نشرية الناصرية العدد الأول .pdf
À propos / Télécharger Aperçu
Nom original: نشرية الناصرية العدد الأول.pdf
Ce document au format PDF 1.4 a été envoyé sur fichier-pdf.fr le 28/10/2013 à 00:28, depuis l'adresse IP 41.227.x.x.
La présente page de téléchargement du fichier a été vue 343 fois.
Taille du document: 13.1 Mo (16 pages).
Confidentialité: fichier public
Aperçu du document
1
ﺍﻓﺘﺘﺎﺣﻴﺔ
ﺑﺪﺃﺕ ﻓﻜﺮﺓ ﺛﻢ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺣﺮﻛﺔ ﻭﺗﺤﻮﻟﺖ ﺇﻟﻰ ﺗﻨﻈﻴﻢ .ﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﺗﺠّﺴﺩﺕ ﻓﻲ" ﺩﻭﻟﺔ" ﺍﻟﻜﻴﺎﻥ
ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﻳﺪ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻓﺮﺿﻬﺎ ﻛﻮﺍﻗﻊ ﻻ ﺑﺪﻳﻞ ﻋﻨﻪ .ﺇﻥ ﺍﻟﻜﻴﺎﻥ
ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ ﻫﻮ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ ﻟﺰﻭﺍﺝ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻋﻴﻦ ﺍﻻﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻲ ﻭﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ ،ﻟﺬﻟﻚ ﻣﺎ ﻓﺘﺌﺖ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ
ﻭﺍﻻﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﺔ ﺗﺪﻋﻢ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻴﺎﻥ ﺍﻟﻠﻘﻴﻂ ،ﻭﺍﻟﺠﺴﻢ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺯﺭﻉ ﻏﺼﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺿﻨﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﻤّﺪﻩ ﺑﻜﻞ ﺃﺳﺒﺎﺏ
ﺍﻟﺒﻘﺎء ﻭﺍﻟﻨّﻣﺎء ،ﺑﻞ ﻭﺍﻟﺘﻤّﻌﺵ ﻣﻦ ﻣﻘﺪﺭﺍﺕ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﻮﺍﺻﻞ ﺗﺪﻓﻖ ﺍﻟﺨﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺇﻟﻰ
ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ،ﻭﺣﺘﻰ ﻳﺒﻘﻰ ﻛﻠﺐ ﺣﺮﺍﺳﺔ ﻟﻤﺼﺎﻟﺤﻬﻢ ﻭﻋﺎﺯﻻ ﻟﻠﻮﺣﺪﺓ ﺑﻴﻦ ﻣﺸﺮﻕ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻭ ﻣﻐﺮﺑﻪ.
ﻟﻘﺪ ﺧﻄﻄﺖ ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻻﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﺔ ﻻﺳﺘﺒﺎﺣﺔ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻪ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ
ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ...ﺣﺘﻰ ﻳﺴﻬﻞ ﺍﺧﺘﺮﺍﻗﻪ ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻴﻪ .ﻭﻣﺎ ﻫﺸﺎﺷﺔ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ
ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺇّﻻ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ ﻟﻤﺨﻄﻄﺎﺕ ﺃﻋّﺪﺕ ﺳﻠﻔﺎ . .ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻋﻤﻠﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﻯ
ﺍﻟﻐﺎﺷﻤﺔ ﻟﻠﺤﻴﻠﻮﻟﺔ ﺩﻭﻥ ﺣﺪﻭﺙ ﻭﺣﺪﺓ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ،ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻘﻂ ﻧﻔﻬﻢ ﺍﻟﺼﺮﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺎﺋﺮﻳﺔ
ﻭﺍﻻﻧﻐﻼﻕ ﺣﻮﻝ ﺣﺪﻭﺩ ﺃﻭﻫﻦ ﻣﻦ ﺧﻴﻮﻁ ﻋﻨﻜﺒﻮﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺪﻭﻳﻼﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻭﻛﻞ ﺩﻭﻟﺔ ﺗّﺪﻋﻲ ﻟﻨﻔﺴﻬﺎ ﻛﻴﺎﻧﺎ ﻣﺴﺘﻘﻼ
ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﻧﻬﺎ ﺃﻋﺠﺰ ﻋﻦ ﺣﻞ ﺃﺑﺴﻂ ﺍﻟﻤﺸﻜﻼﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﺍﺟﻬﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻘﺪﻫﺎ.
ﺃﻣﺎ ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ ﻓﻼ ﺗﺘﺮّﺩﺩ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺒﺮﺑﺮﻳﺔ ﺑﺎﻟﺘﺪﺧﻞ ﻛﻠﻤﺎ ﻻﺣﻈﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺴﺪ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﺑﺪﺃ ﻳﺘﻌﺎﻓﻰ ،ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺳﻴﺸﻜﻞ
ﺗﻬﺪﻳﺪﺍ ﺣﻘﻴﻘﻴﺎ ﻻﺳﺘﺌﺼﺎﻝ ﺍﻟﻮﺭﻡ ﺍﻟﺨﺒﻴﺚ .ﻓﺘﻔﻌﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻐﺎﺷﻤﺔ ﻭﺣﻠﻴﻔﺘﻬﺎ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﻣﺮﺍﺕ
ﻋﺪﻳﺪﺓ ﺳﻮﺍء ﺑﺎﻟﺘﺮﺳﺎﻧﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺪّﻋﻡ ﻳﻮﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺁﺧﺮ ﺃﻭ ﺑﺎﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﺔ .ﻭﺗﺪﻓﻌﻨﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﻯ
ﻟﻼﺳﺘﻨﺰﺍﻑ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭ ﻣﻠﺊ ﺍﻟﻤﺨﺎﺯﻥ ﺑﺎﻷﺳﻠﺤﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺻﻔﻘﺎﺕ ﻣﺸﺒﻮﻫﺔ ﺗﺼّﺐ ﻋﺎﺋﺪﺍﺗﻬﺎ ﻓﻲ
ﺑﻨﻮﻙ ﺍﻟﻐﺮﺏ ،ﻭﻧﻬﺐ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻄﺎﺋﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﺮﻭﺽ ﺗﺼﺮﻳﻔﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺴﺎﻕ ﺇﻟﻰ ﺧﺰﺍﺋﻦ
ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﻻﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻲ .ﻭﻻ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪ ﻫﺬﺍ ﻓﺎﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﺗﺒﻌﻴﺔ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻭﻛﻞ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺗﻨﻤﻮﻳﺔ ﺣﻘﻴﻘﺔ
ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﺨﺮﻳﺒﻬﺎ ﻭﻧﺤﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻬﺪ ﺑﺎﻟﻤﺆﺍﻣﺮﺍﺕ ﻭﺍﻟﺤﻤﻼﺕ ﺍﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ،ﺛﻢ ﺇﻥ ﻛﻞ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻻﻣﺘﻼﻙ ﺗﻘﻨﻴﺔ ﺍﻟﻌﺼﺮ
ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺗﺼﺎﺩﺭ ﺑﺎﻟﻘﻮﺓ ﻓﻼ ﻣﺠﺎﻝ ﻻﻣﺘﻼﻙ ﺭﻗﻢ ﻣﻦ ﺃﺭﻗﺎﻡ ﺣﺴﺎﺏ ﺍﻟﻤﻨﺎﻋﺔ.
ﺇﻥ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻣﺜﻠﺖ ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﻋﻤﺎﺩ ﻭﺣﺪﺓ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺭﻏﻢ ﺍﻟﺘّﺷﺮﺫﻡ ﻭﺍﻟﻀﻴﺎﻉ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ،ﻟﺬﺍﻙ ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺍﻟﻘﻮﻯ
ﺍﻻﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﺟﺎﻫﺪﺓ ﻃﻤﺲ ﻣﻮﺭﻭﺛﻨﺎ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻭﻧﺴﺞ ﺑﺪﻳﻞ ﻋﻨﻪ ﻟﺘﺼﺎﺏ ﺑﺤﺎﻟﺔ ﺇﻏﻤﺎء ﻃﻮﻳﻠﺔ.
ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣﺨﻄﻄﺎﺗﻬﺎ ﻭﻣﺎ ﺗﺬﻫﺐ ﺇﻟﻴﻪ ،ﻭﻛﺄﻥ ﺫﻟﻚ ﺗﻢ ﺑﺈﺭﺍﺩﺗﻨﺎ ﻭﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﻛﺎﻣﻞ ﺍﻟﻮﻋﻲ ،ﻭﺯﻋﺰﻋﺔ ﺛﻘﺘﻨﺎ ﺑﺄﻧﻔﺴﻨﺎ
ﻭﺿﺮﺏ ﻛﻞ ﻣﻘﻮﻣﺎﺕ ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺘﻴﻦ ،ﻭﺇﻋﺎﺩﺓ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺗﺎﺭﻳﺨﻨﺎ ﺍﻷﺛﻴﻞ ﻟﻴﺆﻛﺪﻭﺍ ﺣﻀﻮﺭﻫﻢ ﺍﻟﺰﺍﺋﻒ،
ﻭﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﻷﺭﺍﺟﻴﻔﻬﻢ ﺍﻟﻜﺎﺫﺑﺔ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻠﺔ.
ﺇﻧﻨﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻣﺪﻋﻮﻭﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺃﻱ ﻭﻗﺖ ﻣﻀﻰ ﻟﻺﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ ﻭﺍﻟﺘﺄﺻﻴﻞ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻭﺗﻮﺟﻴﻬﻪ
ﺿﺪ ﻋّﺪﻭ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻻﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺮﺟﻌﻴﺔ ﺍﻟﻌﻤﻴﻠﺔ ﻟﻺﻣﺒﺮﻳﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ.
2
3
ﺗﻌﺮﻳﻒ ﻃﻠﺒﺔ ﻗﻮﻣﻴﻮﻥ
ﺇﻥّ ﻟﻜّﻞ ﻣﻴﻼﺩ ﺟﺬﻭﺭ ﺗﺎﺭﻳﺨّﻴﺓ ﺗﺴﺒﻘﻪ ﻭﻣﻴﻼﺩ" ﻃﻠﺒﺔ ﻗﻮﻣﻴﻮﻥ" ﻓﻲ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﺘّﺳﻌﻴﻨﺎﺕ ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻴﺔ
ﻛﻔﺼﻴﻞ ﻃﻼﺑﻲ ﻗﻮﻣﻲ ﺗﻘّﺪﻣﻲ ،ﺫﻭ ﻣﺮﺟﻌّﻴﺓ ﻭﺣﺪﻭّﻳﺓ ،ﻟﻢ ﻳﺸّﺬ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺍﻻﻣﺘﺪﺍﺩ ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ
ﻭﺍﻟﻨّﺿﺎﻟﻲ ﻟﺘﺠﺮﺑﺔ" ﺍﻟّﻄﻟﺒﺔ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺍﻟﻮﺣﺪﻭّﻳﻭﻥ ﺍﻟﺘﻘﺪﻣّﻴﻭﻥ" ،ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺘّﻳﺎﺭ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﺍﻟﺘّﻗﺪﻣﻲ ﺑﺎﻟﻘﻄﺮ
ﺍﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻨﺎﺕ ﻭﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻨﺎﺕ .ﻟﻘﺪ ﻣﺜّﻟﺖ" ﻃﻠﺒﺔ ﻗﻮﻣﻴﻮﻥ" ﺗﺠﺴﻴﺪﺍ ﻟﻤﺒﺎﺩﺉ ﻭﺷﻌﺎﺭﺍﺕ ﺛﻮﺭﺓ 23 ﺟﻮﻳﻠﻴﺔ،
ﻭﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻤﺘﻄﻠّﺑﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ .ﺣﻴﺚ ﻧﺸﺄﺕ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻓﻲ ﻇﺮﻓﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺿﺎﻏﻄﺔ ،ﻭﻭﺿﻌﻴﺔ
ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﺄﺯﻭﻣﺔ ،ﻭﺑﻴﺌﺔ ﺛﻘﺎﻓﻴﺔُ ﻣﻣّﻴﻋﺔ ﺗﺘﺤّﺮﻙ ﻓﻲ ﻓﻠﻚ ﺍﻟﻨّﻇﺎﻡ .ﻓﻲ ﻓﺘﺮﺓ ﺧﻠﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟّﺴﺍﺣﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ
ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﻣﻦ ﺗﻌﺒﻴﺮﺓ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﻇّﻞ ﺍﻟﺪﻛﺘﺎﺗﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻨﻮﻓﻤﺒﺮﻳﺔ ،ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﻓﺌﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ ﺑﻘﻀﺎﻳﺎ ﺃّﻣﺗﻬﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﺘﺒﻨﻴّﺓ
ﻟﻠﺨﻴﺎﺭ ﺍﻟﻨّﺍﺻﺮﻱ ﻭﻟﻨﻈﺮﻳّﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴّﺓ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮﺭ" ﻋﺼﻤﺖ ﺳﻴﻒ ﺍﻟّﺪﻭﻟﺔ" ﺣّﻼ ﻟﻬﺎ ،ﻓﻲ ﻭﺍﻗﻊ ﻗﻄﺮﻱ ﻣﻌﺎﺩ ﻟﻜّﻞ
ﻣﺎ ﻳﻤّﺖ ﻟﻠﻌﺮﻭﺑﺔ ﻭﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﺼﻠﺔ .ﻓﻨﺸﺄ ﻓﺼﻴﻼ ﻣﺴﺘﻘﻠّﺍ ﺗﻨﻈﻴﻤﻴﺎ ﻗﻄﺮﻳﺎ ﻭﻗﻮﻣﻴﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﺘّﺟﺎﺭﺏ ﺍﻟّﺴﺍﺑﻘﺔ
ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ ﻟﻪ ،ﻣﺠّﺴﺩﺍ ﻟﻮﺍﻗﻌﻬﻢ ﻛﻄﻠﺒﺔ ،ﻭﻣﺘﺮﺟﻤﺎ ﻟﻘﻨﺎﻋﺎﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﺍﻻﻧﺘﻤﺎء ،ﻭﻭﺣﺪﻭّﻳﺓ ﺍﻟﻬﺪﻑ ،ﻭﻧﻘّﺪﻣﻴﺔ
ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ .ﺗﻤﺎﻳﺰﺕ" ﻃﻠﺒﺔ ﻗﻮﻣﻴﻮﻥ" ﺑﺎﻧﺨﺮﺍﻃﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻨﻘﺎﺑﻲ ﺻﻠﺐ ﺍﻹﺗﺤﺎﺩ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻟﻄﻠﺒﺔ ﺗﻮﻧﺲ ،ﻭﻧﺎﺿﻞ
ﺃﺑﻨﺎﺅﻫﺎ ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ ﺃﺟﻴﺎﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﺤﺼﻴﻨﻬﺎ ﺿّﺪ ﻛّﻞ ﺍﻟﻬّﺰﺍﺕ ﻭﺣﻤﺎﻳﺎﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﺗﺪﺟﻴﻦ ﺩﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟّﻄﻟﻴﻌﻲ
ﺍﻟﻔﻜﺮﻱ ،ﻭﺍﻟﻌﻘﺎﺋﺪﻱ ،ﻭﺍﻹﻳﺪﻳﻮﻟﻮﺟﻲ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ،ﺍﻟﻨّﺿﺎﻟﻲ ،ﺍﻟﺘّﻗﺪﻣﻲ ،ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﻞ ،ﻭﺍﻟﻤﻨﺘﺼﺮ ﺩﻭﻣﺎ ﻟﻘﻀﺎﻳﺎ ﺃّﻣﺗﻬﻢ ﻭﺣﻘّﻫﺎ
ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮّﻳﺓ ﻭﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﻭﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛّﻴﺓ.ﻭﺧﺎﺽ ﺃﺑﻨﺎﺅﻫﺎ ﻣﺤّﻄﺍﺕ ﻧﻀﺎﻟﻴﺔ ﻋﺪﻳﺪﺓ ﺗﻌّﺮﺽ ﻋﻠﻰ ﺇﺛﺮﻫﺎ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ
ﻟﻠّﻄﺭﺩ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻋﺪ ﺍﻟّﺪﺭﺍﺳﺔ ﻭﺍﻟّﺴﺟﻦ.
4
5
ﺩﺭﻭﺱ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻓﻲ ﺫﻛﺮﻯ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ
ﺑﻌﺪ ﺧﺮﻭﺝ ﻣﺼﺮ ﺟﻤﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻣﻨﺘﺼﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ﺍﻟﺜﻼﺛﻲ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ ﻭﺍﻟﻜﻴﺎﻥ
ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻔﻴﺔ ﺗﺄﻣﻴﻤﻪ ﻟﻘﻨﺎﻝ ﺍﻟﺴﻮﻳﺲ ،ﻭﺛﺒﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻒ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﻓﻲ ﺃﺭﺿﻨﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ
ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻭﺩﻋﻤﻬﺎ ﻟﺤﺮﻛﺎﺕ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﻭﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ ﻭﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﻗﻄﺎﺭ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .ﻭﻋﻠﻰ ﺧﻠﻔﻴﺔ
ﺗﻮ ّ
ﺿﺡ ﺍﻟﻤﺆﺍﻣﺮﺓ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮ ﻓﺮﻧﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻮﺭﻳﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﻜﺮﻳﺲ ﺗﻘﺴﻴﻤﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﺭﺑﻊ ﺩﻭﻳﻼﺕ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻣّﻬﺩ ﻟﻬﺎ
ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﻨﺢ ﻣﻘﺎﻃﻌﺎﺗﻬﺎ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﺣﻜﻤﺎ ﺫﺍﺗﻴﺎ" ﻟﻮﺍء ﺍﻟﻼﺫﻗﻴﺔ ﺩﻭﻟﺔ ﻟﻠﺸﻴﻌﺔ ﺍﻟﻌﻠﻮﻳﻴﻦ،
ﺗﺼﺮﻓﻴﺔ ﺩﻣﺸﻖ ،ﺩﻭﻳﻠﺔ ﺣﻠﺐ ،ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺟﺒﻞ ﺍﻟﺪﺭﻭﺯ" .ﻫّﺒﺕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻄﺮﻳﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﻋﻦ
ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺴﻴﺮﺍﺗﻬﺎ ﻭﺗﺤﺮﻛﺎﺗﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻛﺘﺮﺟﻤﺔ ﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﺍﻟﻤﺼﻴﺮ ﻷﺑﻨﺎء ﺍﻟﻘﻄﺮﻳﻦ ﻭﻋﻤﻮﻡ
ﺃﺑﻨﺎء ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ .ﻭﺍﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ ﻣﻘﻮﻟﺔ ﺟﻤﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﺳﻮﺭﻳﺔ ﻳﻤﺜﻞ ﻋﺪﻭﺍﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮ
"ﺇﻥ ﺍﻟﺒﺎﺩﺉ ﺑﺴﻮﺭﻳﺔ ﺳﻴﺜﻨﻲ ﺑﻤﺼﺮ" ﺟﺮﺕ ﻣﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺑﻴﻦ ﺣﻜﻮﻣﺘﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻭﺷﻜﺮﻱ ﺍﻟﻘﻮﺗﻠﻲ ﻟﺘﻔﻀﻲ ﻳﻮﻡ
22ﻓﻴﻔﺮﻱ 1958 ﺇﻟﻰ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ .ﺃﻭﻛﻠﺖ ﺭﺁﺳﺘﻬﺎ ﻟﺠﻤﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﺑﻌﺪ ﺍﻻﺳﺘﻔﺘﺎء
ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻭﻧﺎﺑﻪ ﺷﻜﺮﻱ ﺍﻟﻘﻮﺗﻠﻲ ﻋﻦ ﺇﻗﻠﻴﻢ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ،ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ،ﻭﺗﻀّﻤﻥ ﻋﻠﻤﻬﺎ
ﺍﻷﺣﻤﺮ ﻭﺍﻷﺑﻴﺾ ﻭﺍﻷﺳﻮﺩ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﻧﺠﻤﺘﻲ ﺍﻻﻗﻠﻴﻤﻴﻦ ﻭﻫﻮ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻴﻮﻡ.
ﺣﺎﻭﻟﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ﻭﺍﻟﺘﻲُ ﺟﻭﺑﻬﺖ ﺑﻤﻮﻗﻒ ﺻﻬﻴﻮﻧﻲ ﻭﺃﻣﺮﻳﻜﻲ ﻣﻌﺎﺩ ﻋﺒّﺭ ﻋﻨﻪ ﺍﻟﻮﺯﻳﺮ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ
"ﺃﺑﺎ ﺃﺑﻴﺎﻥ" ﺑﺄﻧﻪ ﻣﻦ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻜﻴﺎﻥ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ ﺃﻥ ﻳﻌﻮﺩ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﺠﻐﺮﺍﺳﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻴﻪ ﻗﺒﻞ
ﻓﻴﻔﺮﻱ .1958 ﺗﺤﺖ ﺿﻐﻂ ﻣﻄﺎﻟﺐ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻭﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﺧﺎء ،ﻭﺃﻣﺎﻡ ﻣﻬّﻤﺓ ﺭﻫﺎﻥ
ﺍﻟﺘﺼﺪﻱ ﻟﺘﻐﻮﻝ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،ﻭﺗﺤﺖ ﻭﺍﺑﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺆﺍﻣﺮﺍﺕ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﻟﺘﻔﻜﻴﻚ
ﺃﻭﺻﺎﻟﻬﺎ ﻋﺒﺮ ﺩﻋﻮﺍﺕ ﺍﻻﻧﻔﺼﺎﻝ ﺗﺤﺖ ﺫﺭﻳﻌﺔ ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﻜﺎﻓﺊ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻤﺜﻴﻠﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺮﺳﺎﻧﺔ
ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ .ﻭﻟﻸﻣﺎﻧﺔ ﻓﻘﺪ ﻋّﺒﺭ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﻋﻦ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺗﺨﺬﻩ ﺇّﺑﺍﻥ ﺍﻟﻤﻔﺎﻭﺿﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺛﻴﺔ ﻣﻊ ﺳﻮﺭﻳﺔ
ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﺑﻌﺪ ﺍﻻﻧﻔﺼﺎﻝ ،ﺑﺄﻥ ﻧﻮﺍﺓ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻟﻸﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻻ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺠﺮﺩ ﺍﺗﻔﺎﻕ ﺣﻜﻮﻣﺎﺕ ﻋﻠﻰ
ﺗﻮﺣﻴﺪ ﺟﻮﺍﺯﺍﺕ ﺍﻟﺴﻔﺮ ﻭﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺍﻟﻨﺸﻴﺪ ﺍﻟﺮﺳﻤﻲ ،ﺑﻞ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﺎﺑﻌﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﻣﻦ ﺣﺮﺍﻛﻬﺎ
ﺍﻟﺜﻮﺭﻱ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭﻱ ﺍﻟﻮﺣﺪﻭﻱ ﺑﻤﻌﺰﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻭﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻓﺮﺿﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻛﺴﺠﻦ ﻭﺍﺳﻊ ﺑﻌﺪ
ﺧﺮﻭﺝ ﺟﻴﻮﺵ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ .ﻟﻴﻘﻒ ﺍﻟﺴﺎﺳﺔ ﻭﺍﻟﻤﻼﺣﻈﻮﻥ ﺑﻌﺪ 28 ﺩﻳﺴﻤﺒﺮ 1961 ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﺍﻻﻧﻔﺼﺎﻝ
ﺍﻟﺤﺎﺻﻞ ﺑﺎﻧﻘﻼﺏ ﻋﺴﻜﺮﻱ ﻗﺎﺩﺗﻪ ﺃﻗﻠﻴﺔ ﻣﻦ ﺿﺒﺎﻁ ﻣﻦ ﺇﻗﻠﻴﻢ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﻣﺪﻋﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﻋﺪﺓ ﺩﻭﻝ ﺃﺟﻨﺒﻴﺔ ﻛﻔﺮﻧﺴﺎ
ﻭﺃﺧﺮﻯ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻛﺎﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ،ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻧﻮﺍﺓ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﺪﺓ ﻟﺘﻘﺪﻡ ﻭﺍﺯﺩﻫﺎﺭ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻭﺍﻟﺤﺎﻓﻈﺔ
ﻷﻣﻨﻪ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ،ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺤﺎﺻﺼﺔ ﻭﺗﻮﺯﻳﻊ ﺍﻟﻤﻨﺎﺻﺐ ﻭﺍﻟﺮﺗﺐ ﺍﻟﺸﺮﻓﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺭﺅﺳﺎء ﺃﻭ ﻣﻤﺜﻠﻲ
ﻛﻞ ﻧﻈﺎﻡ ﺇﻗﻠﻴﻤﻲ ﻓﻲ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻷﻗﻄﺎﺭ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻭﻟﻮ ﻭﺿﻌﺖ ﻧﺼﺐ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ ﻣﻬّﻤﺓ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻤﺴﻠﻮﺑﺔ
ﻭﺇﻟﻐﺎء ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻟﻤﻔﺮﻭﺿﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ،ﻭﻗﻴﺎﺩﺓ ﺣﺮﻛﺔ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ﻭﺍﻷﺻﻌﺪﺓ.
ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﺑﻌﺪ ﺧﻤﺴﺔ ﻭﺧﻤﺴﻴﻦ ﻋﺎﻡ ﻣﻦ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻛﺘﻠﺒﻴﺔ ﻟﻨﺪﺍءﺍﺕ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻭﺑﻌﺪ
6
ﻭﻓﺎﺓ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻘﺒﻞ ﺑﺘﻮﻟﻲ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺃﻱ ﺟﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﺗﺤﺎﺩﻳﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺒﺎﺣﺜﺎﺕ ﺍﻟﺜﻼﺛﻴﺔ،
ﻭﻣﺒﺎﺣﺜﺎﺕ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺑﻌﺪ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﺳﻨﺔ .1969 ﻭﺑﻌﺪ ﺩﻋﻮﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺧﻮﺽ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺑﻤﻌﺰﻝ ﻋﻦ
ﺍﻟﻘﻴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ،ﻭﺩﻋﻮﺗﻪ ﻟﻘﻴﺎﻡ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ ﻛﺄﺩﺍﺓ ﺟﻤﺎﻫﺮﻳﺔ ﻣﺘﺤّﺮﺭﺓ ﻣﻦ ﻗﻴﻮﺩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ
ﻭﺿﻮﺍﺑﻄﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ،ﻭﻭﺳﺎﺋﻄﻬﺎ ﺍﻻﺳﺘﺨﺒﺎﺭﺍﺗﻴﺔ ﻭﺍﻷﻣﻨﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻣﻌﺔ ﻟﻠﺠﻤﺎﻫﻴﺮ .ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻧﻘﻼﺏ ﺍﻟﺴﺎﺩﺍﺕ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻃﺎﺡ
ﺑﻤﺼﺮ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﻧﻬﺞ ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﻭﺍﻟﺒﻨﺎء ﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻛﻲ ﻭﺟﻨﻮﺣﻪ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟّﺴﻟﻢ ﺍﻟﻤﻬﺰﻭﻡ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻛﺎﻣﺐ ﺩﻳﻔﺪ ﻓﻲ ،1979 ﻭﺗﺨﻠﻴﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﺴﻮﺭﻱ ﻓﻲ ﺃﺣﺮﺝ
ﺃﻃﻮﺍﺭ ﻣﻌﺮﻛﺔ ،1973 ﻭﺑﻌﺪ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻷﻗﻄﺎﺭ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻔﺘﺮﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺮﺟﻌﻲ ﺍﻟﻘﻤﻌﻲ ﻣﻊ ﻣﺒﺎﺭﻙ ﻭﺑﻦ ﻋﻠﻲ
ﻭﺍﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪ ﺍﷲ ...ﻣﻊ ﺗﻘﺪﻳﻤﻬﻢ ﻟﺘﻨﺎﺯﻻﺕ ﻟﻔﺎﺋﺪﺓ ﺍﻟﻜﻴﺎﻥ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ .ﻭﺑﻌﺪ ﺟﻨﻮﺡ ﺣﺮﻛﺔ ﻓﺘﺢ ﺇﻟﻰ ﺧﻴﺎﺭﺍﺕ
ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﻣﺔ ﻣﻨﺬ ﻣﺴﺎﺭ ﻣﺪﺭﻳﺪ 1990 ﻭﺻﻮﻻ ﺇﻟﻰ ﺃﻭﺳﻠﻮ ،ﻭﺍﺣﺘﻀﺎﻧﻬﻢ ﻟﻤﺒﺎﺩﺭﺓ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﺒﺮ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ
ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﺔ ﻋﻦ ﻫﺰﺍﺋﻢ ﺍﻷﻣﺔ ،ﺟﻨﺎ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﺎ ﺯﺭﻋﺘﻪ ﺍﻟﺮﺟﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﺨﺎﺋﻨﺔ ﻭﻣﺴﺎﺭﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﺎﻭﻣﺔ ﺗﺸﺮﻳﺪﺍ
ﻭﻓﻘﺮﺍ ﻭﺑﻄﺎﻟﺔ ﻭﺗﺨﻠﻔﺎ.ﺑﻞ ﻭﺗﻔﺎﻗﻤﺎ ﻟﻠﻨﺰﺍﻋﺎﺕ ﺍﻻﻧﻔﺼﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭﻟﺒﻨﺎﻥ ﻭﺳﻮﺭﻳﺔ ...ﺗﺪﺣﺮﺟﺎ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ
ﺧّﻄﻃﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﻭﺻﺎﺩﻕ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻜﻮﻧﻐﺮﺱ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺳﻨﺔ ،1983 ﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ
ﺍﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺇﻟﻰ ﺩﻭﻝ ﻣﻘّﺰﻣﺔ ﻣﺘﺼﺎﺭﻋﺔ ،ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺩﻭﺍﻣﺔ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺮﻗﻴﺔ ﻭﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ،
ﻭﺧﻠﻖ ﺷﺮﺧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﻴﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﻳﻔﺘﺢ ﺷﻬﻴﺔ ﺍﻻﻧﻔﺼﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﺮّﺩﺓ
ﺍﻟﻌﺸﺎﺋﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﺎﺩ ﻳﺠﻌﻞ ﺃﻗﻔﺎﺹ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ
ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ،ﻻ ﻧﻜﺘﻔﻲ ﺑﻘﺒﻮﻟﻬﺎ ﺑﻞ ﻧﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺣﻤﺎﻳﺘﻬﺎ ﻭﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ،ﺃﻣﺎﻡ ﺷﺒﺢ ﺣﻮﺍﺟﺰ ﺍﻟﻐﺮﺑﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ
ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﻤﻞ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺑﺈﺻﺮﺍﺭ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻘﻬﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﻲ ﺿﻠﻊ ﻣﻦ ﺃﺿﻼﻉ ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻭﺇﻗﻠﻴﻤﻬﺎ
ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻲ" ﺳﻮﺭﻳﺔ" ،ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺍﻃﻤﺄﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﺿﻊ ﺇﻗﻠﻴﻤﻬﺎ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﻣﺆﺧﺮﺍ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﺄﻣﻨﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺮﻭﺭ ﺑﻬﺎ
ﺇﻟﻰ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺨﻠﻒ ﻭﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻭﺍﻟﻐﺮﺑﺔ ﻋﻦ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ.
7
8
ﻣﻦ ﻟﻮﺭﺍﻧﺲ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﺑﺮﻧﺎﺭ ﻟﻴﻔﻲ ،ﻭﻣﻦ ﺳﺎﻳﻜﺲ ﺑﻴﻜﻮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ،ﻫﻞ
ﻧﺴﺘﺨﻠﺺ ﺍﻟﺪﺭﺱ؟
"ﻟﻴﺲ ﻳﻀﻴﺮﻧﺎ ﺃﻥ ﺗﻈﻞ ﺑﻘﺎﻉ ﻏﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﺭﺍﺿﻴﻨﺎ ﺗﺤﺖ ﺍﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻌﺪﻭ ،ﺑﻞ ﻳﺨﻴﻔﻨﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﺃﻥ ﺗﺒﻘﻰ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ
ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻋﺎﺑﺌﺔ ﺑﺎﻟﺨﻄﺮ ،ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﻳﻤﻀﻲ ﻓﻲ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣﺨﻄﻄﺎﺗﻪ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻧﻴﺔ ﺩﻭﻥ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﻭﻳﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪ
ﺩﻭﻥ ﻗﺘﺎﻝ ،ﻭﻫﻲ ﻓﻲ ﻏﻴﺒﻮﺑﺔ ﻻ ﺗﻔّﺮﻕ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ ﻭﺍﻟﻌﺪﻭ ،ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺘﺴﻠّﻝ ﺍﻟﻤﻨّﻈﻡ ﻭﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﺨّﺪﺍﻉ".
ﺟﻤﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨّﺍﺻﺮ.
ﻣﺎ ﺇﻥ ﺍﻧﺪﻟﻌﺖ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺣﺘﻰ ﺍﻧﻘﺴﻢ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﻓﺮﻳﻘﻴﻦ ،ﺃﻣﻞ ﺍﻷﻭﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺨﻠّﺹ ﻣﻦ ﻧﻈﺎﻡ
ﺍﻷﺗﺮﺍﻙ ﺍﻟﺠﺎﺋﺮ ﻣﺒّﺸﺭﺍ ﺑﺎﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﻋﺪ ﺍﻟﺤﻠﻔﺎء ﺑﺘﺤﻘﻴﻘﻪ ﻓﻮﺭ ﺍﻧﺘﻬﺎء ﺍﻟﺤﺮﺏ
ﻭﺍﻧﺘﺼﺎﺭﻫﻢ .ﻭﺗﻤّﺴﻙ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻲ ﺭﻏﻢ ﺟﻮﺭﻫﺎ ﻭﻋﺴﻔﻬﺎُ ﻣﺷّﻜﻛﺎ ﻓﻲ ﻧﻮﺍﻳﺎ ﺍﻟﻐﺮﺏ.
ﻭﺃﻋﻠﻦ"ﺍﻟّﺸﺭﻳﻒ ﺣﺴﻴﻦ" ﺛﻮﺭﺗﻪ ﻭﻗﺪ ﺍﻧﺤﺎﺯ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻭﻟﻜﻦ ﺑﺨّﻄﺓ ﻭﺗﻮﺟﻴﻪ ﻭﻗﻴﺎﺩﺓ ﻏﺮﺑﻴﺔ
ﺼﻓﻮﻑ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺣﻴﺚ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﺨﺴﺎﺋﺮ .ﺗﻮﻗّﻓﺖ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﺭﻑ" ﺗﺮﻛﻴﺎ" ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻤﺴﺎﺱ
ﺩﻓﻌﺘﺒﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟ ّ
ﺑﻮﺣﺪﺗﻬﺎ ،ﻭﺗﻮﻗّﻑ ﻣﻌﻬﺎ ﺣﻠﻢ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺎﻡ ﻋﻠﻴﻪ" ﺍﻟّﺸﺭﻳﻒ ﺣﺴﻴﻦ" ﻟﻴﺴﺘﻴﻘﻆ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺮﻳﺮ" ﻛﺎﻣﺒﻞ ﺑﻨﺮﻣﺎﻥ"
.1907ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃّﻛﺩ ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﺼﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﺰء ﺍﻹﻓﺮﻳﻘﻲ ﻭﺍﻵﺳﻴﻮﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ
ﺧﻼﻝ ﺇﻗﺎﻣﺔ" ﺍﻟﻜﻴﺎﻥ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ" ﻛﻘﺎﻋﺪﺓ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﻟﻼﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ،ﻳﻤﺰﻕ ﺃﻭﺻﺎﻟﻬﺎ ﻭُﻳﺃّﺑﺩ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘﺠﺰﺋﺔ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﻒ،
ﻭﻳﺤﻀﻰ ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﺍﻟﻠّﺍﺯﻣﺔ ﻣﻦ ﺍﻟّﺪﻭﻝ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ .ﺛّﻢ" ﺳﺎﻳﻜﺲ ﺑﻴﻜﻮ" ﻓﻲ، 1916ﺍﻻﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﺼﺕ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،ﻭﻭﺿﻌﺖ"ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻭﺍﻟﻌﺮﺍﻕ" ﺗﺤﺖ ﺳﻠﻄﺔ" ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ" ﻭ"ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻭﺳﻮﺭﻳﺔ" ﺗﺤﺖ
ﻧّ
ﺗﺼﺮﻑ" ﻓﺮﻧﺴﺎ" .ﺛّﻢ ﻭﻋﺪ ﺑﻠﻔﻮﺭ ،1917 ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻀّﻤﻥ ﻭﻋﺪﺍ ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ" ﻭﻃﻨﺎ ﻗﻮﻣﻴﺎ ﻟﻠﻴﻬﻮﺩ" ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ
ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ،ﻭﺟﺎء ﺗﻨﻔﻴﺬﺍ ﻟﻤﺎ ﻭﺭﺩ ﻓﻲ ﻣﺆﺗﻤﺮ" ﻛﺎﻣﺒﻞ ﺑﻨﺮﻣﺎﻥ" .ﻭﻭُﺿﻌﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺟﺮﺍءﺍﺕ ﻭﺍﻟﺨﻄﻂ ﻣﻮﺿﻊ
ﺍﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺻﻚ ﺍﻻﻧﺘﺪﺍﺏ ﻓﻲ ،1922 ﻭﻗﺮﺍﺭ ﺍﻟﺘﻘﺴﻴﻢ ﻓﻲ ،1947 ﺛﻢ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﻋﻦ ﻭﻻﺩﺓ ﺍﻟﻜﻴﺎﻥ
ﺍﻟﺴﺮﻃﺎﻧﻲ ﻓﻲ ،1948 ﻟﺘﺘﺤﻘّﻕ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺃﻭﻟﻮﻳﺔ ﺗﻌﻠﻮ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺠﺰﺋﺔ ﻭﻃﻨﻨﺎ ﻭﺗﻔﺘﻴﺘﻪ.
ﻭﻧﺤﻦ ﺇﺫ ﻧﺴﺘﺬﻛﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻬﺠﻮﻡ ﺍﻟﻐﺮﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﻭﻃﻨﻨﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺎﺋﺔ ﻋﺎﻡ ﻭﻣﺎ ﺗﻼﻩ ،ﻓﻘﻂ ﻟﻨﺄﺧﺬ ﺍﻟﻌﺒﺮ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ
ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺣﺘﻰ ﻧﺪﺭﻙ ﻣﻀﻤﻮﻥ ﺍﻟﻬﺠﻤﺔ ﺍﻟﻤﺘﺠّﺪﺩﺓ ﻟﻠﻐﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﻭﻃﻨﻨﺎ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ" ﺍﻟﻮ ﺍﻟﻢ ﺍﻷﻡ" ﻣﺘﺤﺎﻟﻔﺔ ﻣﻊ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻐﺮﺏ
ﻭﺭﺑﻴﺒﺘﻬﺎ" ﺇﺳﺮﺍﺋﻴﻞ" ،ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺘﺎﺝ ﺍﻟﻤﺆﺍﻣﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ .ﻷﻥ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻻ ﻳﻘّﻞ
ﺣﻘﺪﺍ ﻭﻋﺪﺍﻭﺓ ﻟﻠﻌﺮﺏ ﻣﻤﻦ ﺃﻋﻄﻰ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻤﻠﻚ ﻟﻤﻦ ﻻ ﻳﺴﺘﺤﻖ ،ﻭﺃﻣﺮ ﺑﻘﺼﻒ" ﺩﻣﺸﻖ" ﺑﺎﻟﻤﺪﺍﻓﻊ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻨﺎﺕ،
ﻭﺍﺗﺒﻊ ﺳﻴﺎﺳﺔ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻤﺤﺮﻭﻗﺔ ﻓﻲ" ﻟﻴﺒﻴﺎ" ،ﻭﻗﺘﻞ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺷﻬﻴﺪ ﻓﻲ" ﺍﻟﺠﺰﺍﺋﺮ".ﻭﺇﻥ ﺻّﺢ ﺃﻥّ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻻ ﻳﻌﻴﺪ
ﻧﻔﺴﻪ ﻓﺈّﻥ ﺃﺣﺪﺍﺛﻪ ﺗﺘﻜّﺮﺭ ﻭﺍﻟﻐﺒﻲ ﻓﻘﻂ ﻻ ﻳﺘّﻋﻆ ﻣﻦ ﺩﺭﻭﺳﻪ ،ﻓـ"ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻻ ﻳﻌﻴﺪ ﻧﻔﺴﻪ ﻗﻂ ﻟﻜﻦ ﺍﻟﻤﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻄﺄ
ﺑﺎﻗﻴﺔ ﻭﻣﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻬﺰﻳﻤﺔ ﻟﻢ ﺗﻐﻠﻖ ﺃﺑﻮﺍﺑﻬﺎ ﺑﻌﺪ" .ﻟﻘﺪ ﻋﻤﻠﺖ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻓﻲ
ﺼﺩﻓﺔ ،ﺑﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻞ ﺗﺤﺮﻛﺎﺗﻬﺎ ﻭﻓﻖ ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺎﺕ ﻗﺎﺋﻤﺔ
ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻧﻬﺎﺋﻴﺎ ﻟﺼﺎﻟﺤﻬﺎ ﻭﻟﻢ ﺗﺘﺮﻙ ﺃﻱ ﺣﺪﺙ ﻟﻠ ّ
ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪﺃ ﻣﺤّﺪﺩ ﻫﻮ ﺗﺪﻣﻴﺮ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻭﺗﻔﺮﻳﻎ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﻦ ﻣﺼﺪﺭ ﻗﻮﺗﻬﺎ" ﺍﻟﻤﺨﺰﻭﻥ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ" ،ﻭﺫﻟﻚ
9
ﺑﺘﺠﺬﻳﺮ ﺍﻟﺘﺠﺰﺋﺔ ﻓﻜﺮﺍ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﺍ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﺎ...ﻭﺍﻟﻤﺮﻭﺭ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺇﻟﻰ ﺗﻔﺘﻴﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻗﺎﻟﻴﻢ ﻭﺍﻹﻣﻌﺎﻥ ﻓﻲ ﺗﺠﺰﺋﺘﻬﺎ
ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺍﻻﻧﺘﻤﺎء ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺬﻫﺐ ...ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﺭﺗﺪﺍﺩ ﺇﻟﻰ ﺭﻭﺍﺑﻂ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﻗﻮﻣﻴﺔ ﻭﻗﺒﻞ ﻭﻃﻨﻴﺔ ﺣﺘﻰ
ﺗﺤّﻮﻝ ﺃﻭ ﻛﺎﺩ ﺍﻟّﺸﻋﻮﺭ ﺑﺎﻻﻧﺘﻤﺎء ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻗﻠﻴﻢ ﺃﻭ ﻣﺎ ﺩﻭﻥ ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ .ﻭﻗﺪ ﻧﺠﺤﺖ" ﺍﻟﻮ ﺍﻟﻢ ﺍﻷﻡ" ﻧﺴﺒﻴﺎ ﻓﻲ
ﺼﺍﺩﺣﺔ ﺑﺤﺮﻳﺔ ﻭﻭﺣﺪﺓ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻭﺗﺼﻔﻴﺔ ﻣﻜﺎﺳﺒﻬﺎ ﻹﻧﻬﺎء
ﻣﺸﺮﻭﻋﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻋﺰﻝ ﻭﺗﺪﻣﻴﺮ ﻛﻞ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟ ّ
ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻭﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﻬﺎ .ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺳﻴﺎﺳﺔ" ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ" ﻣﻨﺬ ﺃﻭﺍﺳﻂ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ
ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻣﺸﺮﻭﻋﻬﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻘﺎﻃﻊ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ ﺍﻻﺳﺘﻴﻄﺎﻧﻲ ،ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﺎﺕ ﻭﺑﻌﺪ ﺗﻔﺮﺩﻫﺎ
ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺴﻘﻮﻁ" ﺍﻻﺗﺤﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺎﺗﻲ" ﻭﻇﻬﻮﺭ ﻧﻈﺎﻡ ﺟﺪﻳﺪ ﻛﺎﻧﺘﺼﺎﺭ ﻟﺨﻴﺎﺭ ﺍﻟﺮﺃﺳﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺧﺬ
ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﺳﻤﺎ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﻬﺎﺭﺓ ﻣﺎ ﻳﻐﺮﻱ ﻭﻳﺒﺮﺭ ﺑﻘﺒﻮﻟﻪ" ﺍﻟﻌﻮﻟﻤﺔ" ،ﺗﺨﻠﺖ" ﺍﻟﻮ ﺍﻟﻢ ﺍﻷﻡ" ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ
ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﺘﺮﺗﺪ ﺇﻟﻰ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ،ﻓﻠﻢ ﺗﻌﺪ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻭﻛﻼﺋﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻜﺎﻡ ﻭﻣﻠﻮﻙ ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﻻ ﺗﺜﻖ ﺇﻟّﺍ
ﺑﺴﻼﺣﻬﺎ .ﻓﻜﺎﻥ ﻏﺰﻭ" ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ" ﺧﻄﻮﺓ ﺃﻭﻟﻰ ﻧﺠﺤﺖ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﻘﻄﺎﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﺤﺖ ﻣﻈﻠﺘﻬﺎ" ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ
ﺍﻟﺜﻼﺛﻴﻨﻲ" ،ﻭﺃﺭﺍﺩﺕ ﺃﻥ ﺗﻨﺠﺢ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﻬﺪﺍﻑ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺮﻣﺘﻬﺎ ﺑﺘﻜﺮﺍﺭ ﺍﻟﻨﻤﻮﺫﺝ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﻓﻲ" ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ،
ﻟﺒﻨﺎﻥ ،ﻟﻴﺒﻴﺎ ،ﺳﻮﺭﻳﺔ"...ﻏﻴﺮ ﺃﻥّ ﻣﺎ ﺃﻧﺠﺰﺗﻪ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﻓﻲ" ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ" ﻗﺪ ﺃﺭﺑﻚ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻬﺎ.
ﻭﻟﻀﻤﺎﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻓﺮﺹ ﺍﻟﻨﺠﺎﺡ ﻟﻤﺸﺮﻭﻋﻬﺎ ﻋﻤﻠﺖ ﻋﻠﻰ ﺇﻳﺠﺎﺩ ﻗﻮﻯ ﻣﺤﻠﻴﺔ ﺗﺪﻋﻤﻬﺎ ﻣﺎﺩﻳﺎ ﻭﻋﺴﻜﺮﻳﺎ
ﻭﺳﻴﺎﺳﻴﺎ...ﻣﺴﺘﻔﻴﺪﺓ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺣﻮﺯﺗﻬﺎ ﻣﻦ ﺇﺣﺼﺎءﺍﺕ ﻭﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ ،ﻭﺑﻤﺎ ﻟﺪﻳﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﺎء ﻭﺑﺎﺣﺜﻴﻦ ﻭﺑﻤﺎ ﻫﻲ ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ
ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻋﻠﻮﻡ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻧﺔ .ﻓﺴﻠﻄﺖ ﺑﻄﺮﻕ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻭﻏﻴﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﺐ
ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺟﻤﻴﻌﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺒﻖ ﻭﺍﻥ ﺿﺮﺑﺘﻪ ﻭﻏﺮﺑﺘﻪ ﺍﻟﺘﺠﺰﺋﺔ ﻣﺸﺮﻭﻉ" ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ "...ﻓﻲ
ﺇﻃﺎﺭ ﻣﺎ ﺳّﻤﺗﻪ" ﺍﻟﻔﻮﺿﻰ ﺍﻟﺨّﻼﻗﺔ" .ﻓﻜﺎﻥ ﺃﺿﻌﻒ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﺮﻓﺾ ﺃﻭ ﻳﺘﻤّﺮﺩ ﻋﻠﻰ ﻣﺎُ ﻳﺭﺍﺩ ﻟﻪ ،ﻭﻛﻮﻧﺖ ﻣﻨﻪ ﻓﺮﻗﺔ
ﻫﺪﺍﻣﺔ ﻏﺎﻳﺘﻬﺎ ﺍﻹﺟﻬﺎﺯ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺿﺮﺏ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﺑﻜﻞ ﺃﺷﻜﺎﻟﻬﺎ ﺳﻮﺍء ﺗﻤﺜﻠﺖ ﻓﻲ ﻧﻈﺎﻡ ﻭﻃﻨﻲ
ﺇﻗﻠﻴﻤﻲ" ﺣﺰﺏ ﺍﻟﺒﻌﺚ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﺳﻮﺭﻳﺔ" ﺃﻭﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺟﻤﺎﻫﺮﻳﺔ" ﺣﺰﺏ ﺍﷲ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎﻥ ﻭﻓﺼﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ
ﺍﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ" ،ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ .ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺗﺨﺘﻔﻲ ﻭﺭﺍء ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻃﻬﺎﺭﺓ ﻛـ"ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ
ﻭﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ "...ﻣﺜﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺧﺘﺎﺭﺕ ﺭﺗﺒﺔ ﺍﻟﻮﻛﻴﻞ ﺍﻟﺮﺳﻤﻲ ﻟﺤﻠﻒ ﺍﻟﻨﺎﺗﻮ ،ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺍﻧﺨﺮﻃﺖ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺿﺪ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﻭﻣﺸﺮﻭﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﺍﻟﻤﻨﺘﺼﺮ ﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﺍﻟﻮﻓﻲ ﻟﺪﻣﺎء
ﺷﻬﺪﺍﺋﻬﺎ ﻭﻣﻨﺎﺿﻠﻴﻬﺎ .ﻭﻟﻜﻲ ﻳﻜﺘﻤﻞ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﻭﺗﻘﻮﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺴﻦ ﻭﺟﻪ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺇﻳﺠﺎﺩ ﻗﻮﺓ
ﺇﻋﻼﻣﻴﺔ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭﺧﺎﺭﺟﻴﺔ ﺗﺤﻴﻂ ﺑﻬﺎ ﻭﺗﺴﻨﺪﻫﺎ ،ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺘﺒﻨﻲ ﺍﻟﺪﻓﺎﻉ ﻋﻦ ﺧﻴﺎﺭﺍﺗﻬﺎ ﻭﻣﺒﺎﺩﺋﻬﺎ ﻭﺷﻌﺎﺭﺍﺗﻬﺎ،
ﻭﻣﺴﺎﻧﺪﺗﻬﺎ ﺑﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻘﻬﺮ ﺍﻟﺪﻋﺎﺋﻲ ﻭﺍﻹﻋﻼﻡ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻲ ﻭﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲ .ﻭﺃﻭﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪﺃ ﺷﻌﺎﺭ
ﺗﺜﺒﺘﻪ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﺪﻋﺎﻳﺔ ﻭﺗﻜّﺮﺭ ﺑﺜﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﺒﺢ ﻟﺼﻴﻘﺎ ﺑﺎﻟﻌﻘﻞ ﻭﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ .ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﻴﻨﺼﺐ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﺸﻌﺎﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﺒﺎﺩﻯء ﺍﻟﻤﻀﺎﺩﺓ ﻭﻳﺒﺎﻟﻎ ﻓﻲ ﺇﺑﺮﺍﺯ ﺳﻠﺒﻴﺎﺗﻬﺎ ﻭﻗﺼﻮﺭﻫﺎ ،ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻳﺒﻘﻰ ﺍﻟﻤﺒﺪﺃ ﻭﺍﻟﺸﻌﺎﺭ ﺁﻣﻨﺎ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻦ
ﺃﻱ ﺣﻮﺍﺭ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮﻱ ﻭﺗﻨﺼﺮﻑ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻫﻮ ﺿﺪﻩ .ﻭﻳﺄﺗﻲ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻟﻴﺤﺼﺮ ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ
ﻓﻲ ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭ ﻭﻧﻘﻴﻀﻪ ﻓﻼ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﻬﺎ ﻭﻻ ﺗﺠﺪ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻟﻼﻟﺘﻔﺎﺕ ﺇﻟﻰ ﺷﻌﺎﺭﺍﺕ ﺃﻭ ﻣﺸﻜﻼﺕ ﺃﺧﺮﻯ .ﻟﻮ
ﺣﺎﻭﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻨّﺰﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻭﺗﺤﺪﻳﺪﺍ ﻓﻲ ﻣﺎُ ﺳّﻣﻱ ﺑـ"ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ" ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ" ﻟﻴﺒﻴﺎ"
ﻭ"ﺳﻮﺭﻳﺔ" ﻓﺴﻨﺠﺪ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻭﺟﺪﻫﺎ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﻭﺩّﻋﻣﻬﺎ ﺍﺳﺘﺠﺎﺑﺖ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻘﻬﺮ ﺍﻟﺪﻋﺎﺋﻲ ،ﻭﺭﻓﻌﺖ ﺷﻌﺎﺭ
ﺇﺳﻘﺎﻁ" ﺍﻟﺪﻳﻜﺘﺎﺗﻮﺭﻳﺔ" ﺑﺎﺳﻢ" ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ" .ﺑﻞ ﺃﺭﺍﺩﺕ ﺟّﺮ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ﻟﺘﺨﻮﺽ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﺍﻟﻮﻫﻤﻴﺔ ﺗﺤﺖ
ﻣﻈﻠّﺓ" ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ" ﺍﻟﻤﺒﺸﺮ ﺑﺎﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ ،ﻫﻮ ﺍﻟﺸﻌﺎﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺒﺪﺃ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺟﺪ ﻣﻦ ﻳﺪﺍﻓﻊ ﻋﻠﻴﻪ
10
ﻣﺤﻠّﻴﺍ ﻛﺒﺪﻳﻞ ﻋﻦ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ،ﻭﺍﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﺻﺮﻑ ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺮ ﻋﻦ ﻣﺸﻜﻼﺗﻬﺎ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻭﻫﻲ
ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﺑﻮﺟﻬﻴﻪ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻭﺍﻟﺨﻔﻲ ﻭﺍﻟﺘﺠﺰﺋﺔ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﻒ .ﻭﻛﻠﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺧﻄﻮﺓ ﻓﻲ ﺧﻄﻄﻪ ﻳﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥُ ﻳﻭﺟﺪ
ﻏﻄﺎء ﺩﻭﻟﻲ ﻭﺷﺮﻋﻲ ﻟﻪ ،ﻟﻀﺮﺏ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﺃﻭﻻ ﻭﻟﻀﻤﺎﻥ ﻭﺟﻮﺩ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻌﻤﻴﻠﺔ ﺛﺎﻧﻴﺎ ﻭﺗﺪﻋﻴﻤﻬﺎ ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ
ﻭﻣﺎﺩﻳﺎ ...ﻭﺇﺟﺒﺎﺭ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻭﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﻬﺎ ﻭﺩﻋﻤﻬﺎ .ﻭﺑﺬﻟﻚ ﺗﺼّﺮﻓﺖ" ﺍﻟﻮ ﺍﻟﻢ ﺍﻷﻡ"
ﻭﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ ﺑﻌﻘﻠﻴﺔ ﺗﻮﺳﻌﻴﺔ ﺇﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﻣﻨﺬ ﻣﻄﻠﻊ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻨﺎﺕ ،ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺃﻭﻝ ﺍﺧﺘﺒﺎﺭ ﻟﻤﺸﺮﻭﻋﻬﺎ،
ﺣﻴﺚ ﺃﻋﻘﺒﺖ ﻏﺰﻭ" ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ" ﺑﺎﺳﺘﺼﺪﺍﺭ ﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﺃﻣﻤﻴﺔ ﻻﺳﺘﻬﺪﺍﻑ ﺳﻼﺡ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﻓﻲ" ﻟﺒﻨﺎﻥ" ﺍﻟﻤﻌﺮﻭﻑ
ﺑﻘﺮﺍﺭ 1559 ﻭﻗﺮﺍﺭﺍﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻣﺘﻌّﺪﺩﺓ ﻟﻤﻌﺎﻗﺒﺔ" ﺳﻮﺭﻳﺔ" ﻭ"ﻟﻴﺒﻴﺎ "...ﻟﻜﻨﻬﺎ ﺍﺻﻄﺪﻣﺖ ﻓﻲ" ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ" ﺑﺼﻤﻮﺩ
ﺷﻌﺒﻲ ﺍﺟﺒﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﺗﻜﺘﻴﻜﻬﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺇﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺘﻬﺎ ،ﻓﻌﻤﺪﺕ ﺇﻟﻰ ﺧﻠﻖ ﻗﻮﻯ ﻣﻮﺍﻟﻴﺔ ﻣﺪﻋﻮﻣﺔ
ﻭﻣﺤﺎﻃﺔ ﺇﻋﻼﻣﻴﺎ ﻭﻣﺎﻟﻴﺎ ﻭﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻭﻋﺴﻜﺮﻳﺎ ،ﻭﺍﺳﺘﻐﻠﺖ ﺳﻴﻄﺮﺗﻬﺎ ﻓﺤﺎﻭﻟﺖ ﺇﺿﻔﺎء ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺈﺻﺪﺍﺭ
ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺲ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ" ﺍﻟﺘﺪﺧﻞ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻭﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻓﻲ ﻟﻴﺒﻴﺎ ﻭﺳﻮﺭﻳﺔ" ،ﻭﻫﻲ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ
ﻣﺠّﺮﺩ ﺇﺳﻘﺎﻁ ﻧﻈﺎﻡ ﺑﻌﻴﻨﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﻬﺪﺍﻑ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺔ ﺑﻀﺮﺏ ﻣﻘﻮﻣﺎﺕ ﻭﺣﺪﺗﻬﺎ ﻭﻧﺴﻴﺠﻬﺎ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ .ﺑﻞ
ﻟﺘﻐﻮﺹ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﻓﻲ ﻗﺎﻉ ﻣﺎﺿﻴﻬﺎ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﻟﺘﺴﺘﺤﻀﺮ ﺃﻭﺭﺍﻗﻪ ﻭﺃﺩﻭﺍﺗﻪ ﻭﺭﺍﻳﺎﺗﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺳﻘﻄﺘﻬﺎ ﺣﺮﻛﺔ
ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﺘﻨﻔﺾ ﻋﻨﻬﺎ ﻏﺒﺎﺭ ﻫﺰﺍﺋﻤﻬﺎ ﻟﺘﻘﺪﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻠّﺗﻬﺎ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﺭﺍﻳﺎﺕ ﻟﺜﻮﺍﺭ ﺍﻟﻨﺎﺗﻮ" ﺃﻋﻼﻡ ﺍﻻﻧﺘﺪﺍﺏ"،
ﻭﻟﺘﻔﻀﺢ ﺃﻫﺪﺍﻓﻬﺎ ﻣﻨﺬ ﺍﻟّﻄﻟﻘﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﻭﺗﻘّﺪﻡ ﻛﻞ ﺍﻟﺪﻻﻻﺕ ﻋﻠﻰ ﺇﻣﻌﺎﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺬﻫﺎﺏ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻓﻲ ﻣﺸﺮﻭﻋﻬﺎ .ﻭﻟﻌّﻞ
ﻣﺸﻬﺪ ﺍﻟﺘﻬﺎﻓﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻗﺘﺴﺎﻡ ﻏﻨﺎﺋﻢ ﺣﺮﺑﻬﺎ ﻓﻲ" ﻟﻴﺒﻴﺎ" ﺷﺎﻫﺪﺍ ﺻﺎﺭﺧﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺒﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻋّﺮﺕ ﺷﻌﺎﺭﺍﺗﻬﺎ
ﻭﻓﻀﺤﺖ ﻏﺎﻳﺎﺗﻬﺎ .ﻭﺍﺳﺘﻤّﺮﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﻲ ﺗﺬﻳﻠﻬﺎ ﻷﺳﻴﺎﺩﻫﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﻨﺎﺳﻠﺖ ﻭﺗﻜﺎﺛﺮﺕ ﻟﺘﻄّﻞ ﺑﻌﺎﺭﻫﺎ
ﻭﻫﻮﺍﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻗﻄﺮﺍ ﻋﺮﺑﻴﺎ ،ﻣﻌﻠﻨﺔ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ ﻓﻲ ﺣﻠﻘﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﺧﻄﻂ ﺍﺳﺘﻬﺪﺍﻑ ﺃّﻣﺗﻨﺎ،
ﻭﻣﺎﺯﻟﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻟﻢ ﻧﺘﻌﻠﻢ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﺗﺠﺎﺭﺑﻨﺎ ﺍﻟﺸﺎﻗﺔ ﻭﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻃﻲ ﻣﻊ ﺍﻹﺷﻜﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﺙ ﻓﻲ
ﺑﻌﺾ ﺃﻗﻄﺎﺭﻧﺎ ،ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻋﺘﺎﺩ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻤﻴﺘﻬﺎ ﺑﺎﻷﺯﻣﺔ ﻭﺗﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻛﺼﺤﻮﺓ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺗﻀﻊ
"ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔ" ﻭ"ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ" ﻛﺎﺳﺘﺤﻘﺎﻕ ﺃﻭﻟﻲ ﻭﺛﺎﺑﺖ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺤﻘﺎﻗﺎﺗﻬﺎ ،ﻭﺣﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﻠﻮﺑﻪ ﺍﻟﻤﻌﺘﺎﺩ ﻓﻲ
ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﻀﺨﻴﻤﻬﺎ ﻭﺗﺸﻮﻳﻪ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﺑﻬﺎ ﻛﻤﻘﺪﻣﺔ ﺿﺮﻭﺭﻳﺔ ﻻﺳﺘﺼﺪﺍﺭ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭﺍﺕ
ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻟﺸﺮﻋﻨﺔ ﺗﺪﺧﻠﻪ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ .ﻭﺗﻜّﺮﺭ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﺑﺨﻂ ﻗﺼﻒ ﻭﺍﺿﺢ ﻫّﺰ" ﻟﻴﺒﻴﺎ" ﺑﺄﺳﻠﺤﺔ
ﺍﻟﺪﻣﺎﺭ" ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ" ،ﻣﻌّﺰﺯﺓ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﺑﻘﺼﻒ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﺍﻹﻋﻼﻣﻲ ﺍﻟﺬﻱ
ﻗﺎﺩﺗﻪ ﺑﺎﻗﺘﺪﺍﺭ ﻗﻨﺎﺓ" ﺍﻟﺠﺰﻳﺮﺓ ﻭﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ "...ﻭﻓﻖ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻘﻬﺮ ﺍﻟّﺪﻋﺎﺋﻲ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭﺓ ﺁﻧﻔﺎ ،ﺍﻟﺬﻱ ﺷّﺮﻉ ﻟﻠﻌﺪﻭﺍﻥ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ
ﺷّﺮﻉ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﺟﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺂﺩﺏ ﺍﻟّﺪﻡ ﻭﺍﻟﻤﻮﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ﻭﺷﻴﻮﺥ ﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻢ ﺍﻟﻤﺤّﺮﺿﺔ ﺑﻌﻜﺎﺿﻴﺎﺕ ﺍﻟﻨﺼﺢ
ﺍﻹﺭﻫﺎﺑﻲ ﻭﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻯ ﻣﺪﻓﻮﻋﺔ ﺍﻷﺟﺮ ،ﻣﺴﻨﻮﺩﺓ ﺑﺜﻠّﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻭﺍﻗﻊ ﺧﻴﺎﻧﺔ ﺍﻟﻤﺜﻘﻒ .ﻟﻴﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ
ﺍﻧﺴﻠﺦ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﻃﻦ ﻭﻣﺸﻴﺨﺎﺕ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ﺍﻟﺮﺟﻌﻴﺔ ﻭﺍﻷﺟﻴﺮ ﺍﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻲ ﻟﺤﻠﻒ ﺍﻟﻨﺎﺗﻮ ﻭﺍﻟﻐﺮﺏ ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ" ﺃﻣﺮﻳﻜﺎ" ،ﺍﻟﺬﻳﻦ
ﺍﺣﺘﻀﻨﻮﺍ ﺃﻧﻈﻤﺔ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻟﻌﻘﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﻻﺳﺘﺒﺪﺍﻟﻬﺎ ﺑﺄﻧﻈﻤﺔ ﻣﺴﺘﻮﻟﺪﺓ ﻗﻴﺼﺮﻳﺎ ﺑﺠﻴﻨﺎﺕ
ﺻﻬﻴﻮﺃﻣﺮﻳﻜﺔ ﺫﺍﺕ ﻣﺮﺟﻌﻴﺔ ﻇﻠﺖ ﻣﺤﻈﻮﺭﺓ ﺑﻞ ﻭﻣﺴﻘﻄﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻨﺪﺍﺗﻬﺎ ﻟﻸﻣﺲ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺍﺑﺘﺪﻋﺖ ﻟﻬﺎ
ﺻﻔﺔ" ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻲ" .ﻟﺘﻜﺘﻤﻞ ﻛﻞ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺨﻴﺎﻧﺔ ﻭﻟﺘﺠﺘﻤﻊ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﻀﺎﺕ ﻓﻲ ﻟﻮﺣﺔ ﻏﻴﺮ ﻗﺎﺑﻠﺔ
ﻟﻠﺘﺠﺎﻧﺲ ﺇّﻻ ﺗﺤﺖ ﻣﻈﻠّﺓ" ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ" ،ﺣﻴﺚ ﻟﻠﻐﺮﺏ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﻣﻦ ﺃﺭﺿﻨﺎ ﻭﻭﻃﻨﺎ ﻭﺩﻣﺎء ﺃﺑﻨﺎﺋﻨﺎ ﻧﺼﻴﺐ،
ﻭﻟﻠﺠﻴﺮﺍﻥ ﻧﺼﻴﺐ ،ﻭﻟﻮﻛﻼﺋﻬﻢ ﺑﺎﻟﺪﺍﺧﻞ ﻧﺼﻴﺐ .ﻭﻟﻌّﻞ ﻣﺎ ﻳﻄﺮﺃ ﻋﻠﻰ ﻭﻃﻨﻨﺎ ﺃﺭﺿﺎ ﻭﺷﻌﺒﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺴﺘﺪﻋﻲ
ﺑﺸّﺪﺓ ﻣﺤﻦ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻟﻔﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﺤﺎﻙ ﺿّﺪﻩ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﺭﻳﻊ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻣﺘﺠّﺪﺩﺓ ﻟﻤﺰﻳﺪ ﺗﻘﺴﻴﻤﻪ ﻭﺇﺿﻌﺎﻓﻪ ﻭﺿﺮﺏ ﻣﻜﻮﻧﺎﺕ
11
ﻭﺣﺪﺗﻪ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ...ﻭﻓﻬﻢ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺻﻴﺮﻭﺭﺗﻬﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ،ﻭﻋﺪﻡ
ﺍﻻﻛﺘﻔﺎء ﺑﺎﻟﻔﻬﻢ ﺍﻟﺴﻄﺤﻲ ﻭﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻨﺪ ﻇﺎﻫﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ،ﺑﻞ ﺍﻟﻤﻀﻲ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﻜﺸﺎﻑ ﺁﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﺔ
ﻟﻬﺎ ﻭﺍﻟﺮﺍﺳﻤﺔ ﻟﻤﺴﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻲ .ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﻣﻮﺍﺟﻬﺘﻬﺎ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎ ﻣﻨﺎ ﺑﺄﻥ ﻻ ﺷﻲء ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻳﺴﺘﻌﺺ
ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻤﺮﻳﺪ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ،ﻭﺇﻳﻤﺎﻧﺎ ﻣﻨّﺍ ﺑﻤﺎَ ﻋﻟﱢُﻣﻧﺎ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ" ﻣﺎﺩﻱ ﺟﺎﻣﺪ" ،ﻭ ﺑﻤﺠّﺮﺩ
ﻭﻗﻮﻋﻪ ﻳﻔﻠﺖ ﻣﻦ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺤﺬﻑ ﻭﺍﻹﻟﻐﺎء ،ﺫﻟﻚ ﺃﻧّـﻪ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﺫﻣﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ .ﻭﻟﻜﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﺍﻟﻤﺎّﺩﻱ ﻭﺍﻟﺠﺎﻣﺪ
ﻭﺍﻟﻬﺎﺭﺏ ﻣﻦ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻹﻟﻐﺎء ﻻُﻳْﻣِﻛﻧﻪ ﺍﻹﻓﻼﺕ ﻣﻦ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻔﻬﻢ ﻭﺍﻟﺘّﺩّﺑﺭ ﻭﺍﻟَﻌْﻗﻟَﻧﺔ ﻭﺍﻻﺳﺘﻴﻌﺎﺏ ﻭﺗﺤﻮﻳﻞ ﺗﺠﺎﺭﺑﻪ
ﺍﻟُﻤْﻧَﻗﺿﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺧﺒﺮﺍﺕ ﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ– ﻟﻤﻦُ ﻳﺭﻳﺪ ﺫﻟﻚ ﻭَﻳْﺳﻋﻰ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺤﺎﻝﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﻟﺤﻈﻨﺎﻩ
ﻣﻦ ﺗﻔﺎﻋﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻣﺎ ﺭﺍﻓﻘﻪ ﻣﻦ ﺗﺤﺎﻟﻴﻞ ﻣﺮّﺩﻫﺎ ﺍﻷﺳﺎﺳﻲ ﻣﻨﻬﺠﻴﺔ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺍﻟﻌﺎﺟﺰﺓ
ﻭﻣﺮﺗﻜﺰﺍﺗﻬﻢ ﺍﻟﻌﺮﺟﺎء .ﻟﺬﻟﻚ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺭﺻﺪ ﻭﻓﻬﻢ ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﻌﻴﺸﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﻫﻲ ﺣﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﺃﺣﺸﺎﺋﻬﺎ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻫﺬﻩ
ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ ﺍﻟﻤﻌﺪﻟﺔ ﺟﻴﻨﻴﺎ ،ﺃﻭ ﺑﺎﻷﺣﺮﻯ ﺍﻻﺑﻦ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﺑﻴﻦ ﺗﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ
ﻭﺍﻟﺤﺮﺱ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﻭﺣﻼﻟﻪ .ﺇﻧﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻊ ﻭﻣﻮﻗﻒ ﻗﻮﻣﻲ ﺗﻘﺪﻣﻲ ﻛﻨﺎ ﻭﻻﻧﺰﺍﻝ ﻧﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ
ﻭﺍﻟﺘﺠﺰﺋﺔ ﺑﺎﻟﻮﻃﻦ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻧُﻓّﺫﺕ ﻓﻲ ﺣّﻖ ﻭﻃﻨﻨﺎ ﻭﺍﻣﺘﻨﺎ ﻟﺴﻠﺐ ﺇﻣﻜﺎﻧﻴﺘﻬﺎ ﻭﺿﺮﺏ ﻣﻘﻮﻣﺎﺕ ﻭﺣﺪﺗﻬﺎ
ﻭﻣﺼﺎﺩﺭﺓ ﺣﻘﻬﺎ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺤﻘّﻗﻪ ﺇﻻ ﺑﺘﺠﺴﻴﺪﻫﺎ ﻟﺤﻘﻴﻘﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﻛﺄﻣﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻓﻲ
ﺩﻭﻟﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ .ﻭﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﻄﻠﻖ ﻭﺇﻳﻤﺎﻧﺎ ﻣﻨﺎ ﺑﻮﺣﺪﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﻟﻸﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﻭﺣﺪﺓ ﻣﺼﻴﺮﻫﺎ ﻭﺑﺤﻘﻬﺎ
ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ .ﻻ ﻳﺴﻌﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺟﺮﻯ ﻓﻲ" ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ" ﻭ"ﺍﻟّﺴﻭﺩﺍﻥ" ،ﻭﻣﺎ ﻳﺠﺮﻱ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﻲ" ﻟﻴﺒﻴﺎ"ﻭﻣﺎ ﺗُﺳﺎﻕ
ﺇﻟﻴﻪ" ﺳﻮﺭﻳﺔ" ﺗﺤﺪﻳﺪﺍ ﻟﻤﺎ ﺗﻤﺜّﻟﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ ﺍﻟﺠﻴﻮﺳﻴﺎﺳﻲ ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ،ﻭﻣﺎ ﺗﺸّﻜﻟﻪ ﻛﻮﺯﻥ ﻣﻌﻨﻮﻱ
ﻭﺍﻋﺘﺒﺎﺭﻱ ﻟﻜّﻞ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟﺨّﺰﺍﻥ ﺍﻷﺧﻴﺮ ﻟﻠﻔﻜﺮ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻡ ﻭﺍﻟﻤﻤﺎﻧﻊ ،ﺇّﻻ ﻣﻴﻼﺩ ﺩﻭﻳﻼﺕ ﺟﺪﻳﺪﺓ
ﻗﺰﻣّﻴﺓ .ﻭﻻ ﻧﻔﻬﻤﻪ ﺇّﻻ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻕ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﺘﺠﺰﺋﺔ ﻭﻣﺰﻳﺪ ﺗﺮﺳﻴﺦ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ
ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﻄﻠﻖ ﻣﻨﺬ ﻗﺮﻭﻥ ﻭﻧﻔّﺫ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﺓ ﻣﺤﻄﺎﺕ ﺣﺎﺳﻤﺔ ﻭﺣﺮﻭﺏ ﺧﺎﻃﻔﺔ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺨﻨﺎ ،ﻭﻓﻖ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ
ﺍﺳﺘﻬﺪﻓﺖ ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺗﻔﺘﻴﺘﻬﺎ ﻭﺗﺤﻮﻳﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻛﻨﺘﻮﻧﺎﺕ ﻋﺎﺟﺰﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻭﻋﺎﺟﺰﺓ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ
ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ .ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳّﺪﺧﺮ ﺍﻟﺰﻋﻴﻢ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪ" ﺟﻤﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ" ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻭﻣﻦ ﺟﻬﺪﻩ ﻭﻣﻦ ﺩﻣﻪ ﺷﻲء
ﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺘﻬﺎ ،ﻭﻧﺒﻪ ﺟﻤﺎﻫﻴﺮ ﺍﻣﺘﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺧﻄﺮ ﺍﻟﺘﺴﻠﻞ ﺍﻟﻤﻨﻈﻢ ﻟﻠﻌﺪﻭ ،ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﺨﺪﻋﺖ ﺑﻪ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﺮﺟﻌﻴﺔ ﻓﺎﻧﺴﺎﻗﺖ
ﺗﺨﺪﻡ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻳﻊ ﻭﺗﻨﻔﺬﻫﺎ ﺑﻮﻋﻲ ﺃﻭ ﺩﻭﻧﻪ .ﻭﺍﻧﺴﺠﺎﻣﺎ ﻣﻨﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮﻱ ﻻ ﻳﺴﻌﻨﺎ ﺇّﻻ ﺃﻥ
ﻧﺘﺼّﺪﻯ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻌﺪﻭﺍﻥ ،ﻭﻧﻌّﺮﻱ ﻭﻧﻜﺸﻒ ﻣﺮﺗﻜﺒﻴﻪ ﻣﻦ ﺃﻋﻮﺍﻥ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭﻋﻤﻼﺋﻪ ،ﻭﻧﻨﺒﻪ ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻮﻗﺖ
ﺟﻤﺎﻫﻴﺮ ﺍﻣﺘﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺧﻄﻮﺭﺓ ﻣﺎ ﻳﺠﺮﻱ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺘﻨﺎ ﻣﻦ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺟﺪﻳﺪ ﺗﺤﺖ ﻣﻈﻠّﺓ" ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ" ،ﺍﻟﺬﻱ
ﺧّﻄﻁ ﻟﻪ ﻭﻗﺎﺩ ﻣﻌﺎﺭﻛﻪ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ" ﺑﺮﻧﺎﺭ ﻟﻴﻔﻲ" ﺑﺄﺩﻭﺍﺕ ﻭﺑﺮﻋﺎﻳﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔُ ،ﻣﺳﺘﻜﻤﻼ ﻣﺎ ﺃﻭﺻﺖ ﺑﻪ ﺍﻟﻮﺛﻴﻘﺔ
ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ ﻟﺘﻔﺘﻴﺖ ﺍﻷﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﻌﻠﻨﺔ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﺔ .1982 ﻭﻻ ﻳﻔﻮﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺃﻥ ﻧﺠﺪﺩ ﺩﻋﻮﺗﻨﺎ ﺇﻟﻰ
ﺟﻤﺎﻫﻴﺮ ﺷﻌﺒﻨﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺍﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﻟﻠﻘﻄﻊ ﻣﻊ ﻋﻬﻮﺩ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ،ﻭﺍﻟﺘﻌﺠﻴﻞ ﺑﺎﺳﺘﻨﻬﺎﺽ ﻋﺰﻣﻬﺎ ﻟﻠﺘﺼﺪﻯ ﻟﻬﺬﺍ
ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻬﺪﺩ ﻭﺟﻮﺩﻧﺎ ﻭﻳﺴﻠﺒﻨﺎ ﺣﻘﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻌﺰﺓ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ،ﺇﻳﻤﺎﻧﺎ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻓﻲ
ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻮﺣﺪﺓ .ﻭﻻﻳﻔﻮﺗﻨﺎ ﺃﻥ ﻧُﻧّﺒﻩ ﺃﻳﻀﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﻌﻤﺪﺓ" ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ" ﻋﻨﻮﺍﻧﺎ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ
ﺧﺎﻓﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪ ،ﺃﻻ ﻭﻫﻮ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ ﺍﻟﻤﺨﺎﺗﻠﺔ ﻟﻠﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﻌﺮﻭﺑﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﻟﺼﻘﺖ ﺯﻭﺭﺍ ﺑﻬﺬﺍ" ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ"،
ﻓﻀﺤﻪ ﺍﻻﻋﺘﺪﺍء ﺍﻟﻬﻤﺠﻲ ﻋﻠﻰ" ﻟﻴﺒﻴﺎ" ﻭﺍﻏﺘﻴﺎﻝ ﻗﺎﺋﺪﻫﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ ﺑﺮﺑﺮﻳﺔ ﺗﻜﺸﻒ ﺣﺠﻢ ﺍﻟﺘﺸﻔﻲ ﻭﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ
ﺍﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮﺓ ﺍﻟﻌﺮﻭﺑﺔ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺃﺳﻮﺃ ﺻﻮﺭﻫﺎ .ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﻜﺘﻔﻲ ﺑﺈﺳﻘﺎﻁ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻓﻘﻂ ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﺣﺼﻞ
12
ﻓﻲ" ﺗﻮﻧﺲ" ﻭ"ﻣﺼﺮ" ﺑﻞ ﺗﻌّﺪﻯ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺗﻔﻜﻴﻚ ﻣﺆّﺳﺳﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺇﻏﺮﺍﻗﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﻮﺿﻰ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻭﺍﻟﺘﻨﺎﺣﺮ
ﺍﻟﻘﺒﻠﻲ ﻭﺍﻟﺘﺤﻀﻴﺮ ﻟﺘﻘﺴﻴﻤﻬﺎ ،ﻭﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺤﻀﻴﺮ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﺴﻴﻨﺎﺭﻳﻮ ﻟﻺﺟﻬﺎﺯ ﻋﻠﻰ ﻣﺆّﺳﺳﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻓﻲ" ﺳﻮﺭﻳﺔ"
ﻭﻓﻖ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﺘﻔﺘﻴﺖ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﺁﻧﻔﺎ ﻛﺨﻄﻮﺓ ﺃﺧﻴﺮﺓ ﻟﻮﻻﺩﺓ ﻣﺸﺮﻭﻉ" ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﻭﺳﻂ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ" ،ﻟﻴﺘﻔّﺮﻍ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ
ﺃﺑﻄﺎﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺴﺮﺣﻴﺔ ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﻣﺠﺎﻟﺲ ﺍﻟﻌﺰﺍء" ﻟﺒﺪﻋﺔ" ﺍﻟﻌﺮﻭﺑﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺮﻭﻧﻬﺎ ﺩﻋﻮﺓ ﺑﺎﻃﻠﺔ ﺁﻥ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﻄﻮﻱ
ﺃﻋﻼﻣﻬﺎ ﻭﺗﻌﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺑﻄﻮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ .ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻧﺮﺍﻫﺎ ﻓﻜﺮﺓ ﻭﻋﻘﻴﺪﺓ ﺃﺳﻬﻤﺖ ﻓﻲ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﻫﻮﻳﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺷﻌﺒﻬﺎ،
ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﺭﺣﻢ ﻋﺼﺮ ﺍﺳﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﻓﺤﻤﺘﻨﺎ ﻭﻣﺎﺯﺍﻟﺖ ﺗﺤﻤﻴﻨﺎ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻃﺎﻣﻊ ،ﻟﻦ ﺗﻔﻠﺢ ﺍﻷﻧﻈﻤﺔ
ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻟﺪﺓ ﻗﻴﺼﺮﻳﺎ ﻓﻲ ﻭﺃﺩﻫﺎ .ﻭﻟﻦ ﻧﺆﻣﻦ ﺑﻌﺮﻭﺑﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺑﻴﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻣﻮﻗﻊ ﻓﻴﻪ ﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻦ ،ﻭﻻ ﻣﻮﻗﻊ ﻓﻴﻪ
ﻟﻠﺼﺮﺍﻉ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻲ .ﻭﻟﻦ ﻧﺆﻣﻦ ﺑﺪﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻴﺔُ ﻣﺷّﻴﺩﺓ ﺑﺠﻤﺎﺟﻢ ﻭﺃﺷﻼء ﺃﺑﻨﺎﺋﻨﺎ ﻭﻣﺼﻨﻮﻋﺔ ﺑﺄﻣﻮﺍﻝ ﻣﻠﻮﻙ ﻟﻢ
ﻳﻌﺮﻓﻮﺍ ﺍﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎﺕ ﻃﻮﺍﻝ ﺣﻜﻤﻬﻢ ،ﻷّﻥ ﺇﻳﻤﺎﻧﻨﺎ ﺑﻌﺮﻭﺑﺘﻨﺎ ﻭﺇﺳﻼﻣﻨﺎ ﺍﻟﻨﻘﻲ ﺃﺭﺳﺦ ﻭﺃﺑﻘﻰ ﻓﻲ ﺃﺭﻭﺍﺣﻨﺎ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ
ﺟﻐﺮﺍﻓﻴﺘﻨﺎ ﻭﺗﺎﺭﻳﺨﻨﺎ ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ،ﺑﻬﻤﺎ ﺗﺴﺘﻌﻴﺪ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﻣﻴﺜﺎﻗﻬﺎ ﻭﻻءﺍﺗﻬﺎ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﻭﺍﻟﺒﻨﺪﻗﻴﺔ ﺧﻴﺎﺭﺍ ﻭﻃﺮﻳﻘﺎ
ﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ،ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﺪﺍﻫﻤﺎ ﺑﺎﻃﻞ.
13
14
ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﺰﻋﻴﻢ " ﺟﻤﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ"
ﺇﻥ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﻛﻔﺎﺣﻨﺎ ﻗﺪ ﺍﻧﺘﻬﺖ ،ﻭ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﺗﻮﺷﻚ ﺃﻥ ﺗﺒﺪﺃ
ﻫﺎﺗﻮﺍ ﺃﻳﺪﻳﻜﻢ ﻭ ﺧﺬﻭﺍ ﺃﻳﺪﻳﻨﺎ ﻭ ﺗﻌﺎﻟﻮﺍ ﻧﺒﻨﻲ ﻭﻃﻨﻨﺎ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ...
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﻋﻄﻨﺎ ﺍﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺤﻘﺔ ،ﻛﻲ ﻻ ﻳﺴﺘﺨﻔﻨﺎ ﺍﻟﻨﺼﺮ ﻭ ﺗﺪﻭﺭ ﺭﺅﻭﺳﻨﺎ ﻏﺮﻭﺭﺍ ﻣﻦ ﻧﺸﻮﺗﻪ...
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﻋﻄﻨﺎ ﺍﻷﻣﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺤﻠﻢ ﺑﻤﺎ ﺳﻨﺤﻘﻘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺪ .ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺘﻔﺎﺧﺮ ﺑﻤﺎ ﺣﻘﻘﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺍﻻﻣﺲ ﻭ
ﺍﻟﻴﻮﻡ.
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﻋﻄﻨﺎ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻟﻨﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﻧﺘﺤﻤﻞ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻧﺘﺤﻤﻠﻬﺎ ﻓﻼ ﻧﺴﺘﻬﻴﻦ ﺑﻬﺎ ﻭ ﻻ ﻧﺴﺘﻐﺮﺏ
ﻣﻨﻬﺎ.
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﻋﻄﻨﺎ ﺍﻟﻘﺪﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻧﻮﺍﺟﻪ ﺃﻧﻔﺴﻨﺎ ﻭ ﻧﺘﻘﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻮﺍﺟﻬﻨﺎ ﺍﻷﺧﺮﻭﻥ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻭ ﺍﻟﻌﺪﻝ.
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﻋﻄﻨﺎ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻟﻨﺪﺭﻙ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﺎﺋﻔﻴﻦ ﻻ ﻳﺼﻨﻌﻮﻥ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭ ﺍﻟﻀﻌﻔﺎء ﻻ ﻳﺨﻠﻘﻮﻥ ﺍﻟﻜﺮﺍﻣﺔ ﻭ ﺍﻟﻤﺘﺮﺩﺩﻳﻦ ﻟﻦ ﺗﻘﻮﻯ
ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﺍﻟﻤﺮﺗﻌﺸﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﻨﺎء.
15
16
