العقد الالكتروني .pdf
À propos / Télécharger Aperçu
Nom original: العقد الالكتروني.pdf
Auteur: ayoub beloza
Ce document au format PDF 1.5 a été généré par Microsoft® Word 2010, et a été envoyé sur fichier-pdf.fr le 17/05/2020 à 17:07, depuis l'adresse IP 41.251.x.x.
La présente page de téléchargement du fichier a été vue 1426 fois.
Taille du document: 1 Mo (47 pages).
Confidentialité: fichier public
Aperçu du document
ماسرت القانون املدني املعمق
الفوج السادس
الفصل األول
مادة :مصادر االلتزام
النظام القانوني للعقد اإللكتروني
من إعداد الطلبة:
بإشراف الد كتور:
حسن أغواش
زهير فنتاس
محمد ملوغوف
بشيري بلوز
عبد الرزاق أيوب
2019/12020
الئحة فك الرموز:
ص :الصفحة
م س :مرجع سابق
ط :الطبعة
ق ل ع :قانون اإللتزامات و العقود
2
مقدمة:
يشهد العالم اليوم ثورة كبيرة في ميدان االتصاالت ،أو ما يسمى بثورة المعلومات والتي
شملت مختلف مناحي الحياة ،السياسية واالقتصادية واالجتماعية وغيرها.
ولعل السبب الرئيسي لهذه الثورة يعود لظهور اإلنترنيت وارتباطها بالحسابات اآللية،
والتي تطورت بشكل متسارع وفي وقت وجيز بالنظر لقلة تكلفة استعمالها وسهولة وسرعة
انجاز المعامالت ،مقارنة مع وسائل االتصال األخرى المعروفة ،مما جعلها تشكل ملتقى
لألفراد والشركات التجارية.
وأهم مجال تأثر بهذه التطورات التكنولوجية هو ميدان المعامالت القانونية بشتى أنواعها
مدنية كانت أو تجارية وغيرها ،وتعتبر الشركات التجارية السبب األساسي في دخول أنظمة
المعلومات إلى الميدان القانوني أو ما يسمى بالتجارة االلكترونية.
فنظرا لكونها تساعد على سرعة انتقال المعلومات وإمكانية االتصال والتعامل المباشر
وتقديم الخدمات اإللكترونية وبالتالي التحول إلى عصر حضاري جديد هو عصر المعلوميات.
و ا ستجابة لحاجيات السوق اإللكترونية والتي تزداد روجا في الوقت الحاضر 1فقد عمل
المشرع على إصدار القانون رقم 53.052المتعلق بالتبادل اإللكتروني للمعطيات اإللكترونية،
وذلك بهدف تنظيم هذه السوق وتأمين استقرار التعامل داخلها،وقد خلف هذا القانون تأثيرا
كبيرا ومهما على النظرية العامة لاللتزام وهو على حد تعبير أحد الدارسين "تأثير غير
مسبوق ،إذ لم يطرأ على ق.ل.ع طيلة حياته تأثير من الحجم الذي أحدثه القانون المذكور"3
أهمية الموضوع:
يكتسي هذا الموضوع أهمية كبيرة سواء من الناحية النظرية أو العملية ،فمن الناحية
النظرية ،فإن هذا الموضوع سيمكننا من التعرف على ماهية العقد االلكتروني وخصوصياته
في التكوين ،ومدى كفاية و فعالية الضوابط التي وضعها المشرع من أجل حماية المتعاقد
الكترونيا.
1
عبد الحق الصافي ،الوجيز في القانون المدني ،الجزء األول ،المصادر اإلرادية لإللتزام،العقد و اإلرادة المنفردة ،مطبعة النجاح الجديدة،الدار
البيضاء،2016،ص46
2ظهير شريف رقم 1.07.129صادر في 19من ذي القعدة 30( 1428نوفمبر )2007بتنفيذ القانون رقم 53.05المتعلق بالتبادل
اإللكتروني للمعطيات القانونية
3أحمد أدريوش،تأمالت حول قانون التبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية ،عناصر لمناقشة مدى تأثير القانون رقم 53.05على ق.ل.ع،
منشورات سلسلة المعرفة القانونية ،الرباط ،2009،ص9
3
اما على المستوى العملي ،فإن من شأن لعقود االلكترونية تحقيق إمكانية التعاقد بين
الغائبين دون ضرورة حضورهما ماديا ،وبالتالي ضمان استمرار المعامالت عن بعد ،زيادة
على ذلك فإن انتشار العقود االلكترونية اتاح للمقاوالت المغربية المشاركة في حركة التجارة
العالمية و البحث عن اسواق جديدة.
إشكالية الموضوع:
من خالل ما تقدم يمكن بسط اإلشكالية التالية:
إلى أحد يشكل القانون رقم 53.05المتعلق بالتبادل االلكتروني للمعطيات القانونية،
خروجا عن النظرية العامة لتعاقد ،وعن هذا اإلشكال تتفرع مجموعة من االسئلة:
ماهي ماهية العقد االلكتروني؟
ماهي خصوصيات العقد المبرم بالشكل االلكتروني في التكوين؟
كيف يتم إثبات العقد االلكتروني؟
ما مدى نجاعة الحماية التي يتوفر عليها المستهلك المتعاقد إلكترونيا؟
وماهي الجهة المختصة بالبث في النزاعات المترتبة عن العقد االلكتروني؟
المنهج المعتمد:
اعتمدنا في دراستنا للهذا الموضوع ،المنهج الوصفي التحليلي ،وذلك برصد ما يتعلق
بالعملية التعاقدية التي تتم إلكترونيا ،ورصد القواعد المنظمة لها ،مع االستعانة بالمنهج المقارن
كلما اقتضت الحاجة ذلك.
الخطة المعتمدة:
لإلجابة عن االسئلة أعاله ،ارتأينا تقسيم الموضوع فق التصميم اآلتي:
المبحث األول :األحكام العامة للعقد االلكتروني
المبحث الثاني :مقتضيات خاصة بالعقد االلكتروني
4
المبحث األول :أحكام العقد المبرم بالشكل اإللكتروني:
األصل في التعاقد وإبرام العقود على اختالف أنواعها التي يعرفها القانون أو أنشأها
العمل ،سواء كانت عقودا مسماة أو غير مسماة ،أن يتم ذلك من خالل الوجود المادي للمتعاقد
في إطار ما عرف تسميته بمجلس العقد ،إال أن األمر ال يتم كذلك في شتى األحوال ،وال سيما
بعد انتشار ظاهرة االتصاالت الحديثة التي استطاعت أن تربط األشخاص فيما بينهم وهم في
بقاع مختلفة من األرض في ثوان معدودة ،يمكن من خاللها أن يتم تبادل ألفاظ العرض والقبول
لكي يبرم العقد في نهاية المطاف دون أي حضور مادي ألطرافه ،4وهو ما يسمى بالعقد
المبرم بالشكل االلكتروني.5
غير أن ظهور هذ ه العقود في المعامالت التي تتم إلكترونيا أدى إلى حدوث خالفات
تشريعية وفقهية حول ماهية هذا العقد من جهة ،و تكوينه من جهة أخرى ،وفي ضوء ما جاء
أثيرت مجموعة من التساؤالت عن المقصود بالعقد المبرم بالشكل االلكتروني وعن
خصوصياته في مقابل العقود التقليدية ،عالوة عن طبيعته و أوجه التفرقة بينه وبين العقود
المتشابهة له وأخيرا كيف يتكون هذا العقد االلكتروني ؟ وما هي خصوصيته من حيث التكوين
مقارنة مع العقود التي تبرم بالشكل التقليدي؟
-4نوردين الصبار "النظام القانوني للعقد اإللكتروني" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،بكلية الحقوق،
جامعة الحسن األول ،سطات ،2009/2008 ،ص10
-5درجت بعض الدراسات على استعمال عبارة " العقد االلكتروني " ولكن الدقيق أن يقال " العقد المبرم بالشكل االلكتروني حتى ال
ينصرف االعتقاد إلى هذا النوع يشكل فئة مستقلة عن العقود العادية
5
المطلب األول :ماهية العقد المبرم بالشكل االلكتروني
كما تقدم إن شبكة االنترنيت لم تعد تعتبر مجرد وسيلة لتبادل المعلومات والحصول عليها
من شتى أنحاء العالم ،بل إنها أصبحت أيضا وسيلة يتم من خاللها إبرام العقود بمختلف
أنواعها ،لذلك وجب الوقوف من جهة على ماهية العقد االلكتروني من خالل تعريفه
وإبراز أهم خصائصه (الفقرة االولى) .ثم من جهة أخرى تحديد الطبيعة القانونية لهذا العقد
وتمييزه عن باقي العقود المحيطة به في البيئة االلكترونية ( الفقرة الثانية ).
الفقرة االولى :تعريف العقد المبرم بالشكل االلكتروني وخصائصه
إن مصطلح العقد االلكتروني مصطلح جديد أنتجته ثورة المعلومات ،إال أن هذا العقد ال
يخت لف من حيث أركانه عن األركان العامة للعقد ،إنما ما يميزه عن غيره من العقود هو أن
إبرامه يتم بواسطة وسائل إلكترونية حديثة لذلك يقتضي منا الحديث عن مفهوم العقد
االلكتروني ،التطرق إلى التعريف الذي أعطته له المنظمات الدولية وكذلك التعريف الذي
أعطاه له المشرع إل ى جانب التشريعات المقارنة باإلضافة إلى تعريف الفقه (أوال) .كما يجب
الوقوف على أهم الخصائص التي يتميز بها العقد المبرم بالشكل االلكتروني (ثانيا).
أوال :تعريف العقد المبرم بالشكل االلكتروني
سوف نتناول بداية التعريف الذي أعطته له المنظمات الدولية ثم بعد ذلك التعريف
التشريعي والذي يشمل المشرع المغربي إلى جانب التشريعات المقارنة ،على أن نختم
بالتعريفات الفقهية.
- 1تعريف العقد المبرم بالشكل االلكتروني من قبل المنظمات الدولية
تعرضت المادة الثانية من التوجه األوربي 6الصادر بتاريخ 20مايو .1997إلى تعريف
التعاقد عن بعد بأنه "أي عقد متعلق بالسلع والخدمات يتم بين مورد و مستهلك ،من خالل
اإلطار التنظيمي الخاص بالبيع عن بعد أو تقديم الخدمات التي ينظمها المورد ،والذي يتم
باستخدام واحدة أو أكثر من وسائل االتصال االلكترونية حتى إتمام العقد" ،كما عرف نفس
التوجه تقنية االتصا ل عن بعد بأنها " كل وسيلة تتيح إمكانية ابرام العقد دون وجود مادي
ولحظي للمورد و المستهلك يمكن أن تستخدم إلبرام العقد طرفين.
-6أنضر المذكرة التوجيهية للتجارة االلكترونية الصادرة بتاريخ 20مايو 1997تحث رقم 997-27
6
- 2التعريف التشريعي للعقد المبرم بالشكل االلكتروني
بالنسبة للمشرع المغربي البعض يرى انه قد عرف العقد المبرم بالشكل اإللكتروني
بطريقة غير مباشرة في الفقرة األولى من المادة األولى ،7في حين يرى البعض االخر بأنه لم
يقوم بتعريف العقد المبرم بالشكل االلكتروني في قانون 53.05المتعلق بالتبادل االليكتروني
للمعطيات القانونية ،واكتفى فقط بمعالجة الموضوعات المرتبطة به وبيان أحكام إنعقاده،
خاصة فيها يتعلق بالشروط التي يجب أن تتوفر في اإليجاب والقبول.
أما بالنسبة لتشريعات المقارنة ،فمن بين الدول العربية التي وضعت تنظيما تشريعيا
للمعامالت االلكترونية نجد دولة تونس واألردن ومصر...
فالعقد االلكتروني في التشريع التونسي قد وضعه المشرع في بعض المفاهيم المتعلقة
بالتعاقد االلكتروني ،فعرف المبادالت االلكترونية بأنها " المبادالت التي تتم باستعمال الوثائق
االلكترونية،8
وأن التجارة االلكترونية هي عبارة عن العمليات التجارية التي تتم عبر
المبادالت االلكترونية".9
وفي القانون المدني األردني ،وتحت عنوان مصادر الحقوق الشخصية في الباب األول
منه ،ورد نص المادة الثانية منه على أن العقد المبرم بالشكل االلكتروني هو االتفاق الذي يتم
انعقاده بوسائل الكترونية كليا أوجزئيا.10
7انظر الفقرة الثانية من المادة األولى من قانون 53.05المتعلق بالتبادل االلكتروني للمعطيات القانونية
-8شحاتة غريب ،العقد االلكتروني .في التشريعات العربية ( دراسة مقارنة ) ،دار الجامعة الجديدة للنشر والتوزيع .سنة . 2007
الطبعة األولى الصفحة 63
-9شحاتة غريب ،م .س ،ص32 ،
-10عمر خالد زريقات ،عقود التجارة اإللكترونية ،عقد البيع عبر اإلنترنيت ،دار الجامعة للنشر والتوزيع ،الطبعة األولى سنة 2007
،ص .63
7
أما المشرع المصري فقد عرف العقد االلكتروني في المادة 89بأنه يتم عقد بمجرد أن
يتبادل طرفان التعبير عن إرادتين متطابقين مع مراعاة ما يقرره القانون فوق ذلك من أوضاع
معينة النعقاد العقد
11
كما وقد عرف المشرع الفرنسي العقد المبرم بالشكل الكتروني ،بكونه عبارة عن العقد
الذي ينطوي على تبادل وتقديم السلع والخدمات باستعمال وسائل إليكترونية.
-3تعريف العقد المبرم بالشكل اإللكتروني لدى الفقه
عرفه بعض الفقه بأنه " العقد الذي يتم فيه تسخير التكنولوجية الحديثة إلبرام الصفقات
والعقود نحو أسرع و أضمن لمصالح األطراف المستعملة لهذه التقنية الحديثة لتبادل
المعطيات بشكل إلكتروني
12
يتالقى فيه اإليجاب والقبول بشأن األحوال
كما وقد عرفه بعض الفقه بأنه اتفاق
والخدمات عبر شبكة دولية لالتصال عن بعد ،وذلك بوسيلة مسموعة ومرئية تتيح التفاعل
الحراري بين الموجب والقابل".
13
ويمكن أن نعرف العقد المبرم بالشكل االلكتروني بأنه هو ذلك العقد الذي يتم بتوافق
إرادتين من خالل استعمال أجهزة إلكترونية بغية إحداث أثار قانوني أي انشاء التزامات
تعاقدية.
وخالصة القول ،إن ظهور العقود المبرمة بشكل إلكتروني ،كتصنيف جديد للعقود
المتداولة بصفة عامة ،البد أن يثير خصوصيات يحضى بها بصفة خاصة وهذا ما سنتناوله في
النقطة التالية.
-11عمر الرواضي ،المقتضيات القانونية و التقنية للتعاقد االلكتروني وحجيتها في اإلثبات ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون
الخاص ،كلية الحقوق ،جامعة عبد المالك السعدي ،طنجة ،2016/2015 ،ص11
-12عبد القادر العرعاري ،مصادر االلتزامات ،الكتاب األول ،نظرية العقد ،درا األمان الرباط ،الطبعة السادسة ،2018ص105
-13جميلة لعماري ،الوجيز في عقد البيع ،إخوان طنجة ،دجنبر ،2014الطبعة األولى ،ص 28
8
ثانيا :خصائص العقد المبرم بالشكل االلكتروني
من خالل التعريفات السابقة للعقد االلكتروني ،يتبين أن هذا التعاقد له خصوصيات معينة
تميزه عن غيره ،فهو يتم عن بعد وبين حاضرين من حيت الزمان ،وغائبين ومن حيث
المكان ،كما أن الوسيلة التي استعملت في إبرامه ليست تقليدية بل الكترونية عن طريق
ا النترنيت ،وهو غالبا ما يتعلق بالطابع التجاري أو االستهالكي كما ال يتسم بالطابع الدولي
دائما.
-1
ابرام العقد عن طريق األنترنيت
إ ن ما يميز العقد المبرم بالشكل االلكتروني هي وسيلة إبرامه ،حيث أنه يتم عبر شبكات
االنترنيت ،وهو نوع جديد ،يتم فيه استغالل التقنيات الحديثة ،ألجل تسريع وثيرة أنظمة التعاقد
التي تساهم فيها الجهات التي تقدم خدمات المصادقة اإللكترونية ،وكون العقد يرتبط بالوسائل
االلكترونية يحقق لألطراف المتعاقدة العديد من المزايا ،من بينها سهولة االتصال وسرعته
ودراسة البنود والشروط الموضوعية بحرية وبهدوء دون ضغط او تأثير من الطرف اآلخر.
14
مع االشارة أن هذه العقود يتم إبرامها عن طريق االنترنيت ،إما بشكل كلي أو جزئي،
فالعقد الكلي هو الذي يتم فيه التفاوض وتلقي االيجاب والقبول ،وأداء الثمن وحتى التسليم من
خالل شبكة االنترنيت ،كالكتب وغيرها من السلع التي يمكن تداولها ونقلها من خالل شبكة
االنترنيت.
أما العقود التي يتم تنفيدها بشكل جزئي من خالل شبكة االنترنيت ،فتقتصر على
التفاوض والتعاقد ،أما التسليم فيتم في مكان معين وبصورة مادية .
-14شحاتة غريب .م.س.ص39.
9
-2العقد المبرم بالشكل االلكتروني من العقود المبرمة عن بعد
التعاقد االلكتروني من العقود التي تتم عن بعد ،15أي بدون التواجد المادي لألطراف
المتعاقدة ،فاطراف العقد من الناحية المادية غائبون ،فنكون بين حاضرين من حيث الزمان
وغائبين من حيث المكان ،وهو ما يجعله يدخل ضمن العقود التي تتم عن بعد.
16
فالعقد اإللكتروني إذن يتميز عن غيره من العقود ،بأنه يتم عن بعد بتواصل األطراف
بصورة مسموعة مرئية عبر الشبكة ،ويسمح ذلك بالتفاعل بينهم ،وال يكون فارق زمني بين
االيجاب والقبول مبدئيا.
-3العقد المبرم بالشكل اإللكتروني ليس من العقود الدولية دائما
ذلك أن التعاقد بالشكل االلكتروني ،قد يكون دوليا عند ما يكون أطراف المعاملة ينتمون
إلى دول ومناطق مختلفة ،وقد يكون داخليا ،إذا تم انعقاده داخل إقليم الدولة الواحدة ،أو بين
متعاقدين ينتمون إلى الدولة نفسها.
17
- 4العقد المبرم بالشكل اإللكتروني يتصف بالطابع التجاري واالستهالكي
يتسم العقد اإللكتروني بالطابع التجاري ،ولذلك يطلق عليه تسمية " عقد التجارة
االلكترونية " .وهو يدور غالبا في نطاق عقد البيع او تقديم الخدمات أو اإلجارة أو الوساطة
أو الضمان وغيرها من العقود التي تتصف بالصفة التجارية .
18
لكن غالبا ما يكون مقدم السلعة او الخدمة ،على األقل تاجرا أي يتمتع بالصفة التجارية،
فيترتب عن ذلك أن العقد اإللكتروني يتسم بالطابع االستهالكي ،بشرط أن تتوفر في الطرف
األخر شروط المستهلك ،وهي التعامل من أجل إشباع حاجة شخصية أو عائلية .19
15يقصد بالعقود التي تتم عن بعد كل "عقد يتعلق بتقديم منتج او خدمة تتم بمبادرة من المورد دون حضوري مادي متزامن من المرد
والمستهلك باستخدام تقنية االتصال عن بعد.
-16محمد محسين منصور ،أحكام البيع التقليدية وااللكترونية والدولية وحماية المستهلك .مطبعة دار الحكم الجامعي . 2006ص 88
.-17إلياس ناصف .العقود االلكترونية في القانون المقارن منشورات الحلبي الحقوقية الطبعة االولى 2009م .صفحة 44
-18إلياس ناصف م.س.ص43
.-19محسن منصور م.س.ص 54
10
-5العقد المبرم بالشكل االلكتروني يتميز بطريقة الوفاء
في التعاقد االلكتروني حلت النقود االلكترونية محل النقود العادية ،ذلك أنه مع تطور
التكنولوجيا و ازدياد التعامل بأسلوب التجارة االلكترونية ظهرت تلك الوسائل كأسلوب مبتكر
لألداء في مثل هذه المعامالت.
وتتضمن وسائل الدفع اإللكترونية المستخدمة في التجارة االلكترونية ،عدة وسائل منها
البطاقات البنكية ،واألوراق التجارية ،والنقود االلكترونية ،وهي نوعان هما النقود الرقمية،
والمحفظة االلكترونية ،وهو ما أصبحنا نشاهده مؤخرا .
الفقرة الثانية :الطبيعة القانونية للعقد المبرم بالشكل االلكتروني ،وتميزه عن العقود المحيطة
به في البيئة االلكترونية
يثار التساؤل حول طبيعة العقود االلكترونية والعقد المبرم بالشكل اإللكتروني ،هل هو
عقد مساومة يخضع لمبدأ سلطان اإلرادة والتراضي بين األطراف المتعاقدة ،أم هو عقد إذعان
ال يكون للمستهلك فيه حرية اإلرادة التي تمكنه من التفاوض حول شروط العقد وال يكون له
إال االستجابة للشروط الموضوعة من الطرف اآلخر دون أن يملك مناقشتها أو تعديلها أو
االعتراض عليها ؟(أوال).
ولقد سبق القول بان العقد المبرم يشكل إلكتروني ينتمي إلى طائفة العقود المبرم عن بعد،
وفق آلية مختلفة عن بقية العقود االخرى ،لذلك وجب علينا تمييزه عن العقود االخرى المحيطة
به (ثانيا).
11
أوال :الطبيعة القانونية للعقد االلكتروني المبرم بالشكل االلكتروني
لقد اختلف الفقه في تحديد الطبيعة القانونية للعقد المبرم بالشكل االلكتروني ،فهناك من
اتجه إلى القول بأنه عقد ذو طبيعة إذعانيه ،في حين ذهب اتجاه اخر عكس ذلك ،وقال بأنه
عقد ذو طبيعة رضائية ،وبين االتجاهين يوجد اتجاه وسط يدافع على الطبيعة االزدواجية للعقد
المبرم بالشكل اإللكتروني .
االتجاه االول :العقد المبرم إلكترونيا ذو طبيعة إذعانية
يرى هذا االتجاه أن العقد المبرم إلكترونيا ،هو عقد ذو طبيعة إذعانيه،
20
بدعوى أن
المستهلك ال يتمكن من مناقشة شروط العقد وبحثها بحرية ،والتي ينفرد بتحديدها المهني
المحترف ذو المركز االقتصادي والمعلوماتي القوي .
21
غير أن هذا االتجاه تجاهل أمرا هاما ،وهو أن التفاوض قائم ،وخاصة في حالة التعاقد
عبر البريد اإللكتروني ،حيث نجد الموجب على سبيل المثال يرسل عرضا يتضمن سلعة
معينة ومبلغا محددا ،فيرد عليه الموجب له بأنه يوافق بشرط معين وهو مثال الحصول على
نسبة خصم معينة ،مما يؤدي إلى قيام عملية المساومة والرضائية وهذا هو اإلتجاه الثاني.
-20العربي مياد ،عقود االذعان بين التأصيل الفقهي و العمل القضائي ،دراسة مقارنة ،مكتبة السالم ،الرباط ،ط ،األولى ،2004
ص76
-21عقد االذعان هو ذلك العقد الذي يسلم فيه الطرف المذعن بشروط مقررة يضعها الطرف القوي وال يقبل مناقشة فيها ويتحقق عقد
اإلذعان في عقود تداول السلع والخدمات الضرورية التي تكون محل مناقشة محددة او محل احتكار قانوني أو فعلي مثل عقد اشتراك
المياه والكهرباء ،للمزيد من التوسع يراجع العربي مياد م.س
12
االتجاه الثاني :العقد المبرم يشكل إلكتروني ذو طبيعة رضائية
حيث يذهب هذا االتجاه،
22
إلى أن مبدأ الرضائية يسود العقود المبرمة إلكترونيا على
اختالف أنواعها ،ذلك أن الموجب اليه ال يقتصر دوره على مجرد الموافقة على الشروط
المعدة سلفا بل له كمستهلك مطلق الحرية في التعاقد مع أي منتج أو مورد اخر ،واختيار وترك
ما يشاء وفق إرادته الحرة ،إال أن هذا االتجاه هو األخر أغفل الحالة التي تكون فيها السلعة أو
الخدمة الضرورية محتكرة من بعض المواقع ،مما يجعلنا ننطلق إلى االتجاه األخير والذي
يحاول الجمع بين المواقف السالفة الذكر .
االتجاه الثالث :العقد المبرم إلكترونيا ذو طبيعة مزدوجة
ويرى هذا االتجاه
23
أنه لبيان طبيعة العقد المبرم إلكترونيا ،ما إدا كان عقدا رضائيا أو
عقد ادعاني ،يجب التمييز بين الوسيلة المستخدمة في إبرام هذا العقد.
فإذا تم التعاقد بواسطة البريد اإللكتروني أو من خالل برامج المحادثة ،فإن العقد الموجه
الكترونيا يكون عقدا رضائيا حيث يتبادل الطرفان وجهات النظر عبر الرسائل اإللكترونية،
ويجرى التفاوض بحرية حول شروط العقد.
أما إذا تم التعاقد عبر مواقع الويب ،والتي غالبا ما تستخدم عقودا نموذجية ،تكون
شروطها معدة مسبقا من قبل الموجب ،وال يترك للموجب له مجاال للمساومة والمناقشة في
هذه الشروط ،فإن العقد يكون عقد إذعان.
ثانيا :تمييز العقد المبرم إلكترونيا عن العقود المحيطة به في البيئة االلكترونية
في هدا االطار ،سنحاول التمييز بين العقد المبرم بشكل إلكتروني ،وبين عقود يختلف
عنها بالنظر إلى الوسيلة التي استعملت في إبرامها ،وبينه وبين عقود تبرم بنفس الطريقة ،أي
بطريقة إليكترونية.
22
سمير برهان ،ابرام العقد في التجارة اإللكترونية ،بحث قدم إلى ندوة :عقود التجارة اإللكترونية ومنازعتها ،منشورات المنظمة العربية للتنميةالتجارية 2007ص 60
23
-خالد ممدوح ابراهيم ،إبرام العقد اإللكتروني ،دار الفكر الجامعي .2006.ص.40.
13
- 1التمييز بين العقد االلكتروني وبين العقود المبرمة بوسائل االتصال الحديثة
من خالل هذه النقطة ،سنميز بين العقد المبرم بطريقة إلكترونية والعقد المبرم عن طريق
الكتالوج (أ) ،كما سنميز بين العقد المبرم بطريقة إلكترونية وبين العقد المبرم عن طريق
الهاتف (ب).
أ -التعاقد بطريقة إلكترونية والتعاقد عن طريق الكتالوج
قد يتخذ الكتالوج شكال ورقيا ،أو على شكل أقراص ممغنطة أو شرائط فيديو تحتوي
على بيانات مكتوبة وصور ورسومات للمنتجات والخدمات المعروضة ،ويستخدم كوسيلة
لوصف المنتجات والخدمات في التعاقد بطريقة المراسلة،
24
كما قد يكون في شكل إلكتروني
موجود على موقع ما في الشبكة العنكبوتية ،ويتفق التعاقد بوسيلة إلكترونية مع التعاقد عن
طريق الكتالوج ،في أن المتعاقدين ال يجتمعان في مجلس واحد ،لكنهما في يختلفان من حيث
طريقة التعبير عن القبول إذ في التعاقد عن طريق الكتالوج يتم من خالل قيام العميل بملء
طلب السلعة أو الخدمة المرفقة بالكتالوج ،بينما في التعاقد بوسيلة الكترونية فإن القبول يقع من
خالل هذه الوسيلة اإللكترونية ،كاإلنترنيت أو الهاتف المرئي ...
ب -العقد المبرم بطريقة الكترونية والعقد المبرم عبر الهاتف
25
يعتبر التعاقد عبر الهاتف إحدى الطرق التي تبرم من خاللها المعاملة ،وقد عالجه
المشرع المغربي في الفصل 23من ق.ل.ع حيث نظم من خالله التصرفات التي تتم عن
طريق الهاتف ،نظرا ألنه كان أحدث وسيلة اتصال في الوقت الذي صدر فيه قانون االلتزامات
والعقود.
26
24
محسن منصور م .س .ص 5425
نقصد الهاتف العادي26
لمزيد من التفاصيل حول المقتضيات القانونية المتعلقة بالتعاقد بالهاتف .أنظر :مأمون الكزبري .نظرية االلتزامات .بدون جهة النشر ،ص 70و.71
14
ويتشابه التع اقد بالهاتف مع التعاقد بالوسائل اإللكترونية ،في أن كليهما ينعقد فورا وبشكل
مباشر ،حيث يتالشى عنصر الزمن لكن ما يميز التعاقد بالهاتف هو أنه شفوي صريح ،يتطلب
صدور تأكيد كتابي من الموجب يرسله إلى الطرف األخر في موطنه ،نظرا لصعوبة إثبات
التعاقد بالتلفون .
أما في التعاقد بطريقة إلكترونية وخاصة عن طريق شبكة اإلنترنيت ،فال يحتاج الموجب
إلى إثبات كتابي ،بل يعتبر العقد قد تم بمجرد تعبير الطرف األخر عن إرادته بقبول التعاقد
بواسطة الضغط على عبارة أو أيقونة "موافق" ،ووصول هذا اإلشعار إلى الموجب بشرط ان
يشعر هو االخر الطرف القابل بانه تلقى إشعاره بالقبول ،كما أنه في التعاقد اإللكتروني يمكن
رؤية الرسالة اإللكترونية المرسلة على جهاز الحاسوب ويمكن طباعتها والحصول على نسخة
منها وخزنها واالحتفاظ بها في الجهاز.
-2التمييز بين العقد اإللكتروني وبين عقود تبرم في نفس البيئة
سنتطرق في هذه النقطة ،إلى بعض أنواع العقود التي تبرم هي االخرى في بيئة
إلكترونية ،وبطريقة إلكترونية ،وسنقتصر على اإلشارة إلى بعضها فقط.
أ -عقد الدخول إلى شبكة اإلنترنيت
يمكن تعريف هذا العقد ،بأنه تصرف قانوني بين طرفي العالقة العقدية :الموجب
والقابل ،محله ان يمكن احد اطرافه الطرف األخر من االنتفاع واستخدام شبكة اإلنترنيت،
بإتاحة كافة الوسائل التي تمكن المستخدم من دخول الشبكة وتصفح مواقعها ،من خالل توفير
جهاز "الموديم " والخط الواصل معه ،إلمكانية ربط هذا الجهاز بالحاسوب وبالتالي ربطه
بالشبكة العنكبوتية "اإلنترنيت".
يمكن القول أن عقد استخدام شبكة اإلنترنيت ،هو أصل كافة العقود المبرمة بطريقة
إلكترونية عبر اإلنترنيت ،إذ يمكن من استخدام الشبكة والتجول عبر مواقعها والبحث عن
السلع أو الخدمات التي يرغب فيها المستخدم ،تمهيدا إلبرام عقد أو معاملة من خالل هذه
الشبكة.
15
ب-عقد إنشاء المتجر االفتراضي
هو عقد بمقتضاه يتم إنشاء مراكز تجارية افتراضية على شبكة اإلنترنيت ،ويضم المركز
الواحد مجموعة من المتاجر ،ويسمى صاحب المتجر مشاركا ،وينضم إلى المتجر بعقد
المشاركة ،وهو بذلك يماثل المركز التجاري التقليدي ،الذي يجمع العديد من المتاجر في مكان
واحد وهو المعروف باسم "الممول "
وعقد المركز التجاري االفتراضي ،خدمة إلكترونية يتم الدخول إليها عبر شبكة
اإلنترنيت والمفتوحة لكل مستعمليها ،وتسمح للتجار بعرض بضائعهم أو خدماتهم على العمالء
من خاللها.
27
المطلب الثاني :تكوين العقد المبرم بالشكل االلكتروني
يثير العقد االلكتروني تبعا لطبيعته و طرق انعقاده و تنفيذه ،بعض الصعوبات و
العراقيل قد ال تحصل في العقود التقليدية ،و ذلك ان جل معامالته تتم عبر رحلة رقمية في
فضاء افتراضي ال يعرف غير األرقام و البيانات. 28و نتيجة لذلك فطبيعة العمل عبر االنترنت
و ما ي شهده من تطورات قد تؤثر على صحة العقد و قوته الملزمة و هذا ما يقتضي منا معالجة
اركان العقد االلكتروني و التركيز على خصوصيته من حيث التكوين دون اإلفاضة في
األركان العامة للعقود .29و هكذا سنتطرق في الفقرة األولى الى الرضى في العقد المبرم
بالشكل االلكتروني .و سنخصص الفقرة الثانية الى المحل و السبب في العقد المبرم بالشكل
اإللكتروني.
الفقرة األولى :الرضا في العقد المبرم بالشكل االلكتروني
لما كان العقد هو اتفاق إرادتين أو أكثر على انتاج أثر قانوني ،فإنه ال يمكن تصور
حصول هذا االتفاق إال إذا كان نابعا عن التراضي المزدوج لألطراف العقد ،إال أن وجود
التراضي في حد ذاته غير كاف للقول بوجود عقد صحيح ،بل البد أن يكون هذا التراضي
27بشرى النية ،العقد المبرم بطريقة إلكترونية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة محمد أكدال ،الرباط،2012/2011 ،
ص96
28إلياس ناصيف" ،العقد االلكتروني في القانون المقارن "م .س ص 127
29راجع الفصل 2من ق ل ع
16
صحيحا ،لذلك سنتناول بداية وجود هذا التراضي في العقد االلكتروني(أوال) ،ثم ننتقل للحديث
عن مدى صحته وسالمته(ثانيا).
أوال :وجود التراضي في العقود االلكترونية
يتعين للوجود الرضا في التعاقد االلكتروني أن تتحقق االرادة لدى كل واحد من طرفي
العقد ،وأن تكون هذه االرادة جادة في سعيها كما هو األمر بالنسبة للوجود االرادة في العقود
التقليدية وهذا ما أكده الفصل 65.1من القانون رقم 30 53.05إال أن وجود التراضي في
العقد االلكتروني يتميز ببعض الخصوصيات والتي سنعمل على بيانها.
:1االيجاب االلكتروني
ال يختلف عن االيجاب التقليدي اال من حيث الوسيلة المستخدمة فيه ،وقد عرفه البعض
بكونه هو تعبير عن إرادة الراغب في التعاقد عن بعد من خالل استعمال الشبكة الدولية
لالتصاالت بوسيلة سمعية مرئية و يتضمن كافة العناصر إلبرام العقد بحيث يستطيع من
يوجه اليه ان يقبل التعاقد مباشرة.31
و المالحظ ان القانون رقم 53.05يطلق على اإليجاب اسم العرض ،فما هي شروط
اإليجاب وماهي أثاره؟
أ– شروط االيجاب االلكتروني :
يشترط أيضا في االيجاب االلكتروني أن يكون باتا ،محددا ،ومعلنا عنه.
* أن يكون باتا :بمعنى ان يكون حازما و نهائيا و صادر بجدية من المتعاقدين،
بحيث ينعقد على إثره العقد المقصود بمجرد قبوله من الطرف المتعاقد اآلخروفق ما هو
منصوص عليه في القانون .3253.05
* أن يكون محددا :من خصوصيات المعامالت االلكترونية أنه يجب أن يتضمن
االيجاب االلكتروني إلى جانب شروط التعاقد االساسية مجموعة من البيانات أتى بها الفصل
65.4من قانون رقم 53.05وهي كالتالي :
30راجع الفصل 65.1من القانون رقم 53.05
31منصور محمد حسين ،المسؤولية اإللكترونية ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية 2003ص 68
32
عبد الحق صافي ،مرجع سابق ص 49
17
-1الخصائص االساسية للسلعة أو الخدمة المقترحة أو االصل التجاري المعني أو أحد
عناصره
-2شروط بيع السلعة أو الخدمة أو شروط تفويت االصل التجاري أو احد عناصره.
-3مختلف المراحل الواجب اتباعها إلبرام العقد بطريقة إلكترونية ،وال سيما الكيفية التي
يفي طبقها االطراف بالتزاماتهم المتبادلة .
-4الوسائل التقنية التي تمكن المستعمل المحتمل ،قبل إبرام العقد ،من كشف األخطاء
المرتكبة بناءا على تحصيل المعطيات وتصحيحيها.
-5اللغات المقترحة من أجل إبرام العقد .
-6طريقة حفظ العقد في األرشيف من لدن صاحب العرض وشروط االطالع علي العقد
المحفوظ إذا كان من شأن طبيعة العقد أو الغرض منه تبرير ذلك.
-7وسائل االط الع ،بطريقة إلكترونية ،علي القواعد المهنية والتجارية التي يعتزم
صاحب العرض الخضوع لها ،عند االقتضاء .
كل اقتراح غير متضمن لكافة البيانات المشار إليها في هذا الفصل ال يجوز اعتباره
عرضا بل يبقي مجرد إشهار ،وال يلزم صاحبه ).
وتجدر االشارة إلى أن قانون 104.12المتعلق بحرية األسعار و المنافسة و القانون
33
رقم 31.08المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك نصا تقريبا على نفس المعايير.
*أن يكون معلنا عنه :لينشئ االيجاب اثرا قانونيا يجب ان يصل الى علم االخر،
وهو إما أن يكون عاما ،34موجها الى جميع اللذين يدخلون الى الموقع عبر صفحات الويب او
خاصا موجها الى اشخاص محددين عن طريق البريد االلكتروني أو برنامج المحادثة و ذلك
.35
حسب إرادة الموجب ،وهذه الوسائل تعتبر من طرق التعبير عن اإليجاب
ب -اثار االيجاب االلكتروني :
تنحصر اثار االيجاب في مسألتين :قوته الملزمة و سقوطه
* القوة الملزمة لاليجاب االلكتروني :
تجدر اإلشارة هنا ان االيجاب يلزم صاحبه في ثالث حاالت
33
عبد الحق صافي ،م .س .ص 52
34
نور الدين الصبار ،م .س .ص 56
35
حليمة بن حفو ،نظرية العقد في القانون المغربي.ط االولى.2018 .دار العرفان أكادير .ص 58
18
األولى مقتبسة من االحكام العامة للتعاقد في ق ل ع و الثانية و الثالثة مذكورة كأحكام
خاصة بالعقد االلكتروني .36جاء بها قانون:53.05
الحالة األولى :تطبيقا للفصل 31من ق ل ع حيث يكون الموجب ملزم حتى بعد موته
أو حصول نقص في أهليته ،اذا قبله الموجب له و هو جاهل لذلك.
الحالة الثانية:وهي الحالة التي يقرن فيها الموجب ايجابه بأجل ،حيث ال يتحلل هذا
االخير من ايجابه إال بعد أن ينقضي االجل دون أن يتوصل برد.
الحالة الثالثة :عندما ال يحدد الموجب آجال لاليجابه يبقى ملتزما بعرضه طالما كان
الولوج االلكتروني للعرض متيسرا.37
*سقوط االيجاب :
نشير هنا ان القواعد العامة في سقوط االيجاب تبقى نفسها في العقد االلكتروني وهي :
حالة رفض الموجب له العرض سواء بتعبير صريح او ضمني.38 حالة وفاة الموجب او فقده اهليته او نقصانها شريطة علم الموجب له بذلك .و ذلكتطبيقا ألحكام الفصل 31من ق ا ع.
حالة انتهاء المدة للقبول و ذلك طبقا لمقتضيات الفصل 29من ق ا ع .من تقدمبإيجاب مع تحديد اجل القبول بقي ملزما تجاه الطرف االخر الى انتهاء هذا االجل.
هذا فيما يخص أحكام االيجاب فماذا عن القبول االلكتروني ؟
:2القبول االلكتروني :
هو موافقة الموجب له التامة على التعاقد ،والتي تتم بطريقة الكترونية عن طريق البريد
أو الموقع االلكتروني أو عن طريق االتصال المباشر بالصوت و الصورة
وبذلك فهو يخضع لألحكام العامة للعقود ،إضافة الى تميزه عنها ببعض القواعد الخاصة
به و التي ترجع الى طبيعته االلكترونية.
أ– شروط القبول :
كباقي العقود يشترط في القبول االلكتروني ،ان يصدر في وقت يكون فيه االيجاب ال
زال قائما ومحترما لمدة العرض .و ان يكون مطابقا له من ناحية العناصر األساسية وكذا
36
عبد الحق صافي .م س ص 54
37
راجع الفصل 65.4فقرة 2من قانون 53.05
38
ينص الفصل 27من ق ل ع :الرد المعلق على شرط أو المتضمن لقيد يعتبر بمثابة رفض إليجاب يتضمن إيجابا جديدا.
19
الشروط األخرى ،و اعتبارا لميزة هذا العقد االلكتروني ينضاف شرط اخر يتعلق بضرورة
موافقة الموجب له التعاقد بطريقة الكترونية ،39طبقا للفصل 65.3من قانون 53.05وذلك
حماية للمستهلك المتعاقد إلكترونيا.
ب -شكل القبول االلكتروني
القبول في العقد االلكتروني وحسب ما جاء به الفصل 65.5من قانون ، 53.0540
يتعين ان يمر من ثالث مراحل:
المرحلة االولى :وفيها يقوم القابل بالنقر على الزر الدي يفيد اختياره للبضاعة او السلعة
التي يرغب فيها.
المرحلة الثانية :يقوم الموجب بإشعار القابل الكترونيا ،بأنه توصل بقبوله ،فيعرض عليه
ملخص طلبه ،بهدف إتاحة الفرصة أمام القابل للتأكد من تفاصيل األمر الصادر عنه ومن
السعر اإلجمالي ومن تصحيح األخطاء .
المرحلة الثالثة :قيام الطرف القابل بالنقر مرة ثانية على الزر مما يفيد تأكيده األمر
المذكور.
-3تالقي االيجاب بالقبول االلكترونيين :
هناك عدة نظريات في هذا الباب بحيث اختلف الفقهاء حول طبيعة العقد االلكتروني هل
هو تعاقد بين حاضرين أم غائبين ،بحيث أن فئة منهم تدعو الى اعتباره تعاقد بين حاضرين
نظرا للتفاعل المباشر بين الطرفين دون فاصل زمني بينهم ،وهناك فئة أخرى تذهب الى القول
بانه تعاقد بين غائبين عن طريق شبكة االنترنت كما هو الحال بالنسبة للتعاقد بالمراسلة او
الوسيط او الفاكس ،فحين يذهب اتجاه ثالث يعتبر بأن التعاقد عبر االنترنت كالهاتف يتميز
بخاصيتين :خاصية التعاقد عن بعد ألن هناك تباعد مكاني بين طرفي العقد ،وخاصية التعاقد
بين الحاضرين من حيث الزمان.
نتيجة لما سبق فإن مكان و زمان ابرام العقد االلكتروني له خصوصية خاصة عن
باقي العقود .هل نأخد بمكان و زمان الموجب (عند االشعار بتسلمه القبول) او الموجب له
(عند النقرة األولى او الثانية عند التأكيد).
39
عبد الحق الصافي .م س .ص 57
40
راجع الفصل 65.5من قانون 53.05
20
لحل هذه االشكالية فالمشرع حسم في االمر فانطالقا من الفصل 65.5من قانون 53.05
فإن زمان العقد المبرم الكترونيا ينعقد في الوقت الذي يتوصل فيه العارض برد القابل بشرط
إعالمه هذا األخير بأنه تسلم قبول العارض داخل االجل المناسب و بذلك يكون قانون 53.05
قد خرج عن المقتضيات المنصوص عليها في الفصلين 24و 30من ق ل ع .
أما فيما يخص المكان وامام سكوت القانون()53.05عن تحديده ،ظهرت لنا مجموعة
من اإلشكاالت ،باعتبار أهمية المكان في تحديد المحكمة المختصة بالنزاع ،خصوصا فيما
يتعلق بالعقود اإللكترونية الدولية ،فيتم االستناد في ذلك إال اتفاق المتعاقدان أو اللجوء إلى
التحكيم ،أو إعمال القواعد العامة للقانون الدولي الخاص ،أما فيما يخص العقود الوطنية فيمكن
أن نستشف ذلك من خالل مضمون الفقرة الثالثة من الفصل ( ،)65.4بحيث ينص على أن
العقد يتم في المكان الذي يتسلم فيه القابل الرد النهائي الذي يؤكد توصل الموجب بمضمون
القبول.41
ثانيا :ان يكون الرضا صحيحا :
حتى ينشئ العقد االلكتروني اثره يجب ان يصدر من شخص ذي أهلية و أن ال يشوبه
عيب من عيوب الرضا.
:1خصوصية األهلية في التعاقد االلكتروني
األهلية لغة الجدارة و الكفاءة ألمر من األمور ،أما في االصطالح القانوني فإنها تفيد
قابلية الشخص الكتساب الحقوق و تحمل االلتزامات وتنقسم الى قسمين :
+أهلية وجوب :وتعني قابلية الشخص ألن يكتسب الحقوق ويتحمل االلتزامات.
+أهلية أداء :سلطة الشخص و صالحيته للقيام بتصرفات قانونية التي قد تكسبه
حقا أو تحمله التزاما.
وقد نظم المشرع أحكامها في مدونة االسرة من المواد 206الى 228وفي ق ل ع
فالفصول من 3الى 13حيث يتبين من خالل هذا التنظيم ان األصل في الشخص كمال االهلية
واالستثناء هو فقدانها او نقصانها.
وما يهمنا في هذا المحور هو خصوصية االهلية في التعاقد االلكتروني.
41
د عبد القادر العرعاري. ،م س .ص 113
21
أ :التحقق من أهلية المتعاقد إلكترونيا
تجدر اإلشارة أنه لحد الساعة لم يتوصل أهل الفن و االختصاص إلى وسائل
تقنية كاملة وحاسمة للتأكد من أهلية المتعاقد إلكترونيا ،و إنما توصلوا إلى استنباط وسائل
احتياطية وتحذيرية من أهمها:
_البطاقة اإللكترونية :
يمكن عبرها تخزين جميع البيانات الخاصة بحاملها كاالسم و السن و محل اإلقامة
و المصرف ،و هي تتمتع برقم سري كما أنها مزودة بعدة عناصر لحماية صاحبها من
عمليات التزوير و سوء االستخدام من قبل الغير في حال ضياعها أو سرقتها ،42إال أنه قد
استطاع ذوو الدهاء االلكتروني ابتداع طرق غير مشروعة لالختراق هذه البطاقة.
_ الوسيط اإللكتروني :
يمكن للمتعاقدين اللجوء إلى طرف ثالث محايد يسند إليه تنظيم العالقة بينهما ،من
أجل التحقق من هويتهم و أهليتهم حيث يصدر شهادة إلكترونية مؤمنة تتعلق بأطراف العقد
االلكتروني .43
_ الوسائل التحذيرية :
و تعتبر األكثر استعماال في الحاضر ،وهي تمارس عن طريق وضع تحذيرات
على األنترنيت تنبه إلى عدم الدخول إليه ،إال من قبل شخص يتمتع باألهلية القانونية بعد
الكشف عن هويته و سنه في النموذج المعد سلفا لذلك .
ب :حكم التعاقد اإللكتروني للقاصر :
أهم نظرية اهتمت بهذا المجال و هي نظرية الظاهر ،بحيث أكد روادها على
التوسع في األخذ بها و ترجيح مصلحة المهنيين .
وتطبيقا لهذه النظرية فمثال إذا اختلس القاصر بطاقة االعتماد المصرفي الخاصة
بوليه و استعمالها في التعاقد مع تاجر حسن النية ،فيحق لهذا األخير أن يرجع على القاصر
ألنه تحلى بمظهر شخص راشد وقد يطالبه أيضا بالتعويض في إطار المسؤولية التقصيرية
لذا ،وجب على اآلباء التنبه و الحذر مع أبنائهم بخصوص استعمال وسائل االتصال الحديثة.
42
إلياس ناصيف .م س .ص 127
43
عبد الحق صافي ،م .س .ص 80
22
و في هذا االتجاه سار المشرع الفرنسي ،بحيث تحمل المادة 1307من القانون
المدني الفرنسي القاصر مسؤولية إخفائه ألهليته ،أما القضاء اإلنجليزي ففرق بين أمرين ،
العقد البسيط الذي يبرمه القاصر :مثال شراء كتاب أو لعبة فهذا ال يبطل ،و العقد ذو القيمة
الكبيرة كمن اشترى سيارة أو عقار فهذا يبطل لمصلحة القاصر ولو تضرر التاجر.44
كما أنه بمقتضى المادة 134من القانون المدني األردني " يحوز لناقص األهلية أن
يطلب إبطال العقد ،غير أنه إذا لجأ إلى طرق احتيالية إلخفاء نقص أهليته لزمه التعويض" .
:2أن يكون خاليا من عيوب الرضا
إن عيوب الرضى في العقد االلكتروني كعيوب الرضى في سائر العقود.45
وبما ان عيوب الرضى -الغلط و التدليس و االكراه و الغبن -قد استحوذت على
مجال واسع في عالم القانون ،تشريعا و فقها و قضاء ،فإننا لن نتطرق إليها كقواعد عامة ،بل
سنقتصر على خصوصيتها في العقد اإللكتروني.
أ _ :خصوصية الغلط :
الغلط هو وهم يتولد في ذهن المتعاقد ،يصور له أمرا على غير حقيقته ،فيحمله على
التعاقد ،بحيث لوال هذا الوهم لما تعاقد .46
و بما أنه في العقد اإللكتروني يحق للمشتري أن يقوم بإرجاع المنتج إلى البائع ؛ استنادا
إلى حق اإلرجاع المقرر للمستهلك ؛ من دون الحاجة إلى إثبات وقوعه في الغلط ،فإن هذا
الحق المقرر للمستهلك يجعل أهمية الغلط تتضاءل في ظل العقد االلكتروني.
و يعود للقاضي السلطة التقديرية في تقدير الوقوع في الغلط من عدمه ،بحيث
يأخذ بمعيار الخبرة أو االحتراف في المعامالت اإللكترونية ،فمثال المستهلك المحترف،
إمكانية وقوعه في الغلط قد تبدو ضئيلة بالمقارنة مع مستهلك هاو أو أمي فقد يقع في الغلط
بسهولة عند استعماله للوسائل التكنولوجية في التعاقد .47
44
إلياس ناصيف .م س .ص 126
45
للمزيد راجع عبد الحق الصافي .م س .ص 82وما بعدها
حليمة بنت المحجوب بن حفو م .س .ص 106ومابعدها
46
للمزيد من المعلومات راجع :براهيم العسري ،محاضرات في النظرية العامة لاللتزام. ،مطبعة قرطبة ،.دار النشر العرفان ،أكادير 2018.ص 52
47
إلياس ناصيف.م س .ص 129
23
كما أنه يمكن للقاضي أن يرفض طلب إبطال للعقد لعلة الغلط ،في حالة تبين له أن مقدم
الخدمة قد وضع بيانات واضحة وكافية لمنتوجه لتالفي الوقوع في الغلط ،و كذلك األمر إذا
تبث له تقصير مدعي الغلط بسبب قلة استعالمه أو عدم إفصاحه عن حاجته بالضبط .
ب :خصوصية التدليس :
التدليس هو استعمال وسائل احتيالية بقصد إيقاع المتعاقد في الغلط و دفعه إلى التعاقد
48
بخصوص التدليس ،يكون ارتكابه أسهل في العقد االلكتروني مقارنة مع التدليس في باقي
العقود التقليدية ،وذلك بكثرة المحتالين الذين يسؤون استعمال تقنيات التواصل المعلوماتي
بهدف خداع الطرف اٱلخر ،وتحقيق ربح مادي من وراء ذلك ،و نذكر كأمثلة لذلك :
اإلشهارات المزيفة ،استخدام دعائم إلكترونية مزورة ،االستيالء على حسابات إلكترونية و
التعاقد باسم أصحابها ،إنشاء مواقع وهمية للتغرير بالزبناء ،نشر معلومات مزيفة على بعض
49
السلع و الخدمات...
و ما يثير اإلشكال في هذا الصدد هو صعوبة إثبات التدليس في العقود اإللكترونية،
مقارنة بشبيهاتها التقليدية نظرا للطبيعة الالمادية للبيانات التي تنقل عبر الفضاء الرقمي
ج :خصوصية اإلكراه:
يعرف الفصل 46من ق ل ع االكراه بكونه هو "اجبار يباشر من غير ان يسمح به
القانون يعمل بواسطة شخص شخصا اخر على ان يعمل عمال من بدون رضاه "..
العقد االلكتروني ولكونه يتم عن بعد ،فقد يصعب تصور االكراه فيه لكون المتعاقد
الكترونيا ،هو من يتحكم في الجهاز االلكتروني بحيث يمكنه حذف االعالن من صفحة الويب
50
او الموقع االلكتروني...
لكن مع ذلك يمكن تصور إكراه من نوع خاص يختلف عن نظيره في العقود
التقليدية وهو إكراه سببه التبعية االقتصادية ،حيث قد يجبر المتعاقد على ابرام العقد تحت
الضغط االقتصادي كاحتكار لسلعة ما ،مما يضطر الشخص الى التعاقد خوفا من ان تضيع
مصالحه.
48
راجع ابراهيم العسري مس ص 57
49
عبد الحق الصافي .م س .ص 109
50
د إلياس ناصيف .م س .ص 134
24
د-:خصوصية الغبن:
الغبن هو عدم التعادل بين االلتزامات المتقابلة لألطراف المتعاقدة ،حيث يكون اختالل
بين ما يعطي الشخص وما يأخذه مما يخل بالتوازن االقتصادي للعقد.51
فيما يتعلق بالعقد االلكتروني ،تطبق القواعد العامة المتعلقة بالغبن على هذا العقد وال
نرى ثمة خصوصية لهذا العقد في هذه المسألة.
الفقرة الثانية :المحل والسبب في العقد المبرم بالشكل االلكتروني
جاء في الفصل الثاني من ق ل ع انه من بين االركان الالزمة لقيام العقد ":شيء
محقق يصلح ألن يكون محال لاللتزام وسبب مشروع لاللتزام" ،وفي هذا الصدد سنركز
دراستنا على خصوصية المحل (اوال) والسبب (ثانيا) في العقد االلكتروني .دون التفصيل في
األحكام العامة.
أوال :محل االلتزام في العقد االلكتروني
نشير هنا ان شروط محل االلتزام العقدي ،تبقي نفسها بالنسبة للعقد االلكتروني،
إضافة الى بعض الخصائص التي يتميز بها عن األحكام العامة المنظمة للمحل االلتزام
العقدي ،و التي تقتضيها طبيعته ،وذلك فيما يخص تعيينه ومشتمالته ومشروعيته.
-1مشتمالت محل االلتزام في العقد االلكتروني
عند مراجعة القانون 53.05يتبين لنا انه استثنى بعض التصرفات القانونية ،من
أن تكون محال للعقد االلكتروني وهي كاآلتي:
التصرفات القانونية المرتبطة بإعمال مدونة االسرة سواء أبرمت بإرادتين كالزواج أوبإرادة واحدة كاإليصاء.
التصرفات القانونية المنعقدة بمحررات عرفية والمتعلقة بالضمانات الشخصية كالكفالةأو العينية كالرهن الحيازي الوارد علي منقول ،سواء اتخذت طابعا مدنيا أو تجاريا ،وذلك
مع استثناء المحررات المنجزة مع طرف شخص ألغراض مهنته ،بمعنى أن هذا االستثناء ال
يشمل المحررات الرسمية المتعلقة بما ذكر (الفقرة الثالثة من الفصل 1-2من ق ل ع ).52
51
52
للمزيد اطلع على إبراهيم العسري .م س .ص 61
عبد الحق صافي ،مرجع سابق ،ص 135
25
كما تستبعد التصرفات القانونية المتعلقة بحقوق عينية من أحكام التجاري اإللكترونيةبصورة مؤقتة إلي حين صدور مقتضيات تطبيقية .جاء في المادة 42من نفس القانون (:تحدد
شروط وكيفيات تطبيق أحكام من القانون علي الحقوق العينية بمرسوم).
رغم وجود هذه االستثناءات ،فالتجارة االلكترونية تتمتع بمجال مفتوح ،يضم كل سلعة
او خدمة قابلة للتداول ،وهذا يستوجب كما درسنا في القواعد العامة ،أن تكون السلعة او
الخدمة موضوع التعاقد ممكنة ومعينة أو قابلة للتعيين ،ومشروعة أي غير مخالف النظام
العام.53
-2تعيين محل االلتزام في العقد اإللكتروني:
تفاديا ألي غموض قد يشوب محل االلتزام في العقد اإللكتروني وكذلك حرصا من
المشرع على سالمة الطرف الضعيف ،في مثل هذه العقود ،أولى المشرع اهتماما كبيرا لتعيين
محل االلتزام ،وذلك من خالل الفصل – 65.4الفقرة الثالثة حيث نصت على أن ( يتضمن
العرض ،عالوة على ذلك ،بيان ما يأتي :
-1الخصائص األ ساسية للسلعة أو الخدمة المقترحة أو االصل التجاري المعني أو احد
عناصره .
- 2شروط بيع السلعة أو الخدمة أو شروط تفويت األصل التجاري أو احد عناصره.
-3مختلف المراحل الواجب اتباعها إلبرام العقد بطريقة إلكترونية ،وال سيما الكيفية
التي يفي طبقها االطراف بالتزاماتهم المتبادلة .
-4الوسائل التقنية التي تمكن المستعمل المحتمل ،قبل إبرام العقد ،من كشف األخطاء
المرتكبة بناءا على تحصيل المعطيات وتصحيحيها.
).......
وبالتالي وجب تعيين محل االلتزام في العقد اإللكتروني بشكل شامل وواضح عن طريق
االنترنيت إما بالوصف أو النوع أو المقدار و إن كانت منتوجات وجب مصاحبتها بعرض
صور دقيقة ثالثية األبعاد.
53
إلياس ناصيف .م س .ص 141
26
ج -مشروعية محل االلتزام في العقد اإللكتروني:
يشترط في أداء محل االلتزام في العقد اإللكتروني ،أن ال يكون مخالفا للنظام العام أو
األداب العامة ،أو لألحكام القانونية التي لها صفة اإللزامية.
وتظهر أهمية شرط المشروعية بجالء في تعدد المواقع التي تستثمر في التجارة الغير
مشروعة ،كتجارة المخدرات أو تسهيل البغاء ،االستغالل الجنسي لألطفال ،إنشاء المواقع
اإلباحية ،وارتكاب الجرائم المالية وتبييض األموال ،القمار .....وما يزيد من تفاقم هذه
التصرفات هو ضعف الرقابة التقنية عل الموقع المشبوهة بالفساد ،و اختالف القوانين المقارنة
بخصوص منع ممارسة بعض هذه التصرفات ،والمثال على ذلك مسابقات و ألعاب الرهان
التي يمكن ممارستها بشروط معينة في دوا االتحاد األوربي ،بينما تعد ممارسة غير مشروعة
في البلدان العربية.
ثانيا :السبب في العقد اإللكتروني
نظم المشرع السبب في الفصول من 62إلى 65من ق ل ع ،ويشترط فيه بإيجاز أن
يكون موجودا وصحيحا ومشروعا ،وهو نفس الشيء الذي ينطبق على العقد اإللكتروني
.بحيث ال يتميز عنها في شيء من هذه الناحية ،وبالتالي فإن العقود المبرمة عبر تقنيات
االتصال الحديثة ،تكون باطلة لعدم مشروعية السبب ،إذا كانت تتضمن أفعاال منافية للقانون و
النظام العام .
27
المبحث الثاني :مقتضيات خاصة بالعقد االلكتروني
نظرا للخصوصية التي يتميز بها العقد االلكتروني ،فقد ارتأينا أن نخصص هذا المبحث
للبعض االشكاالت التي يطرحها العقد االلكتروني ،خاصة تلك المتعلقة بإثباته (المطلب
األول) ،أو تلك المرتبطة بحماية المستهلك المتعاقد بالشكل االلكتروني و تحديد الجهة
المختصة بالبث في المنازعات المثارة بشأنه (المطلب الثاني)
المطلب األول :إثبات العقد االلكتروني
بفعل التغيرات التي طرأت مؤخرا على عناصر العقد وطريقة إبرامه ،لم يعد التوقيع
التقليدي الطريقة الوحيدة المستخدمة في توثيق المحررات وإضفاء الحجية عليها(الفقرة
األولى) ،فنتيجة للثورة التي شهدتها المعلوماتية أصبح من الممكن استخدام تقنية جديدة لتوثيق
المحررات التي يطلق عليها "المحررات االلكترونية" تتماشى مع طبيعتها ويتعلق األمر
"بالتوقيع االلكتروني" (الفقرة الثانية)
الفقرة األولى :المحررات االلكترونية ومدى حجيتها
تنقسم المحررات االلكترونية الى محررات عرفية (أوال) ثم ،محررات رسمية (ثانيا)
أوال :المحررات العرفية
لكي تكتسب الوثيقة االلكترونية العرفية حجية في اإلثبات يشرط فيها أن تستوفي شروط
الفصلين 54 417-1و 417-2من قانون االلتزامات والعقود وهي كالتالي:
التعرف بصفة قانونية على الشخص الذي صدرت عنه
معنى هذا الشرط أن تدل المعلومات المحفوظة على المحرر االلكتروني على هوية
الشخص صاحب هذه المعلومات ،55وعن لحظة إرسال أو تسلم هذا السند ،ولتحقيق هذا
الشرط يجب أن تكون المعلومات المحفوظة على السند مفهومة وواضحة وقابلة للقراءة.
أن تكون معدة ومحفوظة ضمن شروط تضمن تماميتها
54
الفصل : 1_417تتمتع ا لوثيقة المحررة على دعامة الكترونية للتبت شأنها في ذلك شأن آلة وثيقة المحررة على الورق ،شريطة أن يكونباإلمكان التعرف بصفة قانونية على الشخص الذي صدرت عنه و أن تكون معدة ومحفوظة وفق شروط من شأنها ضمان تماميتها
-55الفصل :2_417يتيح التوقيع الضروري لالتمام وثيقة قانونية التصرف على الشخص الموقع و يعبر عن قبوله لاللتزامات الناشئة
عن الوثيقة المذكورة .
تصبح الوثيقة رسمية اذا وضع التوقيع المذكور عليها أمام موظف عمومي له صالحية التوثيق.
28
وهذا الشرط من الشروط األساسية لالعتداد بالوثيقة االلكترونية ،ولمساومتها بالوثيقة
العرفية ،إذ يجب أن تدون على وسيط يحقق ديمومتها حتى يمكن الرجوع إلى المسند عند
الحاجة إليه ،ذلك انه إذا كان من شروط المستند االلكتروني هو أن يكون مقروءا فال بد كذلك
من أن تتم كتابته على وسيط يضمن استمراريته وثباته .
أن تحمل توقيعا مؤمنا
والتوقيع هو الشرط الجوهري لصحة المحرر العرفي المعد لإلثبات ،فهو الذي يسمح
بنسبة الكتابة إلى موقعها ولو كانت بخط غيره ،وهو الذي يعكس إرادة الشخص الملتزم
بمضمون الوثيقة ،فالورقة بدون توقيع ال تعدو أن تكون سوى مشروعا يحتمل اعتماده كما
يحتمل التخلي عنه.
أن تحمل تاريخا ناتجا عن التوقيع االلكتروني
فال يخفى على احد أن تاريخ التوقيع له أهمية بالغة وذلك لمعرفة زمان إبرام هذا
التصرف ،فمجرد إدراج التوقيع تكتسب الوثيقة حجيتها الشيء الذي يتعين معه إدراج تاريخ
التوقيع نظرا لألهمية التي يكتيسها والتي من بينها ،معرفة أي قانون سيطبق في حالة صدور
قانون جديد.
ثانيا :المحرر االلكتروني الرسمي
56
أكيد أن الوثيقة الرسمية هي التي يتلقاها الموظف العمومي الذي له صالحية التوقيع
في مكان إبرام العقد ،فالموثق على هذا النحو يتولى مهمة اإلشراف والمصادقة على تعبير
األطراف ،أما الوثيقة االلكترونية فتتميز بأنها محررة بلفة رقمية تقرأ على الشاشة وتفرض
النقل االلكتروني للمعطيات لوجود مسافة جغرافية تفصل بين المتعاقدين ،والسؤال الذي يطرح
نفسه هو كيف يتم حفظ الوثيقة الرسمية؟ وما هي البيانات التي تكسب الورقة الرسمية حجيتها؟
:1حفظ الوثيقة االلكترونية
إن الحضور الشخصي للموثق في المعامالت االلكترونية ،ال يمكن أن يكون في مجلس
واحد بسبب تباعد األطراف مكانيا ،إذ لو كان المجلس واحد ما كانت هناك حاجة للتعاقد
االلكتروني أصال ومن تم فان ما يمكن تصوره هو حضور الموثق الفعلي لوضع التوقيع
االلكتروني ألحد األطراف فقط ،من بعد ذلك يرسل الوثيقة الكترونية للطرف اآلخر للغرض
56
انظر الفصل 418من ق .ل .ع
29
نفسه أمام موثق آخر أو أمام نفس الموثق إذ امكنه له ذلك ،وإما تصور الحضور االفتراضي
للموثق ،فمعنى ذلك أن معاينته تكون افتراضية لوضع التوقيع ،وهذا يتطلب معدات تقنية
وبرمجيات متطورة جدا .وهذه اإلمكانية غير متاحة حاليا للموثقين في اغلب البلدان المتقدمة
فباألحرى في بالدنا.57
:2البيانات التي تكسب الورقة الرسمية حجيتها
متى ما استوفت الورقة الرسمية الشروط وتمت بالمعايير التي حددها القانون ،إال
واكتسبت حجة قاطعة ال بالنسبة للمتعاقدين فحسب بل حتى بالنسبة للغير ،وعليه فإن البيانات
التي تكسب الورقة الرسمية حجتها نوعان :
.1البيانات التي قام بها الموظف في حدود مهمته ،وبينها في الورقة الرسمية من قبيل
التاريخ ،مكان التلقي ،توقيعه ،وتوقيع ذوي الشأن واإلجراءات المصاحبة لذلك من التسجيل
وغيره.
. 2االتفاقات و الوقائع التي حصلت في محضر الموظف من طرف المتعاقدين ،وهذا
يتعلق بموضوع الورقة الرسمية التي حررت بمعرفة الموظف العمومي تبعا أو غير ذلك،
وهذه البيانات بنوعيها تكسب الورقة الرسمية حجة ال يمكن الطعن فيها إال بالزور .
الفقرة الثانية :التوقيع االلكتروني
لقد اهتم المشرع المغربي بالتوقيع االلكتروني وعالجه من خالل القانون ،53.05
والتوقيع االلكتروني كمصطلح جديد استلزم ضرورة تحديد ماهيته(أوال) ،ثم تحديد حجيته في
اإلثبات.
أوال :ماهية التوقيع االلكتروني
لبحث ماهية التوقيع االلكتروني ،البد لنا من التطرق لتعريفه ،ثم التطرق لشروطه،
وتميزه عن التوقيع التقليدي ،على أن نختم ببيان صوره.
:1تعريف التوقيع االلكتروني
لقد تباينت التعريفات التي أعطيت للتوقيع االلكتروني ،بحسب الزاوية التي ينظر منها
إلى هذا التعريف.
57محمد العروصي ،التعاقد التجاري عن طريق االنترنت. ،المجلة المغربية لإلعمال والمقاوالت ،عدد ،10مارس ، 2006ص .19
30
حيث عرفه المشرع الفرنسي على انه توقيع يدل على شخصية صاحبه ،ويؤكد عالقته
58
بالتصرف الذي أجراه ،كما يحدد شخصية صاحبه وصحة الواقعة المنسوبة إليه.
أما بالنسبة للقانون النموذجي بشان التوقيعات االلكترونية الصادر عن لجنة األمم المتحدة
للقانون التجاري ،فقد عرفه بأنه مجموعة من البيانات في شكل إلكتروني مدرجة في رسالة
بيانات مضافة إليها أو مرتبطة بها منطقيا يجوز أن تستخدم لتعيين هوية الموقع بالنسبة إلى
رسالة البيانات ،ولبيان موافقة الموقع على معلومات الواردة في رسالة البيانات. 59
وغير بعيد على هذه التعاريف ذهب المشرع المصري إلى أن التوقيع االلكتروني هو كل
ما يوضع على محرر الكتروني أو غيرها ويكون له طابع متفرد يسمح بتحديد شخص الموقع
60
وتميزه عن غيره.
يتضح انطالقا من هذه التعاريف أن التوقيع االلكتروني يتحقق بإتباع إجراءات تقنية
تؤدي في آخر المطاف إلى وجود توقيع مقروء ،ورغم كل هذه التعاريف يالحظ غياب
تعريف قانوني جامع ومانع للتوقيع االلكتروني ،رغم كونه حجر الزاوية في اإلثبات.
: 2شروط التوقيع االلكتروني
إذا لم يقم المشرع المغربي ،بتعريف التوقيع االلكتروني ،فإنه في مقابل ذلك قام بتحديد
الشروط الواجب توافرها فيه وهي كالتالي:
أ :أن يكون التوقيع االلكتروني متميزا ومرتبطا بشخص صاحبه مميزا له عن غيره.
ب :أن يكون كافيا للتعريف بصاحبه ،وهو شرط بديهي يعمل على تحديد هوية مبرم
العقد ،ومجري العملية التجارية.
ج :إنشاء التوقيع االلكتروني بوسائل تمكن الموقع من االحتفاظ بها تحت مراقبة خاصة،
تمنع أي شخص من فك رموزه الخاصة.
د :ارتباط التوقيع االلكتروني بالمحرر ارتباطا وثيقا حماية له من أي تعديل قد يطرأ عليه
بعد توثيقه.
58
قانون التوقيع االلكتروني الفرنسي الصادر 13مارس .2000
59
المادة 2من القانون النموذجي الصادر عن لجنة االمم المتحدة للقانون التجاري الدولي الصادر سنة 2001مجلة القصر
60عيسى غسان ربضي" :القواعد الخاصة بالتوقيع االلكتروني" ،دار الثقافة ،الطبعة األولى ،2009 ،ص52
31
وتجدر اإلشارة إلى أن بعض التشريعات تشترط شروطا أخرى في التوقيع االلكتروني،
كالتشريع المصري و األردني ،اللذان يشترطان أن يكون التوقيع مقروءا و مستمرا ،و أن
61
يكون مرتبط بالمحرر اإللكتروني
:3التمييز بين التوقيع االلكتروني و التوقيع التقليدي
يتميز التوقيع االلكتروني عن التوقيع الكتابي التقليدي بأنه يمكن من خالله استنباط
مضمون المحرر االلكتروني و تأمينه من التعديل باإلضافة أو الحذف وذلك بالربط بينه وبين
التوقيع االلكتروني ،بحيث يقتضي أي تعديل الحق كما يتميز أيضا بكونه يمنح للمستند صفة
المحرر األصلي وبالتالي يجعل منه دليال معدا مسبقا لإلثبات قبل أن يطور النزاع بين
األطراف.
يسمح التوقيع االلكتروني بإبرام الصفقات عن بعد دون حضور المتعاقدين جسدي .يعد
أيضا التوقيع االلكتروني أكثر أمانا وذلك لما يتميز به من إجراءات وتقنيات منذ تحديد هوية
الشخص وضمان سالمة المحرر بعكس التوقيع الكتابي الذي قد يتعرض للتزوير والتالعب.
:4صور التوقيع االلكتروني
تتعدد وتتنوع صور التوقيع االلكتروني تبعا للتطورات الحديثة في ميدان المعلوميات،
لذلك يصعب حصر هذه التقنيات خاصة وأن األبحاث العلمية في هذا الميدان مستمرة ولذلك
ارتأينا أن نتناول أكثر هذه الصور انتشارا ،وهي التوقيع اليدوي االلكتروني و التوقيع
بالبطاقة المرتبطة بالرقم السري ،والتوقيع الرقمي.
أ :التوقيع اليدوي االلكتروني
وتعتمد هده الطريقة على استخدام قلم إلكتروني حساس ،يمكنه الكتابة على شاشة
الحاسوب عن طريق برنامج يسيطر على هذه العملية من خالل ربط القلم االلكتروني بجهاز
الحاسوب .
ب :التوقيع البيومتري ( :التوقيع باستخدام الخواص الذاتية )
يهتم العلم البيومتري بدراسة الخاصيات الذاتية المميزة لكل شخص القادرة على تمييزه
وتفريده عن غيره من األشخاص ،مثل األصبع أو شبكية العين أو نبرة الصوت ،ومحاولة
61
طارق بختي ،مدى حجية المحررات اإللكترونية و التوقيع اإللكتروني في اإلثبات ،المجلة المغربية في قانون األعمال و المقاوالت ،عدد 14و 15
س ،2008ص96
32
استثمار هذه الخصائص الذاتية في مجاالت متعددة ،كالدخول إلى األماكن الخاصة التي ال
يمكن ولوجها إال من طرف الشخص المرخص له بذلك أو لفتح الخزائن المالية أو التعرف
على مرتكبي الجرائم كما يمكن استخدام هذه الخصائص في التوقيع على التصرفات
القانونية.62
ويتم استخدام التوقيع البيومتري عن طريق أخد صور دقيقة لشكل قزحية العين أو نبرة
الصوت.
و تخزينها بصورة مشفرة داخل الحساب اآللي في نظام حفظ الذاكرة بحيث ال يمكن
انجاز المعاملة ،بشكل صحيح إال من طرف الشخص الذي تتطابق خصائصه الذاتية مع تلك
المسجلة في الجهاز ،مما يمنع االستخدام غير القانوني ألية معلومة أو بيان سري أو شخصي
موجود في نظم المعلومات الخاصة بإحدى الجهات.63
ج :التوقيع الرقمي
وهو عبارة عن تقنية إلكترونية مشفرة وآمنة تتم باستخدام مفاتيح سرية أو أرقام سرية ال
يعرفها إال صاحبها ،حيث يتم هذا التوقيع في المراسالت اإللكترونية التي تتم بين التجار
والشركات وفي بطاقات االئتمان ،وعموما هو عبارة عن رقم أو رمز سري.
ثانيا :حجية التوقيع اإللكتروني
بصدور قوانين خاصة بالتجارة االلكترونية ،لدى العديد من التشريعات سواء العربية او
االوربية ،فإنه تم إضفاء الحجية على التوقيع االلكتروني ، ،وذلك استجابة لمتطلبات التجارة
الدولية ،والحفاظ على استقرار المعامالت ،ومواكبة التكنولوجيا ،خاصة وأن العالم اليوم أصبح
مرتبطا بهذه االخيرة ،وهو ما جعل التجارة الدولية تكتسي صبغة جديدة وأصبحت تمارس في
إطار ما يعرف بالتجارة االلكترونية ،والمشرع المغربي بدوره نهج على غرار التشريعات
نهجا ايجابيا ،من خال ل اصداره لقانون التبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية ،والذي تطرق
من خالله إ لى معالجة التوقيع اإللكتروني ،وضرورة توافر الشروط المنصوص عليها في
الفصل 417.3من ق ل ع ،وكذا تلك المنصوص عليها في الفرع األول من الباب األول من
القسم الثاني من القانون رقم ،53.05على أنه بعد توفر هذه الشروط البد أن يتم إخضاع هذا
التوقيع للمصادقة من قبل السلطة الوطنية المكلفة باعتماد ومراقبة المصادقة اإللكترونية ،حتى
يتمتع التوقيع اإللكتروني بالحجية ،وبالتالي اعتماده كأداة من أدوات اإلثبات القانونية .
62حسن عبد الباسط جمعية إثبات تصرفات القانونية التي يتم ابرامها عن طريق االنترنت دار النهظة العربية 2000ص55
63ثورة عبد العميد ،التوقيع االلكتروني ومدى حجيته في اال ثبات ،مجلة الجالء ،الطبعة 2002 2؟ 2003ص 25
33
وبالنظر إلى التشريعات المقارنة فيما يتعلق بحجية التوقيع اإللكتروني ،نجد المشرع
الفرنسي ،بدوره يشترط شروطا ،البد من توافرها للقول بحجية التوقيع اإللكتروني ،ذلك أن
مجلس الدولة الفرنسي قام بجهود لالعتراف بحجية المحررات اإللكترونية ،لكن شريطة أن
يكون هذا التوقيع منتسب للمحرر ،ومحدد لشخصية الموقع ،وكذا أن يكون محفوظا بطريقة
أمنة وتحث سيطرة أطراف العقد ،وهو نفس المنحى الذي سلكته باقي التشريعات العربية . 64
وتجدر اإلشارة إلى ان المشرع المصري على خالف المشرع المغربي قام بتحديد نطاق
تطبيق التوقيع اإللكتروني ،من خالل المواد 14و 15من القانون رقم 10لسنة 2004
المتعلق بتنظيم التوقيع اإللكتروني ،حيث نص على أن التوقيع اإللكتروني تكون له الحجية في
األثبات ،إذا ما تم استخدامه في المعامالت التجارية والمدنية واإلدارية فقط ،وهنا تنصيص
وعلى سبيل الحصر لنطاق هذا التوقيع ،وهو اآلمر الذي لم يحدده المشرع المغربي بدقة .
وعموما يمكن القول أن القانون 53.05سيساهم ولو نسبيا في حسم النزاعات المترتبة
عن التعامالت او التعاقدات اإللكترونية ،وبالتالي امكانية اعتماد المحررات اإللكترونية
والتوقيع اإللكترونية كوسيلة من وسائل اإلثبات ،خاصة وأن هذه المحررات او التوقيع ،ال
يكتسب الحجية إال بعد توثيقه او المصادقة عليه من طرف الجهة او السلطة المختصة.
المطلب الثاني :حماية المستهلك المتعاقد بشكل اإللكتروني و النزاعات المثارة
بشأنه
أمام التقدم الهائل في عالم المعلوماتية و االتصاالت الالسلكية وعلى رأسها األنترنيت،
نجد المستهلك كشخص طبيعي عاجز عن مواجهة هذه التحديات ،وفي ذات الوقت مضطر
لتلبية حاجاته الشخصية ،فهل تستطيع المبادئ العامة الواردة في ق .ل .ع حماية هذا
المستهلك ،أم أن الحماية المرجوة ال يمكن تفعيلها إال باللجوء إلى القواعد الخاصة (الفقرة
األولى) ،و لمن ينعقد االختصاص بخصوص النزاعات المرتبطة بهذا المستهلك؟( الفقرة
الثانية).
64
طارق بختي ،م ،س ،ص 97
34
الفقرة األولى :حماية المستهلك بين القواعد العامة والقواعد الخاصة
سنتطرق بداية إلى مدى نجاعة المبادئ العامة الواردة في ق ل ع في حماية المستهلك
المتعاقد إلكترونيا(أوال) ،ثم ننتقل إلى الحديث عن دور القواعد الخاصة في حماية هذا
المتعاقد(ثانيا).
أوال :حماية المستهلك وفق القواعد العامة
من المعلوم أن تمة وسائل لحماية المتعاقد عندما يكون في مواجهة متعاقد في مركز
أقوى منه ،وهذه الوسائل في الغالب ال تخرج عن نظرية عيوب اإلرادة و مبدأ سلطان اإلرادة.
وإذا كانت هذه الو سائل تخدم المستهلك بصورة عامة فإن التساؤل يثار حقا عن كفاية هذه
الوسائل لتحقيق حماية فعالة لمستهلك؟
لإلجابة عن هذا التساؤل ،سوف نبحث في مدى فعالية مبدأ سلطان اإلرادة في حماية
المستهلك ،ثم ننتقل لمدى فعالية عيوب الرضا ودورها في تحقيق تلك الحماية.
:1مدى فعالية مبدأ سلطان اإلرادة في حماية المتعاقد بالشكل اإللكتروني
لقد تكرست األفكار االقتصادية و الفلسفية الرامية إلى ترك الحرية لألفراد في تحديد
التزاماتهم وتعهداتهم قانونا 65بصدور مدونة نابليون سنة 1804م ،والتي تبنت مبدأ سلطان
اإلرادة .
هذا ويسير التشريع المغربي على ذات المنوال ،من خالل أخذه بهذا المبدأ في الفصل
230من ق.ل.ع الذي نص على أن "االلتزامات المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون
بالنسبة إلى منشئيها ،وال يجوز إلغاؤها إال برضاهما معا ،أو في الحاالت المنصوص عليها في
القانون" ،وتأسيسا على ذلك فإن اإلرادة هي أساس القوة الملزمة في التعاقد ،وهي التي تتحكم
في تحديد مضمون العقد ،و االلتزامات التي تقع على أطرافه.
بيد أن السؤال المطروح هو هل يحقق هذا المبدأ حماية متوازنة للطرفي العقد المبرم
بشكل إلكتروني؟
بهذا الصدد يذهب جانب من الفقه 66 ،إلى أن مبدأ الرضائية مازال يسود العقود
اإللكترونية على اختالف أنواعها ،ذلك أن الموجب له ال يقتصر دوره على مجرد الموافقة
65محمد شيلح ،سلطان اإلرادة في ضوء قانون االلتزامات والعقود ،أساسه ومظاهره في نظرية العقد ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا
في القانون الخاص ،جامعة محمد الخامس ،كلية الحقوق ،الرباط ،1983،ص90
35
على الشروط المعدة سالفا ،بل له كمستهلك ،مطلق الحرية في التعاقد مع أي منتج أو مورد إذا
لم تكن في صالحه الشروط المعروضة على شاشة األنترنيت ،ويستطيع االنتقال من موقع إلى
آخر واختيار ما يشاء.
إال أنه رغم رجاحة هذا المبدأ من جانب ،حينما يتعلق األمر بسلع و خدمات متوفرة
تعرف تنافسا بين الفاعلين االقتصادين ،فإنه من جانب ثان أغفل الوجه اآلخر المتعلق باحتكار
السلع و الخدمات من بعض المواقع فقط.
وعليه فإذا كان مبدأ سلطان االرادة ينسجم مع مبادئ الحرية العامة في بداية القرن ،19
و الحرية التعاقدية منها بوجه خاص ،فإن القيود بدأت تفرض على هذا المبدأ شيئا فشيئا كلما
اقتضت الضرورة االجتماعية أن تقيد االرادة ،وذلك لحماية المجتمع أو عدد من أعضائه في
مواجهة آخرين هم أقوى منه إرادة و مركزا قانونيا و اقتصاديا. 67
ولعل عقود االستهالك من أبرز القيود الواردة على االرادة ،والتي يصعب أن تحقق
التوازن العقدي في العقود اإللكترونية ،ذلك أن ظروف التعاقد وشروطه مسألة معقدة لتعلقها
بسلع و خدمات ذات مواصفات فنية وتكنولوجية والتي ال تسمح للمستهلك العادي التعاقد
بمحض إرادته ،خاصة في عالم افتراضي ال وجود فيه لألطراف ،والمبيع...
: 2مدى فعالية نظرية عيوب الرضا في حماية المستهلك
إذا كانت نظرية عيوب الرضا 68تلعب دورا كبيرا في إبطال مجموعة من العقود التي
تكون فيها إرادة أحد أطرافها معيبة ،وحماية المتعاقد بشكل عام و المستهلك بصفة خاصة ،إال
أنها تبقى مع ذلك قاصرة ألن تكون الوسيلة الفعالة لخدمة قضية المستهلك وذلك العتبارات
التالية
-1صعوبة إثبات التدليس فيما يخص العقود اإللكترونية وذلك اعتبارا للطبيعة الغير
مادية للمعلومات و البيانات التي يجري نقلها عبر تقنيات االتصال الحديثة69
-2إذا كان إعمال عيب اإلكراه يشترط فيه تحقق شروط معينة70منصوص عليها في
ق.ل.ع ،إال أن المستهلك يمكن أن يقع ضحية إكراه اقتصادي ،وبالتالي فان نظرية اإلكراه
التقليدية ال توفر له الحماية المرجوة
66سمير برهان ،إبرام العقد في التجارة اإللكترونية ،م.س ،ص60
67
نوردين الصبار" ،النظام القانوني للعقد اإللكتروني"م.س ،ص193
68
للمزيد من التفصيل راجع ،مأمون الكزبري ،الجزء األول ،م س،ص 72ومابعدها
69
عبد الحق الصافي ،الجزء األول ،م.س ،ص47
70
انظر الفصل 47من ق.ل.ع
36
-3في الكثير من الحاالت ال يرغب المستهلك في التمسك بالدفع بالغلط حتى ال يحرم من
السلعة أو الخدمة محل التعامل 71مما يستنتج معه أن نظرية الغلط تبقى قاصرة على أن تكون
الوسيلة الفعالة لخدمة قضية المستهلك
مجمل القول ،أنه بالرغم من خصوصية عيوب الرضا في العقد اإللكتروني ،إال
أنها تبقى قاصرة لتكريس و تفعيل حماية المستهلك المتعاقد بالشكل اإللكتروني ،وهذا ما
سيدفعنا إلى البحث عن مدى حمايته وفق القواعد الخاصة.
ثانيا :حماية المستهلك وفق القواعد الخاصة
إن انعدام التوازن العقدي في العقد اإللكتروني ناتج باألساس عن كون المهني يعرف
طبيعة المحل وخصوصيات السلع أو الخدمات التي يعرضها في السوق اإللكترونية ،بخالف
المستهلك الذي يجهل خصوصيات المنتوج ،لذلك كان واجبا على المهني أو المورد أن يلتزم
باإلعالم ،إضافة الى التزامه بضمان السالمة ،ويخول للمستهلك حقه في الرجوع.
: 1االلتزام بإعالم المستهلك
الشك أن التزام المورد بإعالم المستهلك 72يشكل أحد أبرز الركائز القانونية في مجال
حماية المستهلك بصفة عامة ،ويبدوا هذا االلتزام أكثر إلحاحا في التعاقد الذي يتم بشكل
إلكتروني ،سيما وأن هذا األخير يتم دون التقاء حقيقي ،بين اطراف التعاقد ،ودون أن يقوم
المستهلك بمعاينة الشيء المتعاقد عليه معاينة حقيقية. 73
وإذا كان االلتزام باإلعالم يفرض على المورد إعالم المستهلك بكافة الوقائع
و المعلومات التي تكون منتجة و الزمة لتكوين رضاء مستنير ،و لضمان حسن تنفيذ
العقد كما أشارت إلى ذلك المادة 3من قانون رقم ، 31.08فإن مقدم السلعة أو الخدمة في
ضوء التعاقد االلكتروني يجب عليه أن يضمن عرضه المقدم على شاشة االنترنيت كل
خصائص هذه السلعة أو الخدمات ،اضافة إلى كيفية االستعمال و االستفادة كما يلزم أن يكون
العرض واضحا و مفهوما ومحددا بدقة ،والبد له من التأكد من ظهور كل البيانات االلزامية
الخاصة للتعريف بالعرض المقدم .
71
عامر قاسم أحمد القيسي ص ،23مشار إليه من قبل نوردين الصبار ،م.س ،ص202
72
انظر المادة 3من القانون رقم 31.08القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك
73
نوردين الصبار ،النظام القانوني للعقد المبرم بشكل إلكتروني ،م.س ،ص211
37
:2حق المستهلك في خيار الرجوع
نظرا لكون المستهلك ليس لديه االمكانية الفعلية لمعاينة المنتوج ،والعلم بخصائصه قبل
إبرام العقد كمت أسلفنا ،فإنه يجب أن يتمتع بحق العدول أو الرجوع
وفي هذا اإلطار منح تقنين االستهالك الفرنسي 74والتوجيهات االوربية 75حق
المستهلك دون إبداء مسوغات في العدول عن الخدمة وذلك خالل مدة ال تقل عن سبعة أيام.
أما على مستوى النصوص الوطنية ،فقد صار المشرع على نفس المنوال بحيث خول
المستهلك الحق في الرجوع وذلك طبقا للقانون رقم 31.08القاضي بتحديد تدابير لحماية
المستهلك ،والتي منحت نفس االمكانية للمستهلك دون الحاجة إلى تبرير ذلك أو دفع غرامة
باستثناء مصاريف االرجاع إن اقتضى الحال ذلك.
:3االلتزام بضمان السالمة
إن االلتزام بضمان السالمة -سالمة المستهلك -من االلتزامات القائمة على عاتق البائع
المورد -لصالح المستهلك المتعاقد الكترونيا ،ولهذا فااللتزام بضمان السالمة هدفهاالساسي توفير االمان ،أي ضمان حصول هذا المستهلك على سلعة ال تنطوي على خطورة
يمكن أن تكون مصدر ضرر بالنسبة له أو المحيطين به ،وحتى يعتد بوجود هذا االلتزام البد
أن يستجمع العقد بما فيها العقود االلكترونية ثالث شروط 76وهي كالتالي:
الشرط األول :وجود خطر يتهدد أحد المتعاقدين في سالمته الجسدية وهو الخطر الذي
أصبح يتزايد في ظل التقدم الصناعي ،وتعقد االجهزة الحديثة ،وتتزايد هذه المخاطر بالنسبة
للمستهلك المتعاقد بشكل الكتروني ،والذي يشتري السلعة من موقع على شبكة االنترنيت ،وال
يتلقى أي معلومات عنها من البائع سوى تلك الموجودة في نموذج االستعمال المرفق مع
السلعة.
الشرط الثاني :أن يكون أمر الحفاظ على السالمة الجسدية ألحد المتعاقدين موكوال
لآلخر ،وليس المراد من ذلك أن يكون المتعاقد في حالة خضوع كلي ،بحيث يفقد سيطرته
تماما على سالمته الجسدية كما هو الحال بالنسبة للمريض الذي يعهد بسالمته أثناء العملية
74
راجع المادة 20-121من المرسوم رقم ،741لسنة 2001لتطبيق قانون االستهالك الفرنسي
75
راجع المادة 14من التوجيهة االوربية رقم 7لسنة 1997
76
محمود الثلثي ،النظرية العامة بضمان سالمة االشخاص ،أطروحة لنيل الدكتوراه ،جامعة عين الشمس ،1998 ،ص 203ومايليها ،مشار إليه من
قبل نوردين الصبار ،م.س
38
الجراحية للطبيب ،بل يراد منه الخضوع االقتصادي ،وهو األمر الذي يتحقق في العقود
االلكترونية ،حيث يكون المستهلك خاضعا اقتصاديا للمورد.
الشرط الثالث :أن يكون المدين بااللتزام بضمان السالمة مهنيا ،وعلة هذا الشرط تكمن
في أن االفراد يقدمون على التعامل مع هذا الشخص أي المورد ،دون حذر اعتمادا على ما
يتوافر عليه من خبرة و دراية بأصول مهنته و حرفته.
مجمل القول ،إن االلتزام بضمان سالمة المستهلك من االلتزامات القائمة على عاتق
البائع المحترف لصالح المستهلك المتعاقد الكترونيا ،ولهذا فااللتزام بضمان السالمة هدفه
االساسي كما أسلفنا هو توفير االمان للمستهلك ،أي ضمان حصوله على سلعة ال تنطوي على
مخاطر يمكن أن تلحق به ضرر.
الفقرة الثانية :وسائل تسوية النزاعات الناتجة عن التعاقد اإللكتروني
تطرح العقود االلكترونية وخاصة الدولية منها إشكالية تنازع االختصاص ،سواء من
حيث تحديد القانون الواجب التطبيق ،أو من حيث تحديد الجهة المختصة بالبث في هذه
النزاعات ،وبالخصوص تلك المنازعات الناتجة عن المعامالت االلكترونية الدولية ،على
اعتبار ان المنازعات المترتبة على المعامالت االلكترونية الداخلية تخضع لألحكام العامة
المنظمة لإلختصاص –مبدئيا.-
لذلك سنقوم بداية بتناول مسألة االختصاص القانوني(أوال) ،ثم نعرج بعد ذلك للحديث
عن االختصاص القضائي(ثانيا) ،ثم نختم هذه الفقرة بالحديث عن مدى إمكانية اللجوء إلى
التحكيم في المنزاعات المتعلقة بالعقود اإللكترونية باعتباره من بين الوسائل البديلة للفض
النزاعات(ثالثا)
أوال :االختصاص القانوني
إن أهم إشكالية يثيرها تنفيذ العقد االلكتروني ،هي إشكالية تحديد القانون الواجب
التطبيق على هذا الصنف من العقود التي يكون فيها طرفا أجنبيا ،مما يؤدي الى انتقال التنازع
الداخل ي إلى التنازع الدولي ،وبالتالي تطبيق القانون الدولي الخاص من أجل حل اإلشكاليات و
النزاعات المترتبة على هذه العقود.
استقرت قواعد تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص ،على إخضاع العقود الدولية
لقانون االرادة ،وهو ما ينطبق على العقود االلكترونية ،بحيث يمكن للطرفي العقد اختيار
39
القانون الذي يحكم النزاع عبر رسائل البريد االلكتروني ،أو على صفحات الويب ،وهو ما
يسمى بشرط االختصاص التشريعي ،أو عن طريق وضع هذا الشرط ضمن الشروط
النموذجية المرفقة بالعقد.
فإذا اتفق أطراف المعاملة االلكترونية على تطبيق قانون دولة ما أو تطبيق قواعد اتفاقية
دولية ما وجب تطبيق القواعد الموضوعية في ذلك القانون.
أما في حالة عدم اتفاق أطراف المعاملة االلكترونية على تطبيق قانون معين ،فإن القانون
الواجب التطبيق على الموضوع هو قانون الدولة األكثر اتصاال بموضوع النزاع ،وهي الدولة
التي نفذ فيها الجانب األكبر من المعامالت االلكترونية ،أو يطبق قانون محل إبرام العقد
االلكتروني.
ثانيا :االختصاص القضائي
إن الواقع يكشف لنا قصور وفراغ تشريعي واضح في تنظيم البنية القانونية الالزمة
77
لتسوية المنازعات التي تثار عن العقد االلكتروني.
إن غالبية االنظمة القانونية تتطلب لالختصاص محاكمها بالنزاع المعروض ،وجود
عالقة أو صلة بين هذا العقد ،وبين محاكم هذه الدولة ،وهكذا يتم اللجوء في منازعات عقود
التجارة االلكترونية الى المحاكم التقليدية استنادا إلى الضوابط العامة للتحديد االختصاص
القضائي.
تكون المحكمة المختصة بالنظر في النزاع الناشئ عن المعاملة االلكترونية أمام المحكمة
التي اتفق االطراف على اللجوء اليها ،فاألطراف يمكنهم الخروج عن القواعد المتعلقة
باالختصاص القضائي الدولي ،وذلك بإسناد االختصاص للمحكمة من اختيارهم وهو ما يسمى
بشرط المحكمة المختصة على غرار شرط االختصاص التشريعي ،شرط أن تكون هناك
رابطة جدية بين النزاع المطروح و المحكمة التي تم اختيارها للفصل في النزاع ،و أن تكون
هناك مصلحة مشتركة للطرفين ،وأن ال يكون االختيار مبنيا على غش.
فإذا لم يحصل االتفاق السابق ذكره ،أو لم يتم احترام المعيار والشروط المتعلقة به ،فإنه
يتم اللجوء إلى الضوابط اآلتية:
77
ضياء علي أحمد النعمان ،المسؤولية المدنية الناتجة عن الوفاء االلكتروني بالبطاقة البنكية ،دراسة مقارنة ،الجزء الثاني ،المطبعة و الوراقة
الوطنية ،مراكش ،ط :االولى ،2010 ،ص373:
40
اختصاص المحكمة محل إبرام أو تنفيذ العقد :عندما يتعذر تحديد المحكمة المختصة من
طرف أطراف العقد االلكتروني فإنه يتم اللجوء إلى هذا الضابط.
اختصاص محكمة موطن أو محل المدعى عليه :لكون المدعي يسعى إلى المدعى عليه،
لذلك يجب أن يرفع ا لدعوى أمام محكمته ،وهذا المبدأ أخذت به العديد من الدول فلي يكون
الحكم ساري على المدعى عليه وملزما له ،يجب أن يصدر عن محاكم لها الوالية عليه.
ولقد تعرض هذا الضابط للمجموعة من االنتقادات ،وذلك للصعوبة تحديد موطن أو محل
إقامة المدعى عليه ،وذلك نظرا للصعوبة التحقق من شخصيته ومكان وجوده ،خاصة في
الحالة التي ال يلتزم فيها باإلدالء بالبيانات الشخصية.
ثالثا :التحكيم كوسيلة للفض النزاعات المتعلقة بالعقد االلكتروني
التحكيم نظام اختياري للفصل في النزاعات خاصة التجارية منها ،تنصرف إليه إرادة
المتعاقدين ،إما صراحة أو ضمنيا،
78
بحيث يتفق هؤالء على انه عند حدوث نزاع بينهم يتم
عرضه على أنظار محكمين يتم تعيينهم في العقد.
وبالرجوع إلى الفصل 306من ق .م م فإنه قد عرف التحكيم بأنه " يراد بالتحكيم حل
نزاع من لدن هيئة تحكيمية تتلقى من االطراف مهمة الفصل في النزاع بناءا على اتفاق
التحكيم"
أما اتفاق اللجوء إلى التحكيم ،فيتخذ إما شكل عقد التحكيم متى تم في شكل مستقل ،أو
شرط تحكيم عندما يتخذ شرطا ضمن العقد
79
التحكيم االلكتروني ال يختلف عن التحكيم التقليدي ،فالتحكيم االلكتروني هو نظام
بمقتضاه يتفق االطراف على تولي شخص خاص أو أكثر مهمة الفصل في النزاع بحكم ملزم
78
فؤاد معالل ،شرح القانون التجاري الجديد ،الجزء األول ،نظرية التاجر و النشاط التجاري ،ط ،2016:ص61/60
79
انظر الفصل 307من ق .م .م
41
باستخدام شبكة االنترنيت وهو عبارة عن اتفاق الطرفين على تسوية النزاع القائم بينهما أو
محتمل قيامه باالتجاه إلى شبكة االنترنيت
80
التحكيم االلكتروني ،ال يلزم انتقال االطراف إلى مكان التحكيم و انما يتم من خالل
المحادثات عبر شبكة االنترنيت ،وبالتالي يمكن الوصول الى حكم سريع في النزاع بسرعة
تقديم االوراق و المستندات المطلوبة من خالل البريد االلكتروني ،وتبادل الحديث من خالل
شبكة الويب ،وقد قامت بعض المؤسسات بإنشاء محكمة التحكيم االلكترونية بكندا بجامعة
المونتلاير والمحكمة االلكترونية التابعة للمنظمة العالمية للملكية الفكرية و التحكيم االلكتروني،
أو التحكيم على الخط الذي ال يختلف عن المفهوم المتعارف عليه بالتحكيم ،كإجراء خاصة
للحسم منازعات التجارة الدولية ،وإن تميز بآلية التي يتم بها هذا اإلجراء من بدايته إلى نهايته
باستخدام االنترنيت
80
عبد المنعم زمزم ،قانون التحكيم االلكتروني ،دار النهضة العربية ،القاهرة ،ط ،2000:ص 55
42
خاتمة:
خالصة القول أن العقود االلكترونية تعد من التجارب الجديدة التي اقتحم بها العنصر
البشري سوق المعامالت التجارية والمدنية على حد سواء ،مستعمال في ذلك أحدث
المستجدات التي عرفها نظام التواصل التكنولوجي وهذا النموذج التعاقدي ما هو اال النموذج
البا رز لصور التعاقد عن بعد ،يتقاطع مع ق ل ع في الكثير من المحطات المشتركة بينهما ،
اال أنه في المقابل يمتاز بعدة خصائص ذاتية تباعد بينه و بين ما هو منصوص عليه في هذا
القانون االمر الذي دفع بالمشرع الى تعطيل العمل بجملة من الفصول التي لم تعد مناسبة لهذا
النمط التعاقدي الجديد المنظم بمقتضى القانون رقم . 53.05
43
الئحة المراجع:
أوال :الكتب بالعربية
أحمد أدريوش ،تأمالت حول قانون التبادل اإللكتروني للمعطيات القانونية ،عناصر
لمناقشة مدى تأثير القانون رقم 53.05على قانون االلتزامات و العقود ،منشورات
سلسلة المعرفة القانونية ،الرباط.2009،
إلياس ناصف .العقود االلكترونية في القانون المقارن منشورات الحلبي الحقوقية
الطبعة االولى 2009م.
جميلة لعماري ،الوجيز في عقد البيع ،إخوان طنجة ،دجنبر ،2014الطبعة األولى
حسن عبد الباسط جمعية إثبات تصرفات القانونية التي يتم ابرامها عن طريق
االنترنت دار النهضة العربية 2000
حليمة بن حفو ،نظرية العقد في القانون المغربي ،طبعة االولى.2018 .دار العرفان
أكادير
خالد ممدوح ابراهيم ،إبرام العقد اإللكتروني ،دار الفكر الجامعي .2006
سمير برهان ،ابرام العقد في التجارة اإللكترونية ،بحث قدم إلى ندوة :عقود التجارة
اإللكترونية ومنازعتها ،منشورات المنظمة العربية للتنمية التجارية 2007
شحاتة غريب ،العقد االلكتروني .في التشريعات العربية ( دراسة مقارنة ) ،دار
الجامعة الجديدة للنشر والتوزيع .سنة . 2007الطبعة األولى.
ضياء علي أحمد النعمان ،المسؤولية المدنية الناتجة عن الوفاء االلكتروني بالبطاقة
البنكية ،دراسة مقارنة ،الجزء الثاني ،المطبعة و الوراقة الوطنية ،مراكش ،ط:
االولى.2010 ،
عبد الحق الصافي ،الوجيز في القانون المدني ،الجزء األول ،المصادر اإلرادية
لاللتزام ،العقد و اإلرادة المنفردة ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء.2016،
عبد القادر العرعاري ،مصادر االلتزامات ،الكتاب األول ،نظرية العقد ،درا األمان
الرباط ،الطبعة السادسة .2018
عبد المنعم زمزم ،قانون التحكيم االلكتروني ،دار النهضة العربية ،القاهرة،
ط.2000:
العربي مياد ،عقود االذعان بين التأصيل الفقهي و العمل القضائي ،دراسة مقارنة ،
مكتبة السالم ،الرباط ،ط ،األولى .2004
عمر خالد زريقات ،عقود التجارة اإللكترونية ،عقد البيع عبر اإلنترنيت ،دار
الجامعة للنشر والتوزيع ،الطبعة األولى سنة .2007
44
عيسى غسان ربضي" :القواعد الخاصة بالتوقيع االلكتروني" ،دار الثقافة ،الطبعة
األولى.2009 ،
فؤاد معالل ،شرح القانون التجاري الجديد ،الجزء األول ،نظرية التاجر و النشاط
التجاري ،طبعة.2016:
مأمون الكزبري .نظرية االلتزامات في ضوء قانون االلتزاما ت و العقود المغربي
المجلد االول مصادر االلتزام.
محمد محسين منصور ،أحكام البيع التقليدية وااللكترونية والدولية وحماية المستهلك .
مطبعة دار الحكم الجامعي .2006
منصور محمد حسين ،المسؤولية اإللكترونية ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية
. 2003
ثانيا :الرسائل و األطاريح:
بشرى النية ،العقد المبرم بطريقة إلكترونية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون
الخاص ،جامعة محمد أكدال ،الرباط.2012/2011 ،
عمر الرواضي ،المقتضيات القانونية و التقنية للتعاقد االلكتروني وحجيتها في اإلثبات،
رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ،كلية الحقوق ،جامعة عبد المالك
السعدي ،طنجة.2016/2015 ،
محمد شيلح ،سلط ان اإلرادة في ضوء قانون االلتزامات والعقود ،أساسه ومظاهره في
نظرية العقد ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص ،جامعة محمد
الخامس ،كلية الحقوق ،الرباط.1983،
نوردين الصبار "النظام القانوني للعقد اإللكتروني" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا
المعمقة في القانون الخاص ،بكلية الحقوق ،جامعة الحسن األول ،سطات،
.2009/2008
ثالثا :الئحة المقاالت:
ثورة عبد العميد ،التوقيع االلكتروني ومدى حجيته في اال ثبات ،مجلة الجالء ،الطبعة
2002 2س .2003
طارق بختي ،مدى حجية المحررات اإللكترونية و التوقيع اإللكتروني في اإلثبات ،
المجلة المغربية في قانون األعمال و المقاوالت ،عدد 14و 15س.2008
محمد العروصي ،التعاقد التجاري عن طريق االنترنت. ،المجلة المغربية لإلعمال
والمقاوالت ،عدد ،10مارس .2006
45
الفهرس
مقدمة3 ........................................................................................................ :
المبحث األول :أحكام العقد المبرم بالشكل اإللكتروني5 ...............................................:
المطلب األول :ماهية العقد المبرم بالشكل االلكتروني 6 ................................................
الفقرة االولى :تعريف العقد المبرم بالشكل االلكتروني وخصائصه 6 ................................
أوال :تعريف العقد المبرم بالشكل االلكتروني 6 ..........................................................
ثانيا :خصائص العقد المبرم بالشكل االلكتروني 9 .......................................................
الفقرة الثانية :الطبيعة القانونية للعقد المبرم بالشكل االلكتروني ،وتميزه عن العقود المحيطة به
في البيئة االلكترونية 11 .....................................................................................
أوال :الطبيعة القانونية للعقد االلكتروني المبرم بالشكل االلكتروني 12 ...............................
ثانيا :تمييز العقد المبرم إلكترونيا عن العقود المحيطة به في البيئة االلكترونية 13 ................
المطلب الثاني :تكوين العقد المبرم بالشكل االلكتروني 16 .............................................
الفقرة األولى :الرضا في العقد المبرم بالشكل االلكتروني 16 ........................................
أوال :وجود التراضي في العقود االلكترونية 17 ......................................................
ثانيا :ان يكون الرضا صحيحا 21 ...................................................................... :
الفقرة الثانية :المحل والسبب في العقد المبرم بالشكل االلكتروني 25 ................................
أوال :محل االلتزام في العقد االلكتروني 25 ..............................................................
ثانيا :السبب في العقد اإللكتروني 27 ......................................................................
المبحث الثاني :مقتضيات خاصة بالعقد االلكتروني28 .................................................
المطلب األول :إثبات العقد االلكتروني 28 ................................................................
الفقرة األولى :المحررات االلكترونية ومدى حجيتها 28 ...............................................
أوال :المحررات العرفية28 ...............................................................................
ثانيا :المحرر االلكتروني الرسمي 29 ...................................................................
46
الفقرة الثانية :التوقيع االلكتروني 30 .......................................................................
أوال :ماهية التوقيع االلكتروني 30 .........................................................................
ثانيا :حجية التوقيع اإللكتروني 33 .........................................................................
المطلب الثاني :حماية المستهلك المتعاقد بشكل اإللكتروني و النزاعات المثارة بشأنه 34 .......
الفقرة األولى :حماية المستهلك بين القواعد العامة والقواعد الخاصة 35 ...........................
أوال :حماية المستهلك وفق القواعد العامة 35 ............................................................
ثانيا :حماية المستهلك وفق القواعد الخاصة 37 ..........................................................
الفقرة الثانية :وسائل تسوية النزاعات الناتجة عن التعاقد اإللكتروني 39 ...........................
أوال :االختصاص القانوني 39 ..............................................................................
ثانيا :االختصاص القضائي 40 ............................................................................
ثالثا :التحكيم كوسيلة للفض النزاعات المتعلقة بالعقد االلكتروني 41 .................................
خاتمة43 ...................................................................................................... :
الئحة المراجع44 ........................................................................................... :
47