺤﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﻴﻘﺔ ﻤﻥ ﻁﺭﻑ ﺒﻴﺎﻥ
7
ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ ،ﻭﻫﻲ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻗﺩ ﺴﺠل ﻓﻌﻼ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ ﻗﺩ ﺒﻠﻎ ﻓﻲ
ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ 1987
ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻨﻀﺞ ﻭﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻱ ﺒﻤﺎ ﻴﻤﻜﻨﻪ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ ﻤﻥ
ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﻟﻜﻲ ﻴﺘﺴﻨﻰ ﻟﻪ ،ﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻤﺴﺅﻭﻟﺔ،
ﺃﻥ ﻴﺸﺎﺭﻙ ﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﺒﻨﺎﺀﺓ ﻓﻲ ﺘﺼﺭﻴﻑ ﺸﺅﻭﻨﻪ ﻓﻲ ﻅل ﻨﻅﺎﻡ ﺠﻤﻬﻭﺭﻱ"...؛
ﻓﺈﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﻫﺫﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﺤﺎل ﻓﻌﻼ ﻤﻨﺫ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻗل ،ﻓﺎﻥ ﻤﺎ ﻴﺴﺘﻨﺘﺞ
ﻭﺠﻭﺒﺎ ﻤﻨﻪ ﻫﻭ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺩ ﻨﻌﻡ ،ﺒﻌﺩ ﻋﺸﺭﻴﻥ ﺴﻨﺔ،
ﺒﺎﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺒﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻭﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭﺒﺘﻘﺎﻟﻴﺩ ﺤﻜﻡ
ﺴﻭﻱ ،ﻭﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺤﻴﺎﺘﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻗﺩ ﺘﻁﻭﺭﺕ ﻭﺃﻥ ﺘﺼﻨﻑ ﺘﻭﻨﺱ
ﻀﻤﻥ ﺃﻜﺒﺭ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺎﺕ ﻭﺃﻥ ﺘﺫﻜﺭ ﻓﻲ ﻜل ﻤﻜﺎﻥ ﺒﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺍﻷﻨﻤﻭﺫﺝ
ﺍﻷﻨﺠﺢ ﻟﻐﺭﺱ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﺭﻑ ﺒﻬﺎ ﻜﻭﻨﻴﺎ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ
ﺍﻟﻌﺼﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺒﻠﺩ ﻤﻥ ﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ...
32
ﻓﻬل ﺃﻥ ﺫﻟﻙ ﻜﺫﻟﻙ؟ -ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺤﺘﻜﻡ ﺇﻟﻴﻪ ﻫﻭ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺭﺴﻤﻲ،
ﻓﺎﻟﺠﻭﺍﺏ ﺍﻟﻤﺅﻜﺩ ﻫﻭ ﻨﻌﻡ ،ﻭﻫﻭ ﺠﻭﺍﺏ ﻻ ﻴﻌﺘﺭﻴﻪ ﺃﺩﻨﻰ ﺍﻋﺘﺭﺍﺽ .ﻓﺎﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻭﻥ
ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﻴﻭﻥ ﻭﻭﺴﺎﺌل ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ﺘﺘﺒﺠﺢ ﺒﺄﻥ ﺘﻨﺴﺏ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﺸﺭ ﻑ
ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﺠﺎﺤﺎﺕ ﻭﺘﺭﻓﺽ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﻭﺨﺎﺼﺔ ﺫﻟﻙ ﺍﻵﺘﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻭﺘﻌﺘﺒﺭ ﺫﻟﻙ
ﻤﺠﺭﺩ ﺇﺸﺎﻋﺎﺕ ﻤﻐﺭﻀﺔ ﻭﺃﻗﻭﺍﻻ ﻤﺘﻬﺎﻓﺘﺔ ﻴﺭﻭﺝ ﻟﻬﺎ ﺃﻋﺩﺍﺀ ﺘﻭﻨﺱ.
ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ،ﻤﻊ ﺍﻷﺴﻑ ،ﻏﻴﺭ ﻫﺫﺍ ﺘﻤﺎﻤﺎ :ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﺴﻨﺒﻴﻨﻪ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ
ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ .ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﻴﺘﻭﻫﻡ ﻓﻲ ﺘﻘﻴﻴﻡ ﺤﺴﺎﺒﺎﺘﻪ ﻭﻴﻐﺎﻟﻁ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ
ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﻴﻥ ﻓﻲ ﺸﺄﻥ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻋﺭﻓﻪ ﺒﻠﺩﻫﻡ ﻤﻨﺫ ﻤﺎ ﻴﺯﻴﺩ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ ﺴﻨﺔ .ﻓﻔﻲ ﺤﻴﻥ ﻴﺅﻜﺩ ﺃﻥ ﺘﻭﻨﺱ ﻗﺩ
ﺨﻁﺕ ﻤﻨﺫ 7 ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ 1987
ﺨﻁﻭﺓ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻤﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻭﺩﻭﻟﺔ
ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﻓﺎﻥ ﻜﺜﻴﺭﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﻴﻥ ﺍﻟﻤﻌﺘﺩﻟﻴﻥ ﻴﺭﻭﻥ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺱ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ ،ﺃﻥ
ﺒﻼﺩﻨﺎ ﻗﺩ ﺨﻁﺕ ﺨﻁﻭﺍﺕ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻭﺭﺍﺀ ﻭﻴﻁﺎﻟﺏ ﻋﺩﺩ ﻜﺒﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﻴﻥ
ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺒﺎﻟﻌﻭﺩﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻁﺒﻴﻕ ﺍﻟﺤﺭﻓﻲ ﻟﻭﻋﻭﺩ ﺒﻴﺎﻥ 7 ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ .1987
ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻨﺼﺩﻉ ﺒﺎﻟﻘﻭل ﺒﺄﻥ ﺘﻭﻨﺱ ﺤﺎﻟﻴﺎ ﻟﻴﺴﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺍﻟﺴﻭﻱ
ﻭﺒﺄﻨﻬﺎ ﺘﺘﺠﻪ ،ﻤﻨﺫ ﻭﻗﺕ ﻁﻭﻴل ،ﻨﺤﻭ ﺃﺯﻤﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ
ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻴﺨﺸﻰ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺃﺨﻁﺭ ﻤﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﺭﺕ ﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺁﺨﺭ ﻨﻅﺎﻡ ﺒﻭﺭﻗﻴﺒﺔ.
ﺒﻴﺩ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﻴﻤﻠﻙ ﺤﻅﻭﻅﺎ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ – ﻭﺃﺤﺴﻥ ﺒﻜﺜﻴﺭ ﻋﻠﻰ ﻜل ﺤﺎل ﻤﻥ
ﺤﻅﻭﻅ ﺒﻠﺩﺍﻥ ﻨﺎﻤﻴﺔ ﻜﺜﻴﺭﺓ – ﻜﻔﻴﻠﺔ ﺒﺄﻥ ﺘﺨﺭﺠﻪ ﻤﻥ ﺍﻷﺯﻤﺔ ﻭﺒﺄﻥ ﺘﻤﻜﻨﻪ ﻤﻥ
ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺘﻁﻭﺭ ﻓﻌﻠﻲ ﻭﺼﻠﺏ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺏ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ
33
ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻻﺯﺩﻫﺎﺭ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻭﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ .ﻭﺍﻟﺸﺭﻁ ﺍﻷﺴﺎﺴﻲ ﻟﻠﺘﻤﻜﻥ ﻤﻥ
ﺫﻟﻙ ﻫﻭ ﻀﺭﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﻴﺒﺫل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺠﻬﻭﺩ ﺍﻟﻼﺯﻤﺔ ﻟﻜﻲ ﻴﺘﻤﺎﺴﻙ ﻭﻴﺼﻌﺩ
ﺍﻟﺭﺒﻭﺓ .ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻴﺘﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ ﻤﻊ ﺩﻴﻨﺎﻤﻴﻜﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ ﻭﺃﻥ ﻴﺴﺘﻌﻴﺩ
ﺍﻹﻴﻤﺎﻥ ﺒﻤﺴﺘﻘﺒل ﺃﻜﺜﺭ ﺭﺨﺎﺀ ﻭﺒﻘﺩﺭﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺘﺤﻘﻴﻘﻪ .ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﺎﻥ ﻤﻥ ﺤﻘﻪ ﺃﻥ
ﻴﻁﺎﻟﺏ ﺒﺎﺤﺘﺭﺍﻡ ﻋﻘﺩ ﺍﻟﺸﺭﻑ ﺍﻟﺫﻱ ﻭﻗﻊ ﻋﻠﻴﻪ
ﻤﻨﺫ ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ1987
ﻭﺒﺘﻁﺒﻴﻕ
ﺒﻨﻭﺩﻩ ﺒﻜﺎﻤل ﺍﻟﺩﻗﺔ ﻓﻲ ﺼﺎﻟﺢ ﺘﻭﻨﺱ ﺒﺭﻤﺘﻬﺎ.
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺠﻬﺩ ﻴﺠﺏ ﻋﻠﻰ ﻜل ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﻴﻥ ﺃﻥ ﻴﺴﺎﻫﻤﻭﺍ ﻓﻴﻪ ،ﺫﻟﻙ ﺃﻥ ﺘﻭﻨﺱ
– ﻜﻤﺎ ﺍﻗﺘﺭﺤﻪ
ﺒﻴﺎﻥ 7
ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ ﻨﻔﺴﻪ – ﻤﻥ ﺤﻘﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﻌﻭل "ﻋﻠﻰ ﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻜل
ﺃﺒﻨﺎﺀﻫﺎ ﻓﻲ ﺠﻭ ﻤﻥ ﺍﻟﺜﻘﺔ ﻭﺍﻷﻤﻥ ﻭﺍﻻﻁﻤﺌﻨﺎﻥ ،ﻓﻼ ﻤﻜﺎﻥ ﻟﻠﺤﻘﺩ ﻭﺍﻟﺒﻐﻀﺎﺀ
ﻭﺍﻟﻜﺭﺍﻫﻴﺔ" .ﻭﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻻﻀﻁﻼﻉ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻭﺍﺠﺏ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ،ﻓﺎﻥ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻴﻀﻤﻥ
ﻟﻠﺘﻭﻨﺴﻴﻴﻥ ﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺭﺃﻱ ﻭﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻭﺍﻟﻨﺸﺭ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻭﺍﻻﻨﺘﻅﺎﻡ
ﻓﻲ ﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ...ﻀﻤﻥ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﺩﺩﻫﺎ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ.
ﻭﻨﺤﻥ ﺍﺴﺘﺠﺒﻨﺎ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﻨﺩﺍﺀ ،ﻓﻸﻨﻨﺎ ﻨﻌﺘﺒﺭ ﺃﻨﻪ ﻤﻥ ﻭﺍﺠﺒﻨﺎ ﺃﻥ ﻨﻌﺒﺭ ﻋﻥ
ﺭﺃﻴﻨﺎ ﻭﻤﺨﺎﻭﻓﻨﺎ ﻭﺁﺭﺍﺌﻨﺎ ﺍﻟﻨﻘﺩﻴﺔ.
ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻷﺴﺒﺎﺏ ،ﻫﺫﺍ ﻫﻭ:
"ﻤـﻭﺍﻁﻥ ﺘـﻭﻨﺴﻲ ﻴﺘـﻜـﻠﻡ"
34
ﺍﻟﻔﺼـل ﺍﻷﻭل
ﻨﻅﺭﺓ ﻋﺎﻤﺔ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺭﺍﻫﻨﺔ ﻓﻲ ﺘﻭﻨﺱ
-1 ﺘﺠﺎﺒﻪ ﺘﻭﻨﺱ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﻜﺒﺭﻯ ﻭﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﺘﻔﺭﻀﻬﺎ
"ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ" ﻭ"ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ".
ﻓﻘﺩ ﺍﻨﺨﺭﻁ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ ،ﻭﺒﺩﻭﻥ ﺭﺠﻌﺔ ،ﻓﻲ ﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭ"ﺩﻭﻟﺔ
ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ" .ﻭﺃﺼﺒﺤﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﺍﻟﻜﻭﻨﻴﺔ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻜﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻤﺤﻴﺩ ﻋﻨﻬﺎ
ﻟﻠﺒﺸﺭﻴﺔ ﺠﻤﻌﺎﺀ .ﻭﺃﻀﺤﻰ ﺍﻻﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻘﻴﻡ ﻭﺍﻻﻟﺘﺯﺍﻡ ﺍﻟﺼﺎﺩﻕ ﺒﻬﺎ
ﻭﺍﻟﺨﺎﻀﻊ ﻟﻠﻤﺭﺍﻗﺒﺔ ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﺫﻫﺒﻴﺔ ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ .ﻭﺃﺨﺫﺕ
ﺍﻟﻤﻨﻅﻤﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﻴﺔ ﻭﻭﺴﺎﺌل ﺍﻹﻋﻼﻡ ﻭﺍﻟﺭﺃﻱ
ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺘﺒﺙ ،ﺒﻨﺴﻕ ﺴﺭﻴﻊ ﺠﺩﺍ ،ﻜل ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻋﻴﺔ ﺤﻭل
ﺍﻟﻭﻀﻊ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻟﻜل ﺒﻠﺩ ﻭﺘﺤﺩﺩ ﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻤﺼﺩﺍﻗﻴﺘﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ
ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ .ﻭﻟﻡ ﺘﻌﺩ ﺼﻭﺭﺓ ﺃﻱ ﺩﻭﻟﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺭﻴﺩ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺃﻥ
ﺘﻘﺩﻤﻬﺎ ﻋﻥ ﻨﻔﺴﻬﺎ ،ﺒل ﺼﺎﺭﺕ ﺼﻭﺭﺘﻬﺎ ﻫﻲ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﺩﻤﻬﺎ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﻤﻨﻅﻤﺎﺕ
35
ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ﺃﻭ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ .ﻭﺃﻀﺤﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺤﺘﺭﻡ ﻫﺫﻩ
ﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﻤﻌﺭﻀﺔ ﻷﻥ ﺘﺠﺩ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺎﻤﺵ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ
ﺍﻷﻗل ،ﺘﺘﻡ ﻤﻌﺎﻤﻠﺘﻬﺎ ﺒﺸﻜل ﻻ ﻴﺴﻭﻱ ﺒﻴﻨﻬﺎ ﻭﺒﻴﻥ ﻏﻴﺭﻫﺎ ،ﻓﺘﺘﻀﺭﺭ ﻤﻥ ﺫﻟﻙ
ﻤﺼﺎﻟﺤﻬﺎ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻭﻁﻭﻴﻠﺔ ﺍﻟﻤﺩﻯ .ﻭﻟﻬﺫﺍ ﻓﻼ ﻤﺤﻴﺩ ﻋﻥ
ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻭﻻ ﻋﻥ ﺴﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻨﺎﺠﻌﺔ ﻭﻤﺭﺍﻗﺒﺔ.
ﻭﺘﻤﺜل
ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ
ﺍﻟﺘﺤﺩﻱ
ﺍﻟﻜﺒﻴﺭ
ﻟﺘﻭﻨﺱ
ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ
ﺍﻟﻘﺭﻥ
ﺍﻟﺤﺎﺩﻱ
ﻭﺍﻟﻌﺸﺭﻴﻥ؛ ﻓﺒﻼﺩﻨﺎ ﻤﻘﺒﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﻟﺤﻅﺔ ﺤﺎﺴﻤﺔ ﻤﻥ ﺘﺎﺭﻴﺨﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ :ﻫﻲ ﻟﺤﻅﺔ
ﺒﻠﻭﻏﻬﺎ ﻤﻜﺎﻨﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺸﺭﻴﻜﺔ ﻟﻼﺘﺤﺎﺩ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻲ ،ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﺍﻷﻭل ﺍﻟﻤﺭﺘﺒﻁ ﻤﻊ
ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ﺒﺎﺘﻔﺎﻗﻴﺔ "ﻟﻠﺘﺒﺎﺩل ﺍﻟﺤﺭ" ،ﻭﺘﺘﻁﻠﺏ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﻤﻥ ﺒﻼﺩﻨﺎ ﺘﻐﻴﻴﺭﺍﺕ
ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺴﻴﺞ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﻁﺎﻗﺎﺕ ﺘﻨﻤﻭﻴﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻤﻥ ﺸﺄﻨﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﻤﻜﻨﻬﺎ ﻤﻥ
ﺍﻻﻨﺩﻤﺎﺝ ﺒﻨﺠﺎﺡ ﻓﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻭﻓﻲ ﺩﺍﺌﺭﺓ
ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻜﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﻴﺤﺭﻜﻬﺎ ﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻲ .ﻭﻫﻨﺎ ﺃﻴﻀﺎ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﺘﻭﻨﺱ ﺃﻥ ﺘﺘﻔﺹ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ
ﻭﺍﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻔﺭﻀﻬﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻤﺠﺎﺒﻬﺘﻬﺎ ﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺎﺕ ﺃﻜﺜﺭ ﺘﻁﻭﺭﺍ
ﺒﻔﻀل
ﻗﺩﺭﺍﺘﻬﺎ
ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ
ﻭﺒﻔﻀل
ﻤﺴﺘﻭﻯ
ﺘﻁﻭﺭﻫﺎ
ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ
ﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻲ ﺍﻟﺭﻓﻴﻊ ﺠﺩﺍ.
ﻭﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ
ﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻲ ﺇﻻ ﻀﻤﻥ ﻤﻨﺎﺥ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﺼﺎﻟﺢ ﺒﺎﻟﻔﻌل ﻭﻤﻼﺌﻡ ﻟﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ
ﺍﻟﻤﻌﺎﺼﺭ
ﺠﻤﻴﻌﻬﺎ،
ﺇﺫ
ﺃﻥ
ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ
ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ
ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ
ﻤﺘﺭﺍﺒﻁﺎﻥ ﻭﻻ ﺴﺒﻴل ﻷﻥ ﻴﺘﺤﻘﻕ ﺃﺤﺩﻫﻤﺎ ﺒﻤﻌﺯل ﻋﻥ ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ.
36
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ
ﺃﻤﺭﺍﻥ
-2 ﻟﻴﺴﺕ ﺘﻭﻨﺱ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺭﻓﻊ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﻤﺜﻠﻤﺎ ﺘﺯﻋﻡ
ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺩﻋﺎﻴﺔ ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ،ﻓﻘﺩ ﻗﻀﺕ ﺍﻟﺜﻼﺜﻴﻥ ﺴﻨﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻤﻥ ﻨﺼﻑ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺫﻱ
ﻤﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﺴﺘﻘﻼﻟﻬﺎ
ﻋﺎﻡ 1956
ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻋﻥ "ﺍﻹﻗﻼﻉ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ" ،ﺇﻻ ﺃﻨﻬﺎ
ﺘﺘﻤﻜﻥ ﻤﻥ ﺘﺤﻘﻴﻘﻪ ﻜﻤﺎ ﻴﻨﺒﻐﻲ .ﻭﺍﻟﺴﺒﺏ ﺍﻟﺒﻌﻴﺩ ﺍﻟﻜﺎﻤﻥ ﻭﺭﺍﺀ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﺨﻔﺎﻕ ﻫﻭ
ﻨﻘﺎﺌﺹ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻋﺘﻤﺩﺘﻬﺎ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻋﻠﻰ ﻤﺩﻯ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ .ﻭﻟﻜﻥ
ﻴﻭﺠﺩ ﻭﺭﺍﺀ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﺨﻔﺎﻕ ﺃﻴﻀﺎ ﻭﺨﺎﺼﺔ ﻋﻴﻭﺏ
ﺃﺴﻠﻭﺏ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺘﻲ
ﻤﺎ ﻓﺘﺌﺕ ﺘﺘﻔﺎﻗﻡ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻤﻭﺍﺯﻴﺔ ﻟﺘﻤﺎﺩﻱ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﻜﻡ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺠﺯ ﻭﺍﻨﻐﻼﻕ
ﻤﺴﺎﺭ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ.
ﻭ ﻤﻨﺫ ،1987 ﻭﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ "ﺒﻴﺎﻥ" ﺍﻟﺴﺎﺒﻊ ﻤﻥ ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ ﻗﺩ ﺒﺩﺍ ﻤﻨﻪ ﺃﻥ
ﺍﻷﻤﻭﺭ ﺴﺘﺘﺠﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﺴﺘﺨﻼﺹ ﺍﻟﻌﺒﺭ ﻤﻥ ﺍﻷﺯﻤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ
ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻁﻭﻴﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﺭﺕ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﺍﻟﻰ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻷﻤﻭﺭ ﺇﻟﻰ ﻨﺼﺎﺒﻬﺎ
ﻓﻲ ﺍﺘﺠﺎﻩ ﺘﻁﻭﻴﺭ ﺍﻟﻘﺩﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻨﻤﻭﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻔﺎﺌﺩﺓ ﺠﻤﻴﻊ
ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﻴﻥ ،ﻨﻼﺤﻅ
ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ
ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﻫﻲ ﺃﺒﻌﺩ ﻤﺎ ﺘﻜﻭﻥ ﻋﻥ
ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻷﻫﺩﺍﻑ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﻗﺩ ﺭﺴﻤﺘﻬﺎ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ.
ﻭﺒﺎﻋﺘﺭﺍﻑ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﻨﻔﺴﻪ ،ﺘﺤﺘل ﺍﻟﻤﺭﺘﺒﺔ
87
ﻀﻤﻥ ﺴﻠﻡ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ
ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ،ﻭﻫﻲ ﻻ ﺘﺯﺍل ،ﺘﻨﺘﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﺼﻑ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ "ﺍﻟﺼﺎﻋﺩﺓ" ﻓﻘﻁ
ﺤﺘﻰ ﻭﺍﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﻀﻤﻥ ﺍﻟﻤﻌﺩل ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺼﻨﻑ .ﻭﻻ ﺘﺯﺍل ﻤﺅﻫﻼﺕ
ﺘﻭﻨﺱ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﺠﺎﺒﻬﻬﺎ .ﻭﻗﺩ ﺴﺒﻘﺘﻨﺎ ﺤﺎﻟﻴﺎ
ﺴﺒﻘﺎ ﻭﺍﻀﺤﺎ ﺒﻠﺩﺍﻥ ﻜﺜﻴﺭﺓ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻨﺘﻤﻲ ﻤﺜﻠﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻨﻔﺱ ﺼﻨﻑ "ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺎﺕ
ﺍﻟﺼﺎﻋﺩﺓ" ﻫﺫﻩ.
37
ﻭﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﻀﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺨﻔﺎﻕ ﻫﺫﺍ ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ،
ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ ﺍﻟﺴﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﻼﺤﻅﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ .ﻓﻘﺩ ﻤﺭﺕ ﺍﻟﺒﻼﺩ ،ﻓﻲ
ﻓﺘﺭﺓ ﺯﻤﻨﻴﺔ ﻭﺠﻴﺯﺓ ،ﻤﻥ ﺤﺎﻟﺔ ﺘﻭﺍﺯﻥ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻤﻘﺒﻭل ﺇﻟﻰ ﺤﺎﻟﺔ ﺒﺭﻭﺯ
ﻭﺘﻭﺴﻊ ﻁﺒﻘﺔ ﻤﻥ "ﺍﻷﺜﺭﻴﺎﺀ ﺍﻟﺠﺩﺩ" ﻭﻀﻌﻑ ﺍﻟﻁﺒﻘﺔ ﺍﻟﻤﺘﻭﺴﻁﺔ ﻭﺍﻟﻁﺒﻘﺎﺕ
ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ .ﻭﺒﻤﺎ ﺃﻥ ﺤﻭﺍﻟﻲ ﺜﻼﺜﺔ ﺃﺭﺒﺎﻉ ﺍﻟﺜﺭﻭﺓ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺒﺎﺘﺕ ﺘﻭﺠﺩ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺒﻴﻥ
ﺃﻴﺩﻱ ﺃﻗل ﻤﻥ ﺨﻤﺱ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﻴﻥ ،ﻓﺈﻨﻨﺎ ﻻ ﻨﺴﺘﻁﻴﻊ ﻭﺍﻟﺤﺎل ﻫﺫﻩ ﺃﻥ
ﻨﻘﻭل ﻋﻥ ﺘﻭﻨﺱ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺇﻨﻬﺎ ﺒﻼﺩ "ﺍﻟﻭﺴﻁ".
ﻭﺃﺴﺒﺎﺏ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﺨﺘﻼﻻﺕ ﺫﺍﺕ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺤﺩ ﺒﻌﻴﺩ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ
ﺃﻴﻀﺎ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺒﺎﻟﺨﺼﻭﺹ.
ﻭﻜﻤﺎ ﻫﻭ ﺍﻟﺸﺄﻥ ﻓﻲ ﻅل ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﻓﺎﻥ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ
ﺘﺘﺤﻘﻕ ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺏ ﺘﻨﻤﻴﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻌﻠﻴﺔ .ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺼﻌﻴﺩ ،ﻴﺒﺩﻭ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ
ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﻨﺴﺨﺔ ﻁﺒﻕ ﺍﻷﺼل ﻤﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ ﺒﻜل ﻋﻴﻭﺒﻪ ﻭﻨﻘﺎﺌﺼﻪ ﻭﺇﺨﻔﺎﻗﺎﺘﻪ.
"ﻓﺎﻟﺴﺎﺒﻊ ﻤﻥ ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ" ﻟﻡ ﻴﻑ ﺒﻭﻋﻭﺩﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺠﺩﻴﺩ ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ .ﻭﺍﻨﻐﻠﻕ
ﻓﻲ ﺍﻻﺯﺩﻭﺍﺠﻴﺔ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺭﺴﻤﻲ ﻭﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﺨﻴﺎل ﻭﺍﻷﻭﻫﺎﻡ .ﻋﻠﻰ
ﺃﻥ ﺍﻟﻭﺍﻗﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺠﺏ ﻋﻠﻰ ﺘﻭﻨﺱ ﺃﻥ ﺘﻌﻲ ﻴﻭﻤﺎ ﻤﺎ ﺨﻁﻭﺭﺘﻬﺎ ﻫﻲ ﺃﻨﻬﺎ
ﻤﺤﻜﻭﻤﺔ ﻤﻥ ﻁﺭﻑ ﻨﻅﺎﻡ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻴﻔﻌل ﻋﻜﺱ ﻤﺎ ﻴﻘﻭل ﻭﻴﻐﻁﻲ ﻋﻠﻰ ﻨﻘﺎﺌﺼﻪ
ﺒﻭﺍﺴﻁﺔ ﺴﻴل ﻤﻥ ﺍﻹﺴﻬﺎﺏ ﺍﻹﻋﻼﻤﻲ ﺍﻟﻤﻐﻠﻭﻁ ﺃﻭ ﺍﻟﻜﺎﺫﺏ ﻭﻴﺨﻨﻕ ﻜل ﺇﻤﻜﺎﻨﻴﺔ
ﻟﺩﻤﻘﺭﻁﺔ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻸﻤﺔ ،ﺃﻱ ﻟﻸﺩﺍﺓ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﺍﻟﻨﺎﺠﻌﺔ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﺩﻡ.
ﻭﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ،ﺸﺄﻨﻪ ﺸﺄﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ،ﺒﻌﻴﺩ ﺠﺩﺍ ﻋﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺩ ﻭﻀﻊ
ﺍﻹﻁﺎﺭ ﺍﻟﻤﻼﺌﻡ ﻟﺩﻤﻘﺭﻁﺔ ﺍﻟﺒﻼﺩ.
38
ﻓﻤﻊ ﺍﻟﺘﺤﻭﻴﺭ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﻟﻠﺩﺴﺘﻭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﺹ ﻋﻠﻰ ﺇﻤﻜﺎﻨﻴﺔ ﺍﻨﺘﺨﺎﺏ ﺭﺌﻴﺱ
ﺍﻟﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﻟﺩﻭﺭﺍﺕ ﻏﻴﺭ ﻤﺤﺩﻭﺩﺓ ﺃﻋﻴﺩ ﺍﻟﻌﻤل ﺒﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﻤﺩﻯ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ
ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﺘﻀﺎﺭﺏ ﺒﺸﻜل ﺼﺎﺭﺥ ﻤﻊ "ﺒﻴﺎﻥ" ﺍﻟﺴﺎﺒﻊ ﻤﻥ ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ ﺫﺍﺘﻪ ﻭﻴﺴﻲﺀ
ﺒﻪ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﻨﻔﺴﻪ ﺇﺴﺎﺀﺓ ﺒﺎﻟﻐﺔ ﻭﻴﻔﻘﺩﻩ ﺜﻘﺔ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ.
ﻭﻟﻡ ﻴﺤﺩﺙ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺘﺠﺩﻴﺩ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻭﻫﻭ ﺃﻤﺭ
ﻴﺘﻭﻗﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻋﺘﺭﺍﻑ ﺒﺤﺭﻴﺔ ﺇﻨﺸﺎﺀ ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﻭﺤﺭﻴﺔ ﻋﻤﻠﻬﺎ ،ﻓﻘﺩ ﺍﺤﺘﻔﻅ
ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﺒﺎﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﻟﻌﻅﻤﻰ ﻤﻥ ﺍﻟﻁﺒﻘﺔ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﺔ ﺍﻟﻘﺩﻴﻤﺔ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻴﻘﻊ ﺃﻱ
ﺘﻘﻴﻴﻡ ﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺎﺘﻬﻡ ﻓﻲ ﺇﺨﻔﺎﻗﺎﺕ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ.
ﻭﻻ ﺘﺯﺍل ﺘﻭﻨﺱ ﺘﻌﻴﺵ ﺘﺤﺕ ﺤﻜﻡ "ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ" ﻭﺍﺤﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ
ﻤﻥ
ﻁﺭﻑ
ﻁﺒﻘﺔ
ﺘﻤﺜل
ﺃﻗﻠﻴﺔ
ﻋﺩﺩﻴﺎ
ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ
ﻤﻬﻴﻤﻨﺔ
ﺴﻴﺎﺴﻴﺎ
ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺎ ،ﻭﺍﻥ ﺘﻤﺕ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺇﺨﻔﺎﺀ ﺫﻟﻙ ،ﺩﻭﻥ ﺠﺩﻭﻯ ﻁﺒﻌﺎ ،ﺒﻌﺒﺎﺭﺓ
"ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﻤﻬﻴﻤﻥ" ﺃﻭ "ﺤﺯﺏ ﺍﻷﻏﻠﺒﻴﺔ".
ﺃﻤﺎ ﺍﻷﺤﺯﺍﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺘﺭﻑ ﺒﻬﺎ ﺭﺴﻤﻴﺎ ﻓﻬﻲ ﻤﺭﺴﻭﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺸﻬﺩ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻟﻠﺒﻠﺩ ﻗﺼﺩ ﺍﻹﻴﻬﺎﻡ ﺒﻭﺠﻭﺩ ﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻭﺍﻗﻊ
ﺍﻷﻤﺭ ﻤﻘﺯﻤﺔ ﻭﻤﻬﻤﺸﺔ ﺘﻤﺎﻤﺎ ﻭﻻ ﻴﺒﺭﺭ ﻭﺠﻭﺩﻫﺎ ﺇﻻ ﻤﺎ ﻴﻌﺘﻘﺩ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺃﻨﻪ
"ﻭﺍﺠﻬﺔ ﺼﺎﻟﺤﺔ" ﻟﻠﻁﺎﺒﻊ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻲ ﻟﻠﺒﻠﺩ.
ﺜﻡ ﺇﻥ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ،ﻓﻲ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ ،ﻤﻔﺒﺭﻜﺔ ﻜﺎﻟﻌﺎﺩﺓ ﻭﻤﻭﺠﻬﺔ
ﺇﻟﻰ ﺃﺒﻌﺩ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ﺃﺤﻴﺎﻨﺎ.
ﻭﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﻟﻡ ﻴﻜﻠﻑ ﻨﻔﺴﻪ ﺤﺘﻰ ﺇﺨﻔﺎﺀ ﺃﻋﻤﺎل ﺍﻟﺘﺩﻟﻴﺱ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﻌل ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ
ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﻴﺔ ﻏﻴﺭ ﻤﻌﻘﻭﻟﺔ ﻭﺘﻜﺴﺏ ﺒﻼﺩﻨﺎ ﺍﻤﺘﻴﺎﺯﺍ ﻏﻴﺭ ﻤﺭﻏﻭﺏ ﻓﻴﻪ ﻭﻓﺎﻗﺩ
39
ﻟﻠﻤﺼﺩﺍﻗﻴﺔ ﻭﻫﻭ "ﺘﺼﻭﻴﺕ ﺍﻷﻏﻠﺒﻴﺔ" ﺍﻟﺫﻱ
ﻴﺼل ﺇﻟﻰ % 96 ﺒل ﺇﻟﻰ % 99
ﻭﻴﺠﻌل ﻜل ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻨﺘﺨﺎﺒﻴﺔ ﺘﺘﺤﻭل ﺇﻟﻰ ﺍﺴﺘﻔﺘﺎﺀ
ﺤﻭل ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ
ﻭﺤﻭل ﻗﻴﺎﺩﺘﻪ
ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ.
ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺃﻤﺭ ﻀﺭﻭﺭﻱ ﻟﻜل ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻌﻠﻴﺔ
ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻭﻟﻜل ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺘﻌﺩﺩﻴﺔ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ،ﻤﻁﻭﻗﺔ ﺒﺎﻟﻘﻴﻭﺩ ،ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻀﺔ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻤﺤﺎﺼﺭﺓ ﻭﻤﺼﺎﺩﺭﺓ ﻤﻥ ﻁﺭﻑ ﺠﻬﺎﺯ ﺸﺭﻁﺔ ﻤﺘﻌﺴﻑ ﻭﻤﺘﻬﻭﺭ
ﺒﺤﻴﺙ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻤﺎ ﻴﺘﻌﺭﺽ ﺃﻓﺭﺍﺩﻫﺎ ﻻﻋﺘﺩﺍﺀﺍﺕ ﻗﻤﻌﻴﺔ ﻭﻴﻠﻘﻰ ﺒﻌﺩﺩ ﻤﻨﻬﻡ ﻓﻲ
ﺍﻟﺴﺠﻭﻥ ﻤﻥ ﻏﻴﺭ ﺃﻱ ﻀﻤﺎﻥ ﻓﻌﻠﻲ ﻻﺤﺘﺭﺍﻡ ﺤﻘﻭﻗﻬﻡ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ.
ﻭﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻭﻭﺴﺎﺌل ﺍﻹﻋﻼﻡ ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻨﺸﺭ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ
ﺠﻤﻴﻌﻬﺎ ﻤﻘﻴﺩﺓ ﻭﻤﻭﻀﻭﻋﺔ ﺘﺤﺕ ﻤﺭﺍﻗﺒﺔ ﺒﻭﻟﻴﺴﻴﺔ ﺩﺍﺌﻤﺔ ﺍﻟﺤﻀﻭﺭ ﻭﺍﻟﻀﻐﻁ.
ﻭﺍﻟﻬﻴﺎﻜل ﺍﻟﺼﺤﻔﻴﺔ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩﺓ ﺍﻟﻤﺴﻤﻭﺡ ﻟﻬﺎ ﺒﺎﻟﻌﻤل ﻫﻲ ﻫﻴﺎﻜل ﺍﻟﺼﺤﺎﻓﺔ
ﺍﻟﺭﺴﻤﻴﺔ ،ﻭﻫﻲ ﻤﻤﻭﻟﺔ ﻭﻤﺸﺠﻌﺔ ﺒﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ .ﺃﻤﺎ
ﻭﺴﺎﺌل ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻷﺠﻨﺒﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﻤﻭﻀﻭﻋﺔ ﺘﺤﺕ ﻤﺭﺍﻗﺒﺔ ﺒﻭﻟﻴﺴﻴﺔ ﺸﺩﻴﺩﺓ،
ﻭﻫﻲ
ﻤﻌﺭﻀﺔ "ﻟﻠﻌﻘﺎﺏ" ﻜﻠﻤﺎ ﺼﺩﺭﺕ ﻋﻨﻬﺎ ﺘﻌﻠﻴﻘﺎﺕ ﺘﻨﺘﻘﺩ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ.
ﻭﺤﺭﻴﺔ ﺇﻨﺸﺎﺀ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﻭﻫﻤﻴﺔ ﺒﺤﻜﻡ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺩﻴﺩ ﻤﻨﻬﺎ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ
ﺘﺭﻯ ﺍﻟﻨﻭﺭ ﺒﺴﺒﺏ ﺍﻟﻤﻨﻊ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻭﺍﺠﻪ ﺒﻪ ﻤﻨﺫ ﻭﻻﺩﺘﻬﺎ ،ﻭﻫﺫﺍ ﺒﺎﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ
ﺍﻹﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻭﻫﻡ ﺒﺎﻟﺤﺭﻴﺔ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺘﻁﺒﻕ ﺇﻻ ﻟﻔﺎﺌﺩﺓ ﺍﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺍﺕ
ﺍﻟﻤﻨﺴﺠﻤﺔ ﻤﻊ ﺭﻏﺒﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻘﺎﺌﻤﺔ.
ﻭ"ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ" ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﺒﺎﻫﻰ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺒﺈﺭﺴﺎﺌﻬﺎ ﺇﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﺃﻗﺭﺏ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻴﺎل ﻤﻨﻬﺎ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ .ﺒل ﺇﻥ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﻜﻔﻴﻠﺔ ﺒﺘﻜﺭﻴﺴﻬﺎ ﻏﻴﺭ ﻤﺘﻭﻓﺭﺓ ﻓﻲ ﺘﻭﻨﺱ ﺍﻟﻴﻭﻡ.
40
ﻓﻤﺼﻴﺭ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻴﻤﺘﻠﻜﻪ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﺸﺒﻪ ﻤﻁﻠﻘﺔ.
ﻭﻟﺌﻥ ﻨﺹ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻔﺭﻴﻕ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁ ،ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻙ ﻏﻴﺭ ﻤﻁﺒﻕ ﻓﻲ
ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ .ﻭﻻ ﻴﻤﺎﺭﺱ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﻨﻭﺍﺏ ﻭﻻ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﺎﺭﻴﻥ ﺇﻻ ﻭﻫﻡ ﺴﻠﻁﺔ
ﺘﺸﺭﻴﻌﻴﺔ .ﻭﻗﺩ ﺃﻨﺘﺠﺕ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﺍﻟﺘﻌﺩﻴﻼﺕ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻡ
ﺘﺒﻨﻴﻬ ﺎ ﻤﻨﺫ 7
ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ ﺍﺨﺘﻼﻻﺕ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁ ﻜﺎﻨﺕ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺴﻠﻁﺔ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ .ﻓﺈﺫﺍ
ﺃﻀﻔﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺫﻴﺔ ﺍﻟﻤﺨﻭﻟﺔ ﻟﻪ ﺃﺼﺒﺢ ﻴﻤﻠﻙ ،ﺒﺸﻜل ﻤﺒﺎﺸﺭ
ﻭﻏﻴﺭ ﻤﺒﺎﺸﺭ ،ﻜﺎﻤل ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ.
ﻭﻟﻴﺴﺕ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻭﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻸﻓﺭﺍﺩ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ
ﻤﻜﻔﻭﻟﺔ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻓﻌﻠﻴﺔ ،ﻭﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﺴﻥ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﻭﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﺎﺕ
"ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﻴﺔ" ﺃﻥ ﻴﻐﺘﺭ ﺒﻪ ﺍﻟﻤﺘﺎﺒﻌﻭﻥ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﻘﻭﻗﻲ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ.
ﻭﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ ﻻ ﻴﻤﺎﺭﺱ ﻓﻌﻼ ﺤﻘﻭﻕ "ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ" ﺍﻟﺘﻲ ﺸﺭﻋﻬﺎ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ
ﻭﻨﺼﺕ ﻋﻠﻰ ﻜﻔﺎﻟﺘﻬﺎ ﺒﻨﻭﺩﻩ .ﺃﻤﺎ ﻤﺸﺎﺭﻜﺘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﺸﺒﻪ
ﻤﻨﻌﺩﻤﺔ ﻭﻫﻲ ﻋﻠﻰ ﻜل ﺤﺎل ﻭﻫﻤﻴﺔ ﻭﺨﺎﺩﻋﺔ .ﻭﻤﻥ ﻫﻨﺎ ﺠﺎﺀ ﻋﺩﻡ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ
ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ ﺒﺎﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﺴﺘﻬﺎﻨﺔ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﻴﻥ ﺒﺎﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺤﻴﺎﺓ
ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﺔ.
ﺜﻡ
ﺇﻥ
ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ
ﻤﺭﺍﻗﺒﺔ ﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ
ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﺎﺕ
ﻭﺍﻟﺘﺭﺍﺘﻴﺏ ﺍﻹﺩﺍﺭﻴﺔ ﻟﻪ ﻏﻴﺭ ﻨﺎﺠﻌﺔ .ﻭﺍﻟﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻱ ﻫﻭ ﻓﻲ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻷﻤﺭ
ﺃﺩﺍﺓ ﻤﺠﺴﻤﺔ ﻟﻠﺤﺭﺹ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﻱ
ﻋﻠﻰ ﺍﺤﺘﺭﺍﻡ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭ"ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ".
ﻭﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺌﻲ ﻤﻨﺯﻭﻉ ﻓﻲ ﺠﻤﻠﺘﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻴﺔ ﻟﻜﻲ ﻴﻘﻭﻡ
41
ﺒﻤﻬﻤﺘﻪ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻀﻤﻥ ﺃﻱ ﻨﻅﺎﻡ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﻻ ﺴﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺩﻋﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ .ﻓﺎﻟﻘﻀﺎﺀ ﻟﻴﺱ ﻤﺴﺘﻘﻼﹼ ﺒﺄﺘﻡ ﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ.
ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ ﻤﺘﺴﻠﻁﺔ
ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻏﻴﺭ ﻨﺎﺠﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﻭﺽ
ﺒﻤﻬﻤﺘﻬﺎ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻭﻫﻲ ﻤﻬﻤﺔ ﺍﻹﺴﻬﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ .ﻭﻫﻲ ﺘﻌﻴﺵ ﻤﻨﺫ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ
ﻨﺼﻑ ﻗﺭﻥ ﺘﺤﺕ ﺤﻜﻡ ﺍﻟﺒﻴﺭﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺭﺩﺍﺀﺓ ﻭﻋﺩﻡ ﺍﻟﺠﺩﻭﻯ ﻟﻁﻭل ﻤﺎ
ﺘﻤﻜﻨﺕ ﻤﻨﻬﺎ ﻭﻓﻲ ﻜل ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ ﺘﻘﺎﻟﻴﺩ ﺍﻟﺭﺘﺎﺒﺔ ﻭﻗﺩﺍﻤﺔ ﻭﺴﺎﺌل ﺍﻟﻌﻤل ﻭﺘﻌﺎﻅﻡ
ﺴﻠﻁﺔ
ﺍﻹﺩﺍﺭﻴﻴﻥ
ﻭﺍﻟﺨﻀﻭﻉ
ﻟﺘﺩﺨﻼﺕ
ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ
ﻭﺍﻟﻘﻭﻯ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻤﻨﻅﻤﺎﺘﻴﺔ ﻭﺘﻤﻜﻥ ﺍﻟﺭﺸﻭﺓ ﻭﺍﻟﻤﺤﺴﻭﺒﻴﺔ ﻭﺍﺴﺘﻐﻼل ﺍﻟﻨﻔﻭﺫ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ،
ﻭﻫﻲ ﺃﻤﻭﺭ ﻤﻥ ﺸﺄﻨﻬﺎ
ﺃﻥ ﺘﺤﺩ ﻤﻥ ﻤﺴﺎﻫﻤﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺒﻼﺩ ،ﺇﻥ ﻟﻡ ﺘﺠﻌﻠﻬﺎ
ﻋﻘﻴﻤﺔ ﺒل ﻗﺭﻴﺒﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻠﺔ.
ﻭﻴﺠﺏ ﺃﺨﻴﺭﺍ ﺃﻥ
ﻨﺸﻬﺭ ﺒﺎﻟﻅﻬﻭﺭ ﻭﺍﻻﺘﺴﺎﻉ ﺍﻟﺫﻱ ﻻ ﻴﻨﻔﻙ ﻴﺘﻌﺎﻅﻡ
ﻟﻠﻔﺴﺎﺩ ﻭﺍﻟﺘﺴﻠﻁ ﻭﺍﻟﻤﺤﺴﻭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻻﺨﺘﻼل ﺍﻟﻁﺎﺭﺉ ﻋﻠﻰ ﺴﻴﺭ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﺁﻟﻴﺎﺕ
ﻫﻴﻜل ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺒﻠﻐﺕ ﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ ﻤﺜﻴﺭﺓ ﻟﻼﻨﺸﻐﺎل ﺤﻘﺎ ﻭﺃﻀﺤﻰ ﻤﻥ ﺒﺎﺏ
ﺍﻟﺨﺩﻴﻌﺔ ﻭﺍﻟﺨﻁﺭ ﻤﺯﻴﺩ ﺍﻟﺘﺴﺘﺭ ﻋﻠﻴﻬﺎ .ﻭﻻ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﻴﺼﺭﻓﻨﺎ ﺇﻨﻜﺎﺭ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ
ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻻﺴﺘﻬﺎﻨﺔ ﺒﺎﻟﻅﺎﻫﺭﺓ ﺃﻭ ﻨﻘﻠل ﻤﻥ ﺨﻁﺭﻫﺎ.
ﻭﻓﻲ ﺇﻁﺎﺭ ﺴﻴﺎﺴﻲ ﻀﻌﻴﻑ ﻜﻬﺫﺍ ،ﻟﻴﺱ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﻐﺭﺏ ﺃﻥ ﺘﺒﻘﻰ
ﺍﻻﻨﺠﺎﺯﺍﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﺴﺏ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﻤﺘﻭﺍﻀﻊ ﺒﺎﻟﺭﻏﻡ
ﻤﻥ ﻤﺯﺍﻋﻡ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ .ﻓﻤﺎ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﻟﻔﺕ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﻫﻭ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻹﺨﻔﺎﻗﺎﺕ
ﻭﻤﻅﺎﻫﺭ ﺍﻟﺘﺄﺯﻡ ﺍﻟﻤﻠﺤﻭﻅﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ.
42
ﻭﻴﺩل ﺘﻜﻭﻥ ﺜﺭﻭﺍﺕ ﻁﺎﺌﻠﺔ ﻟﺤﺠﻤﻬﺎ ﻭﻏﻤﻭﺽ ﻤﺼﺎﺩﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻨﻬﺎ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ
ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ،ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺤﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ،ﺇﻻ ﻤﻭﻀﻊ ﺭﻴﺒﺔ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺴﺎﺭ ﺭﺍﻓﻘﻪ ﺇﻓﻘﺎﺭ
ﻟﻠﻁﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﻭﺴﻁﻰ ﻭﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﺜل ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﺩ ﻨﻔﺴﻬﺎ
ﻋﺯﻻﺀ ﺃﻤﺎﻡ ﻏﻼﺀ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﺔ ﻭﺘﺠﻤﻴﺩ ﺍﻟﺭﻭﺍﺘﺏ ﻭﺍﻷﺠﻭﺭ ﻭﺘﺂﻜل ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﺍﻟﺸﺭﺍﺌﻴﺔ
ﻭﺭﻓﻊ ﺍﻟﺩﻋﻡ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻲ ﻋﻥ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﻭﺨﺎﺼﺔ ﻤﻭﺍﺩ ﺍﻻﺴﺘﻬﻼﻙ ﺍﻟﻌﺎﺩﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻭﻗﻭﻉ ﻓﻲ ﺸﺭﻙ ﺍﻟﺘﺴﻬﻴﻼﺕ ﺍﻟﺨﺎﺩﻋﺔ ﻟﻘﺭﻭﺽ ﺍﻻﺴﺘﻬﻼﻙ ﻭﺍﻟﺘﻭﺭﻁ ﻓﻲ
ﺍﻟﺩﻴﻭﻥ ﺍﻟﺜﻘﻴﻠﺔ .ﻭﻴﻨﺫﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺨﻠل ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺒﻤﺨﺎﻁﺭ ﻋﺩﻡ
ﺍﻻﺴﺘﻘﺭﺍﺭ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﻴﺸﻜل ﻤﻨﺎﺨﺎ ﻁﺒﻴﻌﻴﺎ ﻷﺸﻜﺎل ﺍﻟﺘﻁﺭﻑ
ﺍﻹﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﻭﺍﻟﺩﻴﻨﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﻼﺤﻅﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺩﻴﺩ ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻷﺨﺭﻯ
ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻡ ﺘﻘﺭﺃ ﺤﺴﺎﺒﺎ ،ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﺴﺏ ،ﻟﻤﺜل ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺨﻁﺎﺭ ،ﻭﻟﻡ ﺘﺘﺨﺫ ﻤﺎ
ﻜﺎﻥ ﻴﺘﻭﺠﺏ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﺘﺨﺎﺫﻩ ﻤﻥ ﺃﺴﺒﺎﺏ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻭﺍﺯﻥ ﻭﺇﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺘﻌﺩﻴل
ﺍﻟﻤﻔﺭﻭﻀﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺩﻴﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ.
ﻭﺘﺒﻘﻰ ﺍﻟﺒﻁﺎﻟﺔ ﻤﺸﻜﻼ ﻤﺅﻟﻤﺎ ﻤﻥ ﺒﻴﻥ ﻤﺸﺎﻜل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ
ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﺒﻠﺩ ﺘﺘﹼﺼل ﺠﺫﻭﺭﻫﺎ ﺒﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺘﺘﻤﺜﹼل
ﺒﺼﻭﺭﺓ ﺃﺨﺹ ﻓﻲ ﻨﻘﺹ ﻤﻼﺀﻤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻟﻤﺘﻁﻠﺒﺎﺕ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﻭﻤﻘﺘﻀﻴﺎﺕ ﻨﻤﻭﻩ.
ﻭﻴﻨﺠﺭ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﻋﺩﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺴﺎﺌل ﺍﻟﺸﺎﺌﻜﺔ :ﺍﻟﻤﺂﺴﻲ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻻﻨﻬﻴﺎﺭﺍﺕ
ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻸﺸﺨﺎﺹ ﺍﻟﻤﺤﺭﻭﻤﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﻐل ﻭﺍﻟﻤﺘﺤﻤﻠﻴﻥ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺎﺕ
ﻋﺎﺌﻠﻴﺔ ﺜﻘﻴﻠﺔ ﻭﻗﺎﻫﺭﺓ ،ﻭﻟﺠﻭﺀ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﺩﻤﺔ ﻟﺤﻠﻭل ﺍﻟﻴﺄﺱ
ﻜﺎﻟﻬﺠﺭﺓ ،ﻭﻻ ﺴﻴﻤﺎ ﺍﻟﻬﺠﺭﺓ ﺍﻟﺴﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺴﺒﺏ ﻴﻭﻤﻴﺎ ﺘﻘﺭﻴﺒﺎ ﻓﻲ ﻓﻭﺍﺠﻊ
ﺒﺸﺭﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﻨﺘﺎﺌﺞ ﻭﺨﻴﻤﺔ ﻤﺘﻌﺩﺩﺓ ﺍﻟﻤﻅﺎﻫﺭ .ﻭﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﺜﻐﺭﺍﺕ ﺍﻟﻅﺎﻫﺭﺓ
43
ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺘﺘﺴﺒﺏ ﺒل ﻭﺘﻨﻤﻲ
ﺍﻟﺸﻌﻭﺭ ﺒﺎﻟﺤﻴﻑ ﻭﺒﺎﻟﻐﻀﺏ ﻀﻤﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ ﻓﻲ ﺠﻤﻠﺘﻪ ،ﻭﻻ ﺴﻴﻤﺎ
ﻓﻲ ﺼﻔﻭﻑ ﺍﻟﻔﺌﺎﺕ ﺍﻷﻗل ﺤﻅﺎ.
ﻭﺘﺴﺘﻔﺤل ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﻤﺄﺴﺎﻭﻴﺔ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻤﺔ ﺒﻜﺎﻤﻠﻬﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ
ﻴﻤﺱ ﺍﻟﺸﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻨﺨﺏ ﺍﻟﺤﺎﻤﻠﺔ ﻟﻠﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﻤﻥ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ
ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﻴﺔ ﻭﺨﺎﺼﺔ ﺤﺎﻤﻠﻲ ﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ،ﻭﺫﻟﻙ ﺃﻭﻻ
ﻷﻥ ﺍﻷﻤﺔ
ﺩﻓﻌﺕ ﻟﺘﻜﻭﻴﻥ ﺤﺎﻤل ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺓ "ﺍﻟﻌﻠﻴﺎ" ﺜﻤﻨﺎ ﻏﺎﻟﻴﺎ ،ﻭﺜﺎﻨﻴﺎ ﻷﻨﻪ ﻴﻤﺜل ﻁﺎﻗﺔ
ﻤﻬﺩﻭﺭﺓ ﻭﻓﺭﺼﺔ ﻀﺎﺌﻌﺔ ﻟﺨﻠﻕ ﻤﻭﺍﻁﻥ ﺸﻐل ﻭﺜﺭﻭﺍﺕ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻟﻠﻭﻁﻥ.
ﻭﺘﺯﺩﺍﺩ ﺍﻟﻭﻀﻌﻴﺔ ﺨﻁﻭﺭﺓ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﻐﺎﺩﺭ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﺸﺒﺎﻥ ﺃﺼﺤﺎﺏ
ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺒﻠﺩ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﺒﺩﺃ ﻴﺼﺒﺢ ﺃﻤﺭﺍ ﻤﻌﺘﺎﺩﺍ ،ﺩﻭﻥ ﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﻋﻭﺩﺓ ﺃﺤﻴﺎﻨﺎ
ﻭﻓﻲ ﻤﻭﻗﻑ ﻋﺩﻡ ﺍﻜﺘﺭﺍﺙ ﺸﺒﻪ ﻜﻠﻲ ﻤﻥ ﺴﻠﻁﺎﺕ ﺒﻠﺩﻫﻡ ﺴﻭﺍﺀ ﻓﻲ ﻤﺎ ﻴﺨﺹ
ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻔﺘﺭﺽ ﺃﻥ ﺘﻘﺩﻡ ﻟﻬﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﺃﻭ ﻓﻲ ﻤﺎ ﻴﺘﺼل ﺒﺒﺭﻤﺠﺔ
ﻋﻭﺩﺘﻬﻡ ﺍﻟﻤﺤﺘﻤﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻭﻁﻥ.
ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻤﺭﺘﺒﻁﺔ ﻭﺜﻴﻕ ﺍﻻﺭﺘﺒﺎﻁ ﺒﻨﻘﻴﺼﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻤﻥ ﻨﻘﺎﺌﺹ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺌﻡ ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻥ
ﻭﺍﻹﻋﺩﺍﺩ ﻻﻨﺩﻤﺎﺝ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ .ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﻠﻔﺕ ﺍﻻﻨﺘﺒﺎﻩ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ
ﺍﻟﻤﻴﺩﺍﻥ ﻫﻭ ﻜﺜﺭﺓ "ﺍﻹﺼﻼﺤﺎﺕ" ﻓﻲ ﻅل ﻏﻴﺎﺏ ﺸﺒﻪ ﻜﺎﻤل ﻷﻱ ﺇﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺔ
ﺘﺭﺒﻭﻴﺔ ﻤﺘﻜﺎﻤﻠﺔ ﻤﺨﻁﻁ ﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺩﻯ ﺍﻟﻤﺘﻭﺴﻁ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺩﻯ ﺍﻟﻁﻭﻴل
ﻭﻤﺩﻋﻭﻤﺔ ﺩﻋﻤﺎ ﻗﻭﻴﺎ ﺒﺎﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺠﺴﻴﻡ ﻭﺒﻭﺴﺎﺌل ﻤﺎﺩﻴﺔ ﻭﺒﺸﺭﻴﺔ
ﻤﻼﺌﻤﺔ .ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻤﺩﺭﺴﺔ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﺔ ،ﺒﺠﻤﻴﻊ ﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺘﻬﺎ ﻭﻁﻭﺍل ﻋﻘﻭﺩ،
44
ﻤﺤﻜﻭﻤﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺒﺄﻥ ﺘﻤﺜل ﺤﻘل ﺘﺠﺎﺭﺏ ﻹﺼﻼﺤﺎﺕ ﻤﺯﻋﻭﻤﺔ ﻗﺎﺌﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻕ
ﻋﻠﻰ ﺴﻭﺀ ﺘﺼﻭﺭ ﻭﺘﻨﻘﺼﻬﺎ ﺍﻟﻤﺜﺎﺒﺭﺓ ﻭﺍﻻﺴﺘﻤﺭﺍﺭﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﻘﻴﺎﻡ ﺒﺘﻘﻴﻴﻡ
ﻤﻭﻀﻭﻋﻲ ﻀﺭﻭﺭﻱ ﻜﻔﻴل ﺒﺈﺠﺭﺍﺀ ﺍﻟﺘﻌﺩﻴﻼﺕ ﺍﻟﻤﻼﺌﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﺴﺏ.
ﻭﻗﺩ ﺍﻨﺠﺭ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻨﻬﻴﺎﺭ ﺨﻁﻴﺭ ﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﻭﺨﺴﺎﺭﺓ ﻤﺤﻘﻘﺔ ﻟﻤﺼﺩﺍﻗﻴﺔ
ﺍﻟﺸﻬﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﺔ
ﺍﻟﻴﻭﻡ .ﻭﻏﻨﻲ
ﻋﻥ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺤﺎﻀﺭ ،ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ
ﺃﻱ ﻭﻗﺕ ﻤﻀﻰ ،ﺃﻥ ﺍﻷﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﺠﺯ ﻋﻥ ﺃﻥ ﺘﻀﻤﻥ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺭﻓﻴﻌﺎ ﺠﺩﺍ
ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ﻟﺸﺒﺎﺒﻬﺎ ،ﺒل ﻟﺠﻤﻴﻊ ﺃﺠﻴﺎﻟﻬﺎ ،ﻫﻲ ﺃﻤﺔ ﻤﺤﻜﻭﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﺒﺎﻟﺘﺨﻠﻑ ﻭﺍﻟﺘﻘﻬﻘﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ
ﺍﻟﺫﻱ ﻻ
ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﺯﻴﺩﻩ "ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ" ﺇﻻ ﺍﺴﺘﻔﺤﺎﻻ.
ﻭﻋﻼﻭﺓ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ،ﻓﺎﻥ ﺍﻟﺘﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻜﻭﻴﻥ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻨﻜﺘﻔﻰ ﺒﻬﻤﺎ
ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻟﻀﻤﺎﻥ ﻨﻤﻭ ﺒﻠﺩ ﻤﺎ ﺇﺫﺍ ﻟﻡ ﺘﺼﺎﺤﺒﻬﻤﺎ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﻭﻁﻨﻴﺔ ﻗﻭﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﺠﺎل
ﺍﻟﺒﺤﺙ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻲ ﺘﺘﻁﻠﺏ ﺍﺴﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ﻫﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎل ﺍﻟﺒﺸﺭﻱ
ﻭﺍﻟﻤﺎﻟﻲ ﻭﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ﻭﺍﻟﻤﺅﺴﺴﻲ ﻭﺘﺸﺭﻴﻜﺎ ﻓﺎﻋﻼ ﻭﺩﺍﺌﻤﺎ ﻟﻜل ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺔ
ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻟﻠﺠﺎﻤﻌﻴﻴﻥ ﻓﻲ ﻭﻀﻊ ﺒﺭﺍﻤﺞ ﺍﻟﺒﺤﻭﺙ ﻭﺘﻨﻅﻴﻡ
ﻤﺭﺍﺤﻠﻬﺎ ﻭﺍﻟﺘﺨﻁﻴﻁ ﻟﻬﺎ ﻭﺘﺭﺸﻴﺩ ﺃﻭﻟﻭﻴﺎﺘﻬﺎ.
ﻭﻤﻥ ﺍﻟﺼﻌﻭﺒﺔ ﺒﻤﻜﺎﻥ ﺃﻥ ﻨﻘﻭل
ﺇﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻹﻤﻜﺎﻨﻴﺎﺕ ﻤﺘﻭﻓﺭﺓ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻓﻲ ﺒﻼﺩﻨﺎ .ﻓﺎﻟﺒﺤﺙ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺍﻟﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻲ
ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ ﺃﺒﻌﺩ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﻜﻭﻥ ﻗﺩ ﻭﺠﺩ ﺍﻻﻨﺩﻓﺎﻉ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻱ ،ﻓﻀﻼ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﺩﻴﺙ
ﻋﻥ ﺍﻟﻨﺴﻕ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭﻱ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻱ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﻜﹼﻥ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻓﻌﻼ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻌﻭﻴل ﻋﻠﻰ
ﺇﺴﻬﺎﻤﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ.
45
ﻭﺘﺸﻜﻭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻤﻥ ﻨﻘﺎﺌﺹ ﻫﺎﻤﺔ .ﻓﺎﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻓﻲ ﻤﺠﺎل
ﺍﻟﺼﺤﺔ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ ﺴﻴﺌﺔ ﻓﻲ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﻨﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺨﺩﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﻘﺩﻤﺔ ﻟﻠﻤﺭﻀﻰ
ﺒﺎﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺍﻹﺼﻼﺤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻡ ﺇﺩﺨﺎﻟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺴﺎﻟﻴﺏ ﺍﻟﺘﺼﺭﻑ ﻭﺒﺎﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ
ﺍﻟﺯﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻬﺎﻤﺔ ﻓﻲ ﺴﻌﺭ ﺍﻟﺨﺩﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﺩﻤﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﻭﻤﻴﺔ .ﻭﻤﻥ
ﺠﻬﺔ ﺃﺨﺭﻯ ،ﻴﻁﺭﺡ ﺘﺤﻤل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺨﺩﻤﺎﺕ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺎ ﻤﺸﺎﻜل ﻓﻌﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﺴﺘﻭﻯ
ﺍﻟﺜﻘل ﺍﻟﻤﺎﻟﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻤﺜﻠﻪ .ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻹﺼﻼﺡ ﺍﻷﺨﻴﺭ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻕ ﺒﺎﻟﺼﻨﺩﻭﻕ
ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻟﻠﺘﺄﻤﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺭﺽ ﺃﺒﻌﺩ ﻤﻥ ﺃﻥ ﻴﺯﻴل ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺨﺎﻭﻑ ﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ
ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻟﻤﻭﻀﻭﻉ .ﺜﻡ ﺇﻥ ﺘﻭﻨﺱ ﺒﻠﺩ ﻗﺩ ﺒﺩﺃ ﻴﻬﺭﻡ ﺩﻴﻤﻐﺭﺍﻓﻴﺎ ،ﻏﻴﺭ ﺃﻥ ﻤﻌﺎﻟﺠﺔ
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻭﻀﻊ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﻟﻡ ﺘﺒﺭﻤﺞ ﻭﻟﻡ ﺘﻁﺭﺡ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻋﻠﻰ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺤﺩ ﺍﻵﻥ
ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺭﺼﺩ ﺍﻹﻤﻜﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﺩﻴﺔ ﻭﺨﺼﻭﺼﺎ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻴﺔ
ﻟﺫﻟﻙ.
-3 ﺇﻥ ﺘﻭﻨﺱ ﻓﻲ ﻅل ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﺸﺒﻪ ﻏﺎﺌﺒﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺴﺎﺤﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ،
ﻓﻬﻲ ﻻ ﺘﻠﻌﺏ ﺃﻱ ﺩﻭﺭ ﻅﺎﻫﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻴﺌﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻟﻤﺴﺘﻘﺒل ﺍﻟﺒﻠﺩ
ﺴﻭﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺩ ﺍﻟﻤﻐﺎﺭﺒﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺘﻭﺴﻁﻲ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺼﻌﻴﺩ
ﺍﻟﻬﻴﺌﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ .ﻭﺍﻟﺤﺎل ﺃﻥ ﺤﻀﻭﺭ ﺃﻱ ﺒﻠﺩ ﻭﺩﻭﺭﻩ ﺍﻟﻨﺸﻴﻁ ﻟﺩﻯ ﻜل ﻫﺫﻩ
ﺍﻟﻤﻨﻅﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﺃﻤﺭ ﻓﻲ ﻏﺎﻴﺔ ﺍﻷﻫﻤﻴﺔ ﻻ ﻟﻜﻲ ﻴﺒﻠﻎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻠﺩ
ﺼﻭﺘﻪ ﻓﺤﺴﺏ ،ﺒل ﻭﺒﺎﻟﺨﺼﻭﺹ ﻟﻜﻲ ﻴﺘﻤﻜﻥ ﻤﻥ ﺨﺩﻤﺔ ﻤﺼﺎﻟﺤﻪ ﻭﺒﻨﺎﺀ
ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻔﺎﺕ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻴﺔ ﺍﻷﻜﺜﺭ ﻨﻔﻌﺎ ﻟﻤﺼﺎﻟﺤﻪ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ.
46
ﻭﺘﺯﺩﺍﺩ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻭﻀﻭﺤﺎ ﻭﺘﺄﻜﺩﺍ ﺇﺫﺍ ﺍﺴﺘﺤﻀﺭﻨﺎ ﻤﺎ ﺴﺒﻘﺕ ﺍﻹﺸﺎﺭﺓ
ﺇﻟﻴﻪ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﻜﺭﺓ ﺍﻷﺭﻀﻴﺔ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺘﻌﻴﺵ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﻋﺼﺭ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ
ﺃﻱ ﻋﺼﺭ
ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﺍﻟﺸﺎﻤﻠﺔ ﻭﺘﺴﺎﺒﻕ ﺃﻗﻭﻴﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻜل ﻋﻠﻰ ﺘﻭﺴﻴﻊ ﻨﻁﺎﻕ ﻫﻴﻤﻨﺘﻪ ،ﻭﻫﻭ
ﻤﺎ ﻴﻔﻀﻲ ﺤﺘﻤﺎ ﺇﻟﻰ ﺘﻬﻤﻴﺵ ﺍﻟﻜﻴﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﻀﻌﻴﻔﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻴﺱ ﻟﻬﺎ ﺸﺄﻥ ﻜﺒﻴﺭ ﻋﻠﻰ
ﺭﻜﺢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ.
-4 ﺇﻥ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻌﻁﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻴل ﺘﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻼﺤﻅﺔ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﺘﺒﺩﻭ ﻟﻨﺎ ﺃﺴﺎﺴﻴﺔ ﺒﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻘﺒل ﺒﻼﺩﻨﺎ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺘﻬﺎ ﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺤﺩﺍﺜﺔ
ﻭﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ.
ﻟﻡ ﺘﺴﺘﺠﺏ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺒﻌﺔ ﺇﻟﻰ ﺤﺩ ﺍﻵﻥ ﻻﻨﺘﻅﺎﺭﺍﺘﻨﺎ ﺍﻟﺘﻲ
ﺃﻨﻴﻁﺕ ﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﻜﺜﺭ ﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ﺤﻴﻭﻴﺔ ﻭﻀﻤﺎﻨﺎ ﻻﺴﺘﻘﻼل ﺍﻟﻭﻁﻥ ﻭﻨﻤﻭﻩ
ﻭﺍﺯﺩﻫﺎﺭﻩ .ﻭﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺎﺒﻌﺕ ﻤﻨﺫ ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل ﻭﻋﻠﻰ
ﻤﺩﻯ 52
ﻋﺎﻤﺎ ﺃﻱ ﻤﻨﺫ ﺠﻴﻠﻴﻥ ،ﻓﻲ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻵﻤﺎل ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﺔ ﻟﻠﺸﻌﺏ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻲ ﻭﻫﻭ ﻤﺎ
ﻴﺘﻁﻠﺏ ﻤﺭﺍﺠﻌﺔ ﻋﻤﻴﻘﺔ ﻭﺠﺫﺭﻴﺔ ﻟﻜﺎﻤل ﺍﻹﺴﺘﺭﺍﺘﻴﺠﻴﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ
ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﺒﻼﺩ.
ﻭﺘﺘﺤﻤل ﺍﻟﻬﻴﺎﻜل ﺍﻟﻤﺴﻴﺭﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﺎﺒﻌﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﻤﺴﺅﻭﻟﻴﺔ ﺜﻘﻴﻠﺔ
ﺠﺩﺍ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻹﺨﻔﺎﻗﺎﺕ .ﻭﻨﻅﺭﺍ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻬﻴﺎﻜل ﻤﻌﻭﻗﺔ ﺒﺄﻜﺜﺭ ﻤﻥ
ﺨﻤﺴﻴﻥ ﺴﻨﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﺸل ﺼﺎﺭﺕ ﻋﺎﺠﺯﺓ ﻋﻥ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺁﻤﺎل ﺍﻟﺒﻠﺩ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﻓﻊ
ﺍﻟﺘﺤﺩﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻭ ﻤﻘﺒل ﻋﻠﻰ ﻤﻭﺍﺠﻬﺘﻬﺎ ﺨﻼل ﺍﻟﻌﻘﻭﺩ ﺍﻟﻤﻘﺒﻠﺔ .ﻭﻤﻥ ﻭﺍﺠﺒﻬﺎ
47
ﺃﻥ ﺘﻌﺘﺭﻑ ﺒﺫﻟﻙ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﺸﻌﺏ .ﻜﻤﺎ ﺃﻨﻪ ﻤﻥ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﻱ ﺃﻥ ﻴﺘﻡ ﺘﻐﻴﻴﺭ
ﺍﻟﻤﺴﺅﻭﻟﻴﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﺄﻁﻴﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﺠﺫﺭﻴﺔ.
ﻭﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﻀﻁﻠﻊ ﺤﺭﻜﻴﺔ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﺤﺎﻤﻠﺔ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻵﻤﺎل ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﻤﻬﻤﺔ
ﺍﻟﻌﻅﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺘﻤﺜل ﻓﻲ ﺘﺴﻴﻴﺭ ﺍﻟﺒﻠﺩ ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺏ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ،ﺍﻟﻌﺎﺩﻟﺔ
ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺩﻴﻤﺔ ﻟﺸﻌﺒﻨﺎ .ﻭﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﺘﺄﺴﺱ ﻋﻠﻰ ﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﻋﻤل ﻭﺍﻀﺢ ﻭﺸﻔﺎﻑ
ﻭﻤﺴﺅﻭل ،ﺘﻜﻭﻥ ﺍﺒﺭﺯ ﺭﻜﺎﺌﺯﻩ ﻜﺎﻟﺘﺎﻟﻲ.
48
ﺍﻟﻔﺼل ﺍﻟﺜﺎﻨﻲ
ﺨﻁﺔ ﻋﻤل
ﻟﺒﻨﺎﺀ ﺘﻭﻨﺱ ﺠﺩﻴﺩﺓ
ﻋﺎﺩﻟﺔ ﻭﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ
-1 ﺃﻅﻬﺭﺕ ﺘﺠﺎﺭﺏ ﻤﺎ ﻴﻔﻭﻕ ﺍﻟﻨﺼﻑ ﻗﺭﻥ ﻤﻥ "ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﻭﺍﺤﺩ" ﺃﻭ
"ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﻤﻬﻴﻤﻥ" ﺃﻭ "ﺍﻟﺘﻌﺩﺩﻴﺔ" ﺍﻟﺯﺍﺌﻔﺔ ﻭﺍﻟﺭﺌﺎﺴﺔ ﺍﻷﺤﺎﺩﻴﺔ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ
ﻤﻀﻰ ﻭﻗﺘﻬﺎ ،ﻭﺒﺎﻥ ﻓﺸﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺇﺭﺴﺎﺀ ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﺒﺒﻼﺩﻨﺎ ،ﻭﺘﺴﺒﺒﺕ ﻓﻲ
ﺘﺄﺨﺭ ﻤﺄﺴﻭﻱ ﻟﺼﺤﻭﺓ ﺍﻟﻭﻋﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ﺒﺭﻤﺘﻪ ﻭﻓﻲ ﻻ ﻤﺒﺎﻻﺓ ﺍﻟﻐﺎﻟﺒﻴﺔ
ﺍﻟﻌﻅﻤﻰ ﻟﻠﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﻓﻘﺩﻭﺍ ﻜل ﺜﻘﺔ ﻓﻲ ﺩﻋﺎﻭﻯ "ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ"
ﻓﻲ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﺸﺭﻴﻌﻴﺔ ﻭﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﺒﻠﺩﻴﺔ .ﺇﻥ
ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﻴﻥ ﻀﺠﺭ ﻭﺍ ﻤﻥ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻜﻭﻥ
ﻨﺘﻴﺠﺘﻬﺎ % 99
ﻭﻤﻥ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ
"ﺍﻟﺤﺭﺓ" ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﻡ ﺇﻋﺩﺍﺩﻫﺎ ﺒﺸﻜل ﻜﺎﻤل ﻭﺘﻭﺠﻴﻬﻬﺎ ﻭﺤﺴﻡ ﻨﺘﺎﺌﺠﻬﺎ ﺒﺸﻜل ﻤﺴﺒﻕ
49
ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻴﺘﻨﺩﺭ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺒﺄﺴﺭﻩ ﻭﻻ ﺘﺨﺩﻡ ﺼﻭﺭﺓ ﺘﻭﻨﺱ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﺒل ﺘﺴﻲﺀ ﺇﻟﻰ
ﻤﺼﺎﻟﺤﻨﺎ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻰ ﻋﻼﻗﺎﺘﻨﺎ ﺒﺎﻷﻤﻡ ﺍﻷﺨﺭﻯ.
-2 ﻤﻨﺫ ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل ،ﻭﺒﻌﺩ ﺘﺠﺎﺭﺏ ﻓﺎﺸﻠﺔ ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ
ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ،ﻗﻁﻌﺕ ﺘﻭﻨﺱ ﺃﺸﻭﺍﻁﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻴﺩﺍﻥ .ﻭﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻨﺘﺫﻜﺭ ﻫﻨﺎ
ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻘﻘﺕ ﻜﺎﻨﺕ ﻗﺒل ﻜل ﺸﻲﺀ ﺜﻤﺭﺓ ﺘﻀﺤﻴﺎﺕ ﺠﻤﻴﻊ
ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﻴﻥ ،ﻭﻟﻡ ﺘﻜﻥ ،ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺱ ﻤﺎ ﺘﺩﻋﻲ ﺒﻌﺽ ﺍﻷﻭﺴﺎﻁ ،ﻨﺘﻴﺠﺔ ﺠﻬﻭﺩ
ﻁﺒﻘﺔ "ﺭﺠﺎل ﺍﻷﻋﻤﺎل" ﺃﻭ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﻤﻼﺀﻤﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ
ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﻭﺤﻜﻤﺔ ﻨﺨﺒﻬﺎ ﺍﻟﺤﺎﻜﻤﺔ.
ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ،ﻭﻫﻭ ﺜﻤﺭﺓ ﺠﻬﻭﺩ ﺠﻤﻴﻊ ﻤﻜﻭﻨﺎﺕ ﺍﻷﻤﺔ،
ﻟﻡ ﻴﻨﺘﻔﻊ ﺒﻪ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ﺒﺼﻭﺭﺓ ﻋﺎﺩﻟﺔ ،ﺒل ﻫﻭ ﻭﻀﻊ ﻓﻲ ﺨﺩﻤﺔ ﻁﺒﻘﺔ
ﻤﻥ ﺤﺩﻴﺜﻲ ﺍﻟﺜﺭﻭﺓ ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻭﺼﻭﻟﻴﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺍﻏﺘﻨﻤﻭﺍ ﻀﻌﻑ ﺘﻨﻅﻴﻡ ﺍﻟﻁﺒﻘﺎﺕ
ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﻭﻀﻌﻑ ﺍﻟﺘﻨﻅﻴﻤﺎﺕ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﻴﺔ ﻭﻫﻴﺎﻜل ﺍﻟﺘﻤﺜﻴل ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ
ﺒﺸﻜل ﻤﻔﻀﻭﺡ ﻜﻲ ﻴﻜﻭﻨﻭﺍ ﻷﻨﻔﺴﻬﻡ ﺜﺭﻭﺍﺕ ﻁﺎﺌﻠﺔ ﻤﺸﻭﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺎﻟﺏ ﺒﻌﺩﻡ
ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﻭﺒﺎﻟﻤﺤﺎﺒﺎﺓ ﻭﺍﻟﻔﺴﺎﺩ .ﻭﻤﻥ ﺜﻡ ﻓﺈﻥ ﺘﻭﻨﺱ ﻗﺩ ﺸﻘﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻅﺭﻑ ﺜﻼﺜﻴﻥ
ﺴﻨﺔ ﻓﻘﻁ ﻗﻁﻴﻌﺔ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺘﺸﻜل ﺘﻬﺩﻴﺩﺍ ﺨﻁﺭﺍ ﻭﻤﺘﺯﺍﻴﺩﺍ ﻟﻠﺴﻠﻡ ﺍﻟﺩﺍﺨﻠﻲ ﻟﻠﺒﻠﺩ
ﻭﺘﻭﺍﺯﻥ ﺍﻟﻁﺒﻘﺎﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺘﻤﺜﹼل ﺒﻴﺌﺔ ﻤﻼﺌﻤﺔ ﻻﻨﺘﻌﺎﺵ ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺍﻟﺘﻁﺭﻑ
ﺍﻹﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻷﺯﻤﺎﺕ ﺍﻟﺨﻁﺭﺓ ﺠﺩﺍ.
-3 ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺍﻷﻭل ﻟﺘﻭﻨﺱ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﻗﺩ ﺒﺭﺭ ﻭﺠﻭﺩﻩ
ﺒﻤﺒﺩ ٳ "ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻴﺔ" ﻟﻤﺅﺴﺴﻪ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﻗﺩ ﺘﺄﺴﺱ ﻋﻠﻰ " ﺒﻴﺎﻥ
7
ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ "1987 ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﺹ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﻴﻠﻲ" :ﻟﻘﺩ ﺒﻠﻎ ﺸﻌﺒﻨﺎ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﻤﻥ
50
Télécharger le fichier (PDF)
LA TUNISIE N’EST PLUS Arab version.pdf (PDF, 838 Ko)