Oct Inside.compressed.105 112 .pdf
À propos / Télécharger Aperçu
Nom original: Oct-Inside.compressed.105-112.pdf
Ce document au format PDF 1.4 a été envoyé sur fichier-pdf.fr le 09/03/2015 à 10:36, depuis l'adresse IP 154.106.x.x.
La présente page de téléchargement du fichier a été vue 560 fois.
Taille du document: 379 Ko (8 pages).
Confidentialité: fichier public
Aperçu du document
قصة
2014 أكتوبر- 531 العدد- مجلة البيان
105
Bayan October 531 - 2014 Inside.indd 105
9/25/14 8:24:57 AM
ق�صة
َّ
القنـاص
بقلم :د.عبد العزيز غوردو*
في الزاوية املعتمة أعلى البناية اتخذ له موقعا؛
مالبسه الكحلية كانت تساعده على التمويه...
*** *** ***
آخر مرة اشترك فيها في عمل مماثل استطاع أن يقتنص تسعة أفراد،
ورغم ذلك فقد ظل بعيدا عن رقمه الشخصي ،حيث استطاع أن يُسقط
في إحدى املظاهرات خمس عشرة ضحية ،وأكيد أنه ما زال أبعد بأشواط
عن الرقم القياسي الوطني ،الذي هو في حوزة ضابط من مخابرات أمن
الدولة ،والذي جنح في يوم واحد في إصابة واحد وثالثني شخصا ،كلها
كانت إصابات مميتة في ال��رأس أو الصدر ،وهذا الرقم هو حلم جميع
القناصني في البلد!
مظاهرات اليوم قد تكون فرصة ذهبية لالقتراب من الرقم القياسي
الوطني ،أو على األقل حتسني الرقم الشخصي ،رغم أن األمر بات من
الصعوبة مبكان :فعديد املنظمات املعنية بحقوق اإلنسان تراقب األوضاع،
واحملطات بينهم اإلعالمية تتابع ما يجري بينهم ،وتنجح دائما في نقل
الصور ،رغ��م التعتيم اإلعالمي ال��ذي حت��اول الدولة أن تفرضه عليها،
والناس – حتى البسطاء منهم – باتوا جميعا ميتلكون أجهزة تصوير
خاصة ،أو موبايالت قادرة على اختالس صورة هنا ،أو فيديو هناك...
* قاص من املغرب.
106
9/25/14 8:25:00 AM
Bayan October 531 - 2014 Inside.indd 106
وهي أمور كلها تقيد حركة القناصني من أمثاله ،وتنغص عليهم عيشهم...
لكنها في الوقت نفسه تضفي نكهة بطعم خ��اص على املغامرة؛ إذ في
النهاية ما فائدة قناص ال يستطيع أن يتحدى ذك��اء الطريدة ومكرها،
وظروف األدغال ومفاجآتها؟
فتح احلقيبة وأخ��رج منها بندقيته ال�ب��اردة ،مثله متاما ،إنهما يشكالن
امتدادا لبعضهما منذ زمن بعيد ،وله معها ذكريات ال ميكن أن تنسى...
عادت به الذاكرة إلى لقائهما األول ،ذات صباح شتوي...
قبل ذلك لم يكن قد حصل له شرف لقاء ال SWS M24حية ،أمريكية
فاتنة مثيرة ،وبكامل عنفوانها ،لكنها وصلت ،في صفقة مشبوهة بعد أن
جدد «أبناء العم» في تل أبيب ترسانتهم ،لكن ذلك ال يهم ...املهم أنها
وصلت ،وقد
ُعقد قرانه عليها منذئذ...
وألنها ابنة العم ،فهي غ��ادرة ،مثل غانية لعوب ،لذلك فهو يبقيها غير
مذخرة إلى آخر حلظة دائما ،مثل اليوم...
ومثل اليوم ،كما دائما ،أخرجها من بياتها الشتوي ...رمبا كانت تريد أن
ومسح جيدها املمشوق بشبق
تنام قليال بعد ،لكنه أيقظها من سباتها،
ّ
جنوني ،ثم وضعها جانبا...
أخرج منظار الرؤية ووضعه مكانه؛
ثم كامت الصوت ..ووضعه مكانه أيضا...
كل شيء فيها فاتن مستفز:
ماسورتها املصنوعة بدقة وعناية؛
أداة اإلسناد ،عند نهايتها؛
ليونتها العالية كراقصة باليه أوكرانية؛
نظام التعشيق ،بني كل طلقة وأخرى...
حقا إن ذوق «أبناء العم» لرفيع ..وهو يتطابق مع ذوقه متاما!
أخرج علبة الرصاص وبدأ في تذخير غانيته اللعوب ...ثم صدرت عنها
107
9/25/14 8:25:04 AM
Bayan October 531 - 2014 Inside.indd 107
قرقعة مستفزة عندما أصبحت أولى الرصاصات في بيت النار...
ألقى نظرة على امليدان في السافلة ،وتخيله ساحة معركة ...هو لم يشترك
في معركة حقيقية من قبل ،وكل جتاربه كانت في ميادين مماثلة ،لذلك ما
كان عليه إال أن يغمض عينيه ويستسلم ،لثوان ،حللمه اللذيذ حيث ينتصب
بقامته املمشوقة وسط معركة حقيقية ،بطال من أزمنة غابرة ،عابرة،
للحظات...
هدة( )1صادر من مسافة قريبة!
حلظات قبل أن يفاجئه صوت ّ
التفت ،فاستقرت رصاصة «طائشة» بني عينيه...
()...
()...
ابتسم قناص آخر ،كان يراقبه في الزاوية املعتمة املقابلة...
الهدة :وهي صوت الطلقة عندما تخترق الهواء.
ّ
108
9/25/14 8:25:07 AM
Bayan October 531 - 2014 Inside.indd 108
ق�صة
املزاد
بقلم :محمد فطومي *
ّ
رش وجهه باملاء ليزيل ما بقي من رغ��وة صابون احلالقة .ه��روب آخر
بانتظاره هو و زوجته .فرصة أخ��رى لالنغماس وسط وجهة مغايرة ملا
يعيشانه يوم ّيا .في البداية لم يعلّق اهتماما كبيرا لألمسية ّ
الشعر ّية التي
سيحضرانها بعد قليل .سيحيي األمسية شاعر من بلد شقيق ..ليست تلك
امل ّرة األولى التي يلجأان فيها للكلمات كجبيرة لتقومي ما بدأت الهشاشة
تنخره في عالقتهما ،أو كتمائم كفيلة بأن تردع أحدهما عن أذ ّية اآلخر و
أن خالفا صغيرا
لو إلى حني .كانا في العمق يف ّكران على هذا النّحو رغم ّ
لم ينشب بينهما حول مسألة اإلجناب ،أو أن تكون قد عطفت بحوار دار
عصبي ..بالنّسبة إليه ،ذاك أكثر ما كان يخيفه..
بينهما نحو عراك
ّ
أن األمسية ّ
الشعر ّية ستتواصل في شرفة بيته ،بتلك
ما كان وليد
ليصدق ّ
ّ
البساطة ..فقد وافق ّ
الضيف مباشرة على مرافقتهما كما لو كان
الشاعر ّ
فسر
يل ّبي دعوة قدمية .في طريق العودة مغادرين األمسية نحو البيتّ ،
وليد لضيفه ك ّل ما تقع عليه العني و باإلمكان إدراج��ه في خانة ما هو
سياحي .راود الزّوجان شعور طفل يستعجل العودة إلى البيت حيث تنتظره
ّ
املفضلة.
لعبته
ّ
ّ
كأن النّوم
السهر حتّى ساعة
متأخرة ..لم يطرق النّعاس أجفانهم ّ
طال بهم ّ
لم يُخلق .سحرهما ضيفهما بخفّة روحه و حضوره املُتّقد ،فطفقا يرويان
مما م ّر بهما و تراءى لهما
له بأصوات متداخلة ما أمكنهم استحضاره ّ
طريفا ،كانا يفعالن كأ ّنهما يخزّنان ما أمكن من ّ
الشعور بال ّرضا ملجابهة
األ ّيام القادمة .
* قاص من مصر.
109
9/25/14 8:25:12 AM
Bayan October 531 - 2014 Inside.indd 109
الضيف فقد أمكنه أن يلحظ وفرة األغراض و التّحف في املنزل ،و
أ ّما ّ
أن بيت الزّوجني فلك ح ّماله زوجا من ك ّل وسيلة رفاهة كي ينسيا
خطر له ّ
على متنه ّ
الطفل الذي لم ِ
يأت .كان صاحب البيت حريصا على أن تكون
الشوارع عبر ّ
اجللسة « ملك ّية» حتّى أصغر جزئ ّية .كانت أضواء ّ
الشرفة
حيث يتسامرون مؤتلقة شاخصة كمدينة مالهي .و كان في اجلهة املقابلة
للبيت دلفني من البرنز وسط ساحة دائر ّية ينفث املاء برقصات مختلفة،
ّ
متقطعا ّ
زخات متفاوتة
فمرة بصورة مسترسلة في شكل خيط مق ّوس و مرة
ّ
السرعة و أخرى في شكل سحابة رذاذ.
الطول و ّ
متتد أيديهم إلى طبق الفاكهة إ ّال ملاما
أن اتّفاقا نشأ بينهم ،لم
و كما لو ّ
ّ
كي ال تتش ّوه اجللسة .حتّى النّرجيلة أجليت و اتّخذت ركنها بعد آخر
أنفاس وهبتها إ ّياهما .تخ ّيل وليد مشهد املنضدة و قد زالت نضارتها و
أن وقعها على خاطره سيكون
استحال ترتيبها األنيق بقايا موحشة .و ف ّكر ّ
تعبا ش ّريرا .كذا الحت له األشياء .رغم ك ّم ّ
السهرة على
الطقوس شارفت ّ
لكن ّ
الشاعر .قابل
نهايتها .حاول وليد إثناء ضيفه عن ال ّرحيل في الغدّ .
إصرار مضيفه على املكوث ليوم آخر بإصرار أكبر على ال ّرحيل..قال :
أما و قد جمعت بيننا سماء ط ّيبة ،لم يعد بوسعي أن أهديكما قلبي ،فقدسكنتماه .سأهبكما شيئا أبقى..
ث ّم بعفو ّية راح ال ّرجالن ير ّددان سو ّيا مقطعا لياسمني اخليام (ما بقيتش
أخاف من بكرة ..ماهو بكرة خالص اتقال)..ضاعت بق ّية الكلمات فخفتت
بجد ّية :
أصواتهما تدريج ّيا .قال وليد ّ
صحيح أ ّننا لم نتعارف سوى منذ بضع ساعات ،مع ذلك ستُخلي برحيلكمكانا خاليا س ّيد جمال..
قال ّ
الشاعر:
لو كان األمر بيدي ألقمت بينكما شهرا لكن..أنت تعلم..مستحيل..ث ّم شرد مأخوذا بجمال ساحة النّافورة .كانوا ثالثتهم بحاجة إلى القليل
من التّأ ّمل حتّى ال تذوي شراهتهم للقاء.
قال متذ ّكرا:
110
9/25/14 8:25:15 AM
Bayan October 531 - 2014 Inside.indd 110
كدت تنسيني الهد ّية س ّيد وليد ...أرأيتما ساحة النافورة تلك..إ ّنيأهديكما إ ّياها..ستكون أنت الدلفني الباسم و ستكون الس ّيدة جليلة املاء
ال ّراقص املنبعث من فمه ..هل تقبالنها؟
غمرتهما سعادة مك ّثفةّ ،
تعطلت لها العبارات لدقيقة.
بعد أ ّيام من رحيل ّ
الشاعر سألت جليلة زوجها:
وليد ،تخ ّيل أ ّننا انفصلنا .كيف سنتقاسم ساحة النّافورة؟ هل ف ّكرت فيذلك من قبل؟
بجدية.
لكن املسألة شغلت تفكيره ّ
لم يعلّق وليدّ ،
الصندوق من يحميه كما راج بني
ص َب ّ
ث ّم جاءت االنتخابات و راح��ت .نَ ّ
ه��واة ال ّرطانة .تو ّلت حكومة جديدة إدارة البالد .لم ميض على تو ّليها
عربي من زمن
احلكم شهرين حتّى اقتلعت النّافورة لتستبدل بفارس
ّ
زي احلرب شاهرا سيفه.
الغزوات .كان املجاهد يعتمر عمامة و يلبس ّ
أحس
و ك��ان احل�ص��ان نافر العضالت واق�ف��ا على قائمتيه اخللف ّيتني.
ّ
الزّوجان بحرارة التّهديد .اجتُ ّثت من عروقها النّافورة التي كانت حترس
استمرارهما .تضايق وليد ،أ ّما جليلة فقد حافظت على ثبات بدا لزوجها
أكثر قسوة من احلدث ،و أبعث على القلق.
و بآذان ال تغفل عن ّ
أدق تفاصيل بلده الذي يُعاد إلى رحم الوجود كي يولد
أمام أعني متع ّهديه اجلدد .سمع وليد مبزاد ستقيمه البلد ّية ،علم مبوعده.
أن نافورتهما ستكون قطعا من بني األغراض املعروضة للبيع .حضر
خ ّمن ّ
بأن املزاد يدخل
في املوعد .لم يخب ظنّه .التقط من األفواه هنا و هناك ّ
ّ
التقشف التي رسمتها احلكومة اجلديدة .كان
في باب سياسة اجلمع و
البرونزي.
الدلفني
لديه يقني بأنه سيحصل على ّ
ّ
لم يطل مكوثه طويال في املزاد .حال وصوله إلى البيت تهاوى على أقرب
أريكة ،مكث جالسا مغمض العينني.
قال و قد حت ّولت زوجته انتباها محضا:
حاولت ،لكنّها لم تكن مبفردها ..كانت معها جميع األغراض املُقتلعة
ُ
111
9/25/14 8:25:18 AM
Bayan October 531 - 2014 Inside.indd 111
جدا ..و كان النّاس يتزايدون بجنون على
من املدينة ..املبلغ كان عاليا ّ
القسط كما لو أ ّنهم يتنافسون على شرف عتقها ال على اقتنائها..
كنت فقط أراقب ما يحدث ،لم يكن لي بينهم مكان ..لكنّي مع ذلك لم أندم
على ذهابي..
جاورته و قالت بثقة:
نسيت ملا ح ّملت نفسك ك ّل هذا العياء..
لو لم تكن قدَ
باهتمام سألها:
نسيت ماذا؟
ُ
أجابت على الفور:
الساحة لنا دائما؟
ّأن ّ
112
9/25/14 8:25:22 AM
Bayan October 531 - 2014 Inside.indd 112