لا للعولمة الراسمالية .pdf
Nom original: لا للعولمة الراسمالية.pdfTitre: Microsoft Word - 34.docAuteur: aa
Ce document au format PDF 1.4 a été généré par PScript5.dll Version 5.2 / Acrobat Distiller 6.0 (Windows), et a été envoyé sur fichier-pdf.fr le 18/05/2012 à 18:25, depuis l'adresse IP 41.251.x.x.
La présente page de téléchargement du fichier a été vue 1641 fois.
Taille du document: 251 Ko (23 pages).
Confidentialité: fichier public
Aperçu du document
ﻻ ﻟﻠﻌﻮﳌﺔ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ
ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﱰﺍﻛﻴﺔ
٢٠٠٤
ﺍﺴﻡ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ :ﻻ ﻟﻠﻌﻭﻟﻤﺔ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ
ﺒﻘﻠﻡ :ﻭﺤﺩﺓ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ
ﺘﺼﻤﻴﻡ ﺍﻟﻐﻼﻑ :ﻫﺒﺔ ﺤﻠﻤﻲ
ﺍﻟﻨﺎﺸﺭ :ﻤﺭﻜﺯ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻻﺸﺘﺭﺍﻜﻴﺔ
ﺍﻟﻁﺒﻌﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ٢٠٠٤ :
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﱰﺍﻛﻴﺔ ـ ﻣﺼﺮ
٢
www.e-socialists.net
ﻓﻬﺮﺱ
ﻤﻘﺩﻤﺔ
٤
ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ :ﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺀ
٦
ﻋﻭﻟﻤﺔ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﻭﺍﻟﻘﻤﻊ
١١
ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ
١٦
ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ـ ﺍﻟﻨﻀﺎل
٢٠
ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ
٢٣
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﱰﺍﻛﻴﺔ ـ ﻣﺼﺮ
٣
www.e-socialists.net
ﻣﻘﺪﻣﺔ
ﻜﻴﻑ ﻜﺎﻥ ﻴﺒﺩﻭ ﺸﺄﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻗﺒﻴل ﺍﻷﺤﺩﺍﺙ ﻭ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ؟
ﺴﺅﺍل ﺘﻁﺭﻕ ﻻ ﺸﻙ ﺇﻟﻲ ﺃﺫﻫﺎﻥ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭﻴﻥ ﻋﻨﺩ ﻤﻁﺎﻟﻌﺔ ﺍﻷﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﺘﻲ ﻏﻴﺭﺕ ﺸﻜل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ،ﻜﺎﻟﺤﺭﻭﺏ ﻭ ﺍﻟﺜﻭﺭﺍﺕ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ،ﻭ
ﻨﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻨﻘﻭل ﺃﻥ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻋﻠﻲ ﺍﻷﺤﺩﺍﺙ ﻭ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺘﻜﻭﻥ ﻋﺎﺩﺓ ﻏﺎﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﻘﻴﺩ ،ﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺕ
ﺤﺎﺩﺓ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻁﺒﻘﺎﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻘﻭﻱ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﺼﺭﺍﻋﺎﺕ ﻻ ﻴﺒﺩﻭ ﻟﻬﺎ ﻨﻬﺎﻴﺔ ،ﺃﺯﻤﺎﺕ ﻤﺴﺘﻌﺼﻴﺔ ،ﻗـﻭﻱ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴـﺔ ﻭ ﺃﻨﻅﻤـﺔ
ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺘﺘﻌﻔﻥ ﻓﻲ ﺃﻤﺎﻜﻨﻬﺎ ﻭ ﺘﺼﺒﺢ ﻋﺒﺌﺎ ﻓﺎﺩﺤﺎ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻭ ﻗﻭﻱ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺼﺎﻋﺩﺓ ﺘﺨﻭﺽ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ ﺍﻟﻌﺴﻴﺭ ﻭﺴـﻁ
ﺒﺩﺍﺌل ﻭ ﺨﻴﺎﺭﺍﺕ ﻏﺎﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻘﺎﺭﺏ ﻭ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺽ ،ﻨﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻨﻘﻭل ﻫﺫﺍ ﻭ ﺃﻜﺜﺭ ،ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ ﻨﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻨﺠﻴﺏ ﺃﻴﻀﺎ ﺒﺎﺨﺘﺼﺎﺭ ﻭﺠـﺭﺃﺓ
ﺒﺄﻥ ﺍﻷﻭﻀﺎﻉ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻐﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﺘﺸﺒﻪ ﺍﻷﻭﻀﺎﻉ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻌﻴﺸﻬﺎ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻵﻥ.
ﻋﻠﻰ ﻤﺩﻯ ﺭﺒﻊ ﻗﺭﻥ ﺒﺸﺭ ﻤﻨﻅﺭﻭ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺒﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﻭ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﺍﻟﻤﻔﺘﻭﺡ ،ﻤﻊ ﺴﻴل ﻤﻥ ﺍﻟﻭﻋﻭﺩ ﺒﺎﻟﺘﻨﻤﻴـﺔ
ﻭﺍﻻﺯﺩﻫﺎﺭ ﻭﺍﻟﺭﺨﺎﺀ ،ﺇﺫﺍ ﺃﺯﻴﻠﺕ ﺍﻟﻤﻌﻭﻗﺎﺕ ﻤﻥ ﺃﻤﺎﻡ ﻗﻭﻯ ﺍﻟﺴﻭﻕ ،ﻭﺒﺎﺩﺭ ﻜل ﻤﻥ ﺭﻭﻨﺎ ﻟﺩ ﺭﻴﺠﺎﻥ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻭﻤﺎﺭﺠﺭﻴـﺕ
ﺘﺎﺘﺸﺭ ﺭﺌﻴﺴﺔ ﻭﺯﺭﺍﺀ ﺇﻨﺠﻠﺘﺭﺍ ﺇﻟﻰ ﺇﻁﻼﻕ ﻗﻭﻯ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ ،ﻭﻤﻊ ﺍﻨﻬﻴﺎﺭ ﺃﻨﻅﻤﺔ ﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺃﻁﻠﻘﺕ ﺃﺒـﻭﺍﻕ ﺍﻟـﺴﻭﻕ
ﺼﻴﺤﺎﺕ ﺍﻻﻨﺘﺼﺎﺭ ﻤﻌﻠﻨﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﻗﺩ ﺍﻨﺘﻬﻲ ﻭﺃﻨﻪ ﻻ ﺒﺩﻴل ﻋﻥ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﻓﻰ ﻁﺒﻴﻌﺘﻬﺎ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ) ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ( ﻭﺘﺤﺕ ﺸﻌﺎﺭ "ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ
ﻗﺭﻴﺔ ﺼﻐﻴﺭﺓ" ﺠﺭﻯ ﺘﻌﻤﻴﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ،ﻓﺘﺢ ﺍﻷﺴﻭﺍﻕ ﺃﻤﺎﻡ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺴﻠﻊ ﻭﺭﺅﻭﺱ ﺍﻷﻤﻭﺍل ﻭﺘﻘﺩﻴﻡ ﻜﺎﻓﺔ ﺃﻨـﻭﺍﻉ
ﺍﻟﺩﻋﻡ ﻭﺍﻟﺘﺴﻬﻴﻼﺕ ﻟﻼﺴﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ،ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﻟﺩﻋﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻠﻊ ﺍﻻﺴﺘﻬﻼﻜﻴﺔ ﻭﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻭ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﻟﻀﻤﺎﻨﺎﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺘﺤﺭﻴﺭ ﺴـﻭﻕ
ﺍﻟﻌﻤل ،ﺍﺴﺘﺌﺼﺎل ﺃﻭ ﻤﺤﺎﺼﺭﺓ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﻭﻕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ .ﺘﺤﻭل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻓﻌﻼ ﺇﻟﻰ ﻗﺭﻴﺔ ﻭﻟﻜﻥ ) ﻗﺭﻴﺔ ﺒﻀﺎﺌﻊ( ﻭﻀـﺭﺒﺕ
ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺒﻘﻭﺓ ﺃﺭﺠﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺨﻼل ﺍﻟﻌﻘﺩﻴﻥ ﺍﻷﺨﻴﺭﻴﻥ ﻭﺤﻘﻘﺕ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺒﺎﻟﻔﻌل ﻨﻤﻭﺍ ﻫﺎﺌﻼ ﻓﻲ ﺍﻹﺭﺒﺎﺡ ﻭﺘﺭﺍﻜﻤـﺕ ﺜـﺭﻭﺍﺕ
ﻁﺎﺌﻠﺔ ،ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﺜﻤﻥ ﻜﺎﻥ ﻓﺎﺩﺤﺎ ﻭﻤﻥ ﺩﻓﻌﻪ ﻫﻡ ﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺀ ﺒﺎﻟﻁﺒﻊ.
ﻓﻤﻊ ﺍﺯﺩﻴﺎﺩ ﺍﻟﺜﺭﻭﺍﺕ ﺍﺯﺩﺍﺩﺕ ﺼﻔﻭﻑ ﺍﻟﻌﺎﻁﻠﻴﻥ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ،ﻭﻤﻊ ﺘﺭﺍﻜﻡ ﺍﻹﺭﺒﺎﺡ ﺘﺭﺍﻜﻡ ﺍﻟﺒﺅﺱ ﻭﺍﻟﺠﻭﻉ ،ﺍﻟﻤﻠﻴﺎﺭﺍﺕ ﺠﻨﺎﻫـﺎ
ﺒﻀﻊ ﻤﺌﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻷﻏﻨﻴﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻭﺍﻟﺠﻭﻉ ﻫﻭ ﻨﺼﻴﺏ ﻤﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﻼﻴﻴﻥ ،ﻭ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻋﺩﺕ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﻜﺠﺎﺌﺯﺓ ﻟﻠﺸﻌﻭﺏ
ﺍﻟﺭﺍﺯﺤﺔ ﺘﺤﺕ ﻨﻴﺭ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺴﻭﻯ ﺃﻜﺫﻭﺒﺔ ﻜﺒﺭﻯ ،ﻓﺎﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻤﻭﻋﻭﺩﺓ ﺤﻤﻠﺘﻬﺎ ﻁـﺎﺌﺭﺍﺕ ﺍﻟــ ﻑ ١٦ﻋﻠـﻰ
ﺃﺠﻨﺤﺘﻬﺎ ﻭﺼﺒﺘﻬﺎ ﺤﻤﻤﺎ ﻓﻭﻕ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻠﻘﺎﻥ ﻭ ﺃﻓﻐﺎﻨﺴﺘﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﻓﻠﺴﻁﻴﻥ ،ﻭﻟﻡ ﺘﺘﻭﻗﻑ ﺍﻟﻤﺨﺎﺒﺭﺍﺕ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﻋـﻥ
ﺘﻨﻅﻴﻡ ﻤﺤﺎﻭﻻﺕ ﺍﻻﻨﻘﻼﺏ ﺍﻟﺩﻤﻭﻴﺔ ﻀﺩ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﺨﺒﺔ ﻓﻲ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﺍﻟﺠﻨﻭﺒﻴﺔ ،ﻁﺒﻌﺎ ﺇﻟﻰ ﺠﺎﻨﺏ ﺩﻋﻡ ﻭﻤﺴﺎﻨﺩﺓ ﺃﻜﺜﺭ ﺃﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺤﻜـﻡ
ﺍﺴﺘﺒﺩﺍﺩﺍ ﻭﺩﻜﺘﺎﺘﻭﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺃﻓﺭﻴﻘﻴﺎ ﻭﺁﺴﻴﺎ ﻭ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﺍﻟﺠﻨﻭﺒﻴﺔ ،ﺤﺘﻰ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻋﺘﺒﺭﻫﺎ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﻭﺍﺤﺎﺕ ﻟﻠﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺘﺘﺂﻜل
ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﻴﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﻴﻭﻡ ،ﺃﺼﺒﺢ ﻤﺸﻬﺩ ﻗﻤﻊ ﺍﻟﻤﻅﺎﻫﺭﺍﺕ ﻭﻀﺭﺏ ﺍﻟﻤﺘﻅﺎﻫﺭﻴﻥ ﻭﺠﺭﻫﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻤـﻥ ﻗﺒـل
ﻗﻭﺍﺕ ﺍﻷﻤﻥ ﻤﺸﻬﺩﺍ ﻤﺄﻟﻭﻓﺎ ﻓﻲ ﺩﻭل ﻏﺭﺏ ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ﻭﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ،ﻭﺘﺼﺎﻋﺩﺕ ﺒﺸﺩﻩ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﻤﺘﻁﺭﻓﺔ ﺍﻟﻴﻤﻴﻨﻴـﺔ ﻭﻨﻤـﺕ ﻨﺯﻋـﺔ
ﺍﻟﻌﺩﺍﺀ ﻟﻸﺠﺎﻨﺏ ﻭ ﺘﺤﺕ ﺸﻌﺎﺭ ﺤﺭﺏ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﺼﺩﺭﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭل )ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ( ﺘﺭﺴﺎﻨﺔ ﻤـﻥ ﺍﻟﺘـﺸﺭﻴﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻴـﺔ ﻟﻠﺤﺭﻴـﺎﺕ
ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺃﻁﻠﻘﺕ ﺃﻴﺩﻱ ﺃﺠﻬﺯﺓ ﺍﻷﻤﻥ ﻭ ﺍﻟﺘﺠﺴﺱ ﻓﻲ ﻤﻼﺤﻘﺔ ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ،ﻤﺭﺓ ﺃﺨﺭﻱ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻤـﻥ ﻨـﺼﻴﺏ ﺍﻷﻏﻨﻴـﺎﺀ
ﻭﺤﺩﻫﻡ ﻭﻜﺎﻥ ﻨﺼﻴﺏ ﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺀ ﻫﻭ ﺍﻻﻀﻁﻬﺎﺩ ﻭ ﺍﻟﻤﻼﺤﻘﺔ ﻭ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻭﻋﻭﺩ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺃﻜﺜﺭ ﺼﺩﻗﺎ ﻤﻥ ﻭﻋﻭﺩ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ .ﻭ ﺒﻌﺩ
ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﻜﺎﻥ )ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻟﺴﻼﻡ( ﻫﻭ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﺭﻓﻌﺘﻪ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ،ﻭﺍﺩﻋﻲ ﻗـﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤـﺔ ﺃﻥ ﺘﻭﺤﻴـﺩ
ﺍﻟﺴﻭﻕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻭ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﺍﻟﺤﻭﺍﺠﺯ ﺴﻴﻜﻭﻥ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﺍﻷﻜﺒﺭ ﻀﺩ ﻨﺸﻭﺏ ﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﺒﻴﻥ ﺩﻭل ﻤﺘﺭﺍﺒﻁﺔ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺎ .ﻤﺎ ﺤـﺩﺙ ﺃﻨـﻪ ﻓـﻲ
ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻋﺎﺩﺕ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺒﺎﻟﻌﺎﻟﻡ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻨﺼﻑ ﻗﺭﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺯﻤﺎﻥ ﺇﻟﻲ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﻜﻤـﺎ ﻓـﻲ ﺍﻟﻌـﺭﺍﻕ ﻭ
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﱰﺍﻛﻴﺔ ـ ﻣﺼﺮ
٤
www.e-socialists.net
ﺃﻓﻐﺎﻨﺴﺘﺎﻥ ،ﻭ ﻓﺘﺤﺕ ﺤﺎﻤﻼﺕ ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺍﺕ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺃﻤﺎﻡ ﺤﺎﻤﻼﺕ ﺍﻟﻨﻔﻁ ﻭ ﺃﺼﺒﺢ ﻜل ﻤﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻓﻲ ﻤﺩﻱ ﺍﻟﺼﻭﺍﺭﻴﺦ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ
ﻭ ﺍﺭﺘﻔﻌﺕ ﺃﺴﻬﻡ ﺸﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻭ ﺍﻟﺒﺘﺭﻭل ﻤﻊ ﺘﺤﻠﻴﻕ ﻁﺎﺌﺭﺍﺕ ﺍﻟـ ﺒﻲ ٠٥٢ﺍﻻﺴﺘﻐﻼل ﻭ ﺍﻹﻓﻘﺎﺭ ،ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﻭﺍﻟﻘﻤﻊ ،ﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﻭ
ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ،ﺍﺨﺘﺼﺭﺕ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻜل ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﻜﻠﻤﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ) ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ( ﻫﺫﺍ ﻫﻭ ﻤﺎ ﺘﺤﻘﻕ ﻓﻲ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻭ ﻫﺫﺍ ﻫﻭ ﺍﻟﺜﻤﻥ ﺍﻟـﺫﻱ
ﺩﻓﻌﺘﻪ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ﻟﺘﺘﺭﺍﻜﻡ ﺜﺭﻭﺍﺕ ﺨﺭﺍﻓﻴﺔ ﻟﻡ ﻴﺸﻬﺩﻫﺎ ﺍﻟﻌﻠﻡ ﻤﻥ ﻗﺒل.
ﻭﻫﻜﺫﺍ ﺃﺼﺒﺢ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ) ﻗﺭﻴﺔ ﻟﻠﺒﻀﺎﺌﻊ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ( ﻭ ﻟﻜﻨﻪ ﺃﻴﻀ ﹰﺎ ﺃﺼﺒﺢ ﺴﺎﺤﺔ ﻭﺍﺴﻌﺔ ﻟﻠﻨﻀﺎل ﻀﺩ ﻜل ﻤـﺎ ﺨﻠﻘﺘـﻪ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤـﺔ
ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻓﺤﻴﺙ ﺘﺤل ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﻭ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﻴﺴﺘﻘﺒﻠﻬﺎ ﻨﻀﺎل ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ﻤﺜﻠﻤﺎ ﺍﻨﺘﻔﺽ ﺍﻟﻔﻼﺤﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻙ ﻀـﺩ
ﺍﻹﻓﻘﺎﺭ ﺴﻨﺔ ١٩٩٤ﻭﻜﻤﺎ ﺍﻨﺘﻔﺽ ﺍﻟﻔﻼﺤﻭﻥ ﻓﻲ ﻤﺼﺭ ﺴﻨﺔ ١٩٩٧ﻀﺩ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﻨﺯﻉ ﺍﻷﺭﺍﻀﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﺄﺠﺭﺓ ﻭ ﺇﻀﺭﺍﺏ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﺍﻟﻌـﺎﻡ
ﻓﻲ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﺴﻨﺔ ، ١٩٩٥ﻭ ﺇﻀﺭﺍﺏ ﻋﻤﺎل ﻜﻔﺭ ﺍﻟﺩﻭﺍﺭ ﻓﻲ ﻤﺼﺭ ﺴﻨﺔ ١٩٩٤ﻀﺩ ﺍﻀﻁﻬﺎﺩ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ،ﻭ ﺍﻻﻨﺘﻔﺎﻀﺎﺕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭﻴـﺔ
ﻓﻲ ﺇﻨﺩﻭﻨﻴﺴﻴﺎ ﻭ ﺍﻷﺭﺠﻨﺘﻴﻥ ﻭ ﺒﻭﻟﻴﻔﻴﺎ ﺍﻹﻜﻭﺍﺩﻭﺭ ﻭﺒﻴﺭﻭ ﻭ ﺍﻟﺭﺍﻴﺎﺕ ﺍﻷﻤﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻟﺘﻑ ﺤﻭﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﻨﺎﻀﻠﻭﻥ ﻤﻥ ﻜل ﻤﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻓﻲ
ﺴﻴﺎﺘل ﻭ ﻜﻴﺒﻙ ﻭ ﺠﻨﻭﺓ ﻭ ﻜﺎﻨﻜﻭﻥ ﻭ ﺤﺎﺼﺭﻭﺍ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﻓﻲ ﻜل ﻤﻜﺎﻥ ،ﻭﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺨﺭﺠﺕ ﻟﺘﻨﺎﻫﺽ ﺍﻟﺤـﺭﺏ ﻋﻠـﻲ
ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭ ﺘﻜﺸﻑ ﻭﺠﻬﻬﺎ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻱ .ﻫﺠﻭﻡ ﺸﺭﺱ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻭ ﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﻤﺴﺘﻤﻴﺘﺔ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺀ ،ﺩﻭل ﺘـﺴﻘﻁ
ﺘﺤﺕ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ،ﻭﺃﻨﻅﻤﺔ ﺘﺴﻘﻁ ﺘﺤﺕ ﻀﺭﺒﺎﺕ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭﻴﺔ ﻭ ﺍﻹﻀﺭﺍﺒﺎﺕ ﻜﺒﻭﻟﻴﻔﻴﺎ ،ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺘﺤﻭل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺇﻟـﻲ ﺴـﺎﺤﺔ
ﻟﻠﺘﺠﺎﺭﺓ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ﺘﺤﻭﻟﻪ ﺇﻟﻲ ﺴﺎﺤﺔ ﻟﻠﻨﻀﺎل .ﻭﻋﻠﻲ ﺠﺎﻨﺒﻲ ﺍﻟﻤﺘﺎﺭﻴﺱ ﻴﺯﺩﺍﺩ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﻴﻭﻤﺎ ﺒﻌﺩ ﻴﻭﻡ ﺍﺤﺘﺩﺍﻤﺎ ﻭﻴﺼﺒﺢ ﺸﻜل ﺍﻟﻌـﺎﻟﻡ
ﺃﻜﺜﺭ ﻓﺄﻜﺜﺭ ﻤﺜﻠﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺒﺩﻭ ﻗﺒﻴل ﺍﻟﺘﻐﻴﺭﺍﺕ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ.
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﱰﺍﻛﻴﺔ ـ ﻣﺼﺮ
٥
www.e-socialists.net
ﺍﻟﻌﻮﳌﺔ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ :ﺇﻋﻼﻥ ﻟﻠﺤﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍء
ﻓﻲ ﺘﻘﺭﻴﺭﻫﺎ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻓﻲ ﺃﻜﺘﻭﺒﺭ ٢٠٠٣ﺃﻋﻠﻨﺕ ﻤﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺯﺭﺍﻋﺔ ﻭ ﺍﻷﻏﺫﻴﺔ )ﺍﻟﻔﺎﻭ( ﺃﺭﻗﺎﻤﺎ ﻤﺨﻴﻔﺔ .ﻁﻔل ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻌﺎﺸﺭﺓ ﻴﻤﻭﺕ
ﻜل ﺴﺒﻊ ﺜﻭﺍﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺒﺴﺒﺏ ﺍﻟﺠﻭﻉ ،ﻭ ﺸﺨﺹ ﻴﻔﻘﺩ ﺒﺼﺭﻩ ﻜل ﺃﺭﺒﻊ ﺩﻗﺎﺌﻕ ﺒﺴﺒﺏ ﺴﻭﺀ ﺍﻟﺘﻐﺫﻴﺔ ،ﺍﺭﺘﻔﻊ ﻋﺩﺩ ﺍﻟﺠﻴﺎﻉ ﻓـﻲ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻡ
ﺇﻟﻲ ٨٤٠ﻤﻠﻴﻭﻥ ﺸﺨﺹ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ ٢٠٠٢ﺒﺯﻴﺎﺩﺓ ﻗﺩﺭﻫﺎ ٢٥ﻤﻠﻴﻭﻥ ﻋﻥ ﻋﺎﻡ .٢٠٠١ﻫﺫﻩ ﺍﻷﺭﻗﺎﻡ ﻻ ﺘﺘﺤﻘﻕ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﻀﺭﺒﺕ ﻜﺎﺭﺜـﺔ
ﺭﻫﻴﺒﺔ ﻜﻭﻜﺏ ﺍﻷﺭﺽ ﺃﻭ ﺃﻥ ﺤﺭﺒﺎ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﺘﺩﻭﺭ ﺭﺤﺎﻫﺎ ﻭ ﺘﺄﻜل ﻜل ﺸﻲﺀ ،ﻭﺇﺫﺍ ﻜﻨﺎ ﻟﻡ ﻨﻠﺤﻅ ﻜﺎﺭﺜﺔ ﻜﻭﻨﻴﺔ ﻜﺎﻓﻴﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺩﺭ
ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻭﻉ ،ﻓﺈﻥ ﻤﻼﻤﺢ ﺤﺭﺏ ﺘﺨﻭﻀﻬﺎ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺘﺤﺕ ﺍﺴﻡ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﺘﺒﺩﻭ ﻭﺍﻀﺤﺔ ﺒﻜل ﺠﺭﺍﺌﻤﻬـﺎ .ﺇﻥ ﻤـﺎ ﺠـﺎﺀ ﻓـﻲ
ﺘﻘﺭﻴﺭ)ﺍﻟﻔﺎﻭ( ﻟﻴﺱ ﻜل ﺸﻲﺀ ،ﻓﺄﻭﻀﺎﻉ ﺍﻟﻔﻘﺭ ﻭﺍﻟﺠﻭﻉ ﺘﻨﺯﻟﻕ ﺒﺴﺭﻋﺔ ﺸﺩﻴﺩﺓ ﻨﺤﻭ ﺍﻷﺴﻭﺃ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻡ ﺘﻜﻔﻲ ﻤﻭﺍﺭﺩﻩ ﺍﻟﻤﺘﺤﻘﻘـﺔ ﺒﺎﻟﻔﻌـل
ﻹﻁﻌﺎﻡ ١٢ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺸﺨﺹ ،ﺃﻱ ﻀﻌﻑ ﺴﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ .ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺒﺎﻟﺫﺍﺕ ﻴﻌﻴﺵ ٣ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺸﺨﺹ ﺘﺤﺕ ﺨﻁ ﺍﻟﻔﻘﺭ ﻋﻠﻲ ﺃﻗـل
ﻤﻥ ﺩﻭﻻﺭﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﻤﻨﻬﻡ ١,٣ﻤﻠﻴﺎﺭ ﻴﻌﻴﺸﻭﻥ ﻋﻠﻲ ﺃﻗل ﻤﻥ ﺩﻭﻻﺭ ﻭﺍﺤﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﻫﺫﺍ ﻭ ﺘﺘﻤﻨﻰ )ﺍﻟﻔﺎﻭ( ﺃﻥ ﺘﺘﻤﻜﻥ ﻤﻥ ﺨﻔـﺽ
ﻋﺩﺩ ﺍﻟﺠﻴﺎﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻨﺼﻑ ،ﺃﻱ ﺇﻟﻲ ٤٢٠ﻤﻠﻴﻭﻥ ﺒﺤﻠﻭل ،٢٠٤٠ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﺘﻘﺩﻴﺭﺍﺕ ﻜﻠﻬﺎ ﺘﺸﻴﺭ ﺇﻟﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺩﺩ ﻟـﻥ ﻴﻘـل ﺒـل
ﺴﻴﺯﺩﺍﺩ ،ﻭ ﻗﺩ ﺍﻨﺨﻔﻀﺕ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺩﺍﺕ ﺍﻟﻐﺫﺍﺌﻴﺔ ﺍﻟﻤﻘﺩﻤﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ ﻤﻥ ١٥ﻤﻠﻴﻭﻥ ﻁﻥ ﺇﻟﻲ ٩,٦ﻤﻠﻴﻭﻥ ﻁﻥ ،ﻭﺴﻭﻑ ﻴـﻀﺎﻑ
ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ١,٥ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺸﺨﺹ ﺨﻼل ﺍﻟـ ٢٥ﻋﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﺩﻤﺔ.
ﺍﻟﺴﺅﺍل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻁﺭﺡ ﻨﻔﺴﻪ ﺍﻵﻥ ﻫﻭ :ﺃﻴﻥ ﺘﺫﻫﺏ ﻤﻭﺍﺭﺩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ؟ ﺍﻹﺠﺎﺒﺔ ﺒﺴﻴﻁﺔ ﻭﻻ ﺘﺨﻁﺌﻬﺎ ﺍﻟﻌﻴﻥ ،ﻓﺜﺭﻭﺓ ﺃﻏﻨﻲ ٢٠٠ﺭﺠـل
ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺘﻔﻭﻕ ﺍﻟﺘﺭﻴﻠﻴﻭﻥ ﺩﻭﻻﺭ ،ﻭﺜﺭﻭﺓ ٤٧٥ﻤﻠﻴﺎﺭﺩﻴﺭ ﺘﺴﺎﻭﻱ ﻤﺠﻤﻭﻉ ﺩﺨل % ٥٠ﻤﻥ ﺴﻜﺎﻥ ﺍﻷﺭﺽ ،ﻭﺒﻴﻨﻤﺎ ﻴﺤﺘﺎﺝ ﺼﻨﺩﻭﻕ
ﺍﻟﻐﺫﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺇﻟﻲ ٤,٣ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭ ﻹﻨﻘﺎﺫ ١١٠ﻤﻠﻴﻭﻥ ﺸﺨﺹ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻭﺕ ﺠﻭﻋﺎ ،ﻭﻻ ﻴﺴﺘﻁﻴﻊ ﺘـﻭﻓﻴﺭﻫﻡ ،ﺘﻨﻔـﻕ ﺩﻭل ﺍﻟﻌـﺎﻟﻡ
ﺍﻟﻐﻨﻲ ٦٠٠ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭﺍ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﺢ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺘﻨﻔﻕ ﺤﻜﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻔﻘﻴﺭﺓ ٢٠٠ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭﺍ ﺃﻴﻀﺎ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﺢ ،ﻭﻴﺼل ﺤﺠـﻡ
ﺍﻟﺩﻋﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻘﺩﻤﻪ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ ﻟﻠﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺯﺭﺍﻋﻴﺔ ٣٠٠ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭﺍ ،ﻭﻓﻲ ﻋﺎﻟﻡ ﺘﻨﺘﺸﺭ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺒﻁﺎﻟﺔ ﻭﺍﻟﻔﻘﺭ ﻴﺘﻡ ﺇﻨﻔﺎﻕ ٢٥٠ﻤﻠﻴﺎﺭ
ﺩﻭﻻﺭ ﺴﻨﻭﻴﺎ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺩﻋﺎﻴﺔ ﻭﺍﻹﻋﻼﻥ ،ﻭﺘﺒﻴﻥ ﺤﺠﻡ ﻤﺒﻴﻌﺎﺕ ﺍﻟﺸﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﺒﺭﺓ ﻟﻠﻘﻭﻤﻴﺔ ﺩﺭﺠﺔ ﺍﻟﺘﺭﻜﺯ ﻟﻠﺜﺭﻭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻓﺒـﻴﻥ ﻋـﺎﻤﻲ
١٩٩٢ ، ٨٠ﻨﻤﺕ ﻤﺒﻴﻌﺎﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺸﺭﻜﺎﺕ ﻤﻥ ٢,٤ﺘﺭﻴﻠﻴﻭﻥ ﺩﻭﻻﺭﺍ ﺇﻟﻲ ٥,٥ﺘﺭﻴﻠﻴﻭﻥ ﺩﻭﻻﺭﺍ ،ﻭﻓﻲ ١٩٩٤ﻜﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ٣٧ﺃﻟـﻑ
ﺸﺭﻜﺔ ﺃﻡ ﺘﻤﺘﻠﻙ %٣٣ﻤﻥ ﺍﻷﺼﻭل ﺍﻹﻨﺘﺎﺠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻋﺒﺭ ٢٠٠ﺃﻟﻑ ﻓﺭﻉ ،ﺃﻤﺎ ﺍﻵﻥ ﻓﺘﻬﻴﻤﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ٤٠ﺃﻟﻑ ﺸﺭﻜﺔ ﻋـﺎﺒﺭﺓ
ﻟﻠﻘﻭﻤﻴﺔ ﻋﻠﻲ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺜﻠﺜﻲ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ .ﺒﺎﻟﻁﺒﻊ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻨﺼﻴﺏ ﺍﻷﻜﺒﺭ ﻤﻥ ﺍﻹﻓﻘﺎﺭ ﻟﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ،ﻭﻟﻜﻥ ﺸﻌﻭﺏ ﺍﻟـﺩﻭل
ﺍﻟﻤﺘﻘﺩﻤﺔ ﻟﻡ ﺘﻨﺠﻭ ﻫﻲ ﺍﻷﺨﺭﻯ ،ﻓﻘﺩ ﺍﺭﺘﻔﻌﺕ ﻨﺴﺒﺔ ﺍﻟﺒﻁﺎﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺇﻟﻲ %٦ﻓﻲ ،٢٠٠٢ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺸﻁﺭ ﺍﻟﻐﺭﺒـﻲ ﻤـﻥ
ﺃﻟﻤﺎﻨﻴﺎ ﺍﻨﺨﻔﻀﺕ ﻓﺭﺹ ﺍﻟﻌﻤل ﻤﻥ ١٩٩٤ : ٩١ﺒﻨﺤﻭ ﻤﻠﻴﻭﻥ ﻓﺭﺼﺔ ﻋﻤل ،ﻭﻓﻲ ﺸﺭﻜﺔ ﻜﺎﺘﺭﺒﻴﻠﺭ ﻭﺼل ﻴﻭﻡ ﺍﻟﻌﻤل ﺇﻟﻲ ١٢ﺴﺎﻋﺔ
ﻴﻭﻤﻴﺎ ﺒﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻁﻼﺕ ﺩﻭﻥ ﻤﻜﺎﻓﺂﺕ ﺇﻀﺎﻓﻴﺔ ،ﻭﻓﻲ ﻭﻻﻴﺔ ﻜﺎﻟﻴﻔﻭﺭﻨﻴﺎ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺸﻐل ﺒﻤﻔﺭﺩﻫﺎ ﺍﻟﻤﺭﺘﺒﺔ ﺍﻟﺴﺎﺒﻌﺔ ﻓـﻲ ﻗﺎﺌﻤـﺔ ﺍﻟﻘـﻭﻯ
ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ،ﻴﻔﻭﻕ ﺍﻹﻨﻔﺎﻕ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺴﺠﻭﻥ ﺍﻹﻨﻔﺎﻕ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ،ﻭﻓﻲ ﺃﻟﻤﺎﻨﻴﺎ ﺍﻨﺨﻔﺽ ﻨﺼﻴﺏ ﺍﻷﺠﻭﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺘﺞ ﺍﻟﻘﻭﻤﻲ ﺒﻨﺴﺒﺔ
% ١٠ﻓﻲ ﻤﻨﺘﺼﻑ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﻴﺎﺕ ﻤﻘﺎﺭﻨﺔ ﺒﺎﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ ،ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻤﺎ ﻴﺯﻴﺩ ﻋﻠﻲ ٨ﻤﻠﻴﻭﻥ ﻋﺎﻁل ﻴﻌﻴﺸﻭﻥ ﺘﺤﺕ ﺨﻁ ﺍﻟﻔﻘﺭ ﻓـﻲ ﺍﻟﻭﻗـﺕ
ﺍﻟﺫﻱ ﺍﺭﺘﻔﻌﺕ ﻓﻴﻪ ﺃﺭﺒﺎﺡ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﺎﺕ ﺒﻨﺴﺒﺔ ،% ٢٧ﻭﺍﻨﺨﻔﻀﺕ ﺍﻷﺠﻭﺭ ﻓﻲ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﺒﻭﺍﻗﻊ % ٢٢ﻋﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﻋﻠﻴﻪ ،١٩٦٨ﺒﻴﻨﻤـﺎ
ﺯﺍﺩﺕ ﺴﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤل ﺒﻭﺍﻗﻊ ١٦٠ﺴﺎﻋﺔ ﺴﻨﻭﻴﺎ ﺃﻱ ﺸﻬﺭ ﻋﻤل ﻜﺎﻤل ،ﻭﻴﻌﻴﺵ ﺸﺨﺹ ﻤﻥ ٨ﻓﻲ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﺘﺤﺕ ﺨـﻁ ﺍﻟﻔﻘـﺭ ﻭ ٤٥
ﻤﻠﻴﻭﻥ ﻻ ﻴﺠﺩﻭﻥ ﺍﻟﺭﻋﺎﻴﺔ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ،ﻭﺜﻠﺙ ﺍﻷﻁﻔﺎل ﻓﻲ ﺇﻨﺠﻠﺘﺭﺍ ﻴﻨﺸﺌﻭﻥ ﺘﺤﺕ ﺨﻁ ﺍﻟﻔﻘﺭ ،ﻭﻓﻲ ﺭﻭﺴﻴﺎ ﻴﻌﻴﺵ ٦٠ﻤﻠﻴﻭﻥ ﺘﺤﺕ ﺨـﻁ
ﺍﻟﻔﻘﺭ.
ﺍﻟﻤﺜﻴﺭ ﻟﻠﺩﻫﺸﺔ ﺃﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﻭﻀﻰ ﺍﻟﺸﺎﻤﻠﺔ ﺘﻘﻑ ﻭﺭﺍﺌﻬﺎ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﻤﻨﻅﻤﺔ ﻭﻭﺍﻋﻴﺔ ،ﻓﻠﻘـﺩ ﻏـﺫﺕ ﺍﻟﺭﺃﺴـﻤﺎﻟﻴﺔ ﻁـﻭﺍل ﻋﻤﺭﻫـﺎ
ﺍﻟﻼﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻭﻓﻭﻀﻰ ﺍﻟﺴﻭﻕ ،ﻭﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻡ ﺘﺤﺩ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻨﻬﺞ ،ﺒل ﺍﻨﺩﻓﻌﺕ ﻓﻴﻪ ﺒﺄﻗﺼﻰ ﺴﺭﻋﺔ ،ﻭﻟﻘﺩ ﻋﺒﺭ ﺭﺠﺎل
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﱰﺍﻛﻴﺔ ـ ﻣﺼﺮ
٦
www.e-socialists.net
ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﻴﻥ ﻭﻜﺒﺎﺭ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﻴﻥ ﺒﻭﻀﻭﺡ ﻭﺩﻭﻥ ﻤﻭﺍﺭﺒﺔ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ") :ﺇﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺭﻓﺎﺓ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺘﻬﺩﻴﺩﺍ ﻟﻠﻤـﺴﺘﻘﺒل ،ﻭﺇﻥ
ﺸﻴﺌﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻼﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻗﺩ ﺃﻀﺤﻰ ﺃﻤﺭﺍ ﻻ ﻤﻨﺎﺹ ﻤﻨﻪ" ".ﺇﻥ ﺍﻟﺘﺤﻭل ﻗﺩ ﺃﻀﺤﻰ ﺃﻤﺭﺍ ﻻ ﻤﻔﺭ ﻤﻨﻪ" ".ﺇﻥ ﻋﻠﻲ ﻜل ﻓﺭﺩ ﺃﻥ ﻴﺘﺤﻤل ﻗـﺴﻁ
ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺔ"" .ﻟﻘﺩ ﺘﺤﻭﻟﺕ ﺭﻴﺢ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﺇﻟﻲ ﺯﻭﺒﻌﺔ ﻭﺼﺎﺭ ﺍﻹﻋﺼﺎﺭ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻴﻘﻑ ﻋﻠﻲ ﺍﻷﺒـﻭﺍﺏ"" .ﺇﻥ % ٢٠ﻤـﻥ ﺍﻟـﺴﻜﺎﻥ
ﺍﻟﻌﺎﻤﻠﻴﻥ ﺴﻴﻜﻔﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﻘﺎﺩﻡ )ﺍﻟـ ( ٢١ﻟﻠﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﻭﺍﻟـ % ٨٠ﺍﻟﺒﺎﻗﻭﻥ ﺴﻴﻔﻴﻀﻭﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﺎﺠﺔ(".
ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﻘﻘﺔ ﻋﻠﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﺘﺅﻜﺩ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ ﺴﺘﻜﻭﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﻓﺩﺍﺤﺔ ،ﻭﻜﺎﻥ ﻤﻀﻤﻭﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟـﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﻫـﻭ ﺍﻟـﺩﻋﻡ
ﺍﻟﻤﻁﻠﻕ ﻟﻠﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻲ ﺤﺴﺎﺏ ﺍﻟﻁﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﻔﻘﻴﺭﺓ ،ﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﺃﻁﻠﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻭﻋـﺩ ﻤﻨﻅﻭﺭﻫـﺎ ﺒﺄﻨﻬـﺎ ﺴـﺘﺘﺤﻘﻕ
ﺍﻻﺯﺩﻫﺎﺭ ﻋﺒﺭ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﻭﺍﻟﻌﺭﺽ ﻭﺍﻟﻁﻠﺏ ،ﻤﺎ ﻟﻡ ﺘﺘﺩﺨل ﺍﻟﺩﻭل ﻹﻋﺎﻗﺔ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻷﻤﻭﺍل ﻭﺘﻘﻴﺩﻫﺎ ﺒﻭﺍﺠﺒﺎﺕ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﻟﻘﺩ ﻗـﺎﺩ
ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﻭﺍﻟﺒﻨﻙ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﻭﻤﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴـﺔ ﻭﺍﻟﺘﻜـﺘﻼﺕ ﻭﺍﻟﺘﺠﻤﻌـﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘـﺼﺎﺩﻴﺔ،
ﻭﻓﺭﻀﺕ ﺸﺭﻭﻁﺎ ﺼﺎﺭﻤﺔ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻤﻠﺔ ﻤﻌﻬﺎ؛ ﻟﻤﻨﺢ ﺍﻟﻘﺭﻭﺽ ﻭﻋﻘﺩ ﺍﻻﺘﻔﺎﻗﻴﺎﺕ .ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺃﻫﻡ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﻤﻠﺔ
ﻟﺤﺭﻜﺔ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻷﻤﻭﺍل ﻓﻲ ﺍﻟﺩﺨﻭل ﻭﺍﻟﺨﺭﻭﺝ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺩﻭل ،ﻭﺨﻔﺽ ﺍﻹﻨﻔﺎﻕ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺩﻋﻡ ﺍﻟﻤﻭﺠﻪ ﻟﻠﻁﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﻔﻘﻴﺭﺓ ،ﻭﺍﻨﺴﺤﺎﺏ ﺍﻟﺩﻭل
ﻤﻥ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻹﻨﺘﺎﺝ ﻭﺍﻟﺘﻭﺯﻴﻊ ﺒﺨﺼﺨﺼﺔ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﻤﻠﻭﻜﺔ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ،ﻭﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻓﻲ ﻤـﺸﺭﻭﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴـﺔ،
ﻭﺭﻓﻊ ﺍﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﻤﺎل ،ﻭﺘﺭﻙ ﺴﻭﻕ ﺍﻟﻌﻤل ﻟﻠﻌﺭﺽ ﻭﺍﻟﻁﻠﺏ ﺩﻭﻥ ﺘﺩﺨل ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻭﺨﻔﺽ ﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ﻋﻠﻲ ﺍﻻﺴﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ،ﻭﺇﺯﺍﻟﺔ
ﺍﻟﺤﻭﺍﺠﺯ ﺍﻟﺠﻤﺭﻜﻴﺔ ﻭﺘﺭﻙ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﺍﻟﺤﺭﺓ ﺘﻘﻭﻡ ﺒﺩﻭﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ،ﻭﻭﻗﻑ ﺩﻋﻡ ﺍﻟﻌﻤﻠﺔ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻭﺘﺤﺭﻴﺭ ﺴﻌﺭ ﺍﻟﺼﺭﻑ ،ﻭﺘـﺸﺠﻴﻊ
ﺇﻗﺭﺍﺽ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻭﺘﻭﻓﻴﺭ ﺍﻟﻤﻨﺎﺥ ﺍﻟﻤﻼﺌﻡ ﻟﻼﺴﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ .ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﻜﺎﻥ ﻤﻌﻨﺎﻫﺎ ﻓﺘﺢ ﻜﺎﻓﺔ ﺍﻷﺒﻭﺍﺏ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﺭﺃﺴـﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﺠﻨـﻲ
ﺃﺭﺒﺎﺡ ﻁﺎﺌﻠﺔ ،ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺘﺤل ﺃﻱ ﺃﻋﺒﺎﺀ ﺃﻭ ﻤﺨﺎﻁﺭ ،ﻭﻴﻜﻔﻲ ﻋﻠﻲ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﻤﺜﺎل ﺃﻨﻪ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﻤﻀﺎﺭﺒﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻌﻤﻠﺔ ﻓـﻲ ﻋـﺎﻡ
١٩٩٢ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺕ ﻤﺅﺴﺴﺔ ﻜﻭﺍﻨﺘﻡ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺃﻥ ﺘﺤﻘﻕ ﺭﺒﺤﺎ ﻗﺩﺭﻩ ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭ ﻓﻲ ﻟﻤﺢ ﺍﻟﺒﺼﺭ ،ﻭﻜﺎﻨﺕ ﻤﻥ ﻨﺘﺎﺌﺞ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻓﻘـﺩﺍﻥ
ﺍﻟﺠﻨﻴﻪ ﺍﻹﺴﺘﺭﻟﻴﻨﻲ %٩ﻤﻥ ﻗﻴﻤﺘﻪ ،ﻭﺘﺴﺒﺏ ﺍﻟﻤﻀﺎﺭﺒﻭﻥ ﻓﻲ ﻋﺎﻤﻲ ٩٣ : ٩٢ﻓﻲ ﺍﻨﻬﻴﺎﺭ ﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻲ .ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ ﻓـﻲ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ﺃﻜﺜﺭ ﻜﺎﺭﺜﺔ ،ﻓﺩﻭل ﺸﺭﻕ ﺃﺴﻴﺎ ﻀﺭﺒﻬﺎ ﺍﻟﺭﻜﻭﺩ ﻭﺍﻨﻬﺎﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻹﻨﺩﻭﻨﻴﺴﻲ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻓﻘﺩﺕ ﺍﻟﻌﻤﻠﺔ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ "ﺍﻟﺒﻴﺯﻭ" ٧٧
%ﻤﻥ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ .ﻭﺇﺯﺍﺀ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻔﻭﻀﻰ ﻭﺍﻷﺯﻤﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺘﺠﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﻟﺤﺭﻜﺔ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻷﻤﻭﺍل ﻭﺘﻌﺎﻤﻼﺘﻬﺎ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺍﻟﺤل ﻤـﻥ
ﻭﺠﻬﺔ ﻨﻅﺭ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﻭﻀﻊ ﺃﻱ ﻗﻴﻭﺩ ﻋﻠﻲ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻷﻤﻭﺍل ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻀﺎﺭﺒﺎﺕ ،ﺒل ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻌﻜﺱ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤل ﻫﻭ ﺇﻋﻁﺎﺀ ﺍﻟﻤﺯﻴـﺩ
ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺯﺍﻴﺎ ﻭﺍﻷﺭﺒﺎﺡ ﻟﺭﺅﻭﺱ ﺍﻷﻤﻭﺍل ﻹﻗﻨﺎﻋﻬﺎ ﺒﺎﻟﻤﻜﻭﺙ .ﻓﺘﺴﺎﺒﻘﺕ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺎﺕ ﻓﻲ ﺠﺫﺏ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻷﻤﻭﺍل ﻋﺒﺭ ﺨﻔﺽ ﺍﻟـﻀﺭﺍﺌﺏ،
ﻭﺨﻔﺽ ﺘﻜﻠﻔﺔ ﺍﻟﻌﻤل ﻭﺘﻌﻅﻴﻡ ﺍﻷﺭﺒﺎﺡ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ .ﻭﻓﻭﻕ ﺫﻟﻙ ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺩﻋﻡ ﺍﻟﻨﻘﺩﻱ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭ ﺍﻟﻤﻘﺩﻡ ﻟﻠﻤﺴﺘﺜﻤﺭﻴﻥ ﻴﻔﻭﻕ ﺤﺩ ﺍﻟﺴﻔﻪ ،ﻓﻠﻘـﺩ
ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺕ ﺸﺭﻜﺔ "ﺴﺎﻤﺴﻭﻨﺞ" ﺍﻟﻜﻭﺭﻴﺔ ﻤﺘﻌﺩﺩﺓ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ﺃﻥ ﺘﺤﺼل ﻋﻠﻲ ١٠٠ﻤﻠﻴﻭﻥ ﺩﻭﻻﺭ ﻤﻥ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﺨﺯﺍﻨﺔ ﺍﻟﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴـﺔ ﻟﻜـﻲ
ﺘﺴﺘﺜﻤﺭ ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭ ،ﻭﺩﻓﻌﺕ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﻟﺸﺭﻜﺔ "ﻤﺭﺴﻴﺩﻴﺱ" ﺘﺒﺭﻋﺎﺕ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺇﻨﺸﺎﺀ ﻤﺼﻨﻊ ﻹﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﺘﺴﺎﻭﻱ ﺭﺒـﻊ ﺍﻟﻤﺒـﺎﻟﻎ
ﺍﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻉ .ﺃﻤﺎ ﻓﻲ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﻓﻘﺩ ﺩﻓﻌﺕ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﺸﺭﻜﺔ % ٥٥ﻓﻘﻁ ﻤﻥ ﺤﺠﻡ ﺍﻻﺴﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ،ﻭﺤـﺼﻠﺕ ﻋﻠـﻲ ﺍﻟﺒـﺎﻗﻲ
ﻜﺈﻋﺎﻨﺔ ،ﻴﺤﺩﺙ ﻫﺫﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺨﻔﺽ ﻓﻴﻪ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﺭﻋﺎﻴﺔ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺼﺤﻴﺔ.
ﺃﻤﺎ ﻓﻲ ﻤﺼﺭ ﻓﻘﺩ ﺤﺼل ﺍﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺭﻭﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻨﻭﻙ ﺤﺘﻰ ﻋﺎﻡ ٢٠٠٠ﻋﻠﻲ ﻗﺭﻭﺽ ﺘﺴﺎﻭﻱ ١٥٠,٤ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺠﻨﻴﻪ ﻤﻨﻬـﺎ ٢٣,٩
ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺠﻨﻴﻪ ﺩﻴﻭﻥ ﻤﺸﻜﻭﻙ ﻓﻲ ﺭﺩﻫﺎ ،ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﺩﻓﻌﺕ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﺴﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ﻫﺎﺌﻠﺔ ﻟﺭﺒﻁ ﻤﻭﺍﻗﻊ ﺍﻹﻨﺘﺎﺝ ﺒﻤﻨﺎﻓﺫ ﺍﻟﺘﺼﺩﻴﺭ
ﻭﺘﺤﺴﻴﻥ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻼﺴﺘﺜﻤﺎﺭ ،ﻭﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺘﺤﻴﻁ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻻﺕ ﻗﺎﻤﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟـﺔ ﺒﺒﻴـﻊ ﻭﺤـﺩﺍﺕ ﺍﻟﻘﻁـﺎﻉ ﺍﻟﻌـﺎﻡ
ﻟﻠﻤﺴﺘﺜﻤﺭﻴﻥ ﺒﺄﺴﻌﺎﺭ ﺃﻗل ﻜﺜﻴﺭﺍ ﻤﻥ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ،ﻓﻠﻘﺩ ﺒﺎﻋﺕ ﻓﻨﺩﻕ ﺍﻟﻤﻴﺭﻴﺩﻴﺎﻥ ﺒﻤﺎ ﻴﺴﺎﻭﻱ % ٤٠ﻤﻥ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻭﺒﺎﻋﺕ
ﺸﺭﻜﺔ "ﺍﻟﻤﺭﺍﺠل ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻴﺔ" ﺒـ ١٧ﻤﻠﻴﻭﻥ ﺩﻭﻻﺭﺍ ،ﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺃﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﺘﺎﺒﻌﺔ ﻟﻠﺸﺭﻜﺔ ﻭﺤﺩﻫﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺴﺎﻭﻱ ١١٥ﻤﻠﻴـﻭﻥ ﺩﻭﻻﺭ
ﻭﺴﻁ ﺍﺤﺘﺠﺎﺠﺎﺕ ﻋﻤﺎل ﺍﻟﺸﺭﻜﺔ ،ﻭﺃﻴﻀﺎ ﺸﺭﻜﺔ "ﺒﻴﺒﺴﻲ ﻜﻭﻻ" ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺸﺘﺭﺍﻫﺎ ﺃﺤﺩ ﺭﺠﺎل ﺍﻷﻋﻤﺎل ﺒـ ١٥٦ﻤﻠﻴﻭﻥ ﺠﻨﻴﻪ ﺜـﻡ ﺒﺎﻋﻬـﺎ
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﱰﺍﻛﻴﺔ ـ ﻣﺼﺮ
٧
www.e-socialists.net
ﻟﺸﺭﻜﺔ "ﺒﻴﺒﺴﻲ ﻜﻭﻻ" ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺒـﺘﺴﻌﺔ ﺃﻀﻌﺎﻑ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺒﻠﻎ ﻴﻀﺎﻑ ﺇﻟﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻹﻋﻔﺎﺀ ﻤﻥ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ﻋﻠﻲ ﺍﻷﺭﺒﺎﺡ ﻟﻤﺩﺩ ﺘﺘـﺭﺍﻭﺡ
ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺨﻤﺴﺔ ﺴﻨﻭﺍﺕ ﺇﻟﻲ ﻋﺸﺭﻴﻥ ﺴﻨﺔ.
ﻭﻟﻡ ﻴﻜﺘﻔﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺭﻭﻥ ﺒﻜل ﻫﺫﻩ ﺍﻻﻤﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ،ﺒل ﺤﺘﻰ ﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻘﺔ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﻻ ﺘﺩﻓﻊ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﺩﻭﻟـﺔ ﻋﺒـﺭ ﻋﻤﻠﻴـﺎﺕ
ﺘﻼﻋﺏ ﻤﺸﺭﻭﻋﺔ ﺠﺩﺍ ،ﻋﺒﺭ ﺘﺴﻭﻴﺔ ﺍﻟﺤﺴﺎﺒﺎﺕ ﺒﻴﻥ ﻓﺭﻭﻉ ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﺩﻭل ﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﻠﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭﺓ ،ﻭﺘﺭﻜﻴﺯ ﺍﻷﺭﺒـﺎﺡ
ﻓﻲ ﺃﻓﺭﻉ ﺘﺘﻤﺘﻊ ﺒﺈﻋﻔﺎﺀ ﻀﺭﻴﺒﻲ ﺃﻭ ﻀﺭﺍﺌﺏ ﻤﻨﺨﻔﻀﺔ ﻟﻠﻐﺎﻴﺔ .ﻭﻓﻲ ﻋﺎﻡ ١٩٩٦ﻟﻡ ﺘﺩﻓﻊ ﺸﺭﻜﺔ "ﺴﻴﻤﻨﺯ" ﻟﻺﻟﻜﺘﺭﻭﻨﻴـﺎﺕ ﻀـﺭﺍﺌﺏ
ﻟﺨﺯﺍﻨﺔ ﻭﺯﺍﺭﺓ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻷﻟﻤﺎﻨﻴﺔ ﻋﻠﻲ ﺃﺭﺒﺎﺡ ﺒﻠﻐﺕ ٢,١ﻤﻠﻴﺎﺭ ﻤﺎﺭﻙ ﻋﺒﺭ ﺘﺤﻭﻴل ﻤﻘﺭﻫﺎ ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﻲ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ،ﻴﺤﺩﺙ ﻫـﺫﺍ ﺃﻴـﻀﺎ
ﻋﺒﺭ ﺘﺩﺍﻭل ﻟﻭﺍﺯﻡ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﺒﻴﻥ ﺃﻓﺭﻉ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﺒﺄﺴﻌﺎﺭ ﻤﺒﺎﻟﻎ ﻓﻴﻬﺎ ﻹﺨﻔﺎﺀ ﺍﻷﺭﺒﺎﺡ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ.
ﻟﻘﺩ ﺘﺠﺎﻭﺯﺕ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺩﻋﻡ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ـ ﺘﺤﺕ ﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ـ ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﻤﻔﻬﻭﻤﺔ ،ﻓﻔـﻲ ﻋـﺎﻡ ٢٠٠٢ﻗـﺩﻤﺕ
ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﻟﻜﺒﺎﺭ ﺯﺭﺍﻉ ﺍﻟﻘﻁﻥ ﻓﻲ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﻭﻋﺩﺩﻫﻡ ٢٥ﺃﻟﻑ ﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻲ ﺯﺭﺍﻋﻲ ﺩﻋﻤﺎ ﻤﺎﻟﻴﺎ ﻗﺩﺭﻩ ٣,٩ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭ،
ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﺯﻴﺩ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻘﻴﻤﺔ ﺍﻹﺠﻤﺎﻟﻴﺔ ﻹﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﻘﻁﻥ ﻓﻲ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﺃﻟﺤﻕ ﺃﻀﺭﺍﺭﺍ ﺒﺎﻟﻐﺔ ﺒﺯﺭﺍﻉ ﺍﻟﻘﻁﻥ ﺍﻟـﺼﻐﺎﺭ ﻓـﻲ ﻤـﺼﺭ
ﻭﺒﺎﻜﺴﺘﺎﻥ ﻭﻤﺎﻟﻲ ﻭﺴﺎﺌﺭ ﻤﻨﺘﺠﻲ ﺍﻟﻘﻁﻥ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ .ﻭﻴﻘﺩﺭ ﺤﺠﻡ ﻤﺎ ﺘﻘﺩﻤﻪ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻟﻠﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺯﺭﺍﻋﻴـﺔ ﻓـﻲ
ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻤﺘﻘﺩﻤﺔ ﺒﺄﻜﺜﺭ ﻤﻥ ٣٠٠ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭ ﺒﻬﺩﻑ ﺩﻋﻡ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺴﻴﺔ ﻟﻠﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺯﺭﺍﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻭل ،ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﺃﺼﺒﺢ ﺃﺜﺭﻩ
ﻜﺎﺒﻭﺴﻴﺎ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻔﻼﺤﻴﻥ ﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺀ ﻓﻲ ﺩﻭل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ .ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺘﺭﺍﻜﻡ ﻓﻴﻪ ﺃﺭﺒﺎﺡ ﻁﺎﺌﻠﺔ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺭﺃﺴـﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺯﺭﺍﻋﻴـﺔ
ﻨﺘﻴﺠﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ،ﻟﻴﺱ ﻫﺫﺍ ﻓﻘﻁ ﺒل ﺃﻥ ﺍﻷﺴﻭﺃ ﻫﻭ ﺃﻥ ﻴﺅﺩﻱ ﺫﻟﻙ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﻋﻠﻲ ﺇﻨﺘﺎﺝ ﻭﺘﻭﺯﻴﻊ ﺍﻟﻐﺫﺍﺀ ﻋﻠﻲ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻤﻥ
ﻗﺒل ﺘﺠﻤﻌﺎﺕ ﺍﺤﺘﻜﺎﺭﻴﺔ ﺘﺩﻴﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﺭﺒﺤﺔ ﺤﺴﺏ ﻤﺼﺎﻟﺤﻬﺎ ﺒﻐﺽ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺇﻁﻌﺎﻡ ﻋﻥ ٦ﻤﻠﻴﺎﺭ ﻫﻡ ﺴﻜﺎﻥ ﺍﻷﺭﺽ ،ﻭﻴﻜﻔـﻲ
ﻤﺜﺎﻻ ﻋﻠﻲ ﺫﻟﻙ ﻤﺎ ﺤﺩﺙ ﻤﻥ ﺍﺭﺘﻔﺎﻉ ﻟﺴﻌﺭ ﺍﻟﻘﻤﺢ ﻋﺎﻟﻤﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ ﻤﻥ ﻤﺎﻴﻭ ٩٥ﺇﻟﻲ ﻤﺎﻴﻭ ١٩٩٦ﺒﻤﻘﺩﺍﺭ ،%٦٠ﻭﻫﻭ ﻤـﺎ ﻜﻠـﻑ
ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻔﻘﻴﺭﺓ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﺭﺩﺓ ﻟﻠﻘﻤﺢ ٣ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭ ﺯﻴﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺃﺴﻌﺎﺭ ﺍﻻﺴﺘﻴﺭﺍﺩ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ.
ﺍﻟﺴﺅﺍل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻁﺭﺡ ﻨﻔﺴﻪ ﻫﻭ :ﻫﺫﻩ ﺍﻻﻤﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﻭﺍﻟﺩﻋﻡ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﻤﻘﺩﻡ ﻟﻠﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟـﺫﻱ ﻴـﺩﻓﻊ ﺜﻤﻨـﻪ ؟
ﻭﺍﻹﺠﺎﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺘﻔﺎﺩﻴﻬﺎ ﻫﻲ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺀ ﻴﺩﻓﻌﻭﻥ ﺜﻤﻥ ﺘﺭﺍﻜﻡ ﺍﻷﺭﺒﺎﺡ ﺍﻟﺨﺭﺍﻓﻴﺔ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺭﻴﻥ .ﻓﻲ ﺩﻴﺴﻤﺒﺭ ٢٠٠١ﻗﺭﺭﺕ
ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺍﻷﺭﺠﻨﺘﻴﻨﻴﺔ ﺨﻔﺽ ﺍﻹﻨﻔﺎﻕ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺒﻭﺍﻗﻊ ،% ٢٠ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻴﺴﺎﻭﻱ ١٠ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭ ،ﻭﺒﻤﺎ ﻴﺘﻀﻤﻥ ﺨﻔﺽ ﺍﻷﺠـﻭﺭ ﺒﻨـﺴﺒﺔ
،%١٣ﻭﺫﻟﻙ ﻹﻗﻨﺎﻉ ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﺒﺎﻹﻓﺭﺍﺝ ﻋﻥ ﻗﺭﺽ ﻗﻴﻤﺘﻪ ١,٣ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭ ،ﻟﻡ ﺘﺘﻤﻜﻥ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺃﺒﺩﺍ ﻤﻥ ﺘﻨﻔﻴـﺫ ﻫـﺫﺍ
ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ؛ ﻷﻥ ﺍﻨﺘﻔﺎﻀﺔ ﺠﻤﺎﻫﻴﺭﻴﺔ ﺃﻁﺎﺤﺕ ﺒﻬﺎ ،ﻭﻟﻜﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﻜﺎﻥ ﻨﻤﻭﺫﺠﺎ ﻟﻠﺘﻜﻠﻔﺔ ﺍﻟﺒﺎﻫﻅﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﺩﻓﻌﻬﺎ ﺍﻟﻜﺎﺩﺤﻭﻥ ﻭ ﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺀ ﻓـﻲ
ﻅل ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻜﻴﻑ ﺍﻟﻬﻴﻜﻠﻲ .ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻙ ﻭ ﻋﺸﻴﺔ ﺍﻻﻨﻬﻴﺎﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﺴﻨﺔ ١٩٩٤ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻤﺸﺭﻭﻋﺎﺕ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴـﺔ ﺘـﺸﻐل
ﻨﺼﻑ ﻤﻠﻴﻭﻥ ﻋﺎﻤل ﻤﻜﺴﻴﻜﻲ ﻓﻲ ﻅل ﺸﺭﻭﻁ ﺸﺎﻗﺔ ﻭ ﻭﺒﺄﺠﺭ ﺃﻗل ﻤﻥ ﺨﻤﺴﺔ ﺩﻭﻻﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻴـﻭﻡ .ﻭﻓـﻲ ﺩﻭل ﻤﻨﻅﻤـﺔ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴـﺔ
ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ ﻫﻨﺎﻙ ٤٠ﻤﻠﻴﻭﻥ ﺸﺨﺹ ﻋﺎﻁل ﻻ ﻴﺠﺩﻭﻥ ﻓﺭﺼﺔ ﻋﻤل ،ﻭﻓﻲ ﺴﻨﺔ ١٩٩٦ﺨﻔﻀﺕ ﺸﺭﻜﺔ "ﺃﻱ .ﺒﻲ .
ﺃﻡ" ﺘﻜﻠﻔﺔ ﺍﻟﻌﻤل ﺒﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺜﻠﺙ ،ﻭ ﺘﺨﻠﺼﺕ ﻤﻥ ١٢٢ﺃﻟﻑ ﻭﻅﻴﻔﺔ ،ﻭﻓﻲ ﺃﻤﻴﺭﻜﺎ ﺍﻟﻼﺘﻴﻨﻴﺔ ﻫﺒﻁ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﻤﻌﻴﺸﺔ %٢٠ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ،ﺃﻱ
٤٠ﻤﻠﻴﻭﻥ ﻤﻭﺍﻁﻥ ﺇﻟﻲ ﻤﺎ ﺩﻭﻥ ﺨﻁ ﺍﻟﻔﻘﺭ .ﻭﻓﻲ ﺤﻴﻥ ﺘﻀﺎﻋﻔﺕ ﺃﺠﻭﺭ ﻤﺩﻴﺭﻱ ﻭﺭﺅﺴﺎﺀ ﺍﻟﺸﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﻓﻲ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﻤـﻥ ﻋـﺎﻡ
١٩٦٨ﺇﻟﻲ ﻋﺎﻡ ١٩٩٨ﺒﻭﺍﻗﻊ ٤١٩ﻀﻌﻑ ﺍﻨﺨﻔﻀﺕ ﺍﻷﺠﻭﺭ ﻓﻲ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ ﺒﻨﺴﺒﺔ ،%٢٢ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻙ ﺍﻨﺨﻔـﺽ
ﺍﻹﻨﻔﺎﻕ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻤﻥ %٤,٧ﻤﻥ ﺍﻷﻨﻔﺎﻕ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺇﻟﻲ %٢,٧ﺒﻌﺩ ﺒﺩﺀ ﺇﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﺘﻜﻴﻑ ﺍﻟﻬﻴﻜﻠﻲ ،ﻭﺒﻌـﺩ ﺨﺼﺨـﺼﺔ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤـﺔ
ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻜﻴﺔ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ٩٥٠ﻤﺸﺭﻭﻋﺎ ﻤﻤﻠﻭﻜﺎ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﺤﺘﻰ ﻋﺎﻡ ١٩٩٢ﺍﺭﺘﻔﻌﺕ ﻨﺴﺒﺔ ﺍﻟﺒﻁﺎﻟﺔ ﺇﻟﻲ %١٨ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻤﺎل ،ﻭﺍﻨﺨﻔﻀﺕ ﻨﺴﺒﺔ
ﺍﻷﺠﻭﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺘﺞ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ ﻤﻥ %٣٦ﺇﻟﻲ .%٢٢ﻜل ﻫﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺘﺎﻟﻴﺎ ﻋﻠﻲ ﺍﻨﻀﻤﺎﻡ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻙ ﻟﻤﻨﻅﻤﺔ )ﺍﻟﻨﺎﻓﺘﺎ( ﻋﻠـﻲ ﺃﻤـل ﺠـﺫﺏ
ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻷﻤﻭﺍل ﺍﻷﺠﻨﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺠﺎﺀﺕ ﺒﺎﻟﻔﻌل ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺠﻠﺒﺕ ﺒﺩﻻ ﻤﻥ ﺍﻻﺯﺩﻫﺎﺭ ﺍﻹﻓﻼﺱ ﻟﻤﻠﻴﻭﻥ ﻤﻜﺴﻴﻜﻲ ﻤﻥ ﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤـﺸﺎﺭﻴﻊ
ﺍﻟﺼﻐﻴﺭﺓ ﻜﻤﺎ ﺃﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﺴﺘﻐﻼل ﺍﻷﻴﺩﻱ ﺍﻟﻌﺎﻤﻠﺔ ﺍﻟﺭﺨﻴﺼﺔ ،ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻌﻤﻠﺔ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻜﻴﺔ ﺍﻟﺒﻴﺯﻭ ﻋﻠﻲ ﻭﺸﻙ ﺍﻻﻨﻬﻴﺎﺭ ﻗﺩﻡ ﺼﻨﺩﻭﻕ
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﱰﺍﻛﻴﺔ ـ ﻣﺼﺮ
٨
www.e-socialists.net
ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﺃﻜﺒﺭ ﻗﺭﺽ ﻓﻲ ﺘﺎﺭﻴﺨﻪ ) (١٧,٧ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭ ﺩﻓﻌﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻟﻴﺱ ﻹﻨﻘﺎﺫ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻜﻲ ﻭﺘﻭﻓﻴﺭ ﻓﺭﺹ ﺍﻟﻌﻤل ﻫﻨﺎﻙ،
ﺒل ﻹﻨﻘﺎﺫ ﺍﻻﺴﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻘﺭﻭﺽ ﺍﻷﺠﻨﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻬﺩﺩﺓ ﺒﺎﻟﻀﻴﺎﻉ ﺇﺫ ﺍﻨﻬﺎﺭ ﺍﻟﺒﻴﺯﻭ .ﻭﺒﻌﺩ ﺇﻨﻘﺎﺫ ﺃﻤـﻭﺍل ﺍﻟﻤـﺴﺘﺜﻤﺭﻴﻥ ،ﺘـﺭﻙ
ﺍﻟﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻜﻰ ﻴﺴﻘﻁ ﻭﺃﺩﻯ ﺫﻟﻙ ﺇﻟﻰ ﺇﻓﻼﺱ ﺨﻤﺴﺔ ﻋﺸﺭ ﺃﻟﻑ ﻤﺸﺭﻭﻉ ﻭﻓﻘﺩ ﺜﻼﺙ ﻤﻼﻴﻴﻥ ﻤﻜﺴﻴﻜﻲ ﻟﻌﻤﻠﻬـﻡ ﺩﻓﻌـﺔ
ﻭﺍﺤﺩﺓ ﻓﻰ ﻏﻀﻭﻥ ﺸﻬﻭﺭ ،ﻭﻜﺎﻨﺕ ﻫﺫﻩ ﺇﺤﺩﻯ ﺃﻜﺜﺭ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺒﺎﻫﺕ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻜﻴﻑ ﺍﻟﻬﻴﻜﻠﻲ.
ﻭﻓﻲ ﺘﺠﺭﺒﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﺘﺒﺎﻫﺕ ﺒﻬﺎ ﺃﻴﻀﺎ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻤﻭﻴل ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ،ﻭﺃﻁﻠﻕ ﻋﻠﻴﻬﺎ )ﺍﻟﻤﻌﺠﺯﺓ ﺍﻵﺴﻴﻭﻴﺔ( ﻟـﻡ ﺘﺘﺤﻘـﻕ ﺍﻷﺭﺒـﺎﺡ
ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻁﺎﺌﻠﺔ ﺃﻭ ﻤﺎ ﺴﻤﻲ ﺒﺎﻟﻨﻤﻭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺇﻻ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﻋﻤل ﺃﻗﺭﺏ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻌﺒﻭﺩﻴﺔ ،ﻓﻔﻲ ﺍﻨﺩﻭﻨﻴﺴﻴﺎ ﻭﺃﺜﻨﺎﺀ ﺤﻜﻡ ﺴﻭﻫﺎﺭﺘﻭ
ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺤﺩ ﺍﻷﺩﻨﻰ ﻟﻸﺠﻭﺭ ﻴﺴﺎﻭﻱ ﺜﻼﺙ ﺩﻭﻻﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻭﻡ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺒﺎﻟﻜﺎﺩ ﻴﺴﺩ ﺍﻟﺭﻤﻕ ،ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺸﺭﻜﺔ "ﻨﻴـﻙ" ﺘـﺴﺘﺨﺩﻡ ١٢٠
ﺃﻟﻑ ﻋﺎﻤل ﻭﻋﺎﻤﻠﺔ ﻫﻨﺎﻙ ﺒﻬﺫﺍ ﺍﻷﺠﺭ ،ﻭﻫﺫﺍ ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺏ ﺃﻱ ﻀﻤﺎﻨﺎﺕ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺃﻭ ﺘﺄﻤﻴﻥ ﺃﻭ ﺤﻤﺎﻴﺔ ،ﻭﻓﻲ ﻤﺎﻟﻴﺯﻴﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺴﺘﺨﺩﻡ ﻓـﻲ
ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻴﻊ ﺍﻻﺴﺘﺜﻤﺎﺭﻴﺔ ﺤﻭﺍﻟﻲ ﻤﻠﻴﻭﻥ ﻋﺎﻤل ﻭﻋﺎﻤﻠﺔ ﻤﻥ ﺃﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻔﻘﻴﺭﺓ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺓ ﺒﻌﻘﻭﺩ ﻻ ﺘﺯﻴﺩ ﻋﻥ ﺜـﻼﺙ ﺴـﻨﻭﺍﺕ ،ﻭﻜـﺎﻥ
ﻴﺠﺭﻱ ﺍﺴﺘﻐﻼﻟﻬﻡ ﻋﻠﻲ ﺃﺒﺸﻊ ﻨﺤﻭ ﻭﻟﺴﺎﻋﺎﺕ ﻁﻭﻴﻠﺔ ﻭﺩﻭﻥ ﺃﻱ ﻀﻤﺎﻨﺎﺕ ﺃﻭ ﺤﻤﺎﻴﺔ ﻀﺩ ﺃﺨﻁﺎﺭ ﺍﻟﺤﻭﺍﺩﺙ ،ﻭﻜﺎﻨـﺕ ﺘـﺴﺤﺏ ﻤـﻨﻬﻡ
ﺠﻭﺍﺯﺍﺕ ﺍﻟﺴﻔﺭ ﺤﺘﻰ ﻻ ﻴﻬﺭﺒﻭﺍ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﻓﺘﺭﺓ ﺍﻟﻌﻘﺩ ،ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺴﺘﻤﺎﺌﺔ ﻋﺎﻤﻠﺔ ﻓﻲ ﺸﺭﻜﺔ "ﺴﻴﻤﻨﺯ" ﻴﻌﻤﻠﻥ ﻟﺴﺒﻌﺔ ﺃﻴﺎﻡ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﺒﻭﻉ ،ﻭﻴـﻨﻤﻥ
ﻓﻲ ﺒﻨﺎﻴﺔ ﻤﻠﺤﻘﺔ ﺒﺎﻟﻌﻤل ﺘﻐﻠﻕ ﺃﺒﻭﺍﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ ﻜﺎﻟﺴﺠﻭﻥ ﺘﻤﺎﻤﺎ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺼﻴﻥ ﺃﻭﺩﺕ ﺤﻭﺍﺩﺙ ﺍﻟﻌﻤل ﺨﻼل ٦ﺃﺸﻬﺭ ﻓﻘﻁ ﻓﻲ ﻋـﺎﻡ
١٩٩٣ﺒﺤﻴﺎﺓ ١١ﺃﻟﻑ ﻋﺎﻤل ،ﻭﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻴﺤﺭﻡ ﺍﻟﻌﺎﻤﻠﻭﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺄﻤﻴﻥ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﺒﺤﺠﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻤﺎﺴﻙ ﺍﻷﺴﺭﻱ ﻴﻜﻔـﻲ ﻟﺤﻤﺎﻴـﺔ
ﺍﻟﻌﻤﺎل ﻜﻤﺎ ﻴﻌﺒﺭ ﺍﻟﻤﺴﺌﻭﻟﻭﻥ )ﺇﻥ ﻨﻅﺎﻤﻨﺎ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻴﻘﻭﻡ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺘﻤﺎﺴﻙ ﺍﻷﺴﺭﻱ(.
ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻼﺇﻨﺴﺎﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤل ﻟﻡ ﺘﻌﺩ ﻫﻲ ﺍﻻﺴﺘﺜﻨﺎﺀ ﻓﻲ ﻅل ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ،ﻓﻤﺎ ﻴﺤﺩﺙ ﻋﻠﻲ ﻤﺩﻱ ﺍﻟﻌﻘﺩ ﺍﻟﻤﺎﻀﻲ ﻫﻭ ﻋﻤﻠﻴـﺔ
ﺘﺩﻭﻴل ﺩﺀﻭﺒﺔ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ،ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻌﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻭل ﻴﺠﺭﻱ ﺘﻐﻴﻴﺭ ﺘﺸﺭﻴﻌﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤل ﺒﻬﺩﻑ ﺇﻟﻐﺎﺀ ﺃﻱ ﺤﻤﺎﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤﺎل ﻀﺩ ﺍﻟﻔﺼل ﻭﻀﺩ
ﺨﻔﺽ ﺍﻷﺠﻭﺭ ﺃﻭ ﺘﺤﺩﻴﺩ ﺴﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤل ،ﻭﻤﺎ ﻴﺴﻤﻰ ﺘﺤﺭﻴﺭ ﺴﻭﻕ ﺍﻟﻌﻤل ﻭﺘﺸﺠﻴﻊ ﺍﻻﺴﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ﺘﺠﺭﻱ ﺘﺭﺠﻤﺘﻪ ﺒﺈﻟﻐﺎﺀ ﺃﻱ ﻤﻜﺎﺴـﺏ
ﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﻗﺩ ﺍﻨﺘﺯﻋﻭﻫﺎ ﻓﻴﻤﺎ ﺴﺒﻕ .ﻫﺫﺍ ﻫﻭ ﻤﺎ ﻋﺒﺭﺕ ﻋﻨﻪ ﻗﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻋﺩﺕ ﻭﺼﺩﺭ ﺒﻌﻀﻬﺎ ﻓﻲ ﻜﻭﺭﻴﺎ ﺍﻟﺠﻨﻭﺒﻴـﺔ
ﻭﻤﺼﺭ ﻭﺇﻴﻁﺎﻟﻴﺎ ﻭﺍﻟﺒﺭﺍﺯﻴل ﻭﺘﺭﻜﻴﺎ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﻨﺢ ﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻷﻋﻤﺎل ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺭﻴﻥ ﺍﻟﺤﻕ ﻓﻲ ﻓﺼل ﺍﻟﻌﻤﺎل ﻭﺯﻴﺎﺩﺓ ﺴـﺎﻋﺎﺕ
ﺍﻟﻌﻤل ﻭﺨﻔﺽ ﺍﻷﺠﻭﺭ ،ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟﺩﺍﺌﻤﺔ ﻟﺭﻓﻊ ﺴﻥ ﺍﻟﺘﻘﺎﻋﺩ ﻭﺯﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺨﺩﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺤﻘﺔ ﻟﻠﻤﻌﺎﺵ .ﻴﻌﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘـﺩﻫﻭﺭ
ﻓﻲ ﻅﺭﻭﻑ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺘﺭﺠﻤﺔ ﺍﻷﻭﻀﺢ ﻟﻠﻌﻭﻟﻤﺔ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺒﻭﺠﻬﻴﻬﺎ ،ﻓﻬﻲ ﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺘﻌﻨﻲ ﻤﺯﺍﻴﺎ ﻫﺎﺌﻠﺔ ﻟﻠﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺃﺭﺒﺎﺡ ﻀـﺨﻤﺔ،
ﻭﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﺘﻌﻨﻲ ﻟﻠﻌﻤﺎل ﻭﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺀ ﺍﻹﻓﻘﺎﺭ ﻭﺍﻟﺒﻁﺎﻟﺔ ﻭﺸﺭﻭﻁ ﻋﻤل ﺸﺒﻴﻬﺔ ﺒﺎﻟﻌﺒﻭﺩﻴﺔ .
ﻭﻓﻲ ﻤﺼﺭ ﻜﺎﻥ ﻟﺘﻼﺤﻕ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻜﻴﻑ ﺍﻟﻬﻴﻜﻠﻲ ﺃﺜﺎﺭﺍ ﻭﺨﻴﻤﺔ ﻓﻌﻘﺏ ﻋﻘﺩ ﺍﻻﺘﻔﺎﻗﻴﺔ ﻤﻊ ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟـﺩﻭﻟﻲ ﻓـﻲ ١٩٩١
ﺠﺭﻯ ﺨﻔﺽ ﻤﻌﺩل ﻨﻤﻭ ﺍﻹﻨﻔﺎﻕ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻤﻥ %٣٦ﻋﺎﻡ ٩١/٩٠ﺇﻟﻲ %١٥ﻋﺎﻡ ٩٤/٩٣ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﺍﻨﻌﻜﺱ ﺒﻭﻀﻭﺡ ﻋﻠـﻲ ﺃﻭﻀـﺎﻉ
ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﻭﺍﻟﺩﻋﻡ ،ﻭﻤﻊ ﺘﺤﺭﻴﺭ ﺴﻭﻕ ﺍﻟﻌﻤل ﻭﺼﻠﺕ ﻨﺴﺒﺔ ﺍﻟﺒﻁﺎﻟﺔ ﺇﻟﻲ ﻤﺎ ﻴﻘﺭﺏ ﻤﻥ %٢٠ﻤﻥ ﻗﻭﺓ ﺍﻟﻌﻤل؟ ﺒﻭﺍﻗﻊ ﺤﻭﺍﻟﻲ ٥
ﻤﻠﻴﻭﻥ ﻋﺎﻁل ﻤﻊ ﺍﻟﺘﺩﻫﻭﺭ ﺍﻟﺸﺩﻴﺩ ﻓﻲ ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻌﻤل ﺨﺎﺼﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻭﺍﻻﺴﺘﺜﻤﺎﺭﻱ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﺘﻤﺘﺩ ﻓﻴﻪ ﺴﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤل ﻷﻜﺜﺭ
ﻤﻥ ١٢ﺴﺎﻋﺔ ﻭﻴﺘﺠﺎﻫل ﺍﻟﺘﺄﻤﻴﻥ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﻭﺘﻐﻴﺏ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﻗﺩ ﺘﻡ ﺇﺼﺩﺍﺭ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺠﺩﻴﺩ ﻟﻠﻌﻤل ﻓﻲ ٢٠٠٣؛ ﻟﻴﺅﻜـﺩ
ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻅﺭﻭﻑ ،ﻭﻴﻀﻔﻲ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﻜﻤﺎ ﻴﺠﺭﻱ ﺍﻵﻥ ﺍﻹﻋﺩﺍﺩ ﻟﺘﻌﺩﻴل ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺘﺄﻤﻴﻨﺎﺕ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻨﻔﺱ ﺍﻟﻬﺩﻑ ،ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺴﻴﺎﺴـﺔ
ﺍﻟﺴﻭﻕ ﻜﺎﺭﺜﺔ ﻤﺤﻘﻘﺔ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻔﻼﺤﻴﻥ ﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺀ ﻓﻲ ﻤﺼﺭ ﺤﻴﺙ ﺠﺭﻯ ﺍﺒﺘﺩﺍ ﺀ ﻤﻥ ،١٩٩٧ﻭﺒﻤﻭﺠﺏ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻓﻲ ١٩٩٢ﺍﻟـﺫﻱ
ﻴﻨﺹ ﻋﻠﻰ ﻨﺯﻉ ﺤﻴﺎﺯﺍﺕ ﺍﻟﻔﻼﺤﻴﻥ ﺍﻟﻤﺅﺠﺭﺓ ،ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﻼﻙ ،ﻭﻫﻭ ﻤﺎ ﺃﻟﺤﻕ ﻀﺭﺭﺍ ﺒﺎﻟﻐﺎ ﺒﻤﺎ ﻴﻘﺭﺏ ﻤﻥ ٩٠٠ﺃﻟﻑ ﻓﻼﺡ ﻭﺃﺴﺭﻫﻡ،
ﺃﻱ ﺤﻭﺍﻟﻲ ٥ﻤﻠﻴﻭﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺎﻤﻠﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺯﺭﺍﻋﺔ ﻋﺒﺭ ﻨﺯﻉ ﺍﻷﺭﺽ ﻤﻨﻬﻡ ﺃﻭ ﻓﺭﺽ ﺇﻴﺠﺎﺭﺍﺕ ﻀـﺨﻤﺔ ﻋﻠـﻴﻬﻡ ،ﻭﻴـﺫﻜﺭ ﺃﻥ ﻨـﺯﻉ
ﺍﻷﺭﺍﻀﻲ ﺠﺭﻯ ﺒﻁﺭﻴﻘﺔ ﻭﺤﺸﻴﺔ ﺘﺩﺨﻠﺕ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺒﻌﻨﻑ ﺸﺩﻴﺩ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﻼﻙ ،ﻭﻜﺎﻥ ﺇﻴﺠﺎﺭ ﻓﺩﺍﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﻗﺒل ﺘﻁﺒﻴـﻕ ﺍﻟﻘـﺎﻨﻭﻥ
ﻴﺴﺎﻭﻱ ٦٠٠ﺠﻨﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺘﻭﺴﻁ ،ﻭﻗﺩ ﺍﺭﺘﻔﻊ ﺇﻟﻲ ٢٠٠٠ﺠﻨﻴﻪ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﻘـﺎﻨﻭﻥ ،ﻭﺍﻨﺨﻔـﻀﺕ ﺩﺨـﻭل ﺇﺠﻤـﺎﻟﻲ ﺍﻟﻔﻼﺤـﻴﻥ ﺍﻟﻔﻘـﺭﺍﺀ
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﱰﺍﻛﻴﺔ ـ ﻣﺼﺮ
٩
www.e-socialists.net
)ﺍﻟﻤﺴﺘﺄﺠﺭﻴﻥ( ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ٢ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺠﻨﻴﻪ ﺃﻀﻴﻔﺕ ﺇﻟﻲ ﺩﺨﻭل ﺍﻟﻤﻼﻙ ،ﻜﻤﺎ ﺍﻨﺨﻔﺽ ﻨﺼﻴﺏ ﺍﻷﺠﻭﺭ ﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺘﺞ ﺍﻟﻤﺤﻠﻲ
ﻤﻥ %٢٨,٣ﻋﺎﻡ ١٩٨٧ﺇﻟﻲ %٢٣ﻋﺎﻡ ،١٩٩٢ﻭ ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﺭﺘﻔﻌﺕ ﻋﻭﺍﺌﺩ ﺍﻟﺘﻤﻠﻴﻙ ﻤﻥ %٧١,٧ﺇﻟﻲ ،%٧٧ﻭ ﺍﻨﺨﻔـﺽ
ﺍﻷﺠﺭ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻓﻲ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ ﺒﻭﺍﻗﻊ ،%٩,٧ﻭ ﻴﺘﻭﻗﻊ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﺴﺏ ﻗﺩ ﺯﺍﺩﺕ ﺒﺸﺩﺓ ﻤﻊ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﺒﺭﺍﻤﺞ ﺍﻟﺘﻜﻴﻑ ﺍﻟﻬﻴﻜﻠـﻲ
ﺇﻟﻲ ﻋﺎﻡ ٢٠٠٣ﻭ ﺍﻟﺘﺩﻫﻭﺭ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻓﻲ ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻌﻤل ﻭ ﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﺔ .
ﻟﻘﺩ ﻜﺎﻨﺕ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺨﺼﺨﺼﺔ ﻭﺒﺎﻻ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﻭﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻲ ﺒﻴﻊ ﺍﻟﻭﺤﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﺒﻘﻴﻤﺔ ﻤﺘﺩﻨﻴﺔ ﻟﻠﻐﺎﻴﺔ ـ ﻜﻤﺎ ﺃﺸـﺭﻨﺎ ـ
ﻗﺎﻡ ﺍﻟﻤﻼﻙ ﺍﻟﺠﺩﺩ ﺒﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺘﺴﺭﻴﺢ ﻭﺍﺴﻌﺔ ﻟﻠﻌﻤﺎل ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺸﺂﺕ ﺍﻟﻤﺒﺎﻋﺔ ،ﻓﻔﻲ ﺸﺭﻜﺔ "ﺒﻴﺒﺴﻲ ﻜﻭﻻ" ﺍﻟﻤﺸﺎﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺴﺎﺒﻘﺎ ،ﺃﻋﻠﻥ ﺍﻟﻤﺎﻟـﻙ
ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﺭﻜﺔ ﻴﻜﻔﻲ ﻟﺘﺸﻐﻴﻠﻬﺎ ١٨٦٠ﻋﺎﻤﻼ ﻤﻥ ﺃﺼل ٤١٦٠ﻗﺒل ﺍﻟﺒﻴﻊ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺘﺩﻨﻲ ﺍﻷﺠﻭﺭ ـ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻋﺘﺭﻑ ﺒﻪ ﻫﻭ
ﺍﻟﻤﺎﻟﻙ ـ ﻭﺒﺎﻟﻔﻌل ﺘﻡ ﺘﺴﺭﻴﺢ ﺃﻋﺩﺍﺩ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺭﻜﺔ ﺒﻌﺩ ﻓﺘﺭﺓ ﻭﺠﻴﺯﺓ ،ﻭﻗﺩ ﺘﻡ ﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﻜﺎﻓﺔ ﺍﻟﺸﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻡ ﺒﻴﻌﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﻤﻠﻔﺕ ﺃﻨﻪ
ﻓﻲ ﺤﺎﻻﺕ ﻋﺩﻴﺩﺓ ﻜﺎﻥ ﻴﻌﺎﺩ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﺒﻌﺩ ﻓﺼل ﺃﻋﺩﺍﺩ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻤﻨﻬﻡ ،ﻭﻟﻜﻥ ﺒﺄﺠﻭﺭ ﻤﻨﺨﻔﻀﺔ ﻟﻠﻐﺎﻴﺔ ،ﻭﺒﻌﻘﻭﺩ ﻤﺅﻗﺘﺔ ﺘﺼل ﻟﺜﻼﺜﺔ
ﺃﺸﻬﺭ ﻓﻘﻁ ،ﻨﺎﻫﻴﻙ ﻋﻥ ﺘﺩﻫﻭﺭ ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻌﻤل ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺨﺼﺨﺼﺔ ﻭﺍﺭﺘﻔﺎﻉ ﺴﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤل ﻭﺍﻨﺨﻔﺎﺽ ﺍﻷﺠﻭﺭ ،ﺇﺫ ﺃﻥ ﺍﻷﺠﺭ ﺍﻟﺜﺎﺒﺕ ﻟـﻡ
ﻴﻜﻥ ﻴﻤﺜل ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ %٤٤ﻤﻥ ﺇﺠﻤﺎﻟﻲ ﺃﺠﺭ ﺍﻟﻌﺎﻤل ،ﻭﺍﻟﺒﺎﻗﻲ ﻜﺎﻥ ﺃﺠﺭﺍ ﻤﺘﻐﻴﺭﺍ ﻓﻲ ﺼﻭﺭﺓ ﺤﻭﺍﻓﺯ ﻭﺒﺩﻻﺕ ﻭﺃﺭﺒﺎﺡ ﺠﺭﻯ ﺍﻟﺘﻌـﺩﻱ
ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺠﻤﻴﻌﺎ ﺒﻌﺩ ﺍﻟﺨﺼﺨﺼﺔ.
ﺇﻥ ﻜل ﻤﺎ ﺴﺒﻕ ﻟﻴﺱ ﺴﻭﻱ ﺒﻌﺽ ﺃﻤﺜﻠﺔ ﻏﻴﺭ ﻤﻨﺘﻘﺎﺓ ﻟﺘﻭﻀﻴﺢ ﺒﻌﺽ ﻤﻼﻤﺢ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ،ﻭﺍﻟﺘـﻲ
ﻨﺠﺤﺕ ﺒﺎﻟﻔﻌل ﻋﻠﻲ ﻤﺩﻯ ﺍﻟﻌﻘﺩﻴﻥ ﺍﻟﻤﺎﻀﻴﻴﻥ ﻓﻲ ﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻷﺭﺒﺎﺡ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺒﺸﻜل ﻓﺎﺤﺵ ،ﻭﻟﻜﻥ ﻋﺒﺭ ﺴﺤﻕ ﻤﻨﻅﻡ ﻟﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ ﻤﻌﻴﺸﺔ
ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﺴﻜﺎﻥ ﺍﻷﺭﺽ .ﻜﺎﻥ ﺍﻟﺜﻤﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﺤﺘﻡ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺒﺸﺭﻴﺔ ﺴﺩﺍﺩﻩ ﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﺒﺎﻫﻅﺎ ،ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻭﻋﻭﺩ ﻜﻠﻬﺎ ﻜﺎﺫﺒﺔ ﻭﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ ﻜﻤﺎ
ﺘﻘﻭل ﺒﻴﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﻭﺩ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﻭﺍﻟﺴﻭﻕ ﺘﻔﻀﺢ ﺃﻱ ﺍﺩﻋﺎﺀﺍﺕ ،ﻓﻠﻡ ﺘﻜﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﺴﻭﻯ ﻋﻭﻟﻤﺔ ﻟﻠﻔﻘﺭ
ﻭﺍﻟﺠﻭﻉ ﻭﺘﺭﺍﻜﻡ ﻟﻠﺜﺭﻭﺓ ﻟﺩﻯ ﺒﻀﻊ ﻤﺌﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻷﺜﺭﻴﺎﺀ .ﺍﻵﻥ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻴﺨﺒﺭﻨﺎ ﺘﻘﺭﻴﺭ ﺍﻟﻔﺎﻭ "ﺃﻥ ﻁﻔﻼ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻌﺎﺸﺭﺓ ﻴﻤﻭﺕ ﻜـل ﺴـﺒﻊ
ﺜﻭﺍﻨﻲ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺒﺴﺒﺏ ﺍﻟﺠﻭﻉ ،ﻓﺈﻨﻨﺎ ﻨﻌﺭﻑ ﺠﻴﺩﺍ ﻤﻥ ﻫﻭ ﺍﻟﻠﺹ ﺍﻟﺫﻱ ﺴﺭﻕ ﻁﻌﺎﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻁﻔل".
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﱰﺍﻛﻴﺔ ـ ﻣﺼﺮ
١٠
www.e-socialists.net
ﻋﻮﳌﺔ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻭ ﺍﻟﻘﻤﻊ
ﻋﺒﺭ ﻨﻀﺎل ﻁﻭﻴل ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺩﻭل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻨﺘﺯﺍﻉ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻤﻜﺎﺴﺏ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻤﺜل ﺤﻕ ﺍﻻﻗﺘـﺭﺍﻉ
ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺤﻕ ﺘﻜﻭﻴﻥ ﺃﺤﺯﺍﺏ ﻭﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ﻭﺇﺼﺩﺍﺭ ﺼﺤﻑ ﻭﺤﻕ ﺍﻹﻀﺭﺍﺏ ﻭﺍﻟﺘﻅﺎﻫﺭ ﻭﺍﻻﺤﺘﺠﺎﺝ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻲ ،ﻭﺍﻨﺘﻘﺎل ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ .ﻟﻡ ﺘﺘﺤﻘـﻕ
ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﻜﺎﺴﺏ ﺇﻻ ﻋﺒﺭ ﺼﺭﺍﻋﺎﺕ ﻤﺭﻴﺭﺓ ﻀﺩ ﺍﻹﻗﻁﺎﻉ ﻭﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﻭﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﻓﻲ ﺩﻭل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﻤﺘﻘﺩﻡ ﻭ ﺩﻭل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺜﺎﻟـﺙ ﻋﻠـﻲ
ﺍﻟﺴﻭﺍﺀ .ﻓﻘﺩ ﺘﺸﻜﻠﺕ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﻋﻠﻲ ﺃﻨﻘﺎﺽ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺔ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺒﻌﺩ ﺜﻭﺭﺓ ،١٧٨٩ﻭﺘﻡ ﺘﺸﻜﻴل ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ﺍﻟﻤﺼﺭﻱ
ﻭﺼﺩﻭﺭ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ﻓﻲ ١٩٢٣ﻋﻘﺏ ﺜﻭﺭﺓ ،١٩١٩ﺇﻥ ﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﻴﺠﻌل ﻤﺴﺄﻟﺔ ﺘﺼﺩﻴﺭ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻀﻐﻭﻁ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ
ﺃﻤﺭﺍ ﻴﺒﻌﺙ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺭﻴﺒﺔ ،ﻭ ﻟﻜﻥ ﺭﺒﻁ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺒﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﻕ ،ﻭ ﻤﺎ ﺘﺘﻀﻤﻨﻪ ﻤﻥ ﺇﻓﻘﺎﺭ ﻭ ﺍﻀﻁﻬﺎﺩ ﻟﻠﻔﻘﺭﺍﺀ ﺃﻤﺭ
ﻻ ﻴﺒﻌﺙ ﺴﻭﻯ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺴﺨﺭﻴﺔ .ﺇﻥ ﻫﻭﺍﻤﺵ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﺭﻀﺘﻬﺎ ﺍﻟﻨﻀﺎﻻﺕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ،ﻜﺎﻥ ﻤﻌﻨﺎﻫﺎ ﺍﻷﺴﺎﺴﻲ ﻫـﻭ
ﺘﺴﻠﻴﺢ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ﺒﺄﺩﻭﺍﺕ ﻭ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﻨﻀﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻭﻟﺘﺤﺴﻴﻥ ﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﻴـﺸﺔ
ﻭﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻌﻤل ﻭﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ،ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ﺃﻥ ﺘﻬﺩﻑ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺨﻼل ﺍﻟﻬﺠـﻭﻡ ﻋﻠـﻲ ﻤـﺴﺘﻭﻴﺎﺕ
ﻤﻌﻴﺸﻴﺔ ﻭﺩﺨﻭل ﺍﻟﻁﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﻜﺎﺩﺤﺔ ،ﺒﺎﻟﻬﺠﻭﻡ ﺃﻴﻀﺎ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻬﺎﻤﺵ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻲ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻤﻜﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻁﺒﻘﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ،ﻭﻟﻜـﻥ ﻏﻴـﺭ
ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﻲ ﺒﺎﻟﻤﺭﺓ ﺃﻥ ﻴﺘﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻬﺠﻭﻡ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ .ﻟﻘﺩ ﺩﺃﺒﺕ ﺃﺒﻭﺍﻕ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﻋﻠﻲ ﺍﻟـﺭﺒﻁ ﻤـﺎ
ﺒﻴﻥ ﺃﻨﻅﻤﺔ ﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺩﻭل ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ ﺍﻟﺸﺭﻗﻴﺔ ﻭﺒﻌﺽ ﺩﻭل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ﻭﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ،ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﺒل ﺭﺒﻁﺕ ﻤـﺎ ﺒـﻴﻥ
ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ .ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﻨﻅﻤﺔ ﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻤﺭﻜﺯﻱ ﺍﺘﺴﻤﺕ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﺒﺎﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﻭﺍﻟﻘﻤـﻊ
ﺇﻻ ﺃﻥ ﺫﻟﻙ ﻻ ﻴﻌﻨﻲ ﺒﺎﻟﻤﺭﺓ ﺃﻥ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﻭﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺘﻌﻨﻲ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ،ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻌﻜﺱ ﻓﺈﻥ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ
ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺇﺫ ﺘﺒﺎﺸﺭ ﻫﺠﻭﻤﻬﺎ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﺴﺏ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ،ﻓﺈﻨﻬﺎ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﺘﺠﻨـﺏ ﺍﻟﻬﺠـﻭﻡ ﻋﻠـﻲ ﺍﻟﺤﺭﻴـﺎﺕ
ﻭﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺘﻔﺭﻴﻎ ﺃﺸﻜﺎل ﻤﻤﺎﺭﺴﺔ ﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﻤﻥ ﻤﻀﻤﻭﻨﻬﺎ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ.
ﻓﻌﻠﻲ ﺴﺒﻴل ﺍﻟﻤﺜﺎل ﺠﺭﻱ ﺍﺴﺘﻔﺘﺎﺀ ١٤ﺃﻟﻑ ﻋﺎﻤل ﻟﺩﻱ ﺸﺭﻜﺔ )ﺃﻱ.ﺒﻲ.ﺇﻡ( ﻓﻲ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﻋﺎﻡ ١٩٩٤ﻟﻼﺨﺘﻴﺎﺭ ﻤﺎ ﺒﻴﻥ ﺘﺨﻔـﻴﺽ
ﺃﺠﻭﺭﻫﻡ ﺒﻨﺴﺒﺔ %١٠ﺃﻭ ﺘﺴﺭﻴﺢ ﻨﺴﺒﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻤﺎل ،ﻭﺒﺎﻟﻁﺒﻊ ﺍﺨﺘﺎﺭ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﺘﺨﻔﻴﺽ ﺍﻷﺠﻭﺭ ﺒﺩﻴﻼ ﻋﻥ ﺍﻟﻔﺼل ،ﺇﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺜﺎل ﻭ ﺇﻥ
ﻜﺎﻥ ﻤﻥ ﺃﻜﺜﺭ ﺃﺸﻜﺎل )ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ( ﺍﻟﺴﻭﻕ ﺍﺒﺘﺫﺍﻻ ﺇﻻ ﺃﻨﻪ ﻴﻤﺜل ﺠﻭﻫﺭ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﺤﻴﺙ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺒﺩﺍﺌل .ﻴﺘﺄﻜﺩ ﻫﺫﺍ
ﺃﻴﻀﺎ ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺘﺴﺘﻤﺭ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﻭﺒﺸﻜل ﺃﻋﻨﻑ ﻓﻲ ﺇﻨﺠﻠﺘﺭﺍ ﺒﻌﺩ ﺍﻨﺘﻘﺎل ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻤﻥ ﺃﻴﺩﻱ ﺤﺯﺏ ﺍﻟﻤﺤـﺎﻓﻅﻴﻥ ﻷﻴـﺩﻱ
ﺍﻟﻌﻤﺎل ﻋﺒﺭ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ،ﺇﻥ ﺍﻻﺨﺘﻴﺎﺭ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺒﺩﺍﺌل ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺘﺴﺎﻭﻴﺔ ﻫﻭ ﻨﻔﻲ ﻟﻠﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ ،ﻜـﺫﻟﻙ ﻓـﺈﻥ ﺇﺨـﻀﺎﻉ ﺃﺩﻭﺍﺕ
ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻨﻔﺴﻬﺎ ﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﻴﺤﻭﻟﻬﺎ ﺇﻟﻲ ﻤﺠﺭﺩ ﻤﺴﺭﺤﻴﺔ ،ﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﻨﺸﺎﻫﺩﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻤﻼﺕ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﻭﻟﻬـﺎ ﺍﻟﻤﺅﺴـﺴﺎﺕ
ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ،ﻜﺫﻟﻙ ﻓﻲ ﺴﻴﻁﺭﺓ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﻭﺍﻟﺭﺒﺢ ﻋﻠﻲ ﻭﺴﺎﺌل ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻴﻠﻌﺏ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﻲ ﻓﻲ ﺘﻭﺠﻴﻬـﻪ ﺍﻟـﺭﺃﻱ
ﺍﻟﻌﺎﻡ ،ﻭﺒﺎﻟﻁﺒﻊ ﺘﺠﺩ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻁﺭﻴﻘﻬﺎ ﻟﻠﺘﺤﻘﻕ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﺴﻴﻁﺭﺓ ﻋﻠﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل .ﻭﻓﻲ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻷﻤﺭ ﻓﺈﻥ ﻜل ﺩﺭﺠـﺔ ﻤـﻥ
ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺘﻨﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻻ ﺘﺘﺤﻘﻕ ﺇﻻ ﺒﺎﻟﺨﺼﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﺃﻅﻬﺭﻩ ﺇﻀﺭﺍﺏ ﻋﻤﺎل ﺸﺭﻜﺔ "ﻜـﺎﺘﺭ ﺒﻠـﺭ" ﻟﻠﺠـﺭﺍﺭﺍﺕ
ﺒﺄﻤﺭﻴﻜﺎ ﻋﺎﻡ ١٩٩٢ﻀﺩ ﺘﺨﻔﻴﺽ ﺍﻷﺠﻭﺭ ،ﺇﺫ ﺘﻤﻜﻨﺕ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻐﻠﺏ ﻋﻠﻲ ﺍﻹﻀﺭﺍﺏ ﺒﺈﻋﺎﺩﺓ ﺘﻭﺯﻴﻊ ﺍﻟﻌﻤل ﺩﺍﺨل ﺍﻟﻤﻭﺍﻗـﻊ ،ﻭ
ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﺒﺠﻴﺵ ﺍﻟﺒﻁﺎﻟﺔ ،ﻭﺍﺴﺘﻐﻼل ﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ﺍﻟﺘﻘﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻻﺴﺘﻐﻨﺎﺀ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﺨﺼﺼﺎﺕ ﺍﻟﺩﻗﻴﻘﺔ ،ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻲ ﻓﺼل ﻗـﺎﺩﺓ ﺍﻹﻀـﺭﺍﺏ،
ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﺒﺫﻟﻙ ﺍﻟﺩﻋﺎﻴﺔ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻻﺩﻋﺎﺀ ﺒﺄﻨﻬﺎ ﻻ ﺘﻤﺱ ﺤﻕ ﺍﻹﻀﺭﺍﺏ ﺒﻭﺼﻔﻪ ﺃﺤﺩ ﺭﻜﺎﺌﺯ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﺇﻻ ﺃﻨﻬﺎ ﺘﻘﻭﻡ ﺒﺎﻟﻔﻌل ﺒﺘﻔﺭﻴﻐﻪ
ﻤﻥ ﺃﻱ ﻤﻀﻤﻭﻥ ﻋﺒﺭ ﺨﻠﻕ ﺠﻴﺵ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﺎﻁﻠﻴﻥ ﻭﺘﺩﻭﻴل ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻹﻨﺘﺎﺝ ﻭﺇﻟﻐﺎﺀ ﺍﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﻤﺎل٠
ﺇﻥ ﻤﻅﺎﻫﺭ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺩﻋﺔ ﺘﺘﻜﺸﻑ ﻋﻨﺩ ﺍﺼﻁﺩﺍﻡ ﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺒﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ،ﻭﻟﻘـﺩ ﻜـﺎﻥ ﻤـﺸﻬﺩ ﻗﻤـﻊ
ﻤﻅﺎﻫﺭﺍﺕ ﺠﻨﻭﺓ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻴﺔ ﻟﻠﻌﻭﻟﻤﺔ ﻀﺩ ﺍﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﺔ ،ﻭ ﺴﻘﻭﻁ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻤﺘﻅﺎﻫﺭﻴﻥ )ﻜـﺎﺭﻟﻭ ﺠﻭﻟﻴـﺎﻨﻰ( ﻗﺘـﻴﻼ ﻭ
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﱰﺍﻛﻴﺔ ـ ﻣﺼﺮ
١١
www.e-socialists.net
ﺇﺼﺎﺒﺔ ﺍﻟﻌﺩﻴﺩ ﻭ ﺍﻟﻘﺒﺽ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻌﺸﺭﺍﺕ ﺩﻟﻴﻼ ﻭﺍﻀﺤﺎ ﻋﻠﻲ ﺯﻴﻑ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﺸﻬﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺼﺎﺭ ﻤﺘﻜـﺭﺭﺍ ﻓـﻲ ﺍﻟـﺩﻭل
ﺍﻟﻤﺼﺩﺭﺓ ﻟﻠﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻭﻨﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﻨﻔﻬﻡ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻤﻼﺤﻘﺔ ﺍﻷﺠﺎﻨﺏ ﻭ ﺍﻟﻤﻬﺎﺠﺭﻴﻥ ﻓﻲ ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ﻭﺃﻤﻴﺭﻜﺎ ،ﻭﺘـﺼﺎﻋﺩ ﺍﻟﻨﺯﻋـﺔ
ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﻭﺇﺼﺩﺍﺭ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﻤﻘﻴﺩﺓ ﻟﻠﺤﺭﻴﺎﺕ ،ﻭﺇﻁﻼﻕ ﺍﻷﺠﻬﺯﺓ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﺸﺘﺒﺎﻩ ﻭﺍﻟﺘﺠﺴﺱ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻤـﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ،ﻭﻜـﺫﻟﻙ ﺍﺴـﺘﺜﻨﺎﺀ
ﻤﻌﺴﻜﺭ ﺠﻭﺍﻨﺘﻨﺎﻤﻭ ﻤﻥ ﺃﻱ ﻗﺎﻨﻭﻥ ،ﻓﺎﻟﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻋﺩﺕ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺘﺤﺕ ﺸﻌﺎﺭ "ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ" ﻫﻲ ﺤﺭﻴﺔ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻤﺎل ﻭﻟـﻴﺱ
ﺍﻟﻤﻭﺍﻁﻨﻴﻥ ،ﺘﺒﺩﻭ ﺍﻟﺼﻭﺭﺓ ﺃﻜﺜﺭ ﻭﻀﻭﺤﺎ ﻓﻲ ﺩﻭل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ﺍﻟﺘﻲ ﻁﺒﻘﺕ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﻕ ،ﻓﻠﻡ ﻴﺘﻡ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺇﻻ ﻋﺒﺭ
ﺃﻜﺜﺭ ﺍﻟﻁﺭﻕ ﺍﺴﺘﺒﺩﺍﺩﺍ ،ﻭﻟﻘﺩ ﻭﺠﺩﺕ ﺍﻟﻨﻅﻡ ﺍﻟﻘﻤﻌﻴﺔ ﻭﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩﻴﺔ ﺩﻋﻤﺎ ﻏﻴﺭ ﻤﺤﺩﻭﺩﺍ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﺨـﻼل ﺘﻁﺒﻴﻘﻬـﺎ ﻫـﺫﻩ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ،ﻓﻔﻲ ﺍﻨﺩﻭﻨﻴﺴﻴﺎ ﻜﺎﻥ ﻴﺘﻡ ﺠﺫﺏ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻷﻤﻭﺍل ﻟﻴﺱ ﻓﻘﻁ ﻋﻠﻲ ﻤﻴﺯﺓ ﺍﻻﻨﺨﻔﺎﺽ ﺍﻟﺸﺩﻴﺩ ﻟﻸﺠﻭﺭ ﻭﺯﻴﺎﺩﺓ ﺴﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤـل،
ﻭﻟﻜﻥ ﺃﻴﻀﺎ ﻋﻠﻲ ﺃﺴﺎﺱ ﻏﻴﺎﺏ ﺃﻱ ﺤﻘﻭﻕ ﻨﻘﺎﺒﻴﺔ ﻟﻠﻌﻤﺎل ،ﻭﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﻲ ﻋﻘﻭﺒﺘﻪ ﺍﻟﻘﺘل ﻭ ﻟﻴﺱ ﺍﻹﻋﺩﺍﻡ ﻫﺫﺍ ﻤﺎ ﺤﺩﺙ ﻟﻠﻌـﺎﻤﻠﻴﻥ
)ﺴﻭﺠﻴﺎﺭﺘﻲ ،ﻭﻤﺎﺭﺴﻴﻨﺎ( ﻓﻲ ﻤﺼﻨﻊ "ﻨﻴﻙ" ﻟﻠﻤﻼﺒﺱ ﺍﻟﺭﻴﺎﻀﻴﺔ ﺇﺫ ﺍﺨﺘﻔﻴﺎ ﺒﻌﺩ ﺃﻥ ﻗﺎﻤﺘﺎ ﺒﺎﻟﺩﻋﻭﺓ ﻹﻀﺭﺍﺏ ﻋﻤﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤـﺼﻨﻊ ،ﺜـﻡ
ﻭﺠﺩﺕ ﺠﺜﺘﻴﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺼﻨﺎﺩﻴﻕ ﺍﻟﻘﻤﺎﻤﺔ ﺒﺎﻟﻤﺼﻨﻊ ﻤﺸﻭﻫﻴﻥ ﻤﻥ ﺁﺜﺎﺭ ﺍﻟﺘﻌﺫﻴﺏ ،ﻭ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ ١٩٩٥ﺍﻋﺘﻘﻠﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﻋـﺎﻤﻼ
ﻤﻥ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻤﺼﻨﻊ ﻟﻨﻔﺱ ﺍﻟﺴﺒﺏ.
ﺇﻥ ﺘﻬﻴﺌﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﺥ ﻟﻼﺴﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺃﻨﺩﻭﻨﻴﺴﻴﺎ ﻜﺎﻥ ﺒﺤﺎﺠﺔ ﻟﻘﺒﻀﺔ ﺴﻭﻫﺎﺭﺘﻭ ﺍﻟﻘﻭﻴﺔ ،ﻭ ﻓﻲ ﻅل ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﺍﻟﺤﺭﺓ ﺘﺼﺒﺢ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ
ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﻋﺒﺌﺎ ﻋﻠﻲ ﺭﺃﺱ ﺍﻟﻤﺎل ،ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺼﻴﻥ ﻴﺘﻡ ﺘﺠﺎﻫل ﻗﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﻌﻤل ﺘﻤﺎﻤﺎ ﻭﻋﻘﻭﺒﺔ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺘﺄﺴﻴﺱ ﻨﻘﺎﺒﺔ ﺘـﺼل ﺇﻟـﻲ
ﺍﻟﺴﺠﻥ ﺜﻼﺙ ﺴﻨﻭﺍﺕ ،ﻭﻟﻴﺱ ﺃﺩل ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻁﺎﺒﻊ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩﻱ ﻟﻠﻌﻭﻟﻤﺔ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺭﻓﺽ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﻤﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴـﺔ ﺇﺩﺭﺍﺝ ﺒﻨـﺩ
ﺨﺎﺹ ﺒﺎﻟﺤﻘﻭﻕ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﺘﻔﺎﻗﻴﺔ ،ﻭﻋﻠﻲ ﺍﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﺭﺃﻱ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺒﻨﺩ ﻟﺘﻁﺒﻴﻕ ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ،ﺇﻻ ﺃﻥ
ﺫﻟﻙ ﻜﺎﻥ ﺴﻴﺤﺭﻡ ﺍﻟﺸﺭﻜﺎﺕ ﻋﺎﺒﺭﺓ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻤﺘﻴﺎﺯ ﺍﺴﺘﻌﺒﺎﺩ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﻓﻲ ﺩﻭل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ .ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻙ ﻜﺎﻥ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﺴﻴﺎﺴـﺎﺕ
ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﻴﺴﻴﺭ ﻓﻲ ﺃﺒﻌﺩ ﺍﻟﻁﺭﻕ ﻋﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻭ ﻗﺩ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻜﻲ ﻋﻥ ﺫﻟﻙ ﺼﺭﺍﺤﺔ ﺒﻘﻭﻟﻪ )ﺇﻥ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ
ﻻ ﺘﺯﺩﻫﺭ ﻓﻲ ﻅل ﺍﻟﻔﻘﺭ( ﻭ ﻗﺩ ﺤﺎﻭﻟﺕ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻜﻴﺔ ﺇﺨﻔﺎﺀ ﺴﻴﺎﺴﺘﻬﺎ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩﻴﺔ ﺨﻠﻑ ﻭﺍﺠﻬـﺔ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴـﺔ ،ﻭ ﻟﻜـﻥ ﺩﻭﻥ
ﺠﺩﻭﻯ ﻓﻘﺩ ﻜﺎﻨﺕ ﺴﻴﻁﺭﺓ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻋﻠﻲ ﻭﺴﺎﺌل ﺍﻹﻋﻼﻡ ﻭ ﺘﺤﻜﻤﻪ ﻓﻲ ﺃﻤﻭﺍل ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﻭﺘﺯﻭﻴﺭ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﻓـﻲ ﻋـﺎﻡ ١٩٨٨
ﺃﺩﻟﺔ ﻓﺎﻀﺤﺔ ﻋﻠﻲ ﺍﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﻭﺯﻴﻑ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻭﻓﻲ ﺇﺸﺎﺭﺓ ﻭﺍﻀﺤﺔ ﻟﻠﻐﺎﻴﺔ ﻋﻠﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺒﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﻕ
ﻋﻘﺩ ﺍﺠﺘﻤﺎﻉ ﺴﺭﻱ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻜﻲ ﺴﺎﻟﻴﻨﺎﺱ ﻭ ﺜﻼﺜﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻜﺒﺭ ﺃﻏﻨﻴﺎﺀ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻙ ﻤﻥ ﺒﻴﻨﻬﻡ ﺃﻏﻠﺏ ﻤﻥ ﺍﺸـﺘﺭﻭﺍ ﻤـﺸﺭﻭﻋﺎﺕ
ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻭ ﺒﻨﻭﻜﻬﺎ ﺨﻼل ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺨﺼﺨﺼﺔ ﻓﻲ ﻴﻭﻡ ١٩٩٣/٢/٢٦ﻭﻁﻠﺏ ﻤﻨﻬﻡ ﺍﻟﺘﺒﺭﻉ ﻟﻠﺤﻤﻠﺔ ﺍﻟﺭﺌﺎﺴﻴﺔ ﻟﻠﺤﺯﺏ ﺍﻟﺤـﺎﻜﻡ ﺒـــ٢٥
ﻤﻠﻴﻭﻥ ﺩﻭﻻﺭ ،ﻭﻻ ﺸﻙ ﻓﻲ ﺃﻥ ﻤﺎ ﺠﻨﺎﻩ ﻫﺅﻻﺀ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﻭﻥ ﺒﻔﻀل ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﺃﻀـﻌﺎﻑ ﻫـﺫﺍ ﺍﻟﻤﺒﻠـﻎ ﻭﺃﻥ ﺩﻋـﻡ ﺍﻷﻨﻅﻤـﺔ
ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩﻴﺔ ﺃﺤﺩ ﺸﺭﻭﻁ ﻨﻤﻭ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ .ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻥ ﺩﻴﻜﺘﺎﺘﻭﺭ ﺇﻨﺩﻭﻨﻴﺴﻴﺎ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﺴﻭﻫﺎﺭﺘﻭ ﻫﻭ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭ ﻋﻠـﻲ ﺨﻠـﻕ ﺍﻟﻤﻨـﺎﺥ ﺍﻟﻤﻼﺌـﻡ
ﻟﻼﺴﺘﺜﻤﺎﺭ ﻓﻬﻭ ﺍﻟﺠﺩﻴﺭ ﺒﺘﻠﻘﻲ ﺍﻟﺩﻋﻡ ﻭ ﺍﻟﻤﻌﻭﻨﺔ ﺍﻟﻼﺯﻤﺔ ﻹﺘﻤﺎﻡ ﻋﻤﻠﻪ ،ﻟﺫﻟﻙ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴـﺔ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺒـﺔ ﺴـﻭﺍﺀ ﻤـﻥ
ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻅﻴﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﺘﺒﻴﻊ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻷﺴﻠﺤﺔ ﻭﺃﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻌﺫﻴﺏ ﻟﻘﻤﻊ ﺸﻌﺏ ﺘﻴﻤﻭﺭ ﺍﻟﺸﺭﻗﻴﺔ ،ﻜﺫﻟﻙ ﺘﻠﻘﻲ ﺩﻴﻜﺘﺎﺘﻭﺭ ﺯﺍﺌﻴﺭ ﺍﻟﺴﺎﺒﻕ ﻤﻭﺒﻭﺘـﻭ
ﻗﺭﻭﻀﺎ ﻀﺨﻤﺔ ﻤﻥ ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﺨﻼل ﻓﺘﺭﺓ ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ ﻭﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺠﺭﺍﺌﻤﻪ ﻭﻓﺴﺎﺩﻩ ﺨﺎﻓﻴﺎﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻜـﺎﻥ
ﺤﻠﻴﻔﺎ ﻟﻠﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ،ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻘﺭﻭﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﺫﻫﺒﺕ ﺇﻟﻲ ﺃﺭﺼﺩﺓ ﻤﻭﺒﻭﺘﻭ ﻴﺘﺤﻤﻠﻬﺎ ﺍﻵﻥ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻭﻴﺘﻭﺠﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﺴـﺩﺍﺩﻫﺎ ،ﻭﺍﻟﺒﺭﺍﺯﻴـل
ﺃﻴﻀﺎ ﺘﻤﺘﻌﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺩﻜﺘﺎﺘﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻤﺎﻨﻴﻨﺎﺕ ﺒﺩﻋﻡ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻤﻭﻴل ﻭﺍﻟﻘﺭﻭﺽ ﺍﻟـﻀﺨﻤﺔ ،ﻭﻴﺘﻬـﺩﺩﻫﺎ ﺍﻵﻥ ﺍﻟﺤـﺼﺎﺭ
ﻭﺍﻟﻌﺯل ﻓﻲ ﻅل ﺤﻜﻭﻤﺔ ﻟﻭﻻ )ﺍﻟﻤﻨﺘﺨﺒﺔ( ﺇﺫﺍ ﻟﻡ ﺘﺫﻋﻥ ﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻭ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﻠﻙ %١٧ﻤﻥ ﺍﻷﺼﻭﺍﺕ ﻓﻲ ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺩ
ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ .
ﻭ ﻓﻲ ﻤﺼﺭ ﻟﻡ ﺘﺘﻘﺩﻡ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺇﻻ ﻋﺒﺭ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻘﺒﻀﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﺤﻕ ﺍﻟﻤﻨﻅﻡ ﻟﻜل ﻤﻅﺎﻫﺭ ﺍﻟﺤﺭﻴـﺔ
ﻭ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ،ﻓﻜل ﺨﻁﻭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻜﻴﻑ ﺍﻟﻬﻴﻜﻠﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻭﺼﻲ ﺒﻬﺎ ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﻭﺍﻟﺒﻨﻙ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﻟﻡ ﺘﺘﻡ ﺇﻻ ﻓﻲ ﻅـل ﺘﻁﺒﻴـﻕ
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﱰﺍﻛﻴﺔ ـ ﻣﺼﺮ
١٢
www.e-socialists.net
ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ،ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻀﻰ ﻋﻠﻲ ﺃﻱ ﻫﺎﻤﺵ ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻲ ﻭﻴﺤﻅﺭ ﺍﻻﺤﺘﺠﺎﺠﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻴﻤﺔ ﻭﻴﻁﻠﻕ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻷﻤﻥ ﻓﻲ ﻤﻼﺤﻘﺔ ﻭﺍﻋﺘﻘـﺎل
ﻤﻥ ﻴﺭﺍﻫﻡ ﻤﺼﺩﺭﺍ ﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﺍﻷﻤﻥ ﺩﻭﻥ ﺇﺫﻥ ﻗﻀﺎﺌﻲ ،ﻭﺘﻨﻌﻘﺩ ﺒﻤﻭﺠﺒﻪ ﻤﺤﺎﻜﻡ ﺍﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻴﺔ ﺘﻬﺩﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭﻴﺔ ﻟﻠﻤﺘﻬﻤﻴﻥ .ﻭﻓﻲ
ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻭﻗﻌﺕ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﺍﺘﻔﺎﻕ ﻤﻊ ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﻭﺍﻟﺒﻨﻙ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﻴﻥ ،ﻴﻘﻀﻲ ﺒﺠﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺩﻴﻭﻥ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﺒـل ﺍﺘﺨـﺎﺫ
ﺨﻁﻭﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﺘﺠﺎﻩ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﻕ .ﻗﺎﻤﺕ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺒﻘﻤﻊ ﻤﻅﺎﻫﺭﺍﺕ ﺴﻠﻤﻴﺔ ﻟﻁﻼﺏ ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ﺍﺤﺘﺠﺎﺠﺎ ﻋﻠﻲ ﻋﻤﻠﻴـﺎﺕ
ﻋﺎﺼﻔﺔ ﺍﻟﺼﺤﺭﺍﺀ ﻓﻲ ﻓﺒﺭﺍﻴﺭ ﻋﺎﻡ ١٩٩١ﻭﺘﻡ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﺒﻤﻨﺘﻬﻲ ﺍﻟﻭﺤﺸﻴﺔ ،ﺤﻴﺙ ﻗﺎﻤﺕ ﻗﻭﺍﺕ ﺍﻷﻤﻥ ﺒﺈﻤﻁـﺎﺭ ﺍﻟﺤـﺭﻡ ﺍﻟﺠـﺎﻤﻌﻲ
ﻭﻤﺩﻴﻨﺔ ﺍﻟﻁﻠﺒﺔ ﺒﻘﻨﺎﺒل ﺍﻟﻐﺎﺯ ﺍﻟﻤﺴﻴل ﻟﻠﺩﻤﻭﻉ ﻭ ﺍﻟﺭﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﻁﺎﻁﻲ ،ﻷﺭﺒﻌﺔ ﺃﻴﺎﻡ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺘﻭﺍﻟﻲ ،ﻭﺴﻘﻁ ﺨﻼل ﺍﻟﻘﻤﻊ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻁﻠﺒﺔ )ﺨﺎﻟﺩ
ﺍﻟﻭﻗﺎﺩ( ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺩﻴﻨﺔ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﻴﺔ ﻗﺘﻴﻼ ،ﻜﻤﺎ ﻗﺎﻤﺕ ﻗﻭﺍﺕ ﺍﻷﻤﻥ ﺒﺎﻗﺘﺤﺎﻡ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺔ ﻭﻟﻡ ﻴﺒﺩﻭ ﺃﺒﺩﺍ ﺴﺎﻋﺘﻬﺎ ﺃﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﺍﻟﻭﺤﺸﻲ ﻴﺘﻨﺎﻗﺽ ﻤﻊ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ،ﺒل ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻌﻜﺱ ﻜﺎﻥ ﺘﻭﻗﻴﻊ ﺍﻻﺘﻔﺎﻗﻴﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﺼﻨﺩﻭﻕ ﻭﺍﻟﺒﻨﻙ ﺠﺯﺀﺍ ﻤﻥ ﻤﻜﺎﻓﺄﺓ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﻋﻠﻲ
ﺘﺄﻴﻴﺩﻫﺎ ﻟﻠﺤﺭﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻅﺎﻫﺭ ﻀﺩﻫﺎ ﺍﻟﻁﻠﺒﺔ.
ﻋﻨﺩﻤﺎ ﺍﻋﺘﺼﻡ ﻋﻤﺎل ﺸﺭﻜﺔ ﺍﻟﻐﺯل ﺍﻟﺭﻓﻴﻊ ﺒﻜﻔﺭ ﺍﻟﺩﻭﺍﺭ ﺴﻠﻤﻴﺎ ﻓﻲ ﺴﺒﺘﻤﺒﺭ ١٩٩٤ﺍﺤﺘﺠﺎﺠﺎ ﻋﻠﻲ ﺍﻀﻁﻬﺎﺩ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﻟﻠﻌﻤـﺎل،
ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﺠﺯﺀﺍ ﻤﻥ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﻫﻴﻜﻠﺔ ﺍﻟﺸﺭﻜﺔ ﺒﻨﺎﺀﺍ ﻋﻠﻲ ﺘﻭﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﺎﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻡ .ﻗﺎﻤـﺕ ﻗـﻭﺍﺕ ﺍﻷﻤـﻥ
ﺒﺎﺠﺘﻴﺎﺡ ﺍﻟﻤﺼﻨﻊ ،ﻭﻓﺽ ﺍﻻﻋﺘﺼﺎﻡ ﺒﺎﻟﻘﻭﺓ ،ﻭﺴﻘﻁ ﺨﻼل ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻻﺠﺘﻴﺎﺡ ﺜﻼﺜﺔ ﻗﺘﻠﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﻭ ﺍﻷﻫﺎﻟﻲ ،ﻭﻤﺭﺓ ﺃﺨﺭﻱ ﻟـﻡ ﻴﺒـﺩ
ﻫﻨﺎﻙ ﺃﻱ ﺘﻨﺎﻗﺽ ﺒﻴﻥ ﻭﺤﺸﻴﺔ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﻓﻲ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺍﻋﺘﺼﺎﻡ ﺴﻠﻤﻲ ﻟﻠﻌﻤﺎل ،ﻭﺒﻴﻥ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ،ﻓﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻘﻭﻡ ﺒـﻪ
ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﻫﻭ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﻭﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﻜﺎﻥ ﻀﺭﻭﺭﻴﺎ ﻟﻔﺭﻀﻬﺎ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻌﻤﺎل.
ﻟﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﺘﻌﺩﻴل ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﺘﺄﻜﻴﺩ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﺒﻴﺭﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﻴﺔ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﺘﺠﺭﻴـﺩ ﺍﻟﻌﻤـﺎل ﻤـﻥ
ﻨﻘﺎﺒﺎﺘﻬﻡ ،ﺒﻤﺎ ﻴﺘﻨﺎﻗﺽ ﻤﻊ ﺃﻱ ﻤﺒﺩﺃ ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻲ ﺠﺯﺀﺍ ﻤﻥ ﺘﻤﻬﻴﺩ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺃﻤﺎﻡ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﻭﺇﺯﺍﻟﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ .ﻜﺫﻟﻙ ﻓﻘـﺩ
ﻜﺎﻥ ﺼﺩﻭﺭ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﻁﺒﻴﻌﻴﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ،ﻓﻤﻊ ﺍﻟﻬﺠﻭﻡ ﺍﻟﻤﺘﺼل ﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻔﻘـﺭﺍﺀ ﻭﺍﻻﻨﺘﻬﺎﻜـﺎﺕ
ﺍﻟﻤﺘﻼﺤﻘﺔ ﻟﻠﺤﺭﻴﺎﺕ ﻭﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻜﺎﻥ ﻻﺒﺩ ﻤﻥ ﺘﻜﻤﻴﻡ ﺍﻷﻓﻭﺍﻩ ﻭﻤﺤﺎﺼﺭﺓ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻨﺸﻁﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋـﻥ ﺤﻘـﻭﻕ ﺍﻟﻌﻤـﺎل
ﻭﺍﻟﻔﻼﺤﻴﻥ ﻭﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ؛ ﻟﺫﺍ ﺠﺎﺀ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻹﺨﻀﺎﻉ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺩﻨﻲ ﻟﺭﻗﺎﺒﺔ ﺼﺎﺭﻤﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ،ﻭﺭﻓـﺽ ﺘـﺴﺠﻴل
ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﺭﻀﻰ ﻋﻨﻬﺎ ﺍﻟﺠﻬﺎﺕ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ .
ﻟﻜﻥ ﺍﻟﻤﺜﺎل ﺍﻷﻜﺜﺭ ﻭﻀﻭﺤﺎ ﻋﻠﻲ ﺍﺭﺘﺒﺎﻁ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﻭﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭﺍﻨﺘﻬﺎﻙ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺒﺘﻁﺒﻴﻕ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ،ﻫـﻭ
ﺘﻁﺒﻴﻕ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻹﻴﺠﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺯﺭﺍﻋﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ ،١٩٩٧ﻭﺍﻟﺫﻱ ﺒﻤﻭﺠﺒﻪ ﺃﺼﺒﺢ ﻤﻥ ﺤﻕ ﺍﻟﻤﻼﻙ ﺍﻨﺘﺯﺍﻉ ﺍﻷﺭﺍﻀﻲ ﺍﻟﺯﺭﺍﻋﻴﺔ ﻤﻥ
ﺍﻟﻤﺯﺍﺭﻋﻴﻥ ﺍﻟﻤﺅﺠﺭﻴﻥ ﻟﻬﺎ .ﻟﻘﺩ ﺸﻨﺕ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﻓﻲ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺤﺭﺒﺎ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻔﻼﺤـﻴﻥ ،ﻓﻘﺎﻤـﺕ ﺒﻤﺤﺎﺼـﺭﺓ ﻗـﺭﻯ ﺒﺄﻜﻤﻠﻬـﺎ
ﻭﺍﺠﺘﻴﺎﺤﻬﺎ ،ﻭﻴﻜﻔﻲ ﺍﻟﻘﻭل ﺃﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ ﻤﻥ ١٩٩٧/١/١ﺤﺘﻰ ١٩٩٧/٨/٢٠ﻜﺎﻨﺕ ﺤﺼﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﻤﻊ ﺍﻟﻭﺤﺸﻲ ﺨﻼل ﺘﻁﺒﻴﻕ ﺍﻟﻘـﺎﻨﻭﻥ
ﻓﻲ ﺭﻴﻑ ﻤﺼﺭ ١٥ﻗﺘﻴﻼ ﻭ ٢١٨ﻤﺼﺎﺒﺎ ﻭ ٨٢٢ﻤﻘﺒﻭﻀﺎ ﻋﻠﻴﻬﻡ ﻭ ٢١٠ﻫﺎﺭﺒﺎ ﻋﻠﻲ ﺍﻷﻗل ﻫﺫﺍ ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟـﻲ ﻓـﺽ ﻋـﺸﺭﺍﺕ
ﺍﻟﻤﺅﺘﻤﺭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻼﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺯﺒﻴﺔ ﺒﺎﻟﻘﻭﺓ ،ﻭﺍﻟﻐﺭﻴﺏ ﺃﻥ ﻜل ﻫﺫﺍ ﺘﻡ ﺤﺘﻰ ﻗﺒل ﻤﻭﻋﺩ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻜﺎﻥ ﻴﺤﻴﻥ ﻓﻲ ﺃﻜﺘـﻭﺒﺭ ﻋـﺎﻡ
،١٩٩٧ﻭﻓﻲ ﺴﺒﻴل ﺘﻁﺒﻴﻕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺠﺭﻱ ﺍﻨﺘﻬﺎﻙ ﻜﺎﻓﺔ ﺍﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﺒل ﻭﺍﻟﺩﺴﺘﻭﺭ ،ﺇﺫ ﺘﻡ ﺘﻌﺫﻴﺏ ﺍﻟﻔﻼﺤﻴﻥ ﺒﻁﺭﻕ ﻭﺤـﺸﻴﺔ
ﻓﻲ ﻤﺭﺍﻜﺯ ﺍﻟﺸﺭﻁﺔ ﻭﺍﻷﻗﺴﺎﻡ ﻭﺇﺠﺒﺎﺭﻫﻡ ﻋﻠﻲ ﺘﻭﻗﻴﻊ ﺘﻨﺎﺯﻻﺕ ﻋﻥ ﺍﻷﺭﺽ ،ﻭﺠﺭﻱ ﻤﻨﻌﻬﻡ ﻤﻥ ﺭﻓﻊ ﻗﻀﺎﻴﺎ ﺒﺎﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﻭﺍﻨﺘﺯﺍﻋﻬﻡ ﻤـﻥ
ﺍﻷﺭﺽ ﺒﺎﻟﻘﻭﺓ ،ﻜﻤﺎ ﺘﻡ ﻤﻼﺤﻘﺔ ﻭﺍﻋﺘﻘﺎل ﺍﻟﻤﺘﻀﺎﻤﻨﻴﻥ ﻤﻥ ﻨﺸﻁﺎﺀ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺘﻌﺫﻴﺒﻬﻡ ﻓﻲ ﺴﺠﻥ ﻁﺭﻩ .
ﻭﺍﻟﺴﺅﺍل ﻤﺭﺓ ﺃﺨﺭﻯ :ﻫل ﻜﺎﻥ ﻴﻤﻜﻥ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻹﻴﺠﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺯﺭﺍﻋﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺸﺭﺩ ٩٠٠ﺃﻟﻑ ﺃﺴﺭﺓ ﺭﻴﻔﻴـﺔ ﻓـﻲ
ﻤﺼﺭ ﻓﻲ ﻅل ﺃﻱ ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ؟ ﺍﻷﺤﺩﺍﺙ ﻭﺤﺩﻫﺎ ﺃﺠﺎﺒﺕ ﻋﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﺅﺍل!! ﻤﺜﺎل ﺃﺨﺭ ﻋﻠﻲ )ﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ( ـ ﻭﺇﻥ ﻜﺎﻥ ﺃﻗـل
ﺩﻤﻭﻴﺔ ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻟﻴﺱ ﺃﻗل ﺩﻻﻟﺔ ﻋﻠﻲ ﺍﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﻭﻗﻤﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ـ ﻓﻲ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺠﺭﺕ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﱰﺍﻛﻴﺔ ـ ﻣﺼﺮ
١٣
www.e-socialists.net
٢٠٠١ﺠﺭﻱ ﺘﺸﻜﻴل ٧٥٠ﻟﺠﻨﺔ ﻨﻘﺎﺒﻴﺔ ﺒﺎﻟﺘﺯﻜﻴﺔ ﻭﺒﺩﻭﻥ ﺍﻨﺘﺨﺎﺏ ،ﻜﻤﺎ ﻓﺎﺯ ﺠﻤﻴﻊ ﺭﺅﺴﺎﺀ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﺒﺎﻟﺘﺯﻜﻴﺔ ،ﻭﺃﻋﻠﻨﺕ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠـﺔ
ﻗﺒل ﺤﺘﻰ ﺇﺠﺭﺍﺀ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ،ﻭﻜﺫﻟﻙ ﻜﺎﻥ ﺃﻏﻠﺏ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻤﻤﻥ ﺘﺠﺎﻭﺯ ﺴﻥ ﺍﻟﺘﻘﺎﻋﺩ ،ﻭ ﻗﺩ ﺠﺭﻱ ﺍﺴـﺘﺒﻌﺎﺩ ﺍﻟﻨﻘـﺎﺒﻴﻴﻥ
ﺍﻟﻤﻌﺭﻭﻓﻴﻥ ﺒﻤﻨﺎﻫﻀﺘﻬﻡ ﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻜﻴﻑ ﺍﻟﻬﻴﻜﻠﻲ ﻭﺍﻹﺼﻼﺡ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﺒﻨﺎﺀﺍ ﻋﻠﻲ ﺘﻭﺼﻴﺎﺕ ﺍﻷﻤﻥ ،ﻭﺘﻡ ﻤﻨﻊ ﺍﻟﻤﺌﺎﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﺭﺸﻴﺢ
ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﻋﺩﻡ ﻤﻨﺤﻬﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﻨﺩﺍﺕ ﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺒﺔ ﻟﺫﻟﻙ ،ﻜﻤﺎ ﺠﺭﻱ ﻤﺤﺎﺼﺭﺓ ﺍﻟﺩﻋﺎﻴﺔ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﻴﺔ ﺴﻭﺍﺀ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺘﻘﺼﻴﺭ ﺍﻟﻤﺩﺓ ﺍﻟﻤﺘﺎﺤـﺔ
ﻟﻬﺎ ﺃﻭ ﺘﻘﻴﻴﺩﻫﺎ ﺇﺩﺍﺭﻴﺎ ،ﻭﻜﻤﺎ ﺃﻫﺩﺭﺕ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﺭﺸﻴﺢ ﻭ ﺍﻟﺩﻋﺎﻴﺔ ﺨﻼل ﺍﻟﻤﺭﺤﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻲ ﻤﻥ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﻜﻤﺎ ﺃﻫﺩﺭﺕ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﺼﻭﻴﺕ،
ﻭﺠﺭﻱ ﺍﻟﺘﻼﻋﺏ ﻋﻠﻲ ﻨﻁﺎﻕ ﻭﺍﺴﻊ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺼﻭﻴﺕ ﻭﺍﻟﻔﺭﺯ ﻭﺤﺘﻰ ﺇﻋﻼﻥ ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ .ﻭﺒﺎﻟﺘﺄﻜﻴﺩ ﺃﻨﺘﺠﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﻫﻴﻜﻼ ﻨﻘﺎﺒﻴﺎ
ﺃﺒﻌﺩ ﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﻋﻥ ﺘﻤﺜﻴل ﺍﻟﻌﻤﺎل ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻁﺒﻘﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﻠﺔ .ﻭﻜﺎﻥ ﻫﺫﺍ ﻀﺭﻭﺭﻱ ﻷﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﻜﻨـﺕ ﺘﺠـﺭﻱ
ﻋﺸﻴﺔ ﺩﺨﻭل ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﺼﻑ ﺒﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﺇﻟﻲ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ﻹﻗﺭﺍﺭﻩ ،ﻭﺍﻟﻤﻁﻠﻭﺏ ﺒﺎﻟﻁﺒﻊ ﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ﻻ ﺘﻘﺎﻭﻡ ﺼـﺩﻭﺭ
ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﺫﻱ ﻁﺎﻟﺏ ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﺒﺴﺭﻋﺔ ﺇﺼﺩﺍﺭﻩ ﻋﺩﺓ ﻤﺭﺍﺕ ،ﻭﺒﺎﻟﻔﻌل ﻋﻨﺩﻤﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺠﺭﻱ ﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻓﻲ ﻤﺠﻠﺱ
ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺘﻅﺎﻫﺭ ﻤﺭﺘﻴﻥ ﻗﺎﺩﺓ ﻋﻤﺎﻟﻴﻴﻥ ﻭﻤﻨﺎﻀﻠﻭﻥ ﻴﺴﺎﺭﻴﻭﻥ ﻀﺩ ﺇﺼﺩﺍﺭ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻤﻭﻀﺤﻴﻥ ﺨﻁﺭ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻌﻤﺎل .ﻓﻤﺎ ﻜـﺎﻥ
ﻤﻥ ﺍﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﺍﻟﺭﺴﻤﻲ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺃﺭﺴل ﻭﻓﺩﺍ ﻜﺒﻴﺭﺍ ﻤﻥ ﺭﺠﺎﻟﻪ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻤﺠﻠﺱ ،ﻟﻴﻌﻠﻥ ﺃﻨﻪ )ﺍﻟﻤﻤﺜل ﺍﻟﺸﺭﻋﻲ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﻟﻠﻌﻤﺎل ﻓﻲ ﻤﺼﺭ(،
ﻭﺃﻨﻪ ﻴﺅﻴﺩ ﺼﺩﻭﺭ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ،ﻭﻴﻁﺎﻟﺏ ﺒﻌﺩﻡ ﺍﻻﻟﺘﻔﺎﺕ ﺇﻟﻲ ﻤﻌﺎﺭﻀﻴﻪ .ﻭﺒﺎﻟﻔﻌل ﺼﺩﺭ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺍﻟﻐﺯﻭ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻟﻠﻌـﺭﺍﻕ ﺒﻔـﻀل
ﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ﻴﻬﻴﻤﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﺤﺎﻜﻡ ﻭﺍﺘﺤﺎﺩ ﻋﻤﺎل ﻴﻬﻴﻤﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺼﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﻌﺎﺸﺎﺕ .ﻫﺫﺍ ﻻ ﻴﻌﺒﺭ ﺒﺎﻟﻜﺎﻤل ﻋـﻥ ﺍﻷﻭﻀـﺎﻉ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﻴـﺔ
ﺍﻟﺴﺎﺌﺩﺓ ،ﻓﺎﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﺘﺄﺴﺱ ﺒﻨﺎﺀ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺘﻭﺠﻬﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺩﻥ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﻀﻡ ﻗﻁﺎﻋﺎ ﻭﺍﺴﻌﺎ ﻤﻥ
ﺍﻟﻌﻤﺎل ﺍﻵﻥ ﺘﻐﻴﺏ ﻋﻨﻪ ﺃﺼﻼ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﺎﺕ ،ﻓﺄﻜﺜﺭ ﻤﻥ %٩٠ﻤﻥ ﻤﺼﺎﻨﻊ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﺨﺎﺹ ﻻ ﺘﻭﺠﺩ ﺒﻬﺎ ﻟﺠﺎﻥ ﻨﻘﺎﺒﻴﺔ ،ﻭﻻ ﻴﺘﻤﺘﻊ ﻋﻤﺎﻟﻬـﺎ
ﺒﻌﻀﻭﻴﺔ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﺔ ،ﻭﻋﺎﺩﺓ ﻤﺎ ﺘﻜﻭﻥ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﻤﺤﺎﻭﻟﺔ ﺘﺄﺴﻴﺱ ﻟﺠﻨﺔ ﻨﻘﺎﺒﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻔﺼل.
ﻭﻟﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﻤﺸﻬﺩ ﻗﻤﻊ ﺍﻟﻤﻅﺎﻫﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﻠﺤﺭﺏ ﻓﻲ ٢١ﻤﺎﺭﺱ ٢٠٠٣ﺩﻟﻴﻼ ﺁﺨﺭ ﻋﻠﻲ ﻤﺩﻱ ﻫﺯﺍل ﺘﻠﻙ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴـﺔ
ﺍﻟﻤﺼﺎﺤﺒﺔ ﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﻕ ،ﻓﻔﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺠﺭﻱ ﺇﻁﻼﻕ ﻗﻭﺍﺕ ﻀﺨﻤﺔ ﻟﻘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺘﻅﺎﻫﺭﻴﻥ ﺍﻟﺫﻴﻥ ﺨﺭﺠﻭﺍ ﻟﻠﺘﻌﺒﻴﺭ ﻋﻥ ﻤﻭﻗﻔﻬﻡ ﺘﺠـﺎﻩ
ﺍﻟﺤﺭﺏ ،ﻭﺠﺭﻱ ﺍﻗﺘﺤﺎﻡ ﻨﻘﺎﺒﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﻤﻴﻥ ﻭﺍﻟﺤﺯﺏ ﺍﻟﻨﺎﺼﺭﻱ ،ﻭﺘﻡ ﺇﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﻘﺒﺽ ﻋﻠﻲ ﻨﻭﺍﺏ ﻤﻥ ﻤﺠﻠﺱ ﺍﻟﺸﻌﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻔﺭﻭﺽ ﺃﻨﻬـﻡ
ﻴﺘﻤﺘﻌﻭﻥ ﺒﺎﻟﺤﺼﺎﻨﺔ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻨﻴﺔ ﺒﻌﺩ ﻀﺭﺒﻬﻡ ﺒﻭﺤﺸﻴﺔ ﻭﺇﺼﺎﺒﺘﻬﻡ ﺇﺼﺎﺒﺎﺕ ﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﻋﺭﺽ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ .ﻭﻓﻰ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺘـﻡ ﺇﻁـﻼﻕ
ﺍﻟﺭﺼﺎﺹ ﺍﻟﻤﻁﺎﻁﻲ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻤﺘﻅﺎﻫﺭﻴﻥ ﻀﺩ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﻓﻲ ﺃﻤﺭﻴﻜﺎ ﻭ ﺃﺼﻴﺏ ٩ﻤﻨﻬﻡ ﻭ ﺍﻋﺘﻘل ﻋﺩﺩ ﻜﺒﻴﺭ ﻤﻨﻬﻡ ﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺸﻬﻴﺭﺓ ﻓﺎﺯﺕ
ﺒﺠﺎﺌﺯﺓ ﻨﻭﺒل ﻤﻥ ﻗﺒل ،ﻭﻫﻜﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﻤﺎ ﻴﺘﻡ ﻋﻭﻟﻤﺘﻪ ﻟﻴﺱ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﻘﻤﻊ .
ﻴﺘﻔﻕ ﻫﺫﺍ ﺃﻴﻀﺎ ﻤﻊ ﺘﺄﻴﻴﺩ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻟﺘﻭﺭﻴﺙ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻓﻲ ﺃﺫﺭﺒﻴﺠﺎﻥ ﻤﻥ ﺤﻴﺩﺭ ﻋﻠﻴﻴﻑ ﺇﻟﻲ ﻨﺠﻠﻪ ﺇﻟﻬﺎﻡ ﻋﻠﻴﻴـﻑ ﻋﺒـﺭ
ﺍﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ﻤﺯﻭﺭﺓ ﻨﺩﺩ ﺒﻬﺎ ﻤﺭﺍﻗﺒﻭﻥ ﺩﻭﻟﻴﻭﻥ ،ﺒل ﻭ ﺘﺄﻴﻴﺩ ﻗﻤﻊ ﺍﻻﺤﺘﺠﺎﺠﺎﺕ ﻭﺇﻋﻼﻥ ﺍﻷﺤﻜﺎﻡ ﺍﻟﻌﺭﻓﻴﺔ .ﻭﺍﻟﺴﺅﺍل ﺍﻟﺒﺴﻴﻁ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺠﺎﻫﻠﻪ
ﻤﺭﻭﺠﻭ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﻫﻭ :ﻫل ﻴﺘﻔﻕ ﺇﻓﻘﺎﺭ ﻤﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﻼﻴﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﺸﺭ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺤﻔﻨﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻠﻴﺎﺭﺩﻴﺭﺍﺕ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻤﻊ ﺃﺒﺴﻁ ﻤﻔﺎﻫﻴﻡ
ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ؟ ﻭ ﻫل ﻴﻤﺜل ﻓﺭﺽ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺒﻘﺭﺍﺭ ﻨﺨﺒﺔ ﻻ ﺘﻤﺜل ﺃﻱ ﻨﺴﺒﺔ ﻤﻥ ﺴﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺃﻱ ﻤﻠﻤﺢ ﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻲ ؟
ﻟﻘﺩ ﻤﻀﺕ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻭﺇﻨﺠﻠﺘﺭﺍ ﻗﺩﻤﺎ ﻓﻲ ﻏﺯﻭ ﻭﺍﺤﺘﻼل ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﻤﻌﺎﺭﻀﺔ ﻋﺸﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻼﻴـﻴﻥ ﺍﻟـﺫﻴﻥ
ﺨﺭﺠﻭﺍ ﻓﻲ ﻋﻭﺍﺼﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻓﻲ ١٥ﻓﺒﺭﺍﻴﺭ ٢٠٠٣؛ ﻟﻴﻌﻠﻨﻭﺍ ﺍﺤﺘﺠﺎﺠﻬﻡ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺤﺭﺏ ،ﻭﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭﺍ ﻟﺴﻴﺎﺴﺔ ﺘﺯﻴﻴﻑ ﺍﻟﺤﻘﺎﺌﻕ ﻭ ﺘـﻀﻠﻴل
ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻓﺭﻀﺕ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻭﺒﺭﻴﻁﺎﻨﻴﺎ ﻗﻴﻭﺩﺍ ﺼﺎﺭﻤﺔ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ،ﻭﺤﺠﺒﺕ ﺍﻟﺼﻭﺭ ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻔﻀﺢ ﺠﺭﺍﺌﻡ
ﺍﻟﻐﺯﻭ ،ﻭﻗﺼﻔﺕ ﺍﻟﻔﻨﺩﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻘﻴﻡ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺼﺤﻔﻴﻴﻥ ﻭﻤﻜﺘﺏ ﻗﻨﺎﺓ ﺍﻟﺠﺯﻴﺭﺓ ،ﻭﻗﺎﻤﺕ ﺒﺘﺭﺤﻴل ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ١٥٠ﺼﺤﻔﻲ ﺃﺜﻨـﺎﺀ ﺍﻟﺤـﺭﺏ،
ﻭﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻗﺩ ﺍﺘﺨﺫﺕ ﻨﻔﺱ ﺍﻹﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﻓﻲ ﺤﺭﺒﻬﺎ ﺍﻟﺴﺎﺒﻘﺔ ﻓﻲ ﺃﻓﻐﺎﻨﺴﺘﺎﻥ ،ﻭﻜﺎﻥ ﺫﻟﻙ ﺒﺎﺴﻡ ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴـﺔ .ﻭﺨـﻼل
ﻫﺫﻴﻥ ﺍﻟﻌﻘﺩﻴﻥ ﻤﻥ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺍﺘﻀﺢ ﺃﻥ ﺍﻹﻓﻘﺎﺭ ﻭﺍﻟﻨﻬﺏ ﻭﺘﺩﻤﻴﺭ ﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ ﻤﻌﻴﺸﺔ ﺍﻟﻁﺒﻘﺎﺕ ﺍﻟﻔﻘﻴﺭﺓ ﻭ ﺍﻟﻜﺎﺩﺤﻴﻥ ﻻ ﻴﻤﻜـﻥ ﺃﻥ
ﻴﺘﻡ ﺩﻭﻥ ﺍﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﻭﻗﻤﻊ.
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﱰﺍﻛﻴﺔ ـ ﻣﺼﺮ
١٤
www.e-socialists.net
ﺇﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻤل ﻴﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻲ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ،ﻭﺍﻻﺴﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ﺍﻷﺠﻨﺒﻴﺔ ،ﻭﺭﺠﺎل ﺍﻷﻋﻤﺎل ﻴﺤﺘﺎﺠﻭﻥ ﺇﻟﻲ ﺤﺭﺍﺴﺔ ﻗﻭﺍﺕ ﺍﻷﻤﻥ
ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺨﺼﺨﺼﺔ ﻭﺘﺒﺩﻴﺩ ﺍﻟﻤﺎل ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﺘﺯﻭﻴﺭ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ ،ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺇﻗﺭﺍﺽ ﺍﻟﻘﻁـﺎﻉ ﺍﻟﺨـﺎﺹ ﺩﻭﻥ ﺍﺌﺘﻤـﺎﻥ
ﻭﺍﻹﻋﻔﺎﺀ ﻤﻥ ﺍﻟﻀﺭﺍﺌﺏ ﻭﻓﺘﺢ ﺍﻻﻤﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﻴﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻲ ﺤﺠﺏ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ﻭ ﺘﻜﻤﻴﻡ ﺍﻷﻓﻭﺍﻩ .ﺃﻴﻀﺎ ﺸﻥ ﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﻤـﻥ ﺃﺠـل ﻤـﺼﺎﻟﺢ
ﺍﻟﺸﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﻴﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﺩﻋﺎﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﺫﺒﺔ ﻭﺘﻀﻠﻴل ﺍﻟﺭﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ .ﻓﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻲ ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﻭﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭﺍﻻﻀﻁﻬﺎﺩ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ
ﺍﻟﺩﻴﻤﻭﻗﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﻭﺤﻘﻭﻕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﻟﻴﺴﺕ ﺴﻭﻱ ﻋﻘﺒﺎﺕ ﻴﻨﺒﻐﻲ ﺇﺯﺍﻟﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﺃﻤﺎﻡ ﻗـﻭﻯ ﺍﻟـﺴﻭﻕ ،ﻭﻤﺜﻠﻤـﺎ ﺤﻘﻘـﺕ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤـﺔ
ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺜﺭﻭﺓ ﻟﻸﺜﺭﻴﺎﺀ ﻭ ﺍﻟﻔﻘﺭ ﻟﻠﻜﺎﺩﺤﻴﻥ ﻓﺈﻨﻬﺎ ﺤﻘﻘﺕ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻟﺭﺅﻭﺱ ﺍﻷﻤﻭﺍل ﻭﺍﻟﺴﻠﻊ ﻭﺍﻻﺴﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ،ﻭﻟﻡ ﺘﺤﻘﻕ ﻟﻠﻔﻘﺭﺍﺀ ﺴﻭﻱ
ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ .
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﱰﺍﻛﻴﺔ ـ ﻣﺼﺮ
١٥
www.e-socialists.net
ﺍﳍﻴﻤﻨﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﻮﳌﺔ ﺍﳌﺴﻠﺤﺔ
ﺍﺭﺘﺒﻁﺕ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻁﻭﺍل ﻋﻤﺭﻫﺎ ﺒﺎﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻭﺴﻊ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ،ﻓﻤﻊ ﺍﺘﺴﺎﻉ ﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺭﺃﺴـﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺘﺠﺎﻭﺯﻫـﺎ
ﺤﺩﻭﺩﻫﺎ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﻟﻌﺒﺕ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﺩﻭﺭﹰﺍ ﻫﺎﻤ ﹰﺎ ﻓﻲ ﺤﻤﺎﻴﺔ ﻭﺘﺩﻋﻴﻡ ﻤﺼﺎﻟﺢ ﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺎﺘﻬﺎ ﺨﺎﺭﺝ
ﺍﻟﺤﺩﻭﺩ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ .ﻭﺍﺴﺘﻤﺭﺕ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﻓﻲ ﺤﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻋﺒـﺭ ﺍﻻﺴـﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻌـﺴﻜﺭﻱ
ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭ ﺤﺘﻰ ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ،ﻭﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺕ ،ﺨﻼل ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻗﺭﻥ ،ﺃﻥ ﺘﻔﺭﺽ ﻫﻴﻤﻨﺘﻬﺎ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ﺒﺎﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻤـﺴﻠﺤﺔ،
ﻭﺘﻀﻤﻥ ﺒﺫﻟﻙ ﺘﺄﻤﻴﻥ ﻤﻭﺍﺭﺩ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﺨﺎﻡ ﻭﺍﻟﻁﺎﻗﺔ ﻭﺍﻷﺴﻭﺍﻕ ﻭﻁﺭﻕ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﻭﺍﻷﻴﺩﻱ ﺍﻟﻌﺎﻤﻠﺔ ﺍﻟﺭﺨﻴﺼﺔ ،ﻭﺘﻔﺘﺢ ﻟـﺭﺅﻭﺱ ﺍﻷﻤـﻭﺍل
ﻤﺠﺎﻻﺕ ﻭﺍﺴﻌﺔ ﻟﻼﺴﺘﺜﻤﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺭﺍﺕ .ﻭﻓﻰ ﺃﻋﻘﺎﺏ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ ﻭﻓﻰ ﻤﺭﺤﻠـﺔ ﺸـﻴﺨﻭﺨﺔ ﺍﻟـﺩﻭل ﺍﻻﺴـﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ
ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﺔ ﻭﺼﻌﻭﺩ ﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﺭﺭ ﺍﻟﻭﻁﻨﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺭﺍﺕ ﺘﺭﺍﺠﻊ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﺍﻟﻘﺩﻴﻡ ،ﻭﺼﻌﺩﺕ ﺍﻟﻘـﻭﻯ ﺍﻻﺴـﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ
ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ،ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻭﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘﻲ ،ﻭﻜﺎﻥ ﺃﻱ ﺼﺩﺍﻡ ﻤﺒﺎﺸﺭ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﻘﻭﺘﻴﻥ ﺒﺸﺄﻥ ﺘﻘﺴﻴﻡ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺭﺍﺕ ﻤﻌﻨﺎﻩ ﻨﺸﻭﺏ ﺤـﺭﺏ
ﻨﻭﻭﻴﺔ ﺘﻬﺩﺩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺒﺎﻟﻔﻨﺎﺀ .ﻜﺎﻥ ﺸﺒﺢ ﻫﻴﺭﻭﺸﻴﻤﺎ ﻤﺎﺯﺍل ﻴﺨﻴﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻭﻀﺎﻉ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ،ﻟﺫﺍ ﻓﺒﺩﻻ ﻤﻥ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻌـﺴﻜﺭﻱ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸـﺭ
ﺍﺘﺠﻬﺕ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺨﺎﺭﺝ ﺤﺩﻭﺩﻫﺎ ﻋﺒﺭ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺤﻠﻴﻔﺔ ﻤﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ،ﻭﺍﻨﻘـﺴﻡ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻡ ﺒـﻴﻥ
ﺍﻟﻜﺘﻠﺘﻴﻥ ﺍﻟﺸﺭﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ،ﻭﻫﻴﻤﻥ ﻨﻔﻭﺫ ﻜل ﻤﻥ ﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘﻲ ﻭﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﻁﻕ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺕ ﻜل ﻤﻨﻬﻤﺎ ﺇﻴﺠﺎﺩ
ﻭﺩﻋﻡ ﺃﻨﻅﻤﺔ ﺤﻠﻴﻔﺔ ﻟﺤﺭﺍﺴﺔ ﻤﺼﺎﻟﺤﻬﺎ ﺨﻼل ﻤﺎ ﺴﻤﻲ ﺒﻔﺘﺭﺓ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ،ﻭﻟﻜﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﺒﺎﺭﺩﺓ ﺘﻤﺎﻤﹰﺎ .ﺇﺫ ﻟـﻡ
ﺘﻜﻥ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﺘﺘﺴﺎﻤﺢ ﻤﻊ ﺃﻱ ﺘﻬﺩﻴﺩ ﻟﻤﻨﺎﻁﻕ ﻨﻔﻭﺫﻫﺎ ﺃﻭ ﻟﻸﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺎﻟﻔﺔ ﻤﻌﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻤﻰ ﻤـﺼﺎﻟﺤﻬﺎ .ﻫﻜـﺫﺍ
ﺸﻬﺩﺕ ﻓﺘﺭﺓ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﺍﻻﺠﺘﻴﺎﺤﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﻭﺤﻤﻼﺕ ﺍﻟﺘﺄﺩﻴﺏ ﻭﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﻟﺘﺩﻋﻴﻡ ﻨﻔﻭﺫ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﻭﺤﻤﺎﻴﺘﻬـﺎ ،ﻓﻴﺘﻨـﺎﻡ
ﻭﻜﻭﺭﻴﺎ ﻭﻜﻤﺒﻭﺩﻴﺎ ﻭﺠﻭﺍﺘﻴﻤﺎﻻ ﻭﺒﻨﻤﺎ ،ﺍﻟﻤﺠﺭ ﻭﺘﺸﻴﻜﻭﺴﻠﻭﻓﺎﻜﻴﺎ ﻭﺃﻓﻐﺎﻨﺴﺘﺎﻥ ﺃﻤﺜﻠﺔ ﻜﺜﻴﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺠﺭﺍﺌﻡ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﺨﻼل ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ،
ﺇﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺸﻨﺘﻬﺎ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﻋﺒﺭ ﻭﻜﻼﺌﻬﺎ ﻤﺜل ﺤﺭﺏ ﻴﻭﻨﻴﻭ ١٩٦٧ﻋﻠﻰ ﻤﺼﺭ ﻭﺴﻭﺭﻴﺎ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻤﺕ ﺒﻬﺎ ﺇﺴﺭﺍﺌﻴل
ﺒﺩﻋﻡ ﺃﻤﺭﻴﻜﻲ ﻟﻭﻗﻑ ﺘﻬﺩﻴﺩ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﻓﻰ ﺍﻟﻤﻨﻁﻘﺔ ﻓﻰ ﺫﻟﻙ ﺍﻟﻭﻗﺕ.
ﻫﻜﺫﺍ ﻗﺎﻤﺕ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﻁﻭﺍل ﻓﺘﺭﺓ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩﺓ ﺒﻘﻤﻊ ﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﺜﻭﺭﻴﺔ ﻭﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﺘﺤﺭﺭ ﻭﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﻭﺌﺔ ﻟﻬﺎ ﻋﺒـﺭ
ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭ ﻭﻏﻴﺭ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭ؛ ﻟﺘﺄﻜﻴﺩ ﻨﻔﻭﺫﻫﺎ ﻭﺤﻤﺎﻴﺔ ﻤﺼﺎﻟﺤﻬﺎ .ﻭﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺇﺫ ﺘﻌﺩ ﺍﺴﺘﻤﺭﺍﺭﹰﺍ ﻟﻠﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ
ﺒﺸﻜل ﺃﻋﻨﻑ ،ﻓﺈﻥ ﺃﺤﺩ ﺃﻫﻡ ﺭﻜﺎﺌﺯﻫﺎ ﻫﻲ ﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺨﺎﺭﺝ ﺤﺩﻭﺩﻫﺎ ﻭﺘﻭﺴﻴﻊ ﻨﻁﺎﻕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﻭﺘﻁﻭﻴﺭﻫﺎ ،ﻭﻤﻥ
ﺍﻟﺒﺩﻴﻬﻲ ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺘﻬﺩﻑ ﺘﺤﺕ ﺸﻌﺎﺭ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﺇﻟﻰ ﺘﺤﺭﻴﺭ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻷﻤﻭﺍل ﻭﺍﻻﺴـﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ﻤـﻥ ﻜﺎﻓـﺔ
ﺍﻟﻘﻴﻭﺩ ،ﻭﺘﻭﻓﻴﺭ ﻜل ﺃﺸﻜﺎل ﺍﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﻟﻬﺎ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ،ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻙ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﺘﺤﻘﻕ ﺇﻻ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ .ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺩﻋﺎﻴـﺔ
ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺘﻨﺎﺩﻯ ﻴﻭﻤﻴﹰﺎ ﺒﺈﻨﻬﺎﺀ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ،ﻓﺈﻥ ﻤﺎ ﻴﺤﺩﺙ ﻓﻌﻠﻴﹰﺎ ﻫﻭ ﺇﻨﻬﺎﺀ ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻠﺩﻭﻟﺔ ﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﻌﻤﺎل
ﻭﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺀ ،ﻭﺭﻓﻊ ﺍﻟﻘﻴﻭﺩ ﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﻔﺭﻭﻀﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﻤﻥ ﻨﺎﺤﻴﺔ ﺃﺨﺭﻯ ﻓﺈﻥ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﻴﺘﺯﺍﻴﺩ ﻴﻭﻤﹰﺎ ﺒﻌﺩ ﻴﻭﻡ ﻓـﻲ ﺩﻋـﻡ
ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﺍﺨل ﻭﺤﻤﺎﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ.
ﻼ ﺘﻘﻭﻡ ﺒﺎﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﺭﺌﻴﺴﻲ ﻓﻲ
ﻴﺒﺭﺯ ﺩﻭﺭ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻲ ﺒﻘﻭﺓ ﺨﻼل ﺍﻟﻔﺘﺭﺓ ﺍﻷﺨﻴﺭﺓ .ﻓﻤﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻤﺜ ﹰ
ﺘﺤﺭﻴﺭ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻷﻋﻀﺎﺀ .ﻓﻬﻲ ﺘﻔﺘﺢ ﺍﻷﺴﻭﺍﻕ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﺃﻤﺎﻡ ﺍﻟﺴﻠﻊ ،ﻭﺘﺘﻴﺢ ﻟﻠﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺘﻭﺴﻴﻊ ﺃﺴﻭﺍﻗﻬﺎ ﺒﺩﻭﻥ ﻗﻴـﻭﺩ
ﺠﻤﺭﻜﻴﺔ ،ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﺘﻔﺎﻗﻴﺔ ﺤﻤﺎﻴﺔ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺭﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺤﻅﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺩﻭل ﺇﻨﺘﺎﺝ ﺍﻟﻤﺎﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﺸـﺭﺍﺀ ﺍﻟﺘـﺼﺭﻴﺢ
ﺒﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺍﻟﺸﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﺒﺄﺴﻌﺎﺭ ﺒﺎﻫﻅﺔ ،ﺘﺘﻴﺢ ﻟﺒﻌﺽ ﺍﻟﺸﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﻋﻠﻰ ﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻭﻀﻌﹰﺎ ﺍﺤﺘﻜﺎﺭﻴﹰﺎ ﺘﺠﻨﻰ ﻤـﻥ ﻭﺭﺍﺀﻩ
ﺃﺭﺒﺎﺤﹰﺎ ﻁﺎﺌﻠﺔ .ﻭﻴﺼﺒﺢ ﺃﺜﺭ ﺫﻟﻙ ﻜﺎﺭﺜﻴﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺀ ﻓﻲ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺩﻭﺍﺀ ﻤﺜﻼ ً ،ﺇﺫ ﺘﺘﺠﺎﻭﺯ ﺃﺴﻌﺎﺭ ﺒﻌﺽ ﺍﻷﺩﻭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﺭﺩﺓ ﺍﻟﺤـﺩﻭﺩ
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﱰﺍﻛﻴﺔ ـ ﻣﺼﺮ
١٦
www.e-socialists.net
ﻼ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻴﻨﺘﺸﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻔﻘﻴﺭﺓ ﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﺘﻠﻭﺙ ﻭﺍﻨﻌـﺩﺍﻡ ﺍﻟﺭﻋﺎﻴـﺔ
ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺔ ﻟﻘﻁﺎﻋﺎﺕ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺀ ،ﻤﺜل ﺃﺩﻭﻴﺔ ﻭﺒﺎﺀ ﺍﻟﻜﺒﺩ ﻤﺜ ﹰ
ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ،ﻭﻤﻊ ﺫﻟﻙ ﻴﺤﻅﺭ ﺇﻨﺘﺎﺠﻪ ﻤﺤﻠﻴﹰﺎ ﺒﺄﺴﻌﺎﺭ ﻓﻲ ﻤﺘﻨﺎﻭل ﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺀ ،ﻭﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﺫﻟﻙ ﻴﺅﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺘﻭﻗﻴﻊ ﻋﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺭﺍﺩﻋﺔ.
ﺘﺄﺘﻰ ﺸﺭﻭﻁ ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﻭﺍﻀﺤﺔ ﻓﻲ ﻓﺭﺽ ﺍﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻷﻤﻭﺍل ،ﻓﻤﻥ ﺃﻫﻡ ﺸﺭﻭﻁ ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ
ﻤﻊ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻤﻠﺔ ﻤﻌﻪ :ﻫﻲ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻜﺎﻤﻠﺔ ﻟﺤﺭﻜﺔ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻷﻤﻭﺍل ﻓﻲ ﺍﻟﺩﺨﻭل ﻭﺍﻟﺨﺭﻭﺝ ﻤﻥ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﺍﻟﻤﺤﻠﻰ ،ﻭﺤﻤﺎﻴـﺔ ﺭﺅﻭﺱ
ﺍﻷﻤﻭﺍل ﻭﺍﻻﺴﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭﺓ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺄﻤﻴﻡ ﺃﻭ ﺃﻱ ﺇﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﺸﺒﻴﻬﺔ ،ﻫﺫﺍ ﺇﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻋﻔﺎﺀ ﺍﻟـﻀﺭﻴﺒﻲ ﻭﺍﻟﺠﻤﺭﻜـﻲ ﻭﺭﻓـﻊ
ﻻ ﻗﻭﻴـﹰﺎ ﻋﻠـﻰ
ﺍﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﺎﻟﻌﻤﺎل ﻭﺘﺤﺭﻴﺭ ﺼﺭﻑ ﺍﻟﻌﻤﻠﺔ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ .ﻟﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﻤﺎ ﺴﻤﻲ ﺒﻌﻤﻠﻴﺔ )ﺩﺭﻉ ﺍﻟﺒﻴﺯﻭ( ﻋﺎﻡ ١٩٩٤ﻤﺜـﺎ ﹰ
ﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻠﻌﺒﻪ ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﻓﻲ ﺤﻤﺎﻴﺔ ﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺨﺎﺭﺝ ﺤﺩﻭﺩﻫﺎ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ،ﻓﺒﻴﻨﻤﺎ ﻜﺎﻨـﺕ ﺍﻟﻌﻤﻠـﺔ ﺍﻟﻤﻜـﺴﻴﻜﻴﺔ
)ﺍﻟﺒﻴﺯﻭ( ﻋﻠﻰ ﻭﺸﻙ ﺍﻻﻨﻬﻴﺎﺭ ﻭﻗﺩ ﻜﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺤﻭﺍﻟﻲ ٥٠ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭ ﺃﻤﺭﻴﻜﻲ ﻤﺴﺘﺜﻤﺭﺓ ﻓﻲ ﺃﺴﻬﻡ ﻭﺴﻨﺩﺍﺕ ﺤﻜﻭﻤﻴﺔ ﻤﻬﺩﺩﺓ ﺒﺎﻟﻀﻴﺎﻉ
ﺇﺫﺍ ﺍﻨﻬﺎﺭﺕ ﺍﻟﻌﻤﻠﺔ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻜﻴﺔ ،ﻭﻫﻨﺎ ﺘﺩﺨل ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﺒﺤﺴﻡ ﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺭﻴﻥ ﺍﻷﺠﺎﻨﺏ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜـﺴﻴﻙ ،ﻓﻘـﺎﻡ
ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ )ﻜﺎﻤﺩﻴﺴﻭ( ﺒﺈﺼﺩﺍﺭ ﻗﺭﺍﺭ ﺍﺴﺘﺜﻨﺎﺌﻲ ،ﻭﺤﺘﻰ ﺒﺎﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﻟﻠﻘﻭﺍﻋﺩ ﺍﻟﻤﻌﻤﻭل ﺒﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻨﺩﻭﻕ ،ﺤﻴﺙ ﻗﺩﻡ ﻗﺭﻀـﺎ
ﻗﻴﻤﺘﻪ ١٧,٧ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭ ،ﻭﻭﺼل ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻘﺭﺽ ﺇﻟﻰ ٥٠ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭ ﺒﻤﺴﺎﻋﺩﺓ ﺒﻨﻙ ﺍﻟﺘﺴﻭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﻭﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺍﻟﻜﻨﺩﻴﺔ ،ﻭﻴﻌﺩ ﻫﺫﺍ
ﻤﻥ ﺃﻜﺒﺭ ﺍﻟﻘﺭﻭﺽ ﺍﻟﻤﻘﺩﻤﺔ ﻓﻰ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﺩﻓﻌﺔ ﻭﺍﺤﺩﺓ ،ﻭﺒﻌﺩ ﺇﻨﻘﺎﺫ ﺍﻻﺴﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ﺍﻷﺠﻨﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻙ ﺘـﺭﻙ ﺍﻟـﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻻﻗﺘـﺼﺎﺩ
ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻜﻲ ﻴﻬﻭﻯ .ﻫﻜﺫﺍ ﻓﺈﻥ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﻻ ﻴﺘﻭﻗﻑ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﻋﻨﺩ ﺩﻋﻡ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺤﻴﺙ ﻗﺎﻡ ﺒﺘﺤﺴﻴﻥ ﻤﻨﺎﺥ
ﺍﻻﺴﺘﺜﻤﺎﺭ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺘﺘﺩﺨل ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﺴﺏ ﻹﻨﻘﺎﺫ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ .ﻭﻟﻡ ﺘﻠﻕ ﺍﻷﺭﺠﻨﺘﻴﻥ ﻁﺒﻌﹰﺎ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺩﻋﻡ ﻤﻥ ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟـﺩﻭﻟﻲ
ﻟﺩﻯ ﺍﻨﻬﻴﺎﺭ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻫﺎ ﻭﻨﻅﺎﻤﻬﺎ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻋﺎﻡ ، ٢٠٠٢ﺒل ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻜﺱ ﻁﺎﻟﺏ ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺒﻌـﺩﻡ
ﺇﻫﻤﺎل ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﺩﺍﺌﻨﻴﻥ ﻭﻭﻀﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﻓﻲ ﺃﻱ ﺨﻁﻁ ﺇﺼﻼﺤﻴﺔ .ﻭﺘﻌﺩ ﺍﻟﺩﻴﻭﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﺎﻨﻰ ﻤﻨﻬﺎ ﺩﻭل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ،ﻭﺘﺘﺤﻤـل
ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺒﺴﺒﺒﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﺎﻨﺎﺓ ،ﻤﻥ ﺨﻔﺽ ﺍﻹﻨﻔﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﻭﺍﻟﺩﻋﻡ ،ﺃﺤﺩ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺼﺭ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ .ﻓﻔﻲ
ﺩﻭﻟﺔ ﻤﺜل ﺍﻹﻜﻭﺍﺩﻭﺭ ١٩٩٩ﺘﻜﺒﺩ ﻜل ﻤﻭﺍﻁﻥ ٣ﺩﻭﻻﺭﺍﺕ ﺃﺴﺒﻭﻋﻴﺎ؛ ﻟﺴﺩﺍﺩ ﻤﺴﺘﺤﻘﺎﺕ ﺍﻟﺩﻴﻥ .ﻭﻓﻰ ﻋﺎﻡ ٢٠٠٠ﻜﺎﻨـﺕ ﻤـﺴﺘﺤﻘﺎﺕ
ﺍﻟﺩﻴﻥ ﻨﺼﻑ ﻤﻴﺯﺍﻨﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻭﻗﻑ ﻋﻥ ﺴﺩﺍﺩ ﺍﻟﺩﻴﻭﻥ ﻴﻌﻨﻰ ﻁﺒﻌﹰﺎ ﻋﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻗﺎﺴﻴﺔ .ﻭﻓﻰ ﻤﺜﺎل ﻓﺎﻀـﺢ ﻋﻠـﻰ ﺤﻘﻴﻘـﺔ
ﺍﻟﻘﺭﻭﺽ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﺩﻤﻬﺎ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﻟﻠﺩﻭل ﺍﻟﻔﻘﻴﺭﺓ ،ﻫﻭ ﺍﻟﻘﺭﺽ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺩﻤﺘﻪ ﺤﻜﻭﻤﺔ ﻤﺎﺭﺠﺭﻴﺕ ﺘﺎﺘﺸﺭ ﻟﻤﺎﻟﻴﺯﻴﺎ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﺴـﺩ ﺒﺭﺠـﻭﺍ
ﻭﻗﻴﻤﺘﻪ ) (٢٣٤ﻤﻠﻴﻭﻥ ﺩﻭﻻﺭ ،ﻭﺍﻟﺫﻱ ﺩﻓﻌﺘﻪ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺯﻴﺔ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﻟﺸﺭﻜﺘﻴﻥ ﺇﻨﺠﻠﻴﺯﻴﺘﻴﻥ ﻋﻤﻼﻗﺘﻴﻥ ،ﻭﺍﻟﺠﺩﻴﺭ ﺒﺎﻟـﺫﻜﺭ ﺃﻥ ﺍﺒـﻥ
ﻤﺎﺭﺠﺭﻴﺕ ﺘﺎﺘﺸﺭ ﻜﺎﻥ ﻤﺴﺘﺸﺎﺭﹰﺍ ﻹﺤﺩﻯ ﺍﻟﺸﺭﻜﺘﻴﻥ ،ﻜﺫﻟﻙ ﻓﻘﺩ ﺍﺭﺘﺒﻁ ﺍﻻﺘﻔﺎﻕ )ﺴﺭﻴﺎ( ﺒﺸﺭﺍﺀ ﻤﺎﻟﻴﺯﻴﺎ ﺃﺴﻠﺤﺔ ﻤﻥ ﺸﺭﻜﺎﺕ ﺇﻨﺠﻠﻴﺯﻴﺔ –
ﺠﺩﻴﺭ ﺒﺎﻟﺫﻜﺭ ﻫﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﺩﻤﻬﺎ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﻟﻤﺼﺭ ﺍﺭﺘﺒﻁﺕ ﺩﺍﺌﻤﹰﺎ ﺒﻘﺩﺭﺓ ﻤﺼﺭ ﻋﻠﻰ ﺘﺴﻭﻴﻕ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻴﻊ
ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﻟﺘﺴﻭﻴﺔ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺼﻬﻴﻭﻨﻲ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺇﺴﺭﺍﺌﻴل ،ﻭﻜﺫﻟﻙ ﺒﺎﻟﺩﻋﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻘﺩﻤﻪ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﻟﻠﻭﻻﻴـﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤـﺩﺓ
ﻹﺘﻤﺎﻡ ﻤﺸﺎﺭﻴﻌﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﺎﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﻤﺜﻠﻤﺎ ﺤﺩﺙ ﻓﻲ ﺤﺭﺏ ﻋﺎﺼﻔﺔ ﺍﻟﺼﺤﺭﺍﺀ ١٩٩١ﻭﻏﺯﻭ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ٢٠٠٣ﺇﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟـﻰ ﺃﻥ
ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺩﺍﺕ ﻤﺸﺭﻭﻁﺔ ﺒﺩﻋﻡ ﺍﻟﺸﺭﻜﺎﺕ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﻭﻤﻨﺘﺠﺎﺘﻬﺎ.
ﻭﻟﻘﺩ ﺴﺠل ﺒﺭﻨﺎﻤﺞ ﺍﻷﻤﻡ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻷﻜﺜﺭ ﺇﻨﻔﺎﻗﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﺢ ﺘﻠﻘﺕ ﻤﺴﺎﻋﺩﺍﺕ ﺃﻜﺒﺭ ﻤﺭﺘﻴﻥ ﻭﻨـﺼﻑ ﻤـﻥ
ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻷﻗل ﺇﻨﻔﺎﻗﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺴﻠﻴﺢ .ﺇﻥ ﺩﻋﻡ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻓﻰ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﻭﺩﻋﻡ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﻟﻸﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺤﻠﻴﻔﺔ ﻟﻺﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﻫﻭ
ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﻘﻘﺔ ﻤﻥ ﺇﻗﺭﺍﺽ ﺩﻭل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺜﺎﻟﺙ ،ﻜﺫﻟﻙ ﺘﺘﺤﻭل ﺍﻟﺩﻴﻭﻥ ﺒﻌﺩ ﺫﻟﻙ ﺇﻟﻰ ﺃﺩﺍﺓ ﻟﻠﺴﻴﻁﺭﺓ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﻭﺇﻤﻼﺀ ﺃﺠﻨﺩﻩ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ
ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ .ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻭﻨﺎﻥ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺍﻟﻴﻭﻨﺎﻨﻴﺔ ﺘﺠﺩ ﺼﻌﻭﺒﺔ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻓﻲ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﺃﺠﻨﺩﺓ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﺘﻀﻤﻥ ﺨﻔـﺽ
ﻟﻠﻀﻤﺎﻥ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻷﻨﻔﺎﻕ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺘﺩﻨﻰ ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻌﻤل ،ﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺒﺩﺘﻬﺎ ﺍﺘﺤﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻹﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ،ﻭﻟﻡ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ
ﺍﻟﻤﻀﻲ ﻗﺩﻤﹰﺎ ﻓﻲ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺇﻻ ﻋﺒﺭ ﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻲ ﻭﺍﻻﻨﻀﻤﺎﻡ ﻟﻠﻌﻤﻠﺔ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒﻴﺔ.
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﱰﺍﻛﻴﺔ ـ ﻣﺼﺮ
١٧
www.e-socialists.net
ﻭﺍﻟﺴﺅﺍل ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻁﺭﺤﻪ ﺍﻟﻜﺜﻴﺭﻭﻥ ﻫﻭ :ﻤﺎ ﻭﻀﻊ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﻅل ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴـﺩﺓ؟ ﻓـﻲ
ﺍﻟﻭﻗﺕ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺼﻭﺭ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺒﻌﺽ ﺃﻥ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻤﺘﻀﺭﺭﺓ ﺒﺸﺩﺓ ﻤﻥ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ،ﻨﺘﻴﺠﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﻏﻴـﺭ
ﺍﻟﻤﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ﻤﻊ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻭﺇﻏﺭﺍﻕ ﺍﻷﺴﻭﺍﻕ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﺒﺎﻟﺴﻠﻊ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﺭﺩﺓ ﺍﻷﺠﻭﺩ ﻭﺍﻷﺭﺨﺹ ﻓﻲ ﺃﻏﻠﺏ ﺍﻷﺤﻴﺎﻥ ،ﺇﻻ ﺃﻨﻨﺎ ﻨـﺭﻯ
ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻨﻅﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﻤﺜﻠﺔ ﻟﻠﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺘﻁﺎﻟﺏ ﺩﺍﺌﻤﹰﺎ ﺒﺘﻁﺒﻴﻕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ .ﻓﺎﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﺘﺴﺘﻔﻴﺩ ﻤﻥ ﺃﺠﻨﺩﺓ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺃﻜﺜﺭ
ﻤﻥ ﺃﻱ ﻁﺭﻑ ﺁﺨﺭ .ﻓﻌﺒﺭ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﺘﻤﻜﻨﺕ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻤﻥ ﺸﺭﺍﺀ ﻤﺸﺎﺭﻴﻊ ﻭﺸﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ ﺍﻟﻌـﺎﻡ ﺨـﻼل
ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺨﺼﺨﺼﺔ ﻭﻋﺎﺩﺓ ﺒﺄﺴﻌﺎﺭ ﺘﻘل ﻜﺜﻴﺭﹰﺍ ﻋﻥ ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻜﻤﺎ ﺃﻭﺭﺩﻨﺎ ،ﻜﺫﻟﻙ ﻓﻘﺩ ﺘﻤﺘﻌـﺕ ﺒﺎﻹﻋﻔـﺎﺀ ﺍﻟـﻀﺭﻴﺒﻲ ﻭﺇﻋﻔـﺎﺀ
ﻤﺴﺘﻠﺯﻤﺎﺕ ﺍﻹﻨﺘﺎﺝ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎﺭﻙ ،ﻭﺍﻻﻗﺘﺭﺍﺽ ﺍﻟﺴﺨﻲ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻨﻭﻙ ﻭﻓﺼل ﺍﻟﻌﻤﺎل ﻭﺘﺨﻔﻴﺽ ﺍﻷﺠﻭﺭ ﺒﻌﺩ ﺘﻐﻴﺭ ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻟﻌﻤل ﻭﺘﺭﻜﻬﺎ
ﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﻕ ،ﻭﻗﺩ ﺘﻤﻜﻨﺕ ﺃﻴﻀ ﹰﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺨﻭل ﺇﻟﻰ ﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻭﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﺘﺨﺎﺫ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭ ﻭﺍﻟﺘﺄﺜﻴﺭ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﺼﺎﻟﺤﻬﺎ.
ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺯﺍﻴﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﻅل ﺍﻟﺴﻭﻕ ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﻟﺤﺎﺤﻬﺎ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺘﻁﺒﻴﻕ ﻗﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﻴﺠﻌل ﻤـﻥ
ﺍﻟﺼﻌﺏ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻜﻀﺤﻴﺔ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ،ﺒل ﻴﺠﻌﻠﻬﺎ ﺸﺭﻴﻜ ﹰﺎ ﺃﺴﺎﺴﻴﹰﺎ ﻟﻠﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻭﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﻓـﻲ ﻨﻬـﺏ ﻭﺍﻀـﻁﻬﺎﺩ
ﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺀ .ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﺘﻘﻭﻡ ﻤﻥ ﺨﻼل ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﻜﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﻭﻤﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺘﺠـﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴـﺔ
ﻭﺍﻟﺒﻨﻙ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﺒﺤﻤﺎﻴﺔ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﻻ ﺘﺘﻭﻗﻑ ﻋﻨﺩ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤـﺩ ،ﻓﺎﻟﻤﺅﺴـﺴﺎﺕ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻭﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﺘﻠﻌﺏ ﺩﻭﺭﹰﺍ ﻫﺎﻤﹰﺎ ﻓﻰ ﺩﻋﻡ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﻭﺇﻀﻔﺎﺀ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ،ﻭﺍﻟﺩﻭﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻗﺎﻤﺕ ﺒـﻪ ﺍﻷﻤـﻡ
ﻻ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ.
ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻓﻰ ﺇﻀﻔﺎﺀ ﺍﻟﺸﺭﻋﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ﻤﻥ ١٩٩١ﻭﺤﺘﻰ ﺍﻟﻴﻭﻡ ﺃﻭﻀﺢ ﻤﺜﺎ ﹰ
ﻤﻨﺫ ﻋﺎﺼﻔﺔ ﺍﻟﺼﺤﺭﺍﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻵﻥ ﺘﺼﺩﺭ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺅﻴﺩﺓ ﻟﻺﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺒﻤﻭﺠﺒﻬﺎ ﺘﺸﻥ ﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﻭﺘﻔﺭﺽ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﻋﻠﻰ
ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘﺎﻭﻡ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﻭﺘﻌﻭﻕ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺃﺼﻁﻠﺢ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟﻤﺎﺭﻗﺔ ﺃﻭ ﻤﺤﻭﺭ ﺍﻟﺸﺭ ﺃﻭ ﺍﻷﻨﻅﻤـﺔ
ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻤﺎ ﺍﺘﻔﻕ .ﻭﺍﻟﻘﺭﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻟﺩﻋﻡ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﺘﺠﺩ ﻓﻭﺭﹰﺍ ﻁﺭﻴﻘﻬﺎ ﻟﻠﺘﻨﻔﻴﺫ ﺃﻤﺎ ﺍﻟﻘﺭﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﻼﺌـﻡ ﺍﻟﻤـﺼﺎﻟﺢ
ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﻓﻤﺼﻴﺭﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺴﻠﺔ ﺍﻟﻤﻬﻤﻼﺕ ،ﻤﺜل ﺍﻟﻘﺭﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺨﺎﺼﺔ ﺒﺎﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻌﺭﺒﻲ ﺍﻟﺼﻬﻴﻭﻨﻲ .ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ
ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﺭﻓﻊ ﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﻭﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺘﺤﻤل ﻜل ﻤﻼﻤﺢ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﺘﻘﻭﻡ ﺒﺩﻭﺭ ﺭﺌﻴﺴﻲ ﻓﻲ ﺩﻋـﻡ ﻭﺤﻤﺎﻴـﺔ
ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ،ﻭﺘﻭﺴﻊ ﻨﻁﺎﻕ ﻋﻤل ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺨﺎﺭﺝ ﺤﺩﻭﺩﻫﺎ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻭﻋﺒﺭ ﺁﻟﻴﺎﺘﻬﺎ ﺘﺯﻴل ﺍﻟﺼﻌﻭﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻘـﻑ
ﺃﻤﺎﻡ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻻﺴﺘﺜﻤﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﺒﺭ ﻟﻠﻘﻭﻤﻴﺎﺕ .ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﻻ ﻴﻤﻜﻨﻬﺎ ﻓﻘﻁ ﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻰ ﻫـﺫﻩ ﺍﻟﻤﺅﺴـﺴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺩﻨﻴـﺔ ﻓـﻲ ﺤﻤﺎﻴـﺔ
ﻤﺼﺎﻟﺤﻬﺎ ،ﻓﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﻭﺍﻟﺒﻨﻙ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﻭﺍﻷﻤﻡ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﻓﺭﺽ ﺸﺭﻭﻁ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻤﻼﺌﻤﺔ ﻟﻠﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﺘـﺴﺘﻁﻴﻊ
ﻓﺭﺽ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﻋﻨﺩ ﻋﺩﻡ ﺍﻹﺫﻋﺎﻥ ﻟﻬﺫﻩ ﺍﻟﺸﺭﻭﻁ ،ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺘﻤﻠﻙ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﻟﺤـﺴﻡ ﺍﻟـﺼﺭﺍﻉ ﺒـﻴﻥ
ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﺭﺍﺤﻠﻪ ﺍﻟﻤﺘﻘﺩﻤﺔ ،ﻭﻋﻨﺩﻤﺎ ﻻ ﺘﺠﺩﻱ ﺍﻟﻌﻘﻭﺒﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ،ﻫﻨﺎ ﻴﻅﻬﺭ ﺍﻟﻭﺠﻪ ﺍﻟﻤـﺴﻠﺢ
ﻟﻠﻌﻭﻟﻤﺔ ،ﻓﺎﻟﺒﻨﺘﺎﺠﻭﻥ ﻭﺤﻠﻑ ﺍﻟﻨﺎﺘﻭ ﻭﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺫﺭﺍﻉ ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ ﻟﻠﻌﻭﻟﻤﺔ.
ﻟﻘﺩ ﻜﺎﻥ ﻤﺸﻬﺩ ﻏﺯﻭ ﺒﻐﺩﺍﺩ ﻓﻲ ﺃﺒﺭﻴل ٢٠٠٣ﺼﺩﻤﺔ ﺤﻘﻴﻘﻴﺔ؛ ﻫل ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﻴﻌﻭﺩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺒﻬﺫﻩ ﺍﻟﺴﺭﻋﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺭﻥ ﺍﻟﺘﺎﺴﻊ ﻋﺸﺭ
ﻭﺇﻟﻰ ﻋﺼﺭ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭ؟ ﺍﻹﺠﺎﺒﺔ ﻫﻲ ﺃﻥ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﻟﻡ ﺘﺘﻭﻗﻑ ﻓﻲ ﺃﻱ ﻟﺤﻅﺔ ﻋﻥ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﻜﺎﻓﺔ ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ﻟﺤﻤﺎﻴﺔ
ﻤﺼﺎﻟﺤﻬﺎ ﻭﻨﻔﻭﺫﻫﺎ ﺒﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺍﺴﺘﺨﺩﺍﻡ ﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ .ﻭﻟﻘﺩ ﻅﻠﺕ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﺘﺒﺴﻁ ﺤﻤﺎﻴﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺤﺘﻼل ﺍﻟﺼﻬﻴﻭﻨﻲ
ﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻥ ،ﻭﺘﻘﺩﻡ ﻹﺴﺭﺍﺌﻴل ﺍﻟﺩﻋﻡ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﻟﺤﺭﺍﺴﺔ ﻤﺼﺎﻟﺤﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺍﻷﻭﺴﻁ ،ﻜﻤﺎ ﻟﻡ ﺘﺘﻭﻗـﻑ ﻋـﻥ
ﺘﺩﺒﻴﺭ ﺍﻻﻨﻘﻼﺒﺎﺕ ﻀﺩ ﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﻭﺌﺔ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﻤﻴﺭﻜﺎ ﺍﻟﺠﻨﻭﺒﻴﺔ .ﻭﻓﻰ ﻋﺼﺭ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﻭﻤﻊ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴـﺩﺓ ﻟـﻡ ﺘﻜـﻥ
ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﻟﺘﺴﻤﺢ ﺃﻥ ﺘﻌﻭﻕ ﻤﺼﺎﻟﺤﻬﺎ ﺃﻨﻅﻤﺔ ﺃﻭ ﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺨﺎﺭﺝ ﺤﻅﻴﺭﺓ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ،ﻓﻠﻡ ﺘﻜﻥ ﻟﺘﺴﻤﺢ ﺒﺎﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﺒـﺅﺭﺓ ﺍﻟﺘـﻭﺘﺭ ﻓـﻲ
ﺍﻟﺒﻠﻘﺎﻥ ﻭﻓﻰ ﻗﻠﺏ ﺃﻭﺭﻭﺒﺎ ﻤﻊ ﺍﻟﺘﻬﺩﻴﺩ ﺒﺎﺘﺴﺎﻉ ﺍﻟﺘﻭﺘﺭ ﻟﻴﺸﻤل ﺩﻭل ﻤﺠﺎﻭﺭﺓ ،ﻭﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻟﺘﺴﻤﺢ ﺃﻥ ﻴﻌﻁل ﻨﻅﺎﻡ ﻁﺎﻟﺒـﺎﻥ ﻭﺍﻟﻘﺎﻋـﺩﺓ ﻓـﻲ
ﺃﻓﻐﺎﻨﺴﺘﺎﻥ ﺨﻁ ﺒﺘﺭﻭل ﺍﻟﻘﻭﻗﺎﺯ ،ﻭﺘﻀﻴﻊ ﻓﺭﺼﺔ ﺍﻻﺴﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻀﺨﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺸﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﺒﺘﺭﻭل ،ﻭﻴﺤﺭﻤﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻻﺴﺘﻔﺎﺩﺓ ﻤﻥ ﺍﺤﺘﻴﺎﻁﻲ
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﱰﺍﻛﻴﺔ ـ ﻣﺼﺮ
١٨
www.e-socialists.net
ﺍﻟﺒﺘﺭﻭل ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻭﻗﺎﺯ .ﻜﻤﺎ ﺃﻨﻬﺎ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻟﺘﺘﺭﻙ ﺍﺤﺘﻴﺎﻁﻲ ﺍﻟﻁﺎﻗﺔ ﺍﻟﻀﺨﻡ ﻓﻰ ﺍﻟﺸﺭﻕ ﺍﻷﻭﺴﻁ ﺩﻭﻥ ﺤﺭﺍﺴﺔ ﺇﺴﺭﺍﺌﻴل ﺃﻭ ﺘﺴﻤﺢ ﻟﺘﻬﺩﻴﺩﺍﺕ
ﺼﺩﺍﻡ ﺤﺴﻴﻥ ﺒﺎﻻﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ،ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺭﻏﻡ ﻤﻥ ﺃﻥ ﺼﺩﺍﻡ ﺤﺴﻴﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﻫﻭ ﺍﻟﺫﻱ ﺤﻅﻲ ﺒﺭﻋﺎﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﺤﺘﻰ ﻋﺎﻡ ١٩٩٠ﻋﺎﻡ
ﻏﺯﻭ ﺍﻟﻜﻭﻴﺕ .ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻻ ﻴﻤﻜﻨﻬﺎ ﺍﻟﺘﺩﺨل ﺇﻟﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺤﺩ ،ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺫﺭﺍﻉ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﻟﻠﻌﻭﻟﻤﺔ ﺠﺎﻫﺯ ﺩﺍﺌﻤﹰﺎ
ﻟﻔﺭﺽ ﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺸﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻜﺒﺭﻯ ﺒﺎﻟﻘﻭﺓ .ﻭﻗﺩ ﻜﺎﻥ ﺍﻻﺘﺠﺎﻩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺼﺨﺼﺔ ﻭﺘﻁﺒﻴﻕ ﻗﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻋﻘﺏ ﺍﻟﻐﺯﻭ ﻤﺒﺎﺸﺭﺓ
ﻼ ﻭﺍﻀﺤﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺭﻕ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺩ ﺘﺘﻡ ﺒﻬﺎ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﻤﺎ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻋﻥ ﻁﺭﻴﻕ ﺼـﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘـﺩ ﻭﺍﻻﺘﻔﺎﻗﻴـﺎﺕ
ﺩﻟﻴ ﹰ
ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ،ﻜﺫﻟﻙ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻌﻘﻭﺩ ﺍﻟﻀﺨﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺤﻅﻴﺕ ﺒﻬﺎ ﺍﻟﺸﺭﻜﺎﺕ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﻹﻋﺎﺩﺓ ﺃﻋﻤﺎﺭ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﻋﻘﻭﺩ ﺍﻟﻨﻔﻁ ﺒﻴﻨـﺕ ﺍﻷﻫـﺩﺍﻑ
ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﺤﺭﺏ ﻭﻁﺎﺒﻌﻬﺎ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻱ.
ﻭﻤﻥ ﺍﻟﻤﻠﻔﺕ ﺃﻥ ﻤﻨﺎﺥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﺓ ﻭﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ﻴﻨﻌﻜﺱ ﺇﻴﺠﺎﺒﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﺸﺭﻜﺎﺕ ﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺴﻼﺡ ،ﻓﻌﻠـﻰ ﺍﻟـﺭﻏﻡ ﻤـﻥ
ﺍﻨﻬﻴﺎﺭ ﺍﻷﺴﻬﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻼ ﺃﺤﺩﺍﺙ ١١ﺴﺒﺘﻤﺒﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ،ﺍﺭﺘﻔﻌﺕ ﺃﺴﻬﻡ ﺸﺭﻜﺔ "ﺭﻴﺜﺒﻭﻥ" ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﻟﺼﻭﺍﺭﻴﺦ ﻜﺭﻭﺯ ﺒﻨـﺴﺒﺔ
،%٢٧ﻭﺍﺭﺘﻔﻌﺕ ﺃﺴﻬﻡ ﺸﺭﻜﺔ "ﻟﻭﻜﻬﻴﺩ ﻤﺎﺭﺘﻥ" ﺒﻨﺴﺒﺔ ،%١٥ﻭﻫﻰ ﺍﻟﺸﺭﻜﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﻟﻠﻁﺎﺌﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻴﺔ ،ﻜﻤﺎ ﺍﺭﺘﻔﻌﺕ ﺃﺴﻬﻡ ﺸﺭﻜﺔ
"ﻨﻭﺭﺜﺭﻭﺏ ﺠﺭﻭﻤﺎﻥ" ،%١٦ﻭﺍﺭﺘﻔﻌﺕ ﺃﺴﻬﻡ ﺸﺭﻜﺔ "ﺠﻨﺭﺍل ﺩﺍﻴﻨﻤﻙ" ﺒﻨﺴﺒﺔ ،%٩ﻭﺨﻼل ﺍﻟﺤﻤﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﻐﺎﻨﺴﺘﺎﻥ ﺘﻌﺎﻗﺩﺕ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ
ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺘﺼﻨﻴﻊ ﺴﺘﺔ ﺁﻻﻑ ﻁﺎﺌﺭﺓ ﺸﺒﺢ ﺒﻘﻴﻤﺔ ٤٠٠ﻤﻠﻴﺎﺭ ﺩﻭﻻﺭ ﺤﺘﻰ ﻋﺎﻡ .٢٠٢٠
ﺇﻥ ﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ﺘﻅﻬﺭ ﺒﻭﻀﻭﺡ ﺤﺘﻰ ﻗﺒل ﺃﻥ ﻴﺯﻭل ﺩﺨﺎﻥ ﺍﻟﺤﺭﺏ ،ﻓﺎﻟﻤﻭﺕ ﻭﺍﻟﺩﻤﺎﺭ ﻭﺍﻟﺨﺭﺍﺏ ﺘﺘﻡ ﺘﺭﺠﻤﺘﻪ
ﻓﻭﺭﹰﺍ ﺇﻟﻰ ﻋﻘﻭﺩ ﺃﻋﻤﺎﺭ ﻭﻨﻤﻭ ﻓﻲ ﺍﻷﺴﻬﻡ ﻭﺯﺤﻑ ﻟﻘﻭﺍﻨﻴﻥ ﺍﻟﺴﻭﻕ .ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻷﻫﺩﺍﻑ ﺍﻟﻭﺍﻀﺤﺔ ﻟﻠﻌﻭﻟﻤﺔ ﻭﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ
ﻫﻲ ﺨﻠﻕ ﺴﻭﻕ ﻋﺎﻟﻤﻲ ﻭﺍﺤﺩ ﺘﺘﻤﺘﻊ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﺸﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﺒﺭﺓ ﻟﻠﻘﻭﻤﻴﺔ ﻭﺍﻻﺴﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻜﺒﻴﺭﺓ ﺒﻜل ﺍﻻﻤﺘﻴـﺎﺯﺍﺕ ﻭﻻ ﺘﻘـﻑ ﺃﻤﺎﻤﻬـﺎ ﺃﻱ
ﻋﻘﺒﺎﺕ ،ﻓﺈﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﻓﻲ ﺤﺎﺠﺔ ﺇﻟﻰ ﺤﻤﺎﻴﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻻﺴﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﻭﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﻋﺒﺭ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻤﻭﻴل ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻭﺓ ﺍﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ﺍﻟﻜﻔﻴﻠﺔ ﺒﺘﻭﻓﻴﺭ ﺍﻟﺤﻤﺎﻴﺔ ﻟﺭﺅﻭﺱ ﺍﻷﻤﻭﺍل ،ﻭﻜﻤﺎ ﻗﺎل ﺘﻭﻤـﺎﺱ
ﻓﺭﻴﺩﺍﻥ ـ ﺍﻟﺼﺤﻔﻲ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﺍﻟﻤﺅﻴﺩ ﺒﺸﺩﺓ ﻟﻠﻌﻭﻟﻤﺔ ﻭﻟﻠﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻴﺔ ـ "ﺇﻥ ﺍﻟﺫﺭﺍﻉ ﺍﻟﺨﻔﻴﺔ ﻟﻠﺴﻭﻕ ﻻ ﺘﺴﺘﻁﻴﻊ ﺃﻥ ﺘﻌﻤل ﺒـﺩﻭﻥ
ﺍﻟﻴﺩ ﺍﻟﺨﻔﻴﺔ،ﻓﺴﻠﺴﻠﺔ )ﻤﺎﻜﺩﻭﻨﺎﻟﺩﺯ( ﻟﻠﻭﺠﺒﺎﺕ ﺍﻟﺴﺭﻴﻌﺔ ﻻ ﻴﻤﻜﻥ ﺃﻥ ﺘﺯﺩﻫﺭ ﺇﻻ ﻓﻲ ﻭﺠﻭﺩ ﻤﺎﺠﺩﻭﻨﻠﺩ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﺴﻼﺡ ،ﺍﻟﻴﺩ ﺍﻟﺨﻔﻴﺔ ﺍﻟﺘـﻰ
ﺘﻭﻓﺭ ﺸﺭﻭﻁ ﻋﺎﻟﻤﻴﺔ ﺁﻤﻨﺔ ﻻﺯﺩﻫﺎﺭ ﺘﻜﻨﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻟﺴﻴﻠﻜﻭﻥ ﻫﻲ ﺍﻟﺠﻴﺵ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ" .ﻭﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻻﺴﺘﺜﻤﺎﺭﺍﺕ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﻤـﺴﺘﻭﻯ
ﺍﻟﻤﺤﻠﻰ ﺇﻟﻰ ﻗﻭﺍﺕ ﺍﻷﻤﻥ ﻭﺘﻘﻴﻴﺩ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻭﺘﻜﻤﻴﻡ ﺍﻷﻓﻭﺍﻩ ﻟﺤﻤﺎﻴﺘﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺀ ،ﻓﺈﻨﻬﺎ ﺘﺤﺘﺎﺝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻤﻲ ﺇﻟـﻰ ﺤـﺎﻤﻼﺕ
ﺍﻟﻁﺎﺌﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺼﻭﺍﺭﻴﺦ ﻟﺤﻤﺎﻴﺘﻬﺎ ﻭﺩﻋﻤﻬﺎ .ﺇﻥ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ﺠﺯﺀ ﻻ ﻴﺘﺠﺯﺃ ﻤﻥ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ – ﻭﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﻫﻲ
ﺃﺤﺩ ﺍﻟﻤﻼﻤﺢ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﻤﺜﻠﻬﺎ ﻤﺜل ﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﻭﺍﻟﻘﻤﻊ.
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﱰﺍﻛﻴﺔ ـ ﻣﺼﺮ
١٩
www.e-socialists.net
ﺍﳋﻴﺎﺭ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ـ ﺍﻟﻨﻀﺎﻝ
ﺇﺫﺍ ﻜﺎﻨﺕ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﺘﻌﻨﻰ ﺍﻹﻓﻘﺎﺭ ﻭﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﻭﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ،ﻓﻤﻥ ﺍﻟﺒـﺩﻴﻬﻲ ﺃﻥ
ﺘﺘﺼﺩﻯ ﻟﻬﺎ ﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻨﻀﺎل ﻓﻲ ﺃﻨﺤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ .ﻭﺇﺫﺍ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻤﻅﺎﻫﺭﺍﺕ ﺴﻴﺎﺘل ﻓﻲ ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ ١٩٩٩ﻀﺩ ﺍﺠﺘﻤـﺎﻉ ﻤﻨﻅﻤـﺔ ﺍﻟﺘﺠـﺎﺭﺓ
ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻀﻤﺕ ﻤﺎ ﻴﻘﺭﺏ ﻤﻥ ١٠٠ﺃﻟﻑ ﻤﺘﻅﺎﻫﺭ ﻤﻥ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﺍﻟﺠﻨﺴﻴﺎﺕ ﻫﻲ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻟﻨﻀﺎل ﻀﺩ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﻭﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ
ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ،ﻓﻠﻘﺩ ﺴﺒﻘﺘﻬﺎ ﺍﻟﺤﻤﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻨﻅﻤﺘﻬﺎ ﺍﻟﻌﺩﻴﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﻏﻴﺭ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﻴﺔ ﻓﻲ ١٩٩٢ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺍﻨﻌﻘﺎﺩ ﻗﻤﺔ ﺭﻴﻭﺩﻯ ﺠﺎﻨﻴﺭﻭ ﻭﺍﻟﺤﻤﻠﺔ
ﻀﺩ ﺍﻟﺒﻨﻙ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﺘﺤﺕ ﺸﻌﺎﺭ )ﺨﻤﺴﻭﻥ ﺴﻨﺔ ﺘﻜﻔﻰ( ﻓﻲ ،١٩٩٤ﺇﻻ ﺃﻨﻬﺎ ﻜﺎﻨﺕ ﺒﺤﻕ ﻨﻘﻁﺔ ﺍﻨﻁﻼﻕ ﻗﻭﻴﺔ ﻟﺤﺭﻜﺔ ﻤﻨﺎﻫﻀﺔ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ،
ﻴﺄﺘﻲ ﺫﻟﻙ ﺃﻭ ﹰ
ﻻ ﻤﻥ ﺤﺠﻡ ﺍﻟﻤﻅﺎﻫﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺴﺘﻤﺭﺕ ﻟﻤﺩﺓ ﺜﻼﺜﺔ ﺃﻴﺎﻡ ﻤﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﺍﻟﻌﺩﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻀﻤﺘﻪ ﻭﺤﺠﻡ ﺍﻟﺘﻨﻭﻉ ﺍﻟﺫﻱ ﺘﻤﻴـﺯﺕ ﺒـﻪ،
ﻓﻀﻼ ﻋﻥ ﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﻓﻌﺘﻬﺎ ﻤﺜل )ﺍﻟﺒﺸﺭ ﻗﺒل ﺍﻷﺭﺒﺎﺡ( )ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻟﻴﺱ ﻟﻠﺒﻴﻊ( ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻋﺒﺭﺕ ﻋﻥ ﺘﺒﻠﻭﺭ ﻟﻠﺤﺭﻜﺔ ﻭﺘﺤﺩﻴـﺩ
ﻷﻫﺩﺍﻓﻬﺎ ﻭﺃﻋﺩﺍﺌﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻠﻴﻥ ﻓﻲ ﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻜﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﻭﺍﻟﺒﻨﻙ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﻭﻤﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ .ﻭﻟﻘﺩ
ﻓﺘﺢ ﺍﻟﻁﺎﺒﻊ ﺍﻷﻤﻤﻰ ﻟﻠﺤﺭﻜﺔ ،ﻭﺘﺒﻨﻴﻬﺎ ﻟﻤﻁﺎﻟﺏ ﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺀ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺃﻓﺎﻗﹰﺎ ﻭﺍﺴﻌﺔ ﻟﻠﻨﻀﺎل ﻭﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ،ﻭﻜﺎﻥ ﻟﻭﺠﻭﺩ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒـﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻴـﺔ
ﻭﺍﻟﻔﻼﺤﻴﺔ ﺃﺜﺭﺍ ﺒﺎﻟﻐﺎ ﻋﻠﻰ ﺨﻁﺎﺏ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ .ﻜﺎﻨﺕ ﻫﺫﻩ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﻤﻼﺤﻘﺔ ﻗﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﻓﻲ ﻜل ﻤﻜﺎﻥ ،ﻓﺎﺒﺘﺩﺍﺀ ﻤﻥ ﻨﻭﻓﻤﺒﺭ ١٩٩٩ﺃﺼﺒﺤﺕ
ﺠﻤﻴﻊ ﺍﺠﺘﻤﺎﻋﺎﺕ ﻭﻤﺅﺘﻤﺭﺍﺕ ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ﻭﻤﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺩﻭل ﺍﻟـﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻜﺒـﺭﻯ ﻭﺍﻻﺘﺤـﺎﺩ ﺍﻷﻭﺭﻭﺒـﻲ
ﻤﺤﺎﺼﺭﺓ ﺒﻌﺸﺭﺍﺕ ﺃﻭ ﻤﺌﺎﺕ ﺍﻵﻻﻑ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺤﺘﺠﻴﻥ ﻋﻠﻰ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ،ﻭﻤﻊ ﺘﺼﺎﻋﺩ ﺩﻋﺎﻴﺔ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﻓﻲ ﺃﻓﻐﺎﻨـﺴﺘﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌـﺭﺍﻕ
ﺘﺼﺎﻋﺩﺕ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﻠﺤﺭﺏ ،ﻭﻓﻰ ﻴﻭﻡ ﻭﺍﺤﺩ ﺸﻬﺩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻤﻅﺎﻫﺭﺍﺕ ﻓﻲ ﺃﻏﻠﺏ ﺍﻟﻌﻭﺍﺼـﻡ ﻀـﻤﺕ ﻋـﺸﺭﺍﺕ
ﺍﻟﻤﻼﻴﻴﻥ ﻓﻲ ﻤﺸﻬﺩ ﻟﻡ ﻴﺭﻩ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ ﻤﻥ ﻗﺒل ،ﻭﻓﻰ ﺭﺒﻁ ﻟﻪ ﺩﻻﻟﺔ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺍﻷﻋﻼﻡ ﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺒـﺔ ﺒﺤﻘـﻭﻕ
ﺍﻟﺸﻌﺏ ﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻲ ﺠﺯﺀﺍ ﻤﻥ ﻤﺸﻬﺩ ﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﻠﻌﻭﻟﻤﺔ ﻭﺍﻟﺤﺭﺏ ،ﻭﺭﻏﻡ ﺼﻌﻭﺩ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻟﻴﻤﻴﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻌﻨﺼﺭﻴﺔ ﻓﻲ
ﺃﻋﻘﺎﺏ ﺃﺤﺩﺍﺙ ١١ﺴﺒﺘﻤﺒﺭ ٢٠٠١ﻓﻲ ﺍﻟﻭﻻﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻭﺘﺄﺜﻴﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺤﺭﻜﺔ ﻤﻨﺎﻫﻀﺔ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻁﺎﺒﻊ ﺍﻷﻤﻤﻰ،ﺇﻻ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ
ﺍﺴﺘﻁﺎﻋﺕ ﺃﻥ ﺘﺘﺠﺎﻭﺯ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﺄﺜﻴﺭ ﺴﺭﻴﻌﺎﹰ ،ﻭﺘﺴﺘﻌﻴﺩ ﻗﻭﺘﻬﺎ ﻭﻗﺩﺭﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻌﺒﺌﺔ.
ﻟﻘﺩ ﺘﺯﺍﻴﺩ ﻭﺠﻭﺩ ﻭﺘﺄﺜﻴﺭ ﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺒﺭﺓ ﻋﻥ ﺍﻟﻁﺒﻘﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﻠﺔ ﻭﺍﻟﻔﻼﺤﻴﻥ ﻓﻲ ﺤﺭﻜﺔ ﻤﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﻠﻌﻭﻟﻤﺔ ﻤﺭﺓ ﺒﻌﺩ ﺃﺨﺭﻯ ،ﻭﻓﻰ
ﻤﺅﺘﻤﺭ ﻤﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻟﺫﻱ ﺍﻨﻌﻘﺩ ﻓﻲ ﺃﻜﺘﻭﺒﺭ ٢٠٠٣ﻓﻲ ﻜﺎﻨﻜﻭﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻙ ﺒﺩﺍ ﻭﺍﻀﺤﹰﺎ ﻭﺠـﻭﺩ ﺍﻟﺤﺭﻜـﺎﺕ ﺍﻟﻔﻼﺤﻴـﺔ
ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻜﻴﺔ ﻭﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﻔﻼﺤﻴﻥ ﺍﻟﻤﻌﺩﻤﻴﻥ ﺒﺎﻟﺒﺭﺍﺯﻴل ﻭﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﻔﻼﺤﻴﻥ ﺍﻟﻜﻭﺭﻴﺔ ،ـ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻗﺎﻡ ﺃﺤﺩ ﺃﻋﻀﺎﺌﻬﺎ ﺒﻁﻌﻥ ﻨﻔﺴﻪ ﺍﺤﺘﺠﺎﺠﹰﺎ ﻋﻠﻰ
ﻤﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻭﻤﺎ ﺘﺼﻨﻌﻪ ﺒﺎﻟﻔﻼﺤﻴﻥ ﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺀ ـ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻭﺍﺠﺩ ﻟﻤﻤﺜﻠﻲ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﻭﺍﻟﻔﻼﺤﻴﻥ ﻫﻭ ﻤﺎ ﺃﻋﻁﻰ ﺍﻟﺤﺭﻜﺔ ﻁﺎﺒﻌﺎ ﺃﻜﺜﺭ
ﻻ ﻜﺒﻴﺭﺓ ﻓﻲ ﻤﻘﺎﻭﻤـﺔ ﺴﻴﺎﺴـﺎﺕ
ﺠﺫﺭﻴﺔ ﻭﺘﺄﺜﻴﺭﺍ.ﻭﻤﻤﺎ ﻻ ﺸﻙ ﻓﻴﻪ ﺃﻥ ﺤﺭﻜﺔ ﻤﻨﺎﻫﻀﺔ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﺤﺭﻜﺔ ﻓﺭﻴﺩﺓ ﻤﻥ ﻨﻭﻋﻬﺎ ،ﻭﺘﺤﻤل ﺃﻤﺎ ﹰ
ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ،ﻭﻟﻜﻥ ﺍﻟﻨﻀﺎل ﻀﺩ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﻟﻡ ﺘﻜﻥ ﻟﺘﻘﺘﺼﺭ ﻋﻠﻰ ﺤﺭﻜﺔ ﻤﻨﺎﻫﻀﺔ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﻭﻤﻼﺤﻘـﺔ
ﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ.
ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺇﻥ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻟﻡ ﺘﻬﻨﺄ ﺒﻤﺎ ﺃﺴﻤﺘﻪ ﺍﻨﺘﺼﺎﺭﹰﺍ ﻨﻬﺎﺌﻴﹰﺎ ﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﺒﻌﺩ ﺍﻨﻬﻴﺎﺭ ﺍﻻﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﺴﻭﻓﻴﺘﻲ ،ﻭﻟﻡ ﺘﻜﻥ
ﺍﺤﺘﻔﺎﻻﺕ )ﻨﻬﺎﻴﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ( ﻭﺒﺸﺎﺭﺓ ﺤﺴﻡ ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﺍﻟﻁﺒﻘﻲ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺘﻨﻁﻠﻕ ﻤﻥ ﺃﺒﻭﺍﻕ ﺍﻟﺩﻋﺎﻴﺔ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺤﺘـﻰ ﺍﺭﺘﻁﻤـﺕ
ﻗﺎﻁﺭﺓ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﺒﻤﺘﺎﺭﻴﺱ ﺍﻟﻨﻀﺎل ﺍﻟﻁﺒﻘﻲ .ﻓﻔﻲ ﻋﺎﻡ ١٩٩٤ﻭﻋﻠﻰ ﺇﺜﺭ ﺍﻵﺜﺎﺭ ﺍﻟﻤﺘﺭﺘﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻜﻴﻑ ﺍﻟﻬﻴﻜﻠـﻲ ﻭﺍﻻﻨـﻀﻤﺎﻡ
ﻟﻤﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻨﺎﻓﺘﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻙ ﺍﻨﺘﻔﺽ ﺍﻟﻔﻼﺤﻭﻥ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻜﻴﻭﻥ ﻀﺩ ﺍﻹﻓﻘﺎﺭ ﻭﺍﻟﺒﺅﺱ ﺍﻟﻨﺎﺠﻤﺎﻥ ﻋﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ،ﻭﺯﺤﻔﺕ ﻤﻅـﺎﻫﺭﺍﺕ
ﻋﺎﺭﻤﺔ ﻤﻥ ﺭﻴﻑ ﺍﻟﻤﻜﺴﻴﻙ ﻨﺤﻭ ﺍﻟﻌﺎﺼﻤﺔ .ﻭﻓﻰ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ ١٩٩٥ﻭﻓﻰ ﻤﻭﺍﺠﻬﺔ ﺨﻁﻁ ﺃﻻﻥ ﺠﻭﺒﻴﻪ ﺭﺌﻴﺱ ﺍﻟﻭﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ،
ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻜﺎﻨﺕ ﺘﻬﺩﻑ ﺇﻟﻰ ﺨﻔﺽ ﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻹﻨﻔﺎﻕ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﻲ ﺍﻨﺩﻟﻊ ﺍﻹﻀﺭﺍﺏ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﻤﻅﺎﻫﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﺩﻫﺎ ﻋﻤﺎل ﺍﻟﻘﻁﺎﻉ
ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻓﻲ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﻓﻲ ﺃﺤﺩﺍﺙ ﺃﻋﺎﺩﺕ ﻟﻸﺫﻫﺎﻥ ﺍﻨﺘﻔﺎﻀﺔ ﻤﺎﻴﻭ ،١٩٦٨ﻭﺘﻼ ﺫﻟﻙ ﺇﻀﺭﺍﺏ ﻋﻤﺎل ﺍﻟﺸﺎﺤﻨﺎﺕ ﻓﻲ ﻓﺭﻨﺴﺎ ﻭﺸـﺭﻜﺔ ﺇﻴـﺭ
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﱰﺍﻛﻴﺔ ـ ﻣﺼﺮ
٢٠
www.e-socialists.net
ﻓﺭﺍﻨﺴﺱ ،ﻭﺒﻌﺩ ﺸﻬﻭﺭ ﻤﻥ ﺘﻠﻙ ﺍﻹﻀﺭﺍﺒﺎﺕ ﺴﻘﻁﺕ ﺤﻜﻭﻤﺔ ﺃﻻﻥ ﺠﻭﺒﻴﻪ ﻭﺨﻁﻁﻬﺎ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﻓﻰ ﺍﻻﻨﺘﺨﺎﺒﺎﺕ .ﻭﻓﻰ ﻜﻭﺭﻴﺎ ﺍﻟﺠﻨﻭﺒﻴﺔ
ﺤﻴﻨﻤﺎ ﺃﻗﺭ ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﻴﺢ ﻓﺼل ﺍﻟﻌﻤﺎل ﻭﻴﻘﻠل ﻤﺯﺍﻴﺎﻫﻡ ﻓﻲ ﺠﻠﺴﺔ ﻋﺎﺠﻠﺔ ﺒﻤﻨﺘﺼﻑ ﺍﻟﻠﻴل ﻋﺎﻡ ،١٩٩٦ﻗـﺎﺩ
ﺍﺘﺤﺎﺩ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﻏﻴﺭ ﺍﻟﺭﺴﻤﻲ ﺇﻀﺭﺍﺒﹰﺎ ﻋﺎﻤ ﹰﺎ ﺸل ﻓﺭﻭﻉ ﺍﻹﻨﺘﺎﺝ ﻓﻲ ﻜﻭﺭﻴﺎ ،ﻭﺃﺠﺒﺭ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺭﺍﺠﻊ ﻋﻥ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻥ ﻭﺇﻋﺎﺩﺘـﻪ ﺇﻟـﻰ
ﺍﻟﺒﺭﻟﻤﺎﻥ ﺘﺤﺕ ﻀﻐﻁ ﺍﻹﻀﺭﺍﺏ .ﻭﻤﺎ ﻜﺎﻥ ﺃﺤﺩ ﻟﻴﺘﺨﻴل ﺃﻥ ﻨﻅﺎﻡ ﺴﻭﻫﺎﺭﺘﻭ ﺍﻟﺭﻫﻴﺏ ﺍﻟﺫﻱ ﺼﻌﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻠﻁﺔ ﻋﻠﻰ ﺠﺒل ﻤـﻥ ﺠﺜـﺙ
ﻤﻌﺎﺭﻀﻴﻪ ﻜﺎﻥ ﺴﻴﺴﻘﻁ ﺘﺤﺕ ﻀﺭﺒﺎﺕ ﺍﻻﺤﺘﺠﺎﺠﺎﺕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭﻴﺔ ﻀﺩ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻹﻓﻘﺎﺭ ﻭﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭﺍﻻﻀـﻁﻬﺎﺩ ،ﻭﻟـﻡ ﻴﻜـﻥ ﻨﻅـﺎﻡ
ﺴﻭﻫﺎﺭﺘﻭ ﻫﻭ ﺍﻟﻨﻅﺎﻡ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﺫﻱ ﺃﻁﺎﺤﺕ ﺒﻪ ﺍﻻﻨﺘﻔﺎﻀﺎﺕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭﻴﺔ ،ﻓﻠﻘﺩ ﺘﻼﻩ ﺃﻨﻅﻤﺔ ﺍﻷﺭﺠﻨﺘﻴﻥ ﻭﺍﻹﻜﻭﺍﺩﻭﺭ ﻭﺒﻴـﺭﻭ ﻭﺒﻭﻟﻴﻔﻴـﺎ
ﻭﺠﻤﻴﻌﻬﺎ ﺃﻨﻅﻤﺔ ﺴﺎﺭﺕ ﻋﻠﻰ ﻭﺼﻔﺔ ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺍﻟﻨﻘﺩ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ ،ﻭﺍﺘﺒﻌﺕ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺩﺕ ﺇﻟـﻰ ﺍﻟﻌـﺼﻑ ﺒﺤﻴـﺎﺓ ﺍﻟﻔﻘـﺭﺍﺀ.
ﻭﺍﻨﻁﻠﻘﺕ ﺍﻟﻤﻅﺎﻫﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺎﺭﻤﺔ ﻓﻲ ﺠﻭﺍﺘﻴﻤﺎﻻ ﻀﺩ ﺭﻓﻊ ﺃﺴﻌﺎﺭ ﺍﻟﻤﻭﺍﺼﻼﺕ ،ﻭﻟﻡ ﺘﺘﻭﻗﻑ ﺤﺘﻰ ﺘﺭﺍﺠﻌﺕ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﻋﻥ ﺭﻓﻊ ﺍﻷﺴﻌﺎﺭ،
ﻭﺸﻬﺩﺕ ﻨﻴﺠﻴﺭﻴﺎ ﺇﻀﺭﺍﺒﹰﺎ ﻋﺎﻤ ﹰﺎ ﻀﺩ ﺨﻁﻁ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ،ﻭﻗﺎﻡ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﺜﻼﺜﺔ ﻤﻼﻴـﻴﻥ ﻋـﺎﻤﻼ ﻓـﻲ ﺇﻴﻁﺎﻟﻴـﺎ ﺒﺎﻟﺘﻅـﺎﻫﺭ
ﻭﺍﻹﻀﺭﺍﺏ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﺤﺘﺠﺎﺠ ﹰﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺠﺩﻴﺩ .ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﺘﺼﺎﻋﺩ ﺍﻟﺤﻤﻼﺕ ﺍﻻﺴـﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ﻭﺠـﺭﺍﺌﻡ ﺍﻻﺤـﺘﻼل ،ﻭﺍﻟﺘـﻲ
ﺍﺭﺘﺒﻁﺕ ﺒﺎﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ﻭﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﻟﺘﻤﺭ ﺩﻭﻥ ﻤﻥ ﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ،ﺒﺎﻹﻀﺎﻓﺔ ﻟﻠﻨﻀﺎل ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ ﻀـﺩ ﺍﻻﺤـﺘﻼل ﻭﺠﺭﺍﺌﻤـﻪ ﻓـﻰ
ﻓﻠﺴﻁﻴﻥ ﻭﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﺤﻴﺙ ﺘﻨﺎﻓﺴﺕ ﺒﻘﻭﺓ ﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻴﺔ ﻟﻠﺤﻤﻼﺕ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺭﻭﺏ ﻋﺒﺭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ،ﻓـﺸﻬﺩ ﺍﻟﻌـﺎﻟﻡ ﺍﺤﺘﺠﺎﺠـﺎﺕ
ﻀﺨﻤﺔ ﻀﺩ ﺤﺭﺏ ﻋﺎﺼﻔﺔ ﺍﻟﺼﺤﺭﺍﺀ ١٩٩١ﻭﺤﻤﻠﺔ ﺍﻟﻨﺎﺘﻭ ﻀﺩ ﺍﻟﺼﺭﺏ ﻭﻏﺯﻭ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﺍﻟﻤﻅﺎﻫﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺘﻀﺎﻤﻨﺔ ﻤﻊ ﺍﻻﻨﺘﻔﺎﻀـﺔ
ﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻴﺔ.
ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻅﺎﻫﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺤﺘﺸﺩﺕ ﺘﺤﺕ ﺭﺍﻴﺔ ﻤﻨﺎﻫﻀﺔ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻤﻥ ﺴﻴﺎﺘل ﺇﻟﻰ ﻜﺎﻨﻜﻭﻥ ﻭﺒﻌﺩﻫﺎ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻨﺠﺤﺕ ﻓـﻲ
ﺘﻭﺤﻴﺩ ﺍﺘﺠﺎﻫﺎﺕ ﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﻭﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﺠﺯﺀ ﻤﻥ ﻋﺎﺼﻔﺔ ﺍﻟﻨﻀﺎل ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﺘﺎﺡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﻀﺩ ﺍﻵﺜﺎﺭ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸـﺭﺓ ﻟـﺴﻴﺎﺴﺎﺕ
ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﺩﻴﺩﺓ ،ﺇﻥ ﻨﻀﺎل ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ﺸﻜل ﺍﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﺼﻠﺒﺔ ﻭﺍﻹﻟﻬﺎﻡ ﺍﻟﻘﻭﻯ ﻟﺤﺭﻜﺔ ﻤﻨﺎﻫﻀﺔ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﻭﻀـﺎﻋﻑ ﺘﺄﺜﻴﺭﻫـﺎ ،ﻭﻓـﻰ
ﻤﺼﺭ ﻟﻡ ﺘﻐﺏ ﺭﺩﻭﺩ ﺍﻷﻓﻌﺎل ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭﻴﺔ ﻀﺩ ﻨﺘﺎﺌﺞ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﻕ ،ﻓﻠﻘﺩ ﺸﻬﺩﺕ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺨﺼﺨﺼﺔ ﺴﻠﺴﻠﺔ ﻁﻭﻴﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻹﻀﺭﺍﺒﺎﺕ
ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ﻀﺩ ﺇﻫﺩﺍﺭ ﺤﻘﻭﻕ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﻭﺘﺸﺭﻴﺩﻫﻡ ،ﻓﻲ ﺸﺭﻜﺔ ﺍﻟﻤﺭﺍﺠل ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻴﺔ ﻭﺸﺭﻜﺔ ﺇﻟﻤﺎﻜﻭ ﻟﻠﻤﺤﻭﻻﺕ ﺍﻟﻜﻬﺭﺒﺎﺌﻴﺔ ﻭﺸﺭﻜﺔ ﺴﻭﺭﻨﺎﺠﺎ
ﻟﻠﺤﺭﺍﺭﻴﺎﺕ ﻭﺸﺭﻜﺔ ﻜﻔﺭ ﺍﻟﺩﻭﺍﺭ ﻟﻠﻐﺯل ﺍﻟﺭﻓﻴﻊ ﻭﺸﺭﻜﺔ ﺒﻴﺒﺴﻰ ﻜﻭﻻ ﻭﺍﻟﻨﺼﺭ ﻟﻠﺴﻴﺎﺭﺍﺕ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ.
ﻭﻟﻘﺩ ﺸﻬﺩ ﻋﺎﻡ ١١٥ ،١٩٩٨ﺍﺤﺘﺠﺎﺠﹰﺎ ﻋﻤﺎﻟﻴ ﹰﺎ ﺒﻴﻥ ﻤﺨﺘﻠﻑ ﻗﻁﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﻓﻲ ﺃﻨﺤﺎﺀ ﻤﺼﺭ ،ﺒﻴﻨﻤﺎ ﺸﻬﺩ ﻋﺎﻡ ١٩٩٩ﺃﻜﺜـﺭ
ﻤﻥ ١٧٠ﺍﺤﺘﺠﺎﺠﹰﺎ ﻋﻤﺎﻟﻴﺎ ً ،ﻭﺸﻬﺩ ﻋﺎﻡ ٢٠٠٠ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ١٣٠ﺍﺤﺘﺠﺎﺠﹰﺎ ﻋﻤﺎﻟﻴﹰﺎ .ﻜﻤﺎ ﺸﻬﺩ ﺍﻟﺭﻴﻑ ﺍﻟﻤﺼﺭﻱ ﺤﺭﻜﺔ ﻓﻼﺤﻴﺔ ﻗﻭﻴﺔ ﻋﻠﻰ
ﻤﺩﻯ ﺃﻜﺜﺭ ﻤﻥ ﻋﺎﻡ ﻀﺩ ﺘﻁﺒﻴﻕ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻹﻴﺠﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺯﺭﺍﻋﻴﺔ ﻋﺎﻡ ١٩٩٧ﻗﺎﻭﻡ ﺨﻼﻟﻬﺎ ﺍﻟﻔﻼﺤﻭﻥ ﺒﺒﺴﺎﻟﺔ ﻀﺩ ﺍﻨﺘﺯﺍﻉ ﺃﺭﺍﻀﻴﻬﻡ ﺭﻏـﻡ
ﺴﻘﻭﻁ ﻋﺩﺓ ﻋﺸﺭﺍﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﻘﺘﻠﻰ ﻭﺍﻋﺘﻘﺎل ﺍﻟﻤﺌﺎﺕ ﻤﻨﻬﻡ ،ﻭﺘﻅﺎﻫﺭ ﺍﻟﻌﺎﻁﻠﻭﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﻤل ﻷﻭل ﻤﺭﺓ ﻋﺎﻡ ٢٠٠٢ﻀـﺩ ﻜـﺫﺏ ﻭﻋـﻭﺩ
ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﺒﺘﺸﻐﻴﻠﻬﻡ .ﻭﻤﻊ ﺘﺼﺎﻋﺩ ﺍﻟﺤﻤﻼﺕ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ﺘﺼﺎﻋﺩﺕ ﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﻫﻀﺔ ﻟﻼﺴﺘﻌﻤﺎﺭ ،ﻓﺸﻬﺩ ﻋﺎﻡ ١٩٩١ﻓﻲ ﻤـﺼﺭ
ﻤﻅﺎﻫﺭﺍﺕ ﻀﺨﻤﺔ ﻟﻠﻁﻼﺏ ﻀﻤﺕ ﻋﺸﺭﺍﺕ ﺍﻵﻻﻑ ،ﻭﺍﺴﺘﻤﺭﺕ ﺃﺭﺒﻌﺔ ﺃﻴﺎﻡ ﻀﺩ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﻭﺍﻟﺘﺩﺨل ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﻲ ﻭﺍﻟﻤﻭﻗﻑ
ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﻲ ،ﻭﻤﻊ ﺒﺩﺍﻴﺔ ﺍﻻﻨﺘﻔﺎﻀﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻴﺔ ﺍﻨﻁﻠﻘﺕ ﺍﻟﻤﻅﺎﻫﺭﺍﺕ ﻤﻥ ﺍﻟﺠﺎﻤﻌﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺩﺍﺭﺱ ﻟﻠﺘﻀﺎﻤﻥ ﻤﻊ ﺍﻻﻨﺘﻔﺎﻀـﺔ ﺍﻟﻔﻠـﺴﻁﻴﻨﻴﺔ،
ﻭﻨﻤﺕ ﺤﺭﻜﺔ ﺍﻟﺘﻀﺎﻤﻥ ﻭﺍﺴﺘﻤﺭﺕ ،ﻭﺸﻬﺩﺕ ﺤﺭﺏ ﺍﻟﻌﺭﺍﻕ ﺍﺤﺘﺠﺎﺠ ﹰﺎ ﺠﻤﺎﻫﻴﺭﻴﹰﺎ ﻀﺨﻤﹰﺎ ﻗﺎﻡ ﺨﻼﻟﻪ ﻋﺸﺭﺍﺕ ﺍﻵﻻﻑ ﺒﺎﺤﺘﻼل ﻤﻴـﺩﺍﻥ
ﺍﻟﺘﺤﺭﻴﺭ ﻴﻭﻡ ﺍﻟﺨﻤﻴﺱ ٢٠ﻤﺎﺭﺱ ٢٠٠٣ﻤﻥ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﺤﺘﻰ ﻤﻨﺘﺼﻑ ﺍﻟﻠﻴل ،ﻭﻋﻤﺕ ﺍﻟﻤﻅﺎﻫﺭﺍﺕ ﺸﻭﺍﺭﻉ ﺍﻟﻘﺎﻫﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻅﺎﺕ ﻴـﻭﻡ
ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ٢١ﻤﺎﺭﺱ.
ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﻀﺎﻻﺕ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺠﻌﻠﺕ ﺘﻜﻭﻴﻥ ﺠﺒﻬﺎﺕ ﻟﻠﻨﻀﺎل ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﻤﻤﻜﻨﺔ ﻭﻀﺭﻭﺭﻴﺔ ،ﻓﻌﻠﻰ ﺨﻠﻔﻴﺔ ﻫﺫﻩ
ﺍﻟﻨﻀﺎﻻﺕ ﻅﻬﺭﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻭﺠﻭﺩ ﻟﺠﻨﺔ ﺍﻟﺘﻀﺎﻤﻥ ﻤﻊ ﺍﻟﻔﻼﺤﻴﻥ ﻭﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﻘﻭﻤﻴﺔ ﻟﻠﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﻤﺎل ﻭﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻟـﺩﻋﻡ ﺍﻻﻨﺘﻔﺎﻀـﺔ
ﻭﺤﺭﻜﺔ ﻀﺩ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﻭﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﺤﻘﻭﻕ ﻭﺍﻟﺤﺭﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨﻘﺎﺒﻴﺔ ﻭﺤﺭﻜﺔ ﻤﺎﺭﺱ ﻤﻥ ﺃﺠل ﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺭ ،ﻭﻓﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﻨﻔـﺴﻪ ﻴـﺄﺘﻲ
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﱰﺍﻛﻴﺔ ـ ﻣﺼﺮ
٢١
www.e-socialists.net
ﺘﺄﺴﻴﺱ ﺍﻟﻤﺠﻤﻭﻋﺔ ﺍﻟﻤﺼﺭﻴﺔ ﻟﻤﻨﺎﻫﻀﺔ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ )ﺃﺠﻴﺞ( ،ﻓﻠﻘﺩ ﺸﻜل ﺍﻟﻨﻀﺎل ﺍﻟﻌﻔﻭﻱ ﻭﺍﻟﺘﻠﻘﺎﺌﻲ ﻟﻠﻌﻤﺎل ﻭﺍﻟﻔﻼﺤﻴﻥ ﻀﺩ ﺍﻵﺜﺎﺭ ﺍﻟﻤﺒﺎﺸﺭﺓ
ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻜﻴﻑ ﺍﻟﻬﻴﻜﻠﻲ ﺍﻷﺭﻀﻴﺔ ﺍﻟﺨﺼﺒﺔ ﻟﺘﺄﺴﻴﺱ ﺤﺭﻜﺔ ﻟﻤﻨﺎﻫﻀﺔ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ،ﻭﻋﻠﻰ ﻗﺩﺭ ﻤﺎ ﺴﺘﺘﻘﺩﻡ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺤﺭﻜـﺔ ﻨﺤـﻭ ﺍﻟﺘﻔﺎﻋـل
ﻭﺍﻻﺭﺘﺒﺎﻁ ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻟﻨﻀﺎﻻﺕ ﺴﺘﺘﻤﻜﻥ ﻤﻥ ﺍﻻﺴﺘﻤﺭﺍﺭ ﻭﺍﻟﺘﻁﻭﺭ ،ﻭﺴﺘﻨﻔﺘﺢ ﺃﻤﺎﻤﻬﺎ ﺃﻓﺎﻗﹰﺎ ﺃﺭﺤﺏ ﻓﻰ ﺍﻟﻨﻀﺎل .ﻓﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻔﻼﺤﻴﻥ ﻭﺍﻟﻌﻤﺎل
ﻀﺩ ﺍﻹﻓﻘﺎﺭ ﻭﺤﺭﻜﺎﺕ ﺩﻋﻡ ﺍﻻﻨﺘﻔﺎﻀﺔ ﻭﺭﻓﺽ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﻭﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻹﻤﺒﺭﻴﺎﻟﻴﺔ ،ﻭﻤﻘﺎﻭﻤﺔ ﻗﺎﻨﻭﻥ ﺍﻟﻁﻭﺍﺭﺉ ﻭﺍﻻﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ ﺘﺘﺤـﺩ
ﺠﻤﻴﻌﹰﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﺩﻑ ﻭﻫﻭ ﺭﻓﺽ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﺒﻜل ﻤﺎ ﺘﺘﻀﻤﻨﻪ ﻤﻥ ﺇﻓﻘﺎﺭ ﻭﺍﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﻭﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ﻭﺨﻠﻕ ﺒﺩﻴل ﺇﻨﺴﺎﻨﻲ ﻴﺤﻘـﻕ
ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺩﺍﻟﺔ.
ﺇﻥ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺒﻤﺎ ﻓﺭﻀﺘﻪ ﻤﻥ ﺇﻓﻘﺎﺭ ﻭﺍﺴﺘﺒﺩﺍﺩ ﻭﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ ﻗﺩ ﻓﺭﻀﺕ ﺍﻟﻨﻀﺎل ﻁﺭﻴﻘﹰﺎ ﻭﺤﻴﺩﹰﺍ ﻟﻠﺩﻓﺎﻉ
ﻋﻥ ﺍﻟﻜﺎﺩﺤﻴﻥ ﻭﺍﻟﻔﻘﺭﺍﺀ ،ﻭﻓﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻁﺭﻴﻕ ﺘﺴﻴﺭ ﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻔﻼﺤﻴﺔ ﻭﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻤﺩﺍﻓﻌﻴﻥ ﻋﻥ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ ﻭﺤﺭﻜـﺎﺕ
ﺘﺤﺭﺭ ﺍﻟﻤﺭﺃﺓ ﻭﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻨﻀﺎل ﺍﻟﻤﺴﻠﺢ ﻀﺩ ﻗﻭﺍﺕ ﺍﻻﺤﺘﻼل ﻭﺤﺭﻜﺎﺕ ﻤﻨﺎﻫﻀﺔ ﺍﻟﺤـﺭﺏ ،ﻭﺍﻟﺤﺭﻜـﺎﺕ ﺍﻟﻤﻁﺎﻟﺒـﺔ ﺒﺎﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴـﺔ
ﻭﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﺩﻓﺎﻉ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻬﺎﺠﺭﻴﻥ ﻭﺍﻷﺠﺎﻨﺏ.
ﺇﻥ ﺍﻟﻤﻨﺎﻀﻠﻴﻥ ﻀﺩ ﺍﻻﺴﺘﻐﻼل ﻭﺍﻟﻘﻤﻊ ﻭﺍﻻﻀﻁﻬﺎﺩ ﻴﻘﻔﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﻨﻔﺱ ﺍﻟﺠﺎﻨﺏ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺘﺎﺭﻴﺱ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﻨـﺏ ﺍﻷﺨـﺭ ﺘﻘـﻑ
ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺒﺩﺓ ﻭﺍﻟﻘﻭﻯ ﺍﻻﺴﺘﻌﻤﺎﺭﻴﺔ .ﻭﻴﻭﻤ ﹰﺎ ﺒﻌﺩ ﻴﻭﻡ ﺘﺘﻀﺢ ﻤﻼﻤﺢ ﺍﻟﺒﺩﻴل ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻲ ﻟﻠﻌﻭﻟﻤـﺔ ﺍﻟﺭﺃﺴـﻤﺎﻟﻴﺔ ،ﻋﺒـﺭ
ﺍﻹﻀﺭﺍﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﻴﺔ ﻭﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﻔﻼﺤﻴﻥ ﻭﻤﻅﺎﻫﺭﺍﺕ ﻤﻨﺎﻫﻀﺔ ﺍﻟﺤﺭﺏ ﻭﺍﻟﻌﻭﻟﻤﺔ ﻭﺍﻟﺤﺭﻜﺎﺕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴﺔ ﻭﺍﻻﻨﺘﻔﺎﻀﺎﺕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭﻴﺔ،
ﻴﻔﺭﺽ ﺍﻟﻨﻀﺎل ﻤﻌﺎﺩﻟﺘﻪ ﺍﻟﻤﻤﻜﻨﺔ ﻓﻲ ﻭﺠﻪ ﻗﻭﻯ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﺍﻟﻌﻤﻴﺎﺀ.
ﺘﻔﺭﺽ ﺍﻟﺭﺃﺴﻤﺎﻟﻴﺔ ﺒﻜل ﻗﻭﺍﻫﺎ ﻭﻤﺅﺴﺴﺎﺘﻬﺎ ﺴﻴﺎﺴﺎﺕ ﺍﻟﺴﻭﻕ ﻜﺤل ﻭﺤﻴﺩ ﻟﻠﺨﺭﻭﺝ ﻤﻥ ﺃﺯﻤﺎﺘﻬﺎ ﻟﺘﺤﻭل ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺇﻟﻰ ﻗﺭﻴﺔ ﺒﻀﺎﺌﻊ
ﺃﻭ ﺴﺎﺤﺔ ﻟﻠﺘﺠﺎﺭﺓ .ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺎﻨﺏ ﺍﻷﺨﺭ ﺘﻔﺭﺽ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭ ﻁﺭﻴﻘﻬﺎ ﺍﻟﻭﺤﻴﺩ ﺍﻟﻤﻤﻜﻥ ..ﺍﻟﻨﻀﺎل ﻤﻥ ﺃﺠل ﻋﺎﻟﻡ ﺃﻜﺜﺭ ﺇﻨـﺴﺎﻨﻴﺔ .ﻭﻋﻠـﻰ
ﻼ ﻋﻠﻰ ﺃﺤـﺩﺍﺙ ﻜﺒـﺭﻯ ﺘﻐﻴـﺭ ﻤﺠـﺭﻯ
ﺠﺎﻨﺒﻲ ﺍﻟﻤﺘﺎﺭﻴﺱ ﻴﺸﺘﻌل ﺍﻟﺼﺭﺍﻉ ﻴﻭﻤ ﹰﺎ ﺒﻌﺩ ﻴﻭﻡ ﻭﻴﺒﺩﻭ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺃﻜﺜﺭ ﻓﺄﻜﺜﺭ ﻜﻤﺎ ﻟﻭ ﻜﺎﻥ ﻤﻘﺒ ﹰ
ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺦ.
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﱰﺍﻛﻴﺔ ـ ﻣﺼﺮ
٢٢
www.e-socialists.net
ﺍﳌﺼﺎﺩﺭ
ﻼ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﺍﻵﺘﻴﺔ:
ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒﻴﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﻭﺍﺭﺩﺓ ﻨﻘ ﹰ
.١
.٢
.٣
.٤
.٥
.٦
.٧
.٨
.٩
.١٠
.١١
.١٢
.١٣
.١٤
.١٥
.١٦
.١٧
.١٨
.١٩
.٢٠
ﻣﻨﺎﻫﻀﺔ ﺍﻟﻌﻮﳌﺔ "ﻛﺮﻳﺲ ﻫﺎﺭﻣﺎﻥ "ـ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻷﺭﺽ ﳊﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ
ﺍﻻﲡﺎﻫﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ـ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻷﻫﺮﺍﻡ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ٢٠٠٠
ﺍﻻﲡﺎﻫﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ـ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻷﻫﺮﺍﻡ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ٢٠٠١
ﺍﻻﲡﺎﻫﺎﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ـ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻷﻫﺮﺍﻡ ﻟﻠﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻹﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ٢٠٠٢
ﻓﺦ ﺍﻟﻌﻮﳌﺔ "ﻫﺎﻧﺲ ﺑﻴﺘﺮ ﻣﺎﺭﺗﻦ"" ،ﻫﺎﺭﺍﻟﺪﻥ ﺷﻮﻣﺎﻥ" ـ ﻋﺎﱂ ﺍﳌﻌﺮﻓﺔ ـ ﺃﻏﺴﻄﺲ ٢٠٠٣
ﺍﻟﺘﻜﻴﻒ ﺍﳍﻴﻜﻠﻲ ﰲ ﺍﳌﻜﺴﻴﻚ ﳎﻤﻮﻋﺔ ﻋﻤﻞ ﺍﳌﻨﻈﻤﺎﺕ ﻏﲑ ﺍﳊﻜﻮﻣﻴﺔ ـ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻨﻬﺮ ،ﺩﺍﺭ ﺍﳋﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﻴﺔ
ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺣﺮﺏ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﻨﻔﻂ ﻭﺍﳍﻴﻤﻨﺔ "ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻟﺼﺤﺎﺭﻯ" ـ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ
ﻭﻗﺎﺋﻊ ﻣﺎ ﺟﺮﻯ ﰲ ﺭﻳﻒ ﻣﺼﺮ ـ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻷﺭﺽ ﳊﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ
ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻔﻼﺣﲔ ﰲ ﺭﻳﻒ ﻣﺼﺮ ـ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻷﺭﺽ ﳊﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ
ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻔﻼﺣﲔ ﰲ ﺧﻄﺮ ـ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻷﺭﺽ ﳊﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ
ﻧﻘﺎﺑﺎﺕ ﺑﻼ ﻋﻤﺎﻝ ﻭﻋﻤﺎﻝ ﺑﻼ ﻧﻘﺎﺑﺎﺕ )ﺗﻘﺮﻳﺮ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﺤﻘﻮﻕ ﻭﺍﳊﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﻴﺔ ﻋﻦ ﺍﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ (٢٠٠١ﺻﺎﺑﺮ ﺑﺮﻛﺎﺕ ﻭﺧﺎﻟﺪ ﻋﻠـﻰ ـ ﻣﺮﻛـﺰ
ﻫﺸﺎﻡ ﻣﺒﺎﺭﻙ
ﺗﺄﺛﲑ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻟﺘﻜﻴﻒ ﺍﳍﻴﻜﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻟﻠﻌﻤﺎﻝ ﻭﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ـ ﺩﺍﺭ ﺍﳋﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﻴﺔ
ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮ ـ ﺍﳌﺮﻛﺰ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻲ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ
ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﳌﻮﺣﺪ ﺑﲔ ﺗﺸﺮﻳﺪ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﻭﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﺮﺃﲰﺎﻟﻴﺔ )ﺍﳉﺬﻭﺭ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ( ﺃﲪﺪ ﺍﻟﺼﻴﺎﺩ ـ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ
ﺍﺣﺘﺠﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﻌﻤﺎﻝ ﰲ ﺭﻳﻒ ﻣﺼﺮ ـ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻷﺭﺽ ﳊﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ
ﺍﳉﺮﺍﺋﻢ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﳌﺴﺘﺤﺪﺛﺔ ﰲ ﻋﺼﺮ ﺍﻟﻌﻮﳌﺔ ـ ﺫﻳﺎﺏ ﺍﻟﺒﺪﺍﻳﻨﺔ
ﺍﻟﻄﻮﺍﺭﺉ ﻭﺍﻟﺪﳝﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﰲ ﻣﺼﺮ ـ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻷﺭﺽ ﳊﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ
ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺍﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ـ ﻏﲑ ﺩﻭﺭﻳﺔ ـ ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻴﺔ ـ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺜﺎﱐ
ﺃﻋﺪﺍﺩ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﻣﻦ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﻭﻣﻠﺤﻘﻬﺎ ﺍﻟﻮﺳﻂ
ﺃﻋﺪﺍﺩ ﻣﺘﻔﺮﻗﺔ ﻣﻦ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﻷﻫﺮﺍﻡ
ﻣﺮﻛﺰ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻻﺷﱰﺍﻛﻴﺔ ـ ﻣﺼﺮ
٢٣
www.e-socialists.net
Télécharger le fichier (PDF)
لا للعولمة الراسمالية.pdf (PDF, 251 Ko)
Documents similaires
